أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد البشيتي - إشكالية -الدِّين- و-السياسة- في -الربيع العربي-!














المزيد.....


إشكالية -الدِّين- و-السياسة- في -الربيع العربي-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3888 - 2012 / 10 / 22 - 13:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما أنْ تشرع شعوبنا ومجتمعاتنا تتلمَّس طريقها إلى الحياة الديمقراطية، كما هي حالها الآن في مناخ "الربيع العربي"، بتناقضاته الظاهرة والكامنة، حتى تَبْرُز إشكاليتنا السياسية ـ التاريخية الكبرى، ألا وهي إشكالية الصِّلة بين "الدِّين" و"السياسة"، والتي هي جزء من إشكالية أوْسَع وأشمل وأعَم، هي إشكالية الصِّلة بين "الدِّين" و"الشأن العام"، بصوره وأشكاله غير السياسية؛ وفي سياق الجدل الذي يحتدم، يَبْرُز، أيضاً، وبالضرورة، "التحدِّي المتبادَل" بين "الدِّين" و"الديمقراطية (بأوجهها وقِيَمها ومبادئها المختلفة والعالمية)"؛ فكلاهما يتحدَّى الآخر أنْ يتصالح معه، وإنْ أتت التجربة بما يقيم الدليل على صعوبة واستعصاء هذا الأمر.
الأمر صَعْبٌ ومُسْتَعْصٍ؛ فكيف لكَ أنْ تُقْنِع كل مُشْتَغِلٍ بالسياسة من طريق "حزب سياسي ديني (إسلامي)" بأنَّ لـ "الديمقراطية (غير الممسوخة)" ميزان "حلال وحرام" خاصَّاً بها، وأنَّها، من ثمَّ، تَنْظُر إلى كل تديين للسياسة (الدنيوية من ألفها حتى يائها، ومن رأسها حتى أخمص قدمها) على أنَّه "حرامٌ ديمقراطياً"، واستثمار غير شرعي (من وجهة نظر ديمقراطية) لنوعٍ من "الرأسمال السياسي"، الذي نحن في غنى عنه، ولا نحتاج إليه، في الوجدان الدِّيني للعامَّة من الناس، وسعيٌ منظَّم إلى جَعْل الناس يَزِنون الآراء ووجهات النَّظَر والمواقف السياسية.. بميزان "الحلال والحرام الدِّيني"، والذي يعود إلى "المُرْشِد" حقَّ استعماله؟!
وكيف لكَ أنْ تُقْنِعَه بما هو في منزلة "المبتدأ"، أو "الأصل" في الحياة الديمقراطية، وهو "دولة المواطَنة" التي فيها يُقام "سور صيني" بين "الفروق الدِّينية (بين المواطنين)" وبين "المساواة بينهم جميعاً في الحقوق جميعاً، وفي مقدَّمها الحقوق السياسية والانتخابية"؛ فـ "الفَرْق الدِّيني" لا يُتَرْجَم، وينبغي له ألاَّ يُتَرْجَم، بأيِّ فَرْق في الحقوق والواجبات السياسية؟!
وهذا إنَّما يعني، على وجه الخصوص، "عَلْمَنة المناصب العامة جميعاً في الدولة"، فليس من منصب عام، ومهما سما وعلا، تعود مِلْكِيَتِه الأبدية إلى دين ما، أيْ إلى مُنْتَمٍ إلى دين ما؛ فشرعية كل منصب عام هي سياسية، وتُستَمَدُّ فحسب من صندوق اقتراع ديمقراطي شَفَّاف؛ فلا فَرْق في "الأوزان" إلاَّ الفَرْق الذي يُظْهِره "ميزان الانتخابات الحُرَّة الديمقراطية النزيهة"؛ ولا بدَّ في الحياة السياسية للمجتمع الديمقراطي (وفي دولة المواطَنة، وفي الدولة المدنية) من "التحييد السياسي لكلِّ فَرْق ديني".
وكيف لكَ أنْ تُقْنِعَه بأنَّ النأي بـ "السياسة" عن "الدِّين"، وبـ "الدِّين" عن "السياسة"، وبالكَفِّ عن لعبة اشتقاق "السياسة" من "الدِّين"، ليس من الكُفْر في شيء، وهو الذي رضع (وسعى في إرضاع غيره) فكرة "الإيمان الدِّيني القويم يَظْهَر ويتأكَّد بالاشتغال بالسياسة بصفة كونها جزءاً من الكل الفكري الدِّيني"، وكأنْ لا شرعية لـ "سياسة" إلاَّ "الشرعية الدِّينية"، التي يتوفَّر على صناعتها رَهْطٌ (غير مُنْتَخَب) من ذوي الاختصاص في تمييز "الحقِّ" من "الباطِل"، و"الحلال" من "الحرام"، و"الشرعي" من "غير الشرعي"، في كل شأنٍ من شؤوننا السياسية والعامَّة، مع أنَّ التجرية التاريخية لعملهم لم تأتِ (على وجه العموم) إلاَّ بما يُثْبِت ويُؤكِّد أنَّ "مصالح دنيوية وسياسية فئوية ضيِّقة (لا بل مصالح شخصية)" كانت تَكْمُن في كل جهد، وفي مُنْتَج كل جهد، يبذلونه لتديين السياسة، وأنَّ "المصالح العامَّة"، أيْ مصالح الشعب، أو "الرَّعية"، لم تتعدَّ كَوْنها الغلاف الذي تُغلَّف به مصالح حُكَّامهم ومموِّليهم؟!
إنَّ استثمار "السياسة"، أيْ نمط منها، في "الوجدان الدِّيني" للعامَّة من الناس هو الأسوأ على وجه الإطلاق؛ حتى تجويع إنسانٍ ما توصُّلاً إلى جعله يخضع ويستخذي لمشيئتك وإرادتكَ يَقِلُّ سوءاً عنه؛ فهل يبقى من أثرٍ للحرِّية السياسية إذا ما نَفَثْتَ في روع مواطِنٍ (أو ناخِب) أنَّ هذا الخيار السياسي "حرامٌ (يُغْضِب الله، أو لا يرضيه)"، وأنَّ ذاك هو "الحلال (الذي يرضي الله، فيُثِيبُكَ بأخذكَ به جنَّات تجري من تحتها الأنهار)"؟!
وكم رَأَيْنا "الخيار السياسي الحلال" يتمخَّض عمَّا يعود بالضرر على "المصالح الحقيقية الواقعية" للذين زَيَّنوا لهم الأخذ به، وبالنَّفْع على ذوي المصالح (الدنيوية) الفئوية الضَّيقة؛ وكم رَأَيْنا أولئك المتضررين (أيْ الشعب) يُعلِّلون أنفسهم بعزاء "حُسْن الثَّواب"!
إنَّنا في زمن يَجْعَل خداع أحدنا للآخر مهمَّة من دون نجاحها خرط القتاد؛ فالمشتغلون بسياسةٍ يتوفَّرون على تديينها (أو أسلمتها) إنَّما هُمْ (في حقيقتهم العارية) طُلاَّب حُكْمٍ وسُلْطةٍ بما يعنيه لهم دنيوياً الحُكْم والسلطة؛ وهُمْ، من ثمَّ، مكيافليون أكثر من مكيافلي نفسه، ومُتمثِّلون لمعاني "الأمير" أكثر من صاحبه؛ فـ "الوجدان الدِّيني" للعامَّة من الناس إنَّما هو وسيلتهم للتضخُّم، ولمزيدٍ من التضخُّم، "الشعبي ـ السياسي ـ الانتخابي" لحزبهم؛ ولو أمْعَنَّا النَّظر في جوهر صلتهم السياسية ـ الدِّينية بالمُسْتَخْذين لمشيئتهم من الناس لَوَجَدْنا أنْ لا فَرْق يُذْكَر بينهم وبين باعة "صكوك الغفران"، وأنَّهم يشبهون كثيراً المضاربين في سوق الأسهم؛ فَهُم، ولدى وجودهم في "المعارَضة"، يشترون الرَّخيص من الأسهم (وهي كناية عن منافِع ديمقراطية لهم) فإذا آل إليهم الحُكْم والسلطة باعوا الأسهم نفسها بأغلى الأسعار (أيْ قَتَّروا ديمقراطياً على معارضيهم).



