فخرية صالح
الحوار المتمدن-العدد: 1129 - 2005 / 3 / 6 - 11:40
المحور:
الادب والفن
سلاماً
سلاماً لِمَن حملتْهُ تسعة أشهرٍ
بثوانيها
بساعاتها
بأيامها
بعد ليلتها الموعودةِ بالبِشْرِ والبنين.
إنقطع الطمثُ
تترقبُ الساعات
والأيامَ
بنهاراتها
بلياليها
وتحسُ التكوّرَ في بطنها :
أنا حاملٌ
إبنةً
ولداً
سيان
المهم
إني حبلى
وسأكمل دورةَ الحياة
وأحافظُ على ديمومة البشرية
سيكونُ ليَ طفلٌ
كبر التكوّرُ في بطني
تترقبُ
أولَ حركةٍ :
لقد أعلنَ عن وجودهِ في رحمها
سلاماً لمن حملته تسعة أشهرٍ
سلاماً لمن ارضعته من عصارةِ جسدها
سلاماً لمن رافقت ينعانه
عرضاً
وطولاً
وتحيك له مستقبلاً تتمناه ـ غرزةً فغرزة
سلاماً لمن خبزت له بيديها خبز التنور
سلاماً لمن عاشت لإفراحه وأحزانه من بعيد ومن قريب
تراقبه بذاكرتها وتدلّهُ على الطريق بكل مساماتها
تصلي أن تفتديهِ بعمرها
سلاماً لمن خانها الرب وكل الانبياء والاولياء
سلاماً لها وهي تنبش كومة ترابٍ ارتفعت قليلاً عن الأرض المديدة
في مقبرة رقم 285 الواسعة التي اكتُشفت أخيراً ولا تضم شاهداً لقبر من الاف القبور
سلاماً لمن حملته إلى المهدٍ ليال
وتفتشُ عن لحدهِ منذ سنين
إنها كومة عظام وجمجمة :
" لابني هي
أم لابن إحداهن غيري "
وبعد انتظار دهورٍ صرخت
" دليلي هو قلبي
إنها عظامه
وهذا هو فكه
وتلك ابتسامته .
إنها يده التي احتضنتني بقوة
يوم اقتادوه ليلاً
وقال لاتحزني يمه سأعود "
سلاماً لك يا أماً عراقية
يا أم الاحزانِ
وسيدةَ الآلام
نبيلة بكبرياء الصمت حين تقول
لي دمعة واحدة باقية
لمن اذرفها
فيخجل الله ويغمض عينيهِ
ثمّ يديرُ وجههُ مرةً أخرى
ولكن هذهِ المرة
نحو اليمين
#فخرية_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