أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - هل تشكل الوحدة الوطنية القاعدة المادية لدحر الإرهاب والضمانة الوحيدة لقهر الإرهابيين؟















المزيد.....

هل تشكل الوحدة الوطنية القاعدة المادية لدحر الإرهاب والضمانة الوحيدة لقهر الإرهابيين؟


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 1127 - 2005 / 3 / 4 - 10:44
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ليس التعدد المذهبي والتنوع الديني والقومي والفكري والسياسي هو السبب في نشوب الصراعات التي تشهدها الكثير من بلدان العالم النامي, ومنها العراق, إذ أن نعمة التعدد والتنوع في ظل الحرية والديمقراطية وسيادة حقوق الإنسان والحقوق القومية, في ظل المجتمع المدني الديمقراطية, تلعب دوراً محفزاً وفعالاً للتفاعل والتبادل والتشابك العقلاني والمبادرة والإبداع الخلاقين والوحدة الوطنية , إذ أن التعدد والتنوع يعني التفتح والتجدد الفكري والرغبة في التغيير والتطوير عند الإنسان وعدم الجمود. ليس التعدد والتنوع هو المشكلة, بل المذهبية المتشددة والمنغلقة على نفسها والتمييز الديني والطائفي والقومي والإيديولوجي والسياسي, هي التي تخلق المزيد من المشكلات وتعمق التناقضات والصراعات وتتحول أحياناً غير قليلة إلى نزاعات دموية, خاصة عندما تقترن بانتشار الجهل والتخلف والابتعاد عن المجتمع المدني الديمقراطي, وعندما يسود الاستبداد في البلاد وتنعدم المعايير وتدارس روح المواطنة بالأقدام. وكان العراق في العهد البعثي نموذجاً للتعدد والتنوع القومي والديني والمذهبي والفكري والسياسي غير القائم على أسس من الحرية والديمقراطية وسيادة حقوق الإنسان والحقوق القومية والعدالة الاجتماعية, بل وفق أسس الاستبداد والقهر القومي والتمييز الديني والطائفي والأيديولوجي والسياسي, وفق أسس الشوفينية القومية العربية والعنصرية البعثية والاستبداد الصدّامي. ورغم أن الأوساط الشعبية كانت ترفض التمييز بمختلف أشكاله وصور ممارسته, إلا أن النظام البعثي الصدّامي كرسه عملياً ومارسه يومياً وميز بين المواطنات والمواطنين من مختلف القوميات والأديان والمذاهب والاتجاهات الفكرية والسياسية, كما غابت عن البلاد العدالة الاجتماعية.
لا شك أن كانت هناك فئة صغيرة نسبياً, بالقياس إلى مجموع الشعب, هي التي عرفت الرفاهية والتخمة وتنعمت بالامتيازات والغنى الفاحش على حساب كل الشعب, وهي التي خسرت مواقعها وامتيازاتها بعد سقوط النظام, رغم أن الكثير منها ما يزال في أجهزة الدولة, ولم يكن كل المواطنات والمواطنين من أتباع المذهب السني العرب متنعمين في ظل النظام السابق, بل كانوا يعانون تماماً كمعاناة بقية السكان. إلا أن تلك الحفنة المتنعمة هي التي أعطت الانطباع بعد سقوط النظام وكأن أتباع المذهب السني من العرب قد خسروا الحكم وتحول إلى أيدي أتباع المذهب الشيعي في المجتمع. لقد روجت هذه المجموعة الصغيرة الفاسدة بأن أتباع المذهب السني العرب قد خسروا المعركة, في حين كان الخاسر هو النظام وأتباعه فقط, وروج آخرون وكأنهم المنتصرون لأنهم شيعة, في حين كان المنتصر كل الشعب, بمن فيهم غالبية أتباع المذهب السني العرب. والترويج السلبي من الجانبين حقق هدفاً مضاداً لمصالح الشعب والتبس الأمر على الناس واستفاد منه أعدا الشعب وكل الإرهابيين الناشطين في العراق.
دعونا نثبت بعض الأسس المبدئية لبناء عراقنا الجديد:
1. لا يمكن بناء العراق الجديد والديمقراطي دون وجد دستور ديمقراطي مدني حديث يفصل بين السلطات ويحترم استقلال القضاء والاستناد إلى مبدأ المساواة في المواطنة وفي الحقوق والواجبات واحترام حقوق المرأة وواجباتها ومساواتها بالرجل.
2. لا يمكن بناء عراق ديمقراطي مدني جديد دون تمتع الشعب الكردي بحقوقه القومية العادلة, بحقه في تقرير مصيره, ومنها حقه في تكريس الفيدرالية في إطار عراق مدني ديمقراطي.
3. ولا يمكن بناء العراق الجديد دون احترام حقوق القوميات الأخرى التي تعيش مع بقية المواطنات والمواطنين في العراق الديمقراطي المنشود.
4. كما لا يمكن بناء العراق الديمقراطي دون تمتع جميع الأديان والمذاهب بحريتها في العبادة وممارسة طقوسها وتقاليدها وعاداتها التي لا تتعارض مع حقوق الإنسان.
5. ولا يمكن بناء عراق ديمقراطي جديد دون تمتع المجتمع بحرية الفكر والسياسة والتعددية والتداول الديمقراطي البرلماني السلمي للسلطة والفصل الفعلي في الحكم بين الدين والدولة واحترام كل الأديان بغض النظر عن الأكثرية والأقلية, إذ من حقها جميعاً أن تُحترم وأن يُحترم أتباعها في العراق وأن يسود الاحترام المتبادل في ما بينها.
6. وهذا يعني أنه ليس بالإمكان بأي حال بناء العراق الفيدرالي المدني الديمقراطي الحديث والجديد على أسس دينية ومذهبية, بل على أساس مدني ديمقراطي.
