|
أزمة قرارات الرئيس مرسى ودور المستشارين
أحمد سوكارنو عبد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 3879 - 2012 / 10 / 13 - 23:22
المحور:
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
من المؤكد أن الرئيس مرسى ينتمى إلى الطبقة الكادحة حيث كافح وناضل وتحمل سنوات الغربة فى الولايات المتحدة الأمريكية وتحديدا فى كاليفورنيا لكى يحصل على درجة الدكتوراه فى الهندسة فى عام 1982م. وهنا أقول يا ليته حصل عليها فى القانون. فالرئيس مرسى منذ تولى مهام منصبه اتخذ بعض القرارات المتسرعة التى سرعان ما تراجع عنها فور أن أدرك أنها مخالفة للقانون والدستور, وهذا التراجع أنقذ البلاد من الدخول فى نفق مظلم من الاضطرابات ولعل الرئيس بتراجعه فى الوقت المناسب قد اثبت أنه حريص على سلامة البلاد واستقرار الأوضاع. ولا نضيف جديدا إذا قلنا إن البلد ليس فى حاجة إلى اضطرابات إضافية لأنه حبلى بالانقسامات وأعمال العنف وتوقف عجلة الاقتصاد والاعتصامات الفئوية. ومن الملاحظ أن الرئيس مرسى أثبت لنا أنه مختلف عن الرئيس مبارك العنيد الذى كان يرفض التراجع عن القرارات حتى لو كانت خاطئة وكان ذلك جليا فى أيام الثورة حيث كان مبارك يتخذ القرار بعد فوات الأوان. أما الرئيس مرسى فإنه لا يعرف العناد ويتراجع إذا شعر أن القرار تشوبه شائبة.
لا أدرى من أين يستقى الرئيس مرسى معلوماته القانونية. من المؤكد أن القانونيين من حوله يمهدون له الطريق ويدفعونه لاتخاذ بعض القرارات المخالفة للدستور أو القانون وهؤلاء ربما يفعلون ذلك عن جهل أو قصد على اعتبار أن الرئيس يستطيع أن يتخذ ما يراه من قرارات تماما كما كان يفعل مبارك فى عصر الاستبداد والقمع. ولعل هؤلاء المستشارين نسوا أو تناسوا أن الرئيس أقسم فى ثلاث مناطق مختلفة (الميدان والجامعة ومقر المحكمة الدستورية) على احترام القانون والدستور. من المعروف أن الرئيس قام بدعوة مجلس الشعب المنحل للانعقاد بعد مرور أسبوع على حلف اليمين (8 يوليو 2012م) أمام المحكمة الدستورية منتهكا بذلك حكم المحكمة الدستورية التى انتهت إلى عدم دستورية مجلس الشعب غير أن المحكمة الدستورية قررت وقف تنفيذ قرار الرئيس بعودة المجلس للانعقاد. وبالفعل سارع الرئيس بسحب قراره. ولم يكد يمر ثلاثة شهور على هذا القرار حتى اصدر الرئيس قرارا بإقالة النائب العام وتعيينه سفيرا لمصر فى الفاتيكان. الغريب أن يأتى القرار بعد صدور حكم محكمة الجنايات التى قضت ببراءة المتهمين جميعا فى قتل شهداء موقعة الجمل. عندئذ ثار القضاة خاصة بعد أن أكد لهم النائب العام أنه لم يتقدم باستقالته بل أنه تعرض للتهديد على اعتبار أن المتظاهرين قد يتعاملون معه يعنف ويمنعونه من دخول مكتبه تماما كما حدث مع الدكتور عبد الرازق السنهورى رئيس مجلس الدولة الأسبق الذى أعتدى عليه المتظاهرون وأخرجوه من مكتبه بالقوة فى عام 1954م. وحسنا فعل الرئيس حين تراجع عن قراره فى اليوم التالى ووافق على بقاء النائب العام فى منصبه.
بالطبع فإن التراجع عن القرارات الرئاسية من شأنه أن يضعف هيبة الرئيس ويجعل صورته ومكانته تهتز فى نظر الشعب الذى قام باختياره. كما إن التسرع فى اتخاذ القرار قد يؤدى إلى المزيد من الاحتقان. لا شك أن المستشارين القريبين من الرئيس مسئولون عن هذا الارتباك مما يستدعى سرعة تغيير هؤلاء المستشارين والاستعانة بغيرهم. كما يتطلب الأمر أن يتخذ الرئيس قرارات أخرى تتعلق بإسكات الأصوات التى تتحدث نيابة عنه وخاصة أصوات مسئولى حزب الحرية والعدالة الذين يتسابقون فى إصدار التصريحات الفضائية. وقد لمسنا ذلك خلال الأزمة الأخيرة التى تتعلق بإقالة النائب العام حيث دعا الدكتور عصام العريان شباب الجماعة إلى التوجه إلى دار القضاء ومنع النائب العام من الدخول إلى مكتبه. ما يدعو إلى الدهشة أن المستشار محمود مكى نائب رئيس الجمهورية لم يشر إلى مسئولية المستشارين القريبين من الرئيس بل ذهب إلى أن الإعلام هو المسئول عن الأزمة. ودعنا نقول للمستشار إن الإعلام لم يخترع موضوع تعيين النائب العام سفيرا هنا أو هناك وإن الإعلام لا شأن له بإقالة أو استقالة النائب العام. ربما لو استمع النائب للحوار الذى دار بين مذيع قناة مصر 25 والمستشار القانونى لرئيس الجمهورية حيث وجه المذيع سؤالا للمستشار القانونى حول إقالة أو استقالة النائب العام لتأتى إجابة المستشار واضحة حيث أكد أن ما حدث ليست إقالة بل تم تكليفه بمهمة أخرى فقط وأنه سيتم تعيين نائب عام جديد لأن دوام الحال من المحال. وكما هو معروف فإن تكليف شخص ما بمهمة أخرى معناه ترك الشخص للمهمة التى يتولاها حاليا أى الإقالة ولم يشر المستشار أن هذه هى رغبة النائب العام وأنه قدم استقالة من منصبه.
والأسئلة التى تدور فى ذهن الكثيرين هى كيف يتم التحدث مع النائب العام فى هذا الأمر الخطير عبر الهاتