أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - البيروقراطية والديمقراطية














المزيد.....

البيروقراطية والديمقراطية


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3880 - 2012 / 10 / 14 - 07:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لم يكن للمسلمين أنظمة بيروقراطية واسعة دقيقة، فأجهزةُ تحصيل الخراج والمؤسسات العسكرية المختلفة وهيئاتُ متابعة الري، كانت هي أهم المؤسسات الإدارية، ولهذا فإن البيروقراطية الحديثة كانت هي من تكوين الدول الغربية التي احتلت بعض الدول العربية، وشكلت فيها تلك المؤسسات الحديثة الواسعة التي لا تهتم فقط بكيفية تحصيل الخراج والجِزى من السكان بل كذلك تعطي لهؤلاء السكان حقوقا في نصيبهم من الموارد وفي الحكم والتعليم والعمل.
لكن البيروقراطيات العربية بعد الاستقلال لم تطور هذه البيروقراطيات عبر الديمقراطية، فقد ربطتْ المواردَ واستغلالها بمنافعِها وخططها من دون وجودِ رقاباتٍ شعبية ذات سلطات على هذه الموارد.
ولهذا فإن ارتباطَ هذه البيروقراطيات بالرأسماليات الحكومية أدى إلى تدهور الأنظمة والافلاس المتصاعد لهذه الرأسماليات.
توزيعُ الدخول لا يتم بعقود واضحة، ولا تُعرفُ أحجام الثروات الوطنية، وإذا حدثت اكتشافاتٌ في الثروات فإنها تموه، وتغدو البيروقراطيات شبكاتٍ مبهمة وأنظمة معقدة، بحيث ان أي مشروع يغدو حصالة للموظفين يقومون بحتِّ ما فيه من منافع، وتتكاثر المشروعاتُ المبهمة وتُعاد المجاري والحفريات بأشكالٍ دورية كأن الشوارعَ تجري فيها مشروعات لغزو الفضاء، وتُعومُ شركاتٌ مفلسة أو على وشك الافلاس، وفيما أجهزة الدول مليئة بالموظفين فإن مجيء موظفين جدد مستمر.
البيروقراطياتُ تقومُ بالهدر وصناعة المشروعات الملتبسة بين العام والخاص، وهي مشروعاتٌ صغيرة عادة، تستهدف تطوير صناعات وأعمال جزئية، ولا تؤدي هذه المشروعات الى حدوث تحولات كبيرة في معيشة المواطنين رغم مرور العقود عليها.
ولهذا رأينا أن المشروعات الكبيرة كالسدود والمصانع التاريخية وهذه السحوبات الهائلة من الفوسفات والنفط والغاز لا تُحدثُ تحولات تاريخية في معيشة الشعوب، بل وجدنا الهجرات العمالية والريفية من الدول العربية، واكتظاظ المدن من دون تنمية وتخطيط، وكان احداثُ الاضطراباتِ السياسية تتويجا لهذا الفشل، فلو كانت هذه الموارد الهائلة قد وصلت الى مستحقيها ما حدث ما حدث.
دورُ البيروقراطياتِ في أنظمةِ الرأسمالية الحكومية دورُ اعاقةٍ للتنظيماتِ الدقيقة العقلانية لتوزيع وتطوير الثروات العربية، وكانت القطاعاتُ المسيطرُ عليها بيروقراطيا بلا تنظيم رشيد، ولهذا لا يصح إطلاق تسمية القطاعات العامة عليها فهي في لحظات ملتبسة.
كما أن البيروقراطيات في الرأسماليات الحكومية تعرقل الرأسماليات الخاصة وتطورها الوطني العقلاني، فهي تفسدها أو تقضي عليها إذا كانت لا تلتزمُ بالأوامر العليا منها. ولهذا فإن الخريطةَ الاقتصادية السياسية المُلاحظة بعد هذه التجارب الطويلة المريرة هي انهيارُ الليبرالية والديمقراطية واليسار كأشكالِ وعي عقلانية حرة، وصعودُ الأشكالِ اللاعقلانية السياسية وحدوث الاضطرابات حيث ان السيطرات البيروقراطية لم تقمْ بتصعيدِ القوى المنتجة الوطنية المختلفة، وهي القواعدُ الصلبةُ لبقاء الريف متماسكا، ولعدم انهيار الزراعة والحِرف الشعبية، ولتطور المدن ذات الطبقات المنتجة، بل ان المنتجين تتدهور أوضاعهم، وتنتشر الفئاتُ غير المنتجة وتكثر أشكال العمل والمال الطفيلية وقد غدت هذه حتى سمات عالمية لكون بعض تكوينات الشرق الشمولي الطفيلي تؤثر في مراكز الانتاج الغربية وتتشابك معها، وقد زالَ في الدول العربية التخطيطُ الاجتماعي الاقتصادي والعلومُ الاجتماعية والفلسفات التنويرية العقلانية وحلت المصادفات السياسية في إدارة المجتمعات والعفويات المضطربة وانتشر الوعي القَدري وعادت المجتمعات للوراء عقليا مثلما هي تضطرب اجتماعيا.
ولهذا فإن المأمول من الديمقراطيات الصاعدة التركيز في إصلاح البيروقراطيات حيث أصبح كل موظف من عامل المطار حتى المسئولين الكبار في الوزارات يريدون(البخشيش)، عبرَ تحول البرلمانات إلى إدارات سياسية مُراقِبة دقيقة، يظهرُ فيها علماءُ اقتصاد سياسي وعلماءُ اجتماعٍ وقادةُ نظريات المعرفة ذوو دراية بالرياضيات والحسابات، وهم كذلك مناضلون سياسيون، يفككون علاقات التبعية بين البيروقراطيات والثروات الوطنية، ويستطيعون الربط بين تشوهات الخطط الحكومية والأزمات السياسية، بين تسرب خيوط الثروات والأبنية الاقتصادية غير المؤدية الى النهضة.
عمليات تحول الرأسماليات الحكومية لقطاعات عامة هي عمليات الديمقراطية السياسية.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتهى زمنُ العمالِ الآليين
- كيف تلاشتْ النصوصُ الحكيمة؟
- صراعٌ طائفيٌّ متخلفٌ
- الإخوانُ والرأسمالية الحرة
- الطائفية وتدهور الثقافة
- صراعٌ طائفي إقليمي
- التطورُ الاقتصادي السياسي في الخليج
- الأجهزة والتجارة
- العسكرُ والقومية
- ولايةُ الفقيهِ والقاعدة (٢-٢)
- ولاية الفقيهِ والقاعدة (١-٢)
- القيمة في التوحيد
- بنتُ الشاطئ وأبوالعلاء المعري
- تحرك عربي ماركسي ديني (٢-٢)
- تحركٌ عربيٌّ ماركسيٌّ دينيٌّ ´- 1
- ثورة وثورة مضادة
- حقوقُ الإنسانِ والعقلُ السياسي التحديثي
- عنفُ ما قبل الحداثة
- جانبا التشكيلة يمرضان
- الثالوثُ العسكري وفجائعُ الحروب


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - البيروقراطية والديمقراطية