أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - أحمد الناصري - الانتفاضة ..التجربة والدروس - القسم الثاني















المزيد.....

الانتفاضة ..التجربة والدروس - القسم الثاني


أحمد الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 1128 - 2005 / 3 / 5 - 11:18
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


( هذه والملاحظات كتبت أيام الانتفاضة الوطنية وبعدها بقليل ، لذلك الأوراق يتوجب قراءتها في سياق الأحداث والوقت آنئذ ، ولكن يمكن مقاربة الآراء بالأحداث والتطورات الأخيرة خاصة ما يتعلق بطبيعة السلطة وأساليب المعارضة وآثار الحصار الظالم ودور العامل الخارجي الذي تحول إلى احتلال عسكري مباشر وكامل ، لقد كانت الانتفاضة بمثابة الحل الوطني السحري ، والذي عندما خسرناه خسرنا الوطن بعده ، أعيد نشرها تحية لها ولشهدائها وأبطالها الكثر !! . )

بعض الأخطاء السياسية والعسكرية والجماهيرية

إذا أردنا أن ندرس الانتفاضة وفق منهج علمي موضوعي حقيقي ، ولكي تكتمل الرؤيا من جميع الجوانب لا بد لنا من البحث في النواقص والأخطاء الأساسية ، الذاتية والموضوعية التي رافقت الانتفاضة من بدايتها إلى تراجعها وفشلها ، في سبيل معالجتها مستقبلاً وتجاوز النواقص الكبيرة والصغيرة ، عبر المراجعة والدراسة والنقد . ويقف في مقدمة النواقص والأخطاء الإستراتيجية القاتلة ، غياب البرنامج السياسي العسكري للتحرك ، مما أسقط الانتفاضة في جميع مراحلها بالعفوية ، الذي رافقه غياب التحرك والنشاط الإعلامي والدبلوماسي الخارجي لشرح أهداف الانتفاضة وتطورها ، بسبب غياب الحركة الثورية الموجة لها ، وغياب المعارضة الوطنية الفعالة نتيجة ضعفها وعزلتها و تواجدها الطويل في الخارج ، مما أدى إلى فقدان البوصلة وعدم التقدم نحو الهدف النهائي الحاسم . لقد أثر غياب برنامج سياسي وطني عام للمعارضة ، وغياب خطة سياسية ثورية للانتفاضة على مجمل عملها وآلياتها ومراحلها ، وجعل التحرك السياسي ناقصاً ، وترك الباب مفتوحاً أمام المواقف الخاطئة التي أضرت بالانتفاضة ضرراً مباشراً وكبيراً ، وكان من أكبر الأخطاء وأخطرها ، عدم طرح شعارات وطنية عامة سليمة ، ووقوع أطراف عديدة بأخطاء متنوعة ، فقد رفعت الحركة الإسلامية شعارات خاطئة ، عكست موقفاً ضيقاً أبتعد عن الوضع الاجتماعي العراقي الملموس ، وابتعد عن التحالفات الضرورية في هذه الأوقات الخاصة والنادرة الوقوع . وحاول النظام استغلال هذه المواقف في عملياته التعبوية والإعلامية ، ليحول المواجهة الوطنية إلى مواجهة ذات طابع طائفي مقيت لم يعتده شعبنا . كما أخطأت أطراف عديدة أخرى باعتمادها على العامل الخارجي كلياً في حسم الموقف مع النظام وتعويلها على الدور الأمريكي بشكل خاص والذي جاء معاكساً لتصوراتها وتقديراتها ، ومطابقاً للمصالح الأمريكية فقط ، حيث تأكد إن الأمريكان سمحوا لقوات النظام الخروج من داخل طوق الحصار المفروض عليها في الجنوب للهجوم على المدن المنتفضة والسماح لطيران النظام بالمشاركة الفعالة والحاسمة لتدمير قوى الانتفاضة ، كما قامت القوات الأمريكية بمحاصرة الثوار وتجريدهم من سلاحهم ، كما حصل في مدينة الناصرية .
ومن الأخطاء السياسية الكبيرة التي وقعت فيها الحركة القومية الكردية أثناء الانتفاضة وبعدها، هي قيام الجبهة الكردستانية بخوض مفاوضات مباشرة مع السلطة الفاشية في ذروة تفاعلات الانتفاضة الداخلية والخارجية وكانت هذه المفاوضات الخاطئة بمثابة طوق نجاة مجاني للسلطة ، وشق للموقف الوطني المشترك ، ساعدها إلى جوانب عوامل أخرى في التخلص من العاصفة والبقاء فترة أخرى . لقد كانت المفاوضات خطأً سياسياً كبيراً وقعت به الجبهة الكردستانية نتيجة لتقديرات وحسابات ضيقة خاصة ، تتعلق بوضع النظام وإمكانياته ومستقبله . وقد تأكد خطأ هذه التقديرات بسرعة كبيرة وبشكل تام لاحقاً، فهي لم تؤد إلى نتيجة نهائية وواضحة ، ولم تساهم في تصعيد النضال ضد الفاشية إنما على العكس فقد عرقلته بشكل كبير ، لقد استندت هذه المفاوضات إلى وهم قديم ومزمن تعاني منة الحركة القومية الكردية .
أما في المجال العسكري والميداني ، فقد أدى غياب الخطط العسكرية ، وغياب قيادة مركزية موحدة ،إلى عدم التحرك وبسرعة لتجميع القوى القتالية المبعثرة ، و الاستفادة من القطعات العسكرية التي تركت صفوف النظام وتجميعها للزحف على بغداد ، والهجوم على المركز السياسي والعسكري الاستثنائي للنظام ومقر الدكتاتور و(عرينه ) حسب أهم الأطروحات الداخلية في استراتيجية الدفاع الخاصة عن بغداد ، والتي ركز عليها صدام شخصياً خاصة بعد سقوط الشاه الإيراني في عام 79 أثر انتفاضة جماهيرية عارمة كان مركزها الحاسم طهران . لذلك بقيت بغداد بعيدة عن التحرك ، عدا محاولات محدودة جرت السيطرة عليها وسحقها ، ومنها بدأ الانطلاق المضاد لسحق الانتفاضة !!
يبدو لنا إن النظام كان قد تحسب لإمكانية قيام تحرك شعبي أو انقلاب مفاجئ بعد التطورات العسكرية والسياسية الكبرى التي حصلت بسبب أزمة اجتياح الكويت واشتعال حرب الخليج الثانية ، فأحتفظ بقوة عسكرية خاصة من الحرس الجمهوري والأجهزة القمعية الأخرى ، كما إن بعض القطعات العسكرية التي طوقتها القوات الأمريكية داخل الأراضي العراقية في الجنوب سمح لها بالخروج من الطوق ومهاجمة المدن المنتفضة ، مما أدى إلى انقلاب واضح في ميزان القوى لصالح النظام . وبعد أن تكمن النظام من استيعاب وامتصاص الضربات القوية التي حصلت في الأطراف ( المحافظات ) وبقاء الرأس ( المركز ) سليما ً ، تمكن من قيادة الهجوم المضاد الشامل !!
يضاف إلى كل ذلك غياب هيئات أركان ميدانية في المحافظات والمدن ، قادرة على المحافظة على الإنجازات البسيطة والعمل على تطويرها مع الأجزاء الأخرى ، وكان أحد الأسباب في ضعف التنسيق والتخطيط بين المدن غياب شبكة الاتصالات والمراسلين لتطوير العمل المشترك وتبادل المعلومات لمتابعة الوضع وسير الأحداث .
كما أتسمت الانتفاضة بضعف كبير في الجانب الأمني والمخابراتي لمعرفة نوايا العدو ورصد تحركاته ، بينما استطاع النظام بسبب خبرته وإمكانياته من اختراق صفوف الانتفاضة وعلى جميع المستويات تقريباً . كما أثر غياب أعلام فعال ونشيط في عدم انتشار أخبار الانتفاضة ومعرفة ردود الفعل عنها وحشد الناس بالإتجاة الصحيح .
لقد أستقدم النظام ترسانته الإعلامية الديماغوجية لتشويه الانتفاضة والتشويش عليها ، وأستغل موضوعة العامل الخارجي الأمريكي والإيراني ، لتحريك المشاعر الوطنية والطائفية وحسب الحاجة ، مدعياً بأن الانتفاضة جاءت من الخارج ، وهي بذلك ليست فعل وطني داخلي ، وأطلق عليها تسميات مقصودة تصب في هذا المنحى ، و وأدعى إن الجماهير الشعبية مؤيدة للنظام ، وهذا كذب صارخ يعرفه النظام قبل غيرة وتدحضه الوقائع اليومية لسير الأحداث قبل الانتفاضة وأثناءها وبعدها ، كما وقعت بعض القوى والشخصيات العراقية والعربية بهذا الخطأ والالتباس القاتلين لأسباب مختلفة تتعلق بمواقع ومواقف ونوايا كل جهة أو شخص !!
إننا نقول في ردنا على جميع هذه الآراء هو أن الانتفاضة عمل وطني وجماهيري عراقي بشكل تام وكامل ، وهي فعل داخلي ، وللانتفاضة أسبابها الموضوعية الكبيرة ، القديمة والجديدة ، والتي كان آخرها وأخطرها مغامرة النظام في الكويت ، ونتائجها المريعة على شعبنا ووطننا . كما إن هذه الانتفاضة كان لها أن تقوم وتحصل بدون أزمة الكويت وتأثيرها المسرع ، لأن الانفصال بين الفاشية والشعب قد حصل منذ زمن سبق أزمة الكويت الكبيرة !!
لقد انطلقت الانتفاضة من مدينة البصرة بعد إن قام جندي عراقي بطل من سلاح المدرعات بتوجيه مدفع دبابته إلى أحدى جداريات الدكتاتور في ساحة سعد ليحطمها ويعلن انطلاق الانتفاضة والتخلص من التردد والخوف وكسر جدار الرعب الذي أحتمت به الفاشية سنوات طويلة !! في نفس التوقيت تماماً كانت تتحرك مجاميع مسلحة صغيرة من أعماق أهوار الناصرية ، وتزحف على مدينة سوق الشيوخ لتشعل بها شرارة الثورة ، ثم أمتد الحريق إلى جميع مدن الجنوب والفرات الأوسط وكردستان ، وقد أنجزت الانتفاضة في هذه المدن كل مهماتها المباشرة والآنية ، وشاركت فيها كل جماهير المدن والريف ، وسيطرت على جميع المؤسسات العسكرية والقمعية والأسلحة ، وتحولت جميع المؤسسات العسكرية إلى مخازن لتسليح الناس ، وهي بهذا المعنى لا تحتاج إلى نفر واحد يأتيها عبر الحدود ، ولم تكن بحاجة إلى طلقة واحدة تأتيها من الخارج !! ربما حصل تسلل محدود من الخارج ( إيران تحديداً ) بعد قيام الانتفاضة وسيطرتها التامة على الوضع في الساعات الأولى من انطلاقتها ، بينما حصل هذا التسلل المحدود بعد أيام من قيامها ، وهي في كل الأحوال غير مسؤولة عن هذه التطورات والتداخلات الجانبية ، لأنها ببساطة لم تدعوا لهكذا تسلل ، كما لم تكن بحاجة أليه مطلقاً . وقد ألحق هذا التسلل أضراراً بالغة بالعمل الداخلي نتيجة التصادم الذي حصل في التوجهات والشعارات ، ومحاولة فرض قيادات جديدة قادمة من الخارج ، وهم في النهاية لم يضيفوا شيئاً ولم يدافعوا عن المدن والناس عندما بدأ هجوم السلطة المضاد ، إنما هربوا وتركوا الجماهير تقاتل لوحدها في معركة شرسة وشبه خاسرة !!
حصلت في الانتفاضة أخطاء سلوكية خطيرة ، كان يمكن تجاوزها مع وجود قيادات وطنية ميدانية نشيطة ومؤثرة تستطيع السيطرة على الجماهير ومنع انفلاتها وهياجها المدمر الذي طال إلى جانب مؤسسات ورموز السلطة الفاشية جميع المؤسسات المدنية والخدمية والاقتصادية ، لقد تحول قسم من الطاقة الثورية إلى طاقة تدميرية منفلتة بسبب عفويتها وحقدها المتراكم ، كما إننا لا نستبعد وجود يد النظام الآثمة التي تسعى إلى تشويه الانتفاضة ، وهو ما يركز عليه النظام الآن في حملاته التشهيرية المقصودة !!

أساليب قمع وسحق الانتفاضة !!
اتسمت عمليات قمع الانتفاضة بوحشية رهيبة قل نظيرها في التاريخ الإنساني ، أظهرت بشكل حقيقي ومن جديد طبيعة النظام الفاشية العدوانية وتنفيذه لوعوده العلنية العديدة التي حاول من خلالها إرهاب الجماهير ومنعها من التمرد عليه ، ولكن برغم كل الإجراءات والتهديدات خرجت الجماهير بقبضاتها العارية لتقتحم وتحطم المؤسسات القمعية وتهدد النظام بالسقوط !!
لقد كان التحرك الجماهيري سريعاً وعنيفاً وحاسماً لمنع عنف الفاشية وردها المضاد المعروف من قبلها ، وعندما تمكن النظام من استيعاب الضربات الأولى بدء في هجومه الشامل ، فقد استخدم قطعان الحرس الجمهوري ، وهي قطعات خاصة منتخبة ومختارة بعناية ودقة ، وتمثل الجيش الخاص لحماية الدكتاتور شخصياً وحماية بغداد ، ولها تسميات عديدة ومهمات محددة ، تتسلح بسلاح خاص يمنع عن القطعات الأخرى وتتمتع بصلاحيات طواريء استثنائية يقودها أفراد من عائلة الدكتاتور ، معظمهم من العناصر الفاشلة والمجرمة والمنحطة التي لا تمتلك أية كفاءة غير القدرة على القتل والتدمير الجماعي وكفاءة ( القرابة ) . لقد استخدمت قطعان الحرس الجمهوري أساليب قمعية مبتكرة أثناء هجومها على مدن الجنوب والفرات الأوسط وكردستان ، فقد ربطوا الأطفال والنساء على الدبابات أثناء تقدمهم على مدينة البصرة ، لمنع الثوار من استخدام أسلحتهم المضادة للدروع ، بينما قصفت مدينة العمارة بالسلاح الكيماوي ، وأستخدم السلاح الكيماوي الوهمي في مدينة الناصرية ، وذلك برش مادتي الطحين والجص من الطائرات ، بينما ضربت مدينتي كربلاء والنجف بصواريخ أرض - أرض ، ولم تسلم حتى أضرحة الإمامين الحسين والعباس من الاعتداء والقصف والتدمير ، وتم ذبح الآلاف من الناس في كربلاء والنجف ، بعد استدراجهم على الطريق الواصل بين المدينتين ، ثم الهجوم عليهم بالطائرات الحربية والسمتيات والدبابات والمدفعية الثقيلة .
وكان الهجوم وحشياً وكاسحاً على كردستان ، سبقه قصف تمهيدي بالصورايخ الطويلة والمدفعية الثقيلة ، وقامت الطائرات بدك المدن ، والتلويح والتهديد باستخدام الأسلحة الكيماوية في حالة استمرار المقاومة ، عبر نشر الشائعات المخيفة ، مما أدى إلى الهجرة المليونية الشهيرة إلى الحدود التركية والإيرانية ، وإفراغ المدن من الناس ، وموت المئات على طريق الانسحاب والهجرة الجماعية ، بسبب الخوف والجوع والظروف المناخية القاتلة ، والعيش في العراء وسط الثلوج من دون أكل أو وقود أو أماكن للإقامة للنجاة من المجزرة الرهيبة القادمة !!
لقد وزع الدكتاتور أقاربه والمقربين منه من المجرمين ، أمثال على الكيماوي وحسين كامل وعدي وقصي وعزت الدوري ومحمد حمزة الزبيدي وسمير الشيخلي وعزيز صالح النومان وحسن العامري ، كما وزع حمايته الخاصة مع القيادات الميدانية للمراقبة والإشراف كممثلين للدكتاتور ، فماذا يفعل نقيب وهي رتبة عسكرية غير كبيرة مثل المجرم روكان رزوقي الذي ظهر في شريط الفيديو وهو يرافق علي حسن المجيد وحمزة الزبيدي وعزيز النومان أثناء الهجوم على مدينة الناصرية ؟؟ وكم هي صلاحيات هذا النقيب المجرم ؟؟ لقد رأى الناس وسمعوا شلة من المجرمين على شريط الفيديو الشهير ، الذي سجل عملية اجتياح الناصرية وسوق الشيوخ وأساليبهم الوحشية وهم يعذبون ويستجوبون ويعدمون أسرى الانتفاضة بواسطة فرق الموت الميدانية ، كما تابعنا في الشريط نفسه أوامر المجرم محمد الزبيدي بإبادة مدينة الناصرية ( حتى تصير عبرة للتاريخ ) وأوامره باعتقال كل رجال عشيرة حجام وآل جويبر في مدينة سوق الشيوخ !!
وكم كانت الحملة الإعلامية التي رافقت الأحداث بذيئة ومتخلفة وقذرة ، وكانت تمثل عقل وروح السلطة المتخلفة ، وأطلقت أطنان من الأكاذيب والشتائم . لكن أكثر المواقف بذاءةً وتخلفاً هو ما كتبته افتتاحيات جريدة الثورة أيام 16 و17 و18 آذار.1991 في الهجوم على أبناء المنطقة الجنوبية الثائرة ، وسكان الأهوار تحديداً والتعمد في تزوير التاريخ وقلب الحقائق البسيطة الثابتة ، ويقال إن من كتب تلك التفاهات هو شاعر فاشي متملق ومتخلف !! ولم تزل الحملة القذرة مستمرة والسعار يتصاعد !!

الحصار الجائر وآثاره المدمرة لشعبنا ومجتمعنا
فتحت مغامرة النظام في الكويت وتداعياتها الباب مفتوحاً للرد الأمريكي الشامل والمدمر، والذي تجاوز مهمة إخراج قوات النظام من الكويت إلى عدوان على وطننا ، القصد منه تدمير الحياة الاقتصادية وكل البنية التحتية تقريباً والمؤسسات الخدمية تدميراً تاماً وشرسا ومقصوداً ، عطل وغير حياة شعبنا ومستقبله ، وتشوهت حياته لسنوات وأجيال قادمة . لذلك فقد كانت آثار الرد الأمريكي رهيبة طالت كل مفاصل الحياة في بلدنا ، أو كما صرح بيكر وزير الخارجية الأمريكي الذي قال حرفياً بأننا سنعيد العراق إلى العصر الحجري !! وقد أعادوه . ولإكمال الطوق وإحكامه ورسم الصورة المأساوية المخيفة يستمر الحصار الجائر الذي تفرضه أمريكا وحلفائها ، والذي يشمل المواد الغذائية والطبية وكافة الوسائل التعليمية والمعيشية الحضارية . إن الحصار يهدد حياة شعبنا في الصميم ، وقد وصلت الأوضاع المعيشية إلى حافة مجاعة مروعة تهدد حياة الآلاف من الناس الأبرياء . إن هذا الموضوع الوطني الحساس يجب أن ينال منا جميعاً اهتماما رئيسياً و من قبل المعارضة الوطنية ، وأن لا يترك لمتاجرة النظام ومزايداته اقتصادياً واجتماعياً وإعلامياً . إننا نرى ضرورة طرح شعار رفع الحصار فوراً عن شعبنا ، والمطالبة الصريحة وبصوت عال بذلك ، وعدم تأجيله أو ربطه بمهمة أو شعار إسقاط النظام . إن حياة الناس ومصيرهم اليومي يجب أن لا يدخل مجال المراهنات والصفقات والألاعيب والضغط السياسي !! لقد دمرت الإدارة الأمريكية كل شيء في بلادنا لكنها أبقت على السلطة الفاشية ، بل حمتها من الانتفاضة في مفارقة مقصودة !!

الوضع العربي
لقد انعكست أزمة احتلال الكويت وتخبطات النظام الفاشي على الوضع العربي الرسمي المتداعي أصلاً بشكل مباشر وحاد جداً ، وأدخلته هذه الأزمة الكبيرة في مأزق جديد . وتعرضت القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية إلى هزة عنيفة وتغيرات سلبية تضاف إلى الوضع السلبي السائد سابقاً ، سوف لن تتخلص منها بسهولة ، وتعد عملية تهميش وإخراج العراق من المعادلات الجارية لأجل غير معروف ، وتصفية ثقله وإمكانياته بسبب سياسات النظام الهوجاء والتطورات الكبيرة الأخيرة ، واحدة من التطورات والتغيرات الخطيرة في المنطقة . لقد أضيفت أزمة الكويت إلى المشاكل والأزمات الكثيرة التي يعاني منها الوضع العربي الرسمي والشعبي منذ عقود ، بسبب طبيعة الأنظمة الحاكمة ومشاكل المنطقة المتداخلة القديمة والجديدة . وكانت النتيجة انهيار وعجز في النظام العربي الرسمي ، وتصاعد حالات اليأس والإحباط لدى الجماهير والعزلة والتراجع التي تعاني منها حركة التحرر الوطني العربية ، بينما تزداد معاناة الشعوب من الجوع والقمع والاستبداد ، والانتهاك الصارخ لأبسط حقوق الإنسان والمواطنة ، وتدهور أوضاعها المعيشية والحياتية ، وتزداد حالات الفقر والبطالة وتدهور خدمات التعليم والصحة ، ويتكرس التخلف والتبعية بدرجات ومقاييس مخيفة ، وتتصاعد الهجمة الصهيونية الشرسة ضد شعبنا الفلسطيني لإلغاء قضيته وتنفيذ المشروع الأمريكي الصهيوني المشترك للسيطرة على المنطقة ، وإحداث اختلال إستراتيجي ثابت . إن الوضع العربي بجميع مفرداته وعناوينه دخل الأزمة الشاملة والعميقة منذ هزيمة حزيران1967 ، وتتفاعل هذه الأزمة وتدخل منعطفاً خطيراً مع كارثة احتلال الكويت ونتائجها الرهيبة والتي تصعب معالجتها وإيقاف تداعياتها في المستقبل المنظور في ظل الإمكانيات الشحيحة للشعب العربي . لقد كانت كارثة الكويت منعطفاً خطيراً دفع المنطقة إلى متاهات جديدة لا يمكن تصورها ، وزاد من تمزقها ووسع الشرخ القديم وفغر الجرح الدامي .
لقد وقعت بعض الأحزاب والمنظمات والشخصيات العربية ( ماركسية وقومية وإسلامية ) بخطأ فادح عندما وقفت إلى جانب الفاشية ودافعت عنها ، وتوهمت أو اقتنعت بمصداقية النظام ومشروعه ( القومي النهضوي ) والذي لم يكن غير لعبة سمجة ومكشوفة من الألاعيب والادعاءات الديماغوجية الفارغة ، والتي انكشف زيفها وغبائها في آن .
إننا ندعو القوى والأحزاب والشخصيات العربية ، اليسارية والقومية والإسلامية ، إلى مراجعة موافقها الخاطئة تلك ، والتعرف على الوضع الحقيقي في بلادنا ، على الأقل من خلال النتائج الكارثية التي قادت إليها الفاشية ، وليس من خلال ادعاءاتها التافهة وصخبها الإعلامي الفارغ ، أو بسبب علاقات غير مبدأية على حساب مصالح ومصير شعبنا . أننا بحاجة إلى علاقات صداقية وتضامنية سليمة ، لمعالجة أوضاعنا المأساوية المشتركة !!



#أحمد_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتفاضة الوطنية .. التجربة والدروس
- توقعات كبيرة وأمنيات صغيرة في العام 2005
- مدينة الموصل خط أحمر وطني وملتهب .
- بطاقة للناس والوطن
- الشهيدان الخالدان سحر أمين منشد وصباح طارش ( ثائر ) . نجمان ...
- دعوة : من أجل كتابة وتوثيق تاريخنا الوطني اليساري ، من اجل ك ...
- السجون والمعتقلات الرهيبة وبارقة أمل مغربية وسط الليل البهيم
- تطورات الوضع السياسي والأمني بين الإرهاب والإنتخابات وحمى ال ...
- نحو تدقيق المصطلحات والمفاهيم والمقولات السياسية . النظام ال ...
- الإعداد والتحضير للعمل الفكري والسياسي في الماركسية . مهزلة ...
- الأهوار : طائر الفينيق الذي عاد إلينا من زهرة الرماد والوجع ...
- الشهيد مناضل عبد العال موسى / مؤيد
- كلمات في عشق النساء . نص من أدب الرسائل
- الرعب ، الصمت ، العار . قضيتان من باريس وبغداد
- اليسار الجديد والقضايا الفكرية والسياسية والإعلامية ، بمناسب ...
- بشتآشان الجرح المفتوح والملف المغلق !!
- عن المبادرة الوطنية والإنتخابات وقضايا أخرى
- رسالة الى الفدائية البطلة لويزه أحريز
- عرس واويه في شرم الشيخ ، وأشياء أخرى
- عن أغراض مؤتمر شرم الشيخ ، وأهمية المبادرات الوطنية الموازية ...


المزيد.....




- رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق ...
- محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا ...
- ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة، ...
- الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا ...
- قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك ...
- روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
- بيع لحوم الحمير في ليبيا
- توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب ...
- بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
- هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - أحمد الناصري - الانتفاضة ..التجربة والدروس - القسم الثاني