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الضفة الغربية.. قصة -التِّرْكة والوَرَثَة-!
- معنى -فيليكس-!
- الأُسطورة الجريمة!
- الرَّقم 2.3 مليون!
- إمبريالية أفلاطونية!
- متى نتعلَّم ونُجيد -صناعة الأسئلة-؟!
- حتى يتصالح نظام الصوت الواحد مع الديمقراطية!
- من يتحدَّث باسم الشعب في الأردن؟!
- -سؤال الإصلاح- في الأردن الذي ما زال بلا جواب!
- جهاد -حزب الله- في سورية!
- المتباكون على -الربيع العربي-!
- معركة -كامب ديفيد- في سيناء!
- طهران إذْ غَيَّرت تقويمها للتهديد الذي تتعرَّض له!
- جامعات لوَأْدِ النِّساء!
- لِمَ الاعتراض على هذا الحل للأزمة السورية؟!
- البابا في شرحه الفلسفي ل -حرِّيَّة التعبير-!
- -وسطيون-.. -سلفيون-.. -جهاديون-.. -تكفيريون-..!
- -النووي الإيراني- يتمخَّض عن -هيروشيما سوريَّة-!
- جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القار ...
- كَمْ نحتاج إلى -التنظيم الذاتي المستقل-!


المزيد.....




- هآرتس: إيهود باراك مؤسس الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب
- الاحتلال يسلم عددا من الاسرى المحررين قرارات بالابعاد عن الم ...
- هآرتس: الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب أسسها إيهود باراك
- السويد ترحل رجل دين ايراني دون تقديم توضيحات
- 10 أشخاص من الطائفة العلوية ضحايا مجزرة ارهابية وسط سوريا
- الجنة الدولية للصليب الاحمر تتسلم الاسير الاسرائيلي كيث سيغا ...
- الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الثاني
- الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الاسرائي ...
- إطلاق نار على قوات إسرائيلية في سوريا وجبهة المقاومة الإسلام ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد بجودة HD على جميع الأقمار الصناع ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد البشيتي - إشكالية -الدِّين- و-السياسة- في -الربيع العربي-!