ويفترض في القوى الإسلامية السياسية, سواء أكانت شيعية أم سنية, أن تدرك هذه الحقيقة وتتعامل معها لا بالارتباط مع الواقع العراقي والإقليمي والدولي فحسب, بل ومع الواقع الحضاري للعصر الذي نعيش فيه ونتطلع إلى التقدم على أساسه وبناء المجتمع الجديد. وإذا ما تم إدراك هذه الحقيقة فأن التعامل مع مكونات المجتمع العراقي يصبح أكثر عقلانية وسهولة, كما يمكن لأي رئيس وزراء يمتلك الحصافة والحكمة والرؤية الديمقراطية أن يساهم في حكم البلاد وتحت رقابة مجلس وطني ومؤسسات ديمقراطية ودستور مدني فيدرالي ديمقراطي حديث. وعلينا أن ندرك بأن العراق قد تغير لأنه كان مناقضاً لروح العصر وعادياً للإنسان ولحريته وحقوقه المشروعة, ويفترض أن ندرك بأن كل النظم التي تسير على درب مماثل, تحت أي ستار كان, ستنتهي أيضاً. وما يجري في منطقة الشرق الأوسط وفي كل من لبنان وسوريا لخير دليل على ما نقول.
إن الفترة التي أعقبت سقوط النظام ومسيرة وسياسات سلطة الاحتلال والحاكم المدني بريمر وإجراءات مجلس الحكم الانتقالي والحكومة المؤقتة الانتقالية لم تقدم الصورة المناسبة تماماً, كما لم تعط الانطباع الإيجابي المطلوب, بغض النظر عن حسن النية والجهود التي بذلها البعض من القوى السياسية, لما يراد للعراق في المستقبل. وعلينا الآن تغيير هذا الاتجاه لصالح تعميق الاتجاهات الإيجابية التي برزت في تلك الفترة وانعكست في قانون الإدارة المؤقت وتعميقها وتحسين مستوى العمل.
وبصراحة تامة ووضوح كامل نقول ما يلي:
لا يمكن بناء العراق الفيدرالي والمدني الديمقراطي الجديد دون تحقيق الوحدة الوطنية, دون مشاركة كل مكونات الشعب العراقي, أي دون غالبية المواطنات والمواطنين من أتباع المذهب السني, لا لأنهم يشكلون نسبة مهمة من الشعب العراقي, بل لأن لهم الحق الكامل في ذلك, وليس في ذلك من تفضل عليهم. لا يمكن ولا يجوز عزلهم ولا يجوز القبول بعزلتهم وعلى الجميع أن يعمل لعزل من يعمل على عزلهم عن المجتمع, أيا كانت نواياه ودوافعه وأهدافه, إذ أنها تلحق الضرر بالمجتمع والحياة الديمقراطية في العراق.
إن الاتجاهات الطائفية, سواء أكانت سنية أم شيعية, تضع العوائق في مسرة العراق الجديد وتريد عرقلة سيره نحو الحرية والديمقراطية وتعبر عن نظرة ضيقة ومنغلقة على نفسها ومدمرة في آن واحد, ويفترض أن نلفظها من المجتمع, وأن نقف بوجه مروجيها في الإذاعات والفضائيات وفي الحياة العامة والكتب والمساجد وفي كل مكان من العراق.
إن انفتاحنا على الجميع ومن منطلق المواطنة العراقية هو السبيل الوحيد لتمتع الجميع بالحرية والحقوق المتساوية والواجبات المتساوية. ومن حق الجميع أن يكونوا رؤساء جمهورية ورؤساء وزراء ورؤساء مجالس نيابية ووزراء وكبار موظفي الدولة, سواء أكانوا عرباً أم كرداً أم من قوميات أخرى. وعلينا أن نثق بأن هذا هو الطريق الوحيد والضامن لمستقبل أفضل لعراقنا الجديد.
من واجب كل العاملين في الحياة السياسية العراقية وكل المثقفين وكل الناس الخيرين أن يعملوا ضد النزعات الطائفة والتمييز بمختلف أشكاله. وعلينا أن ندرك أيضاً بأن الإرهاب لا يمكن أن يعيش في العراق إلا على أساس وجود فرقة في المجتمع وبين مكونات الشعب العراقي, حيث يمكن لجهة ما أن توفر للإرهاب الحماية والدعم المتنوع. فلو أمكن إقناع جماعات من أتباع المذهب السني على التخلي عن حماية الإرهابيين بكل فصائلهم, لأمكن إنهاء الإرهاب بسرعة كبيرة. ولكن وجود هذا الشعور بالخسارة لدى جمهرة غير قليلة منهم هو الذي يدفعهم إلى اتخاذ موقف الحماية والتأييد أو حتى الدعم للإرهابيين في العراق, سواء أكانوا من العراقيين أم من القادمين من خارج البلاد. لا يمكن إنهاء الإرهاب دون الاعتماد على الشعب بجميع مكوناته, ولهذا أيضاً لا بد من العمل من أجل كسب الغالبية العظمى من مواطناتنا ومواطنينا من أتباع المذهب السني إلى مواقع العمل السياسي المشترك والمشاركة في الحكم لا على أساس مذهبي, بل على أساس المواطنة التي لها حقوق وواجبات في آن واحد.
لقد كان خللاً كبيراً ذلك الذي حصل في العراق حين تجمعت الأحزاب السياسية العراقية على أساس "البيت الشيعي" وعمقت الفرقة في المجتمع على أساس طائفي بدلاً من توحيده وفق أسس المواطنة. وعلى القوى المدنية في هذا الائتلاف أن تعي بأن المستقبل ليس للعمل الطائفي , بل للعمل المدني, وأن انتهازية العمل على أساس طائفي لن يجلب للناس الكثير من الاستقرار وهدوء البال والأمن. إن على الأحزاب السياسية الدينية العراقية أن تتخلى عن مواقفها الطائفية أو المذهبية الضيقة, سواء أكانت شيعية أم سنية, وأن تفكر بالموقف المبدئي كمواطنات ومواطنين حيث يتمتع الجميع بحقوق وواجبات متساوية.
إن الإجابة عن السؤال في عنوان هذا المقال تتلخص في أن الوحدة الوطنية هي الطريق الأوحد والأسلم والأفضل لإحلال الأمن والاستقرار والسلام في البلاد, وهي الضمانة الوحيدة لقهر الإرهاب ودحر الإرهابيين والانتصار عليهم. وهو ما ينبغي أن نسعى إليه جميعاً.

برلين في 2/3/2005 كاظم حبيب



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الكف عن التدخل في الشئون السياسية للدولة العراقية حماية ف ...
- الأرضية الراسخة والصلدة التي تقف عليها حركة اليسار الديمقراط ...
- هل تجسد سياسات أغلب النظم والقوى القومية العربية في أعقاب حر ...
- مرة أخرى مع قناة الفيحاء!
- نتائج الانتخابات الانتقالية والنظام السياسي الديمقراطي المنش ...
- ما هي المهمة المركزية أمام القوى الديمقراطية في العراق؟
- من أجل خوض حوار عقلاني صريح وعلني مع قوى الإسلام السياسي الم ...
- هل سيسمح السيد السيستاني في التمادي باستخدام اسمه دون وجه حق ...
- ما هي شروط ومستلزمات نجاح مؤتمر مكافحة الإرهاب في الرياض؟
- رسالة ودية مفتوحة إلى قناة الفيحاء الشعبية
- كيف نمكن أن تقرأ القوى الديمقراطية العراقية تجربة الانتخابات ...
- !السيد عبد العزيز الحكيم والنصر الساحق
- من أجل تبقى ذكرى جرائم الأنفال وجلب?ة ضد الإنسانية في عام 19 ...
- -حوار مع السيد الدكتور منصف المرزوقي حول مقاله الموسوم -الان ...
- ما هو الدور الذي يمارسه الإسلام السياسي الكويتي في الخليج وا ...
- قراءة في الواقع السياسي الراهن في العراق
- هل من جناح عسكري لهيئة علماء المسلمين في العراق؟
- رسالة مفتوحة إلى هيئة تحرير الحوار المتمدن
- حوار مع السيد نزار رهك حول تعقيبه على مقالي إيران وعروبة الع ...
- ! العقلية الصدامية ما تزال فاعلة في بغداد


المزيد.....




- أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن ...
- -سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا ...
- -الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل ...
- صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
- هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ ...
- بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
- مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ ...
- الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم ...
- البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
- قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - هل تشكل الوحدة الوطنية القاعدة المادية لدحر الإرهاب والضمانة الوحيدة لقهر الإرهابيين؟