أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ثائر الربيعي - الاديان والفساد وجها لوجه















المزيد.....

الاديان والفساد وجها لوجه


ثائر الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 3888 - 2012 / 10 / 22 - 11:37
المحور: حقوق الانسان
    


من المؤكد ان الولوج في موضوع ظاهرة الفساد والمفسدين يمتد الى عمق التاريخ والى النشأة الاولى للبشرية فقد شكل وجوده منعطفاُ مهما في وجود المرء منذ ان وطأة قدمه على الارض ليرسم له طريقين لاثالث لهما هما الخير والشر وذلك لمقدرته في القدرة والإرادة والتجاوز أمام المحن والتحديات التي تواجهه ولذلك قال الله تبارك وتعالى ( أن هديناه السبيل أما شاكرا وأما كفورا) لقد كانت الأرض مكانا يسوده الطمأنين والاستقرار فلا خراب ولاتعد ولاتجاوز الى ان جيء بهذا المخلوق المكرم عند الله فحصلت الفوضى وكان لدى الملائكة استفهاما ستغرابياً عليه بقولهم (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) فقال تبارك وتعالى لهم (اني اعلم مالا تعلمون) فقد كون الفساد ومؤيديه العاملين به على طريقه ظاهرة مظلمة في تاريخ البشرية وعلى امتداد العصور ولكن الإصلاح المصلحين كونوا لهم ظاهرة واضحة المعاني يسيرون على نهجها يخدمون بها الانسانية جمعاء،وان حركة للتضاد الموجودة بين هاتين الظاهرتين هي التي شكلت مسيرة الأمم على الارض ،ومسيرة نهاية الانسان عليها لكن الخاتمة لأولئك الذين يسعون في أعمار الارض ورخائها واستقرارها كما جاء في القران الكريم (ولقد كتبنا في ألزبور من بعد الذكر ان الأرض يرثها عبادي الصالحون )ان الفساد آفة خطرة جدا لأنه يضر بالفرد ومن ثم ينتقل للأسرة والمجتمع والحكومة لينتج لنا دولة هزيلة لا تستطيع الصمود في وجه المنحدرات والتحديات التي تعصف بها من حين لآخر،بل هو اخطر من الإرهاب لان الأول يستهدف تخريب البنيان الفكري والعقائدي للبشر والثاني يتجه للبناء المادي،ولذلك فقد وقفت كل الأديان والشرائع السماوية ومختلف الحضارات موقفاً حازما وصارماً منه وحقرت من قيمته وقيمة فاعله،وتشير الدلائل والشواخص التي وردت أن الأقوام التي استوطنت ارض العراق(حضارة وادي الرافدين) وهي من أولى الحضارات في العالم قد عرفت ظاهرة الفساد,لذلك نرى إشارة إلى جرائم الظاهرة في القوانين التي عرفتها ( أوروك ) و( أور نمو ) في الألواح السومرية ومحاضر جلسات مجلس( أرك ), كما إن الوثائق التي عثر عليها وتعود بتأريخها إلى الإلف الثالث قبل الميلاد تبين أن "المحكمة الملكية" آنذاك كانت تنظر في قضايا الفساد مثل استغلال النفوذ,استغلال الوظيفة العامة,قبول الرشوة وإنكار العدالة,حتى أن قرارات الحكم كانت تصل إلى حد الإعدام.وكذلك (حمو رابي ) ملك بابل,وصاحب التشريعات المعروفة في التأريخ(شريعة حمو رابي),قد أشار في المادة السادسة من شريعته إلى جريمة الرشوة,مشددا على إحضار المرتشي أمامه ليقاضيه بنفسه ويتولى أمر اجتثاثه ،والتعامل مع الرشوة امر محرم في شريعة العهد القديم في الكتاب المقدس اي فترة ماقبل المسيح فقد ورد في سفر الخروج (لا تحرف حق فقيرك في دعواه ابتعد عن الكلام الكذب ولا تقتل البريء والبار ،ولاتاخذ رشوة لان الرشوة تعمي المبصرين وتعوج كلام الأبرار ) وفي سفر التثنية (لا تحرف القضاء ولا تنظر الى الوجوه ولاتاخذ رشوة لان الرشوة تعمي أعين الحكماء وتعوج كلام الصديقين ) و(ملعون من يأخذ الرشوة لكي يقتل نفس دم بريء )وسفر أمثال (الشرير يأخذ الرشوة من الحضن ليعوج طرق القضاء) وفي سفر المزامير (السالك بالكمال والعالم بالحق ..فضته لا يعطيها بالربا ولا يأخذ الرشوة على البريء )وفي سفر أيوب (لان جماعة الكافر عقيمة وخيام الرشوة تأكلها النار) ،والمتأمل في حديث القران عن الفساد والمفسدين سيجده تناوله من مختلف المظاهر والاشكال ابتداء من الإصرار على المعصية وما يترتب عليها من مفاسد بقوله تعالى (الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ) سورة يونس (91) و(ومنهم من يؤمن به ومنهم من لايومن به وربك اعلم بالمفسدين ) يونس (40) ،(فان تولوا فان الله عليم بالمفسدين ) سورة آل عمران (63) ، وافساد الدائرة المحيطة بالمفسدين عن طريق بث أخلاق وصفات ودعاوى الفساد (ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الارض ولا يصلحون ) الشعراء (152)، والدائرة الأوسع من خلال الإمراض الاجتماعية المفسدة بواسطة المضلين (وإذا قيل لهم لاتفسدوا في الارض قالوا أنما نحن مصلحون الا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون )البقرة (11) ،وكذلك الطغاة المستبدين والقادة والزعماء وهو الفساد الأكبر باستخدام نفوذهم لنشر ثقافة الفساد وترويض المجتمع عليها (ان الملوك أذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون )النمل (34) ،والذين يمدهم الله بالأموال والرزق عليهم ان يستخدموها في أصلاح الارض ورفع المعاناة عن المظلومين وليس بالعكس ان يكرسوها في خدمة الظلمة وسخط الباري (ولاتبغ الفساد في الارض ان الله لا يحب المفسدين ) سورة القصص (77)،فالناس لا غيرهم هم الذين ملئوا الارض بالفساد حين ضلوا عن مناهج الوحي الإلهي عبر العصور (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس،ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) الروم (41) ، فالصراع على الارض هو صراع بين المصلحين والمفسدين والعاقبة لاهل الصلاح في الدنيا والاخرة (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الارض وفساداً والعاقبة للمتقين )القصص (83)، وللمصلحين طرق ومناهج للإصلاح كما ان للمفسدين سبل وطرائق للفساد وعلى الناس ان يتبعوا سبيل المصلحين ويجتنبوا سبل المفسدين (ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الارض ولا يصلحون )الشعراء (152)، فيما حارب الرسول الأكرم الرشوة و الفساد ومن أبواب مختلفة بقول:" إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه,وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد.وأيم الله,لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها",والشريف هنا صاحب النفوذ والسلطة,أما بالنسبة للرشوة فأن النبي(ص) يقول: " الراشي والمرتشي في النار ",وكذلك بالنسبة للهدية التي هي بمنزلة الرشوة في ظروف ممارستها فأنه يقول: "من شفع شفاعة لأحد فأهدى له هدية فقبلها فقد أتى بابا عظيما من الكبائر",وننتقل إلى الغش والتزوير حيث قول النبي(ص): " من غشنا ليس منا ",أي التبرؤ من انتماء الغشاش والمزور إلى امة المسلمين, وحثهم على العمل والتعامل بأمانة للأمور المناطة للمكلف بها بقوله (أد الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك ) (والدين المعاملة ) ووفقاً لما جاء في سورة الأنفال في الآية (27 ) : " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون",والأمانة هنا ما يوكل إلى عهدة المسلم من منصب يشغله بدون وجه حق أو بشهادة مزورة , أو استغلال المنصب لقضايا النصب والاحتيال,إلى جانب المفهوم المباشر للأمانة ،وكذلك العمل على قضاء حوائج الناس فهي منزلة ومرتبة عظيمة عند الخالق للقائم بها للناس في التفريج عن كربهم وهمومهم بقول للإمام الحسين (ع) (من نعم الله عليكم حوائج الناس إليكم ) يبقى السؤال يطرح ماذا قدمنا من خطط واليات وبرامج لهذه الظاهرة المظلمة التي بدات تتحول الى سلوك وثقافة متبناة لدى البشر ؟



