أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - مشروع دستور لسفك الدماء














المزيد.....

مشروع دستور لسفك الدماء


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3883 - 2012 / 10 / 17 - 00:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك أن الإسلاميين يتحملون المسؤولية الكاملة عن تعطيل وضع دستور جديد لمصر عقب الإطاحة برأس ورموز النظام السابق مباشرة في مارس 2011 عندما أصروا على التصويت بنعم على التعديلات الدستورية وقتها وجعل الانتخابات البرلمانية تسبق كتابة الدستور. ومرد ذلك أن الإسلاميين بزعامة الأخوان كانوا على ثقة تامة في قدرتهم التنظيمية والمالية والسياسية على حسم الانتخابات لصالحهم بأغلبية مريحة، ما يتيح لهم بالتالي تفصيل الدستور فيما بعد على راحتهم ومقاسهم بقدر لن تتيحه لهم المشاركة المتوازنة مع مختلف القوى الأخرى، وبخاصة العلمانية منها. ولا شك أيضاً أن الطريق منذ الإعلان الدستوري الأول في مارس وما تلاه من إعلانات مكملة، عدا هذا الأخير الذي ألغاه الرئيس محمد مرسي، كانت مرسومة بدقة بريشة الأخوان، وإلا لكان لهم رد فعلهم على تلك الإعلانات لا يقل شراسة وعدوانية عن ردهم على آخرها، الذي نعتوه بالمكبل وأمطروه بوابل لعناتهم حتى أجهزوا عليه في النهاية.

كان السبب الرئيسي وراء إصرار الإسلاميين بقيادة الأخوان على تأجيل وضع دستور جديد هو رغبتهم الجامحة في السيطرة المنفردة على العملية برمتها ليضعوا قواعد اللعبة من الصفر بأنفسهم، بدرجة ميل نحو تصورهم ومشروعهم الإسلامي. وقد تسبب هذا الإصرار على تقديم الانتخابات البرلمانية قبل الدستور، ثم الاستحواذ على الجمعية التأسيسية لوضع الدستور بحكم الغلبة في البرلمان، في إضاعة فرصة ذهبية لوضع دستور جديد لمصر عندما كانت معظم القوى والتيارات السياسية المختلفة لا تزال منصهرة مع بعضها تحت سخونة الثورة وعلى استعداد وترحيب أكبر لتقديم تنازلات والالتقاء برضا ومودة في مناطق وسط كثيرة. تلك اللحظة الثورية لو أُحسن استغلالها كانت ستوصل حتماً إلى دستور متوازن يلبي البعض فقط من آمال وطموحات كل فريق، لكنه في النهاية كان يقيناً سيلبي الحد الأدنى المطلوب من جميع الأطراف دون إقصاء أو هيمنة لأي منها. لكن للأسف مثل هذا الدستور التوافقي لم يكن خطة ولا هدف الإسلاميين بقيادة الأخوان.

لأنهم كانوا على ثقة من قدرتهم على السيطرة على البرلمان بمجلسيه ومن ثم، طبقاً للخارطة التي رسمتها الإعلانات الدستورية، السيطرة على تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، وبالتالي وضع الدستور الذي يريدون، كان قرار الإسلاميين بزعامة الأخوان أن فرصة قد لا تتكرر في مئة عام جاءتهم ولابد من استغلالها لأقصى درجة في تدشين وبدء تنفيذ أحلامهم وأمانيهم منذ عقود طويلة- المشروع الإسلامي. بالفعل تحقق للإسلاميين بزعامة الأخوان ما رسموا وخططوا له واستولوا عبر صناديق الاقتراع على البرلمان، ومنه على الجمعية التأسيسية، لتقوى وتتماسك وتتصلب أكثر أحلامهم وأمانيهم في قرب تجسيد المشروع على أرض الواقع. منذ هذه اللحظة انطلق القطار الإسلامي بقيادة الأخوان المسلمين من محطة الإجماع الوطني أثناء وعقب أحداث الثورة وأخذت المسافة تبتعد يوماً بعد يوم ما بين الفريق الإسلامي من جهة وكافة القوى المدنية وغير المدنية الأخرى في المقابل. لكن رغم الغلبة والسيطرة الإسلامية الحاسمة على تشكيل الجمعية، اكتشف الإسلاميون بقيادة الأخوان، بحكم شروط وقيود محلية وإقليمية ودولية لا بديل عن مهادنتها في الوقت الحالي وفي المستقبل القريب على الأقل، أن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، حتى لو كان صاحب الأغلبية والقوة. مرة أخرى، يجد الإسلاميون أنفسهم مضطرين إلى المهادنة وتقديم تنازلات من مشروعهم. وهنا الكارثة المحتملة.

