أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خلدون جاويد - الذباب بين الفكر الفلسفي والواقع المحسوس















المزيد.....

الذباب بين الفكر الفلسفي والواقع المحسوس


خلدون جاويد

الحوار المتمدن-العدد: 1127 - 2005 / 3 / 4 - 10:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كتابات في الحرية
احدى تعريفات الوجودية انها حرية انطلاق المرء ، وكما وردت عند شيخ الوجودية الكبير سورين كيركجارد وهيدجر وسارتر فانها وجهة نظر الى العالم ، وبما ان العقل العربي ( مرن وشجاع ) ! فانه لايخشى أن يتصل بهذه الانفتاحة الهائلة من التنوع ، على الوجودية كما هي الحال على نوافذ الانترنيت !
في احدىمسرحيات سارتر ، يشير هذا الفيلسوف الجبار الى انه لايضر العقل أن يتفكر بالنشوء والخلق والماهية . أي أن الوجودية فلسفة تبصر وبحث مستمرين كما هي فلسفة تفاول وعمل. صحيح ان الموقف المنطقي عند نيتشه قد قاده الى فضاء لامتناه من الضياع حد الرعب ، الا أنه رغم ذلك حاول جهده أن يضع السوبرمان بديلا عنه . بقيَ الخوف قائما ازاء هذا البحث اللآمجدي والدلالات المفرغة من ملموسيات . ان الخوف قاعدة اخصاء الذهن خصوصا عند مجتمعاتنا الشرقية ، وأيضا تلك البنى الاجتماعية التي تناولها سارتر وغيره بالبحث ...انظر ص73 مسرحية الذباب .
تقول المرأة : - يجب أن تكون خائفا ياعزيزي وخوفا عظيما فبذلك تصبح رجلا شريفا .
ان مسرحية الذ باب مليئة بالاشارات الفاضحة لتسخيف الأوهام والرهبنة والرمز جوبيتر وايجست مبتكر الأكاذيب ، وهي تشير بقوة الى تعذ يب الشعب اللآمجدي بخرافات مصنوعة :
ايجست : دعيني ايتها الفاجرة ألا تخجلين ؟ تحت بصره ؟
كليتمانستر : تحت بصره ؟ من ذا الذي يرانا ؟ .
ايجيست :الذي يرانا ؟ الملك . لقد أطلق الأموات هذا الصباح .
كليتمانستر : مولاي ... أتوسل اليك ... ان الأموات تحت الأرض ولن يزعجونا عاجلا . هل نسيت أنك نفسك اخترعت هذه الخرافات للشعب ؟.
لعل النص المسرحي – الذباب يوحي ايحاءا فاضحا بضرورة كسر اغلال الخوف والانطلاق خارج الضوابط والاطر اياها ، وهذا مايثير الغرابة لدى العقل العربي المتلقي والمندهش لكيفية شيوع هذا الكتاب – اللغم بيننا ! الاّ أن المقدمة كما يبدو،شفيعة لهذه ، اذ دبج كاتب المقدمة تسويغا لمرور هذا الكتاب واعطاء الضوء الأخضر له ومن دون ذلك انطبق عليه القول : " لعن الله كاتبه ومنضده ومصححه وطابعه وموزعه وبائعه وقارئه ومعيره والناظر اليه "اللعنة ... لماذا لم يصدر فرمان بالقاء القبض عليه أو سجنه أواعدامه أو تسفيره أو اسقاط جنسيته أو وشمه أو قطع اذنه وسوى ذلك من فنون الحنان في السجون ! الجواب : ان الدكتور البارع كمال يوسف الحاج ( دكتور دولة فلسفة ) قد مرر – بوقتها – هذه المسرحية الجبارة تحت أطواق واطر من الايمانية من جهة والخوف من المتربصين –ابدا الخوف – اذ قال ... " والواقعية عينها تستلزم المثالية ، انها توجب قيام ملك تستمد منه قوتها واتجاهها الصاعد ، اذ لاقيمة لأرض لاتظللها سماء ، ولهذا سيبقى الله . سيبقى الاله الأحد ، الاله الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد ، سيبقى الكلمة التي كان بها كل شئ ، وبغيره لم يكن شئ ما كان . سيبقى القدير على كل شئ ، والعليم بكل شئ ، سيبقى فاتحة البداية، وخاتمة النهاية في أعمال الناس ، مادامت عقارب الساعة تدور وترقم . اما الحاد سارتر فسينهار عندما تعصف به زعازع الأيام ، فلا يثب منه وفي مجاري التاريخ غير محاولة انسان ، أراد أن يعرف كل المعرفة ، ولم يعرف في آخر الأمر الا أنه لايعرف شيئا " ... ) وأيضا يجدر الاعتذار للدكتور اذا كان يعني مايقول .
من خلال هذا التمهيد – بهذا الاطار ، جرى اطلاعنا على مالدى الآخرين ، أي أمكننا من التطلع الى التفكير الانساني ببعديه الايماني والالحادي ، وبذا فان سياسة فتح الأبواب واستبصار الأبعاد العامة – النظر أبعد من أرنبة الأنف - هي حالة صادقة لاتشيح بالوجوه عن أي شئ ولماذا الخوف على الخوف ؟على فقدانه ؟ .
ان الهندي المعجب بالنظر الى صرته قد تخلف كثيرا عن بانوراما الحياة المليونية الظواهر والصور والأخيلة .
الا أن التحدث في زمننا (العروبي )المعاصر يصطدم بالجدران في ليل أسود ، ويصل التزمت بعقليات رجعية ، حدا تريد بموجبه ، أن تبيح عدميا مايتشابه من كتابات حرة أو لاملتزمة في التاريخ ، وهناك بلا شك دعوات جرى اطلاقها ضد المكتبة العربية منها ضرورة حرق بعض أجزاء من ألف ليلة وليلة وجانبا من أبي العلاء وأبي نؤآس واقامة محاكم التفتيش لتدقيق النصوص العربية ثانية والصادرة اليوم وغربلتها من (أشنات الحرية ) ! وبالتالي يغدو على كل رئة أن تتنفس بمقدار ، وكل رأس أن يقرأ وفق مسطرة ، وهنا لابد من الاشارة الى أن الشبيبة الفاشية في كثير من البلدان النامية ، تحاول جهدها أن تعرف ماذا يقرأ الأشخاص ! ان حالنا أصبحت ترضى بالقليل ، قليل لاينيف عن تقديم جزيل الشكر الى المترجم وكاتب المقدمة ، في زمن تعيد فيه أحداث مسرحية الذباب نفسها على اصعدة اجتماعية وسياسية خالقة حالة من الخوف ازاء التحرر بأشكاله المختلفة وبالمزيد من التقوقع والانحشار في حذاء صيني لايقبل الحيص بيص ! وبالتالي لايجد سكان مدينة ارغوس ، التي تدور حولها المسرحية ، الاّ أن يلتحقوا مع آلة الحد باء بالمغارة أعلى الجبل ساحبين الصخرة الكبيرة على أجسادهم بكل سعادة ، أما الخوف + الندم +الذباب فهو حصة الأحياء .
لقد انطلق العالم الى أقصاه في فضاء المكننة والأتمتة ودنيا الألكترون بينما نحن شفيعنا في تخلفنا أننا نردد كالببغاء المعنى المشهور" ماهذه الدنيا بدار قرار" بينما القول الأبلغ هو" اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا" – مادمنا نتحدث عن الد نيا - . فالعمل له الأولوية والتبحر في العلم والكشف عن الماهيات هو ديدن التطور بأشكاله .
غني عن القول أن للوجع النزاري الطافح بالخيبة مبرراته وهو المتجسد في الشطرين الشعريين المعروفين – أرواحنا يغمرها الافلاس – أنحن خير أُمة قد اخرجت للناس ؟ له مبرراته اذ نحن امة ممسطرة مرسومة بقلم من حديد تترسم النجاح بما لديها حتى لو ماكان مالديها مجرد كلمات أو رماد أو بخور ! ولاترتضي التغاير بل تحاول حجبه ودغدغته برؤوس الرماح ( بالقنا والقضبِ .... شيد مجد العربِ)- شاعر قديم - وان المثاقفة تشكل خطرا وربما تدخلا وتقتضي اصدار فتاوى وبالتالي فان هذا الجو المريب من رؤوس الخناجر وحنان السكاكين والحوار آربيجيا ( بواسطة الآربيجي ) كلها تقود الى الخوف من التحليل والاستنتاج ، أي مرة اخرى - الخوف .
ان " الخوف أثاث لحياتنا " المقولة ل ( ايجست ) ص110، وكثرة اللآءات في حياتنا هي سمة ، فروادعنا كثيرة وأحب الأشكال الهندسية للعقل العربي هو المستقيم اذ لا عثرة فيه ولا التواءة ! خوفنا يكمن في المنحني والمعيني والحلزوني ، والغموض لدينا خطر على الرقابة ، الخشية أيضا من العقوق الحضاري ، والانفلات العقائدي وكل ماهو خارجي على الفئوية والحزبوية والطاعوية والأبوية والطوطمية انما هو آثم وليبرالست لا أخلاقي .
يشير سارتر مابين فترة واخرى الى مدينة نقيضة هي كورونثيا ، يكون فيها الضوء والفرح والسعادة سمة عامة ، أي انها مدينة قد ألقت بعفاشة الشرطنة من كل الأنواع ، منها التزمت السياسي ، والجبرية والعقائدية ،والنمط الواحد ، والعرف المتوارث ، انها مدينة تعرف الفرح لأنها لاتعرف العبودية ، تعرف الحرية لأنها لاتحرس السجون .

ان المرونة والجرأة حقيقتان مفزعتان في وقتنا الحالي ، مطالبتان بضربة قطع الرأس بالقليل ! وهذا هو المقروء من مسرحية الذباب حيث يدفع جوبيتر مخلوقه ( ايجيست) لقتل ( اورست) يقول جوبيتر ص120 – اورست يعرف انه حر .
ايجيست بحرارة : - ("يعرف انه حر ، اذن لايكفي أن يكبل بالحديد ، ان رجلا حرا في مدينته ، كنعجة جرباء في قطيع . سوف يعدي كل مملكتي ويهدم مابنيت ...").
هنا لابد من الاشارة الى أهم شاعر رومانس وفلسفة الا وهو جبران خليل جبران الذي لن تحيل ايمانيته المفرطة عن أن يدفع العالم باتجاه الحرية – قالوا اذا رأيت عبدا نائما فدعه يرتع بعبوديته قلت كلا اني ايقظه كي احثه باتجاه حريته " .
اذاً يالخطل الباحثين عن مصائر تحررهم ، الراسمين بالدماء شعاب نضالاتهم ، اؤلئك ذاتهم الذين يخافون انفسهم عندما ينظرون اليها بلا أغلال ، انهم يخشون الحرية ، مثال : ( اورست ) ص 127 " انني حر ، يا الكترا ، الحرية انقضت عليّ انقضاض الصاعقة " . تقول الكترا :- " حر ؟ أنا لا أشعر أنني حرة . هل تستطيع أن تجعل كل ماحدث كأنه لم يحدث ؟ ان امراً قد يحدث ولم نعد أحرارا في تبديله. هل تستطيع أن تمحو عنا كوننا ، الى الأبد قاتلي أُمنا ؟ "
وهنا يشير سارتر الى المعضلة ، اذا لم اصفِ حسابي مع عبوديتي ، أظل عبدا أبد الآبدين ، وان قمت بانتزاع حريتي بالقوة حد الهجوم بالسيف ، فاني سأحمل الاثم الى مالانهاية . هنا يأتي تحذير القتيل للقاتل : ( احذر الذباب ) .
حقا فبعد 129 صفحة من هذا العمل الدرامي الفلسفي ، يقول اورست : " لماذا يهمّنا الذباب ؟ تجيب الكترا : انها الجنيات يا اورست ، ربّات الندم" .
ان الندم هو الذي أوهى بالكترا وأعادها الى حظيرة الأمس- بينما ظل عصيان اورست رمزا للتمرد ، انه التمرد ، طبيعة يدور عليها كل حوار وتنشق عن محورها الجماعات .وهناك أحقاب ألفيّة تدعوك كيما تقول نعم ، وسنوات جديدة لعشاق غرباء ومضطهدين في كل التحولات ( سلبا أوايجابا ) يغرونك بأن تقول لا . وتخيّر أنت جلدات هذا ومررات ذاك .
وفي الختام من يقرأ ( الذباب) يدرك أنه من الصعب جداً ، في زمن كهذا ، أن يخرج وريث حر الى الخواء مع جنياته مشبهاً ذاته بعازف الناي أمام الجرذان . من الصعب أن يتواجد منقذ مخلص مثل هذا . ربما يعني سارتر بذلك أن يغدو – هذا المخلص – كبش فداء في درب الحرية العصي على المنال الاّ بالتخلي عن العرش أوالمركز أو الجاه أو المنصة . أو أن يكون لقمة سائغة بأنياب الوحشة أو بممارسة الموت البطولي . ان امة لاتزال تقاسي العذاب والويل من مجرد الحق بالقول وحرية التعبير لايمكن ان تستحق الحياة خصوصا ازاء التحولات القادمة وان امة تستند في ظهيرها الأيديولوجي الى مقولة "مقتل الرجل بين فكيه " أي اللسان ومايقوله سبب للقتل ، لايمكن ان تتصدر في سباق الحضارات .
اننا بهذا الصدد لن ندفع الى سلوك أي درب من دروب المعاناة ايّاها بل فقط بالدفاع عن حق ممارسة الانسانية لحرية اختيار السلام كحد أدنى .



#خلدون_جاويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش الفلسفة الوجودية


المزيد.....




- أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن ...
- -سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا ...
- -الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل ...
- صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
- هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ ...
- بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
- مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ ...
- الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم ...
- البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
- قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خلدون جاويد - الذباب بين الفكر الفلسفي والواقع المحسوس