#ثائر_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور وسائل الاعلام في مكافحة الفساد
- الحسين ... ظاهرة الاصلاح ضد المفسدين
- المواطن ... وعقدة الفساد
- المواطن بين ازمة الوطن ....والمواطنة
- المفتش العام بين مفهوم رجل البوليس ...ورؤية لتحقيق النزاهة و ...
- من مواطن الى وزير التخطيط رسالة مفتوحة
- ارادة الشعوب اقوى من جبروت فراعنة العصر
- الصحافة الاستقصائية وهيئة النزاهة واثرهما في مكافحة الفساد
- اخلاق الفرسان وثقافة كتابة التقارير
- الهولوكوست والمقابر الجماعية في العراق
- العدو الوهمي الأبن الشرعي للدعاية
- الدكتاتور وطموح الرعية
- الاشاعة ودورها في الحرب النفسية
- ماليزيا السمو في حب الوطن فوق الانتماء الديني والعرقي
- الصمت والاستبداد
- الانسان والطين في صراعاً مع الاثار
- أعدموا البيروقراطية وأنقذوا الكراسي
- انقذوا البلد من الفاشلين
- خيانة الضمير الطريق لتحقيقي الدمار
- أبنتي رانية والارهاب


المزيد.....




- الرئيس الإسرائيلي: إصدار الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق ...
- فلسطين تعلق على إصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ...
- أول تعليق من جالانت على قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار ...
- فلسطين ترحب بقرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقا ...
- الرئيس الكولومبي: قرار الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو منطق ...
- الأمم المتحدة تعلق على مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة ا ...
- نشرة خاصة.. أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت من الجنائية الد ...
- ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ ...
- أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال ...
- الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ثائر الربيعي - الاديان والفساد وجها لوجه