كما سبق القول أعلاه، في حمية الثورة كانت التنازلات من الإسلاميين ممكنة وسهلة المنال أكثر بكثير منها الآن. خيبة أمل الإسلاميين، خاصة السلفيين والتيارات الأصولية المتطرفة، ستكون عظيمة بعد هذا المشوار الطويل وبعدما كانوا على بُعد سنتيمترات فقط من الحلم الكبير- دستور إسلامي يطبق الشريعة الإسلامية ويقيم الدولة الإسلامية كمنطلق لعودة الخلافة أو الوحدة الإسلامية بشكل حديث. لا شك أن خيبة أمل الإسلاميين ستكون كبيرة عندما يكتشفون أن ثمرة الدستور لا تساوي أبداً قدر المكاسب التي حققوها حتى الآن.

رد الفعل الرافض لمشروع الدستور المرتقب سيأتي حتماً من الإسلاميين أنفسهم قبل العلمانيين، وحتماً سيكون عنيفاً بالنظر إلى شدة إحساسهم بالظلم وبمرارة خيبة الأمل.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احترسوا من فضلكم، الدستور يرجع إلى الخلف!
- حرية التعبير..وصحافة البورنو
- القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
- إشكالية الدستور والشريعة
- تعدد الزوجات جريمة
- حرية الاعتقاد مطلقة في مشروع الدستور المصري!
- العاهرة والجنرال على ميزان القيمة
- أسطورة العرب
- من يكون المتطرف؟
- مربع سياسة ومربع دين، أيهما فوق الآخر؟
- نزاع قديم على السيادة بين الآلهة والعامة في مصر
- في معرفة الله...والنص
- أم عزباء أم امرأة عانس؟
- في الزواج وممارسة الجنس
- حقيقة الصراع السلمي حتى الآن على الوطن مصر
- الدين والديمقراطية والاستبداد
- شهوة الجسد
- حرية الجسد
- حرية الفكر والاعتقاد والإلحاد
- عدل ظالم...ومساواة حرام


المزيد.....




- ماذا فعلت الصين لمعرفة ما إذا كانت أمريكا تراقب -تجسسها-؟ شا ...
- السعودية.. الأمن العام يعلن القبض على مواطن ويمنيين في الريا ...
- -صدمة عميقة-.. شاهد ما قاله نتنياهو بعد العثور على جثة الحاخ ...
- بعد مقتل إسرائيلي بالدولة.. أنور قرقاش: الإمارات ستبقى دار ا ...
- مصر.. تحرك رسمي ضد صفحات المسؤولين والمشاهير المزيفة بمواقع ...
- إيران: سنجري محادثات نووية وإقليمية مع فرنسا وألمانيا وبريطا ...
- مصر.. السيسي يؤكد فتح صفحة جديدة بعد شطب 716 شخصا من قوائم ا ...
- من هم الغرباء في أعمال منال الضويان في بينالي فينيسيا ؟
- غارة إسرائيلية على بلدة شمسطار تحصد أرواح 17 لبنانيا بينهم أ ...
- طهران تعلن إجراء محادثات نووية مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - مشروع دستور لسفك الدماء