سلطان الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 1128 - 2005 / 3 / 5 - 10:45
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
في إحدى الأمسيات، وبينما كنت جالسا إلى مكتبي، أكتب، إذا بفراشة أتت تتخبط على زجاج شباكي، تحاول الوصول إلى الضوء الذي ينير طاولتي. ومرة بعد مرة كانت تلك الفراشة تندفع نحو الضوء، فتصطدم بالزجاج فتسقط. ولكنها تنهض و=تلف= وتدور وتحاول مجددا. فطنت فجأة إلى أن تلك الفراشة، ليست أفضل حالا من وضع السياسة والأعلام في بلدي. فكليهما في سعيهما الدائم إلى الوصول إلى النور، يصطدم بالحاجز الذي صنعه بنفسه بينه وبين الشعب، ذلك الحاجز الذي يزداد سماكة وصلابة مع الزمن.
الخطأ الوحيد الذي يرتكبه الإنسان هو الخطأ الذي لا يتعلم منه شيئا. وكم من الأخطاء مرت علينا، ولم نتعلم منها شيئا، وعلى العكس اعتبرناها صحيحة، ومضينا في طريقنا، غير عابئين بالزمان ولا بالمكان=المحيط= نظرتنا هي نفسها لكل الأمور، ما قلناه قبل عشرات السنين نعود لنقوله من جديد، وما فعلناه قبل عشر سنين نعود إلى ارتكابه اليوم. وكأن الزمن قد توقف لأجلنا، خطابنا نفسه، أفكارنا نفسها، تصرفاتنا لم تتغير. وعلى الجميع أن يتقبلنا كما نريد، وليس علينا نحن أن نغير قيد أنملة من تصرفاتنا.
قيل إن أفضل فرص التقدم والتطور قد تلج حياتنا متنكرة بزي مصيبة. وللمصائب طرقها في طرح التحديات علينا، فهي تحرك قدرات ما كنا لندري بوجودها فينا. قد تًخرجنا المصائب من رتابة العيش فتنفتح أمامنا آفاق جديدة وامكانات جديدة. وربما عاد الألم والقلق الذي نعيشه هذه الأيام علينا بالنفع. ولكن الحقيقة هي أن الإفادة تكون عادة على قدر التفاؤل بالخير. لذا علينا أن نبحث عما هو حسن في هذا الوطن فنجده. وما هو أفضل من الإنسان في الوجود.
حان الوقت لنبحث عن المواطن السوري، لنفتش عن الفلاح، والعامل، والأب، والزوج، والموظف، والمتقاعد، والمثقف. لنفتش عنهم جميعا، ونسأل ماذا فعلنا لهم؟ ماذا فعلنا بهم؟ وأين هم الآن؟ ويبدو أننا في سعينا لبناء مجدنا الشخصي، نسينا كل هذه الشرائح، واليوم والمصائب تحيط بنا، ما أحوجنا إلى الالتفاف إلى مواطنينا، نسأل عن أحوالهم، ونبث فيهم روح المواطنة التي انطفأت فيهم على مر الزمن.
نعم لنفتح السجون، ولنطلق سجناء الفكر، لنحاور الجميع، لنقمع من يقمع الناس، لنحول سجوننا إلى حدائق، يصدح فيها الطير، ويلعب فيها أطفال الوطن، الوطن الجديد، الذي نريد أن نبنيه مع الرئيس الجديد.
ليس الخطر الأمريكي، ولا الخطر الإسرائيلي، ولا الخطر الفرنسي، ولا الخطر العربي. ما يقض مضاجعنا. فسوريا دولة قوية برجالها، ومثقفيها، ونسائها. سوريا رمح أبدي في وجه النوائب والمصائب. ولكن الخطر الحقيقي الذي نواجهه، هو فقدان مواطننا انتماءه إلى وطن، أدار له ظهره زمنا طويلا.
الرئيس الشاب، الطبيب، المثقف، النظيف. من لا يحبه؟
سوريا، الجميلة، الأبية، التاريخ، الحضارة، العزة، المنعة، من لا يفديها بروحه؟
يقول المرحوم (مونتغمري): حذار من وضع الجيش في موضع يكون فيه نظره في خلف رأسه، لأنه في حال الخطر سيركض قي اتجاه نظره !
غدا، قد يعلن الرئيس بشار، رئيسنا، رئيس سوريا الجديدة، بداية الخروج من لبنان، لبنان الجار العزيز على قلبنا. ولن يكون في الأمر أي إساءة، أو مدعاة للخجل. رغم بعض الإساءات، والتي علينا أن نعترف بحدوثها هناك. الجيش السوري، أنهى مهامه وخرج،. نعم نعترف هناك ضغوط قوية أرغمتنا على اتخاذ هذا القرار، ولكن الأكيد أن الأمر هذا لو تُرك للشعب السوري ولرئيسه الشاب لكان قد أُتخذ من قبل.
#سلطان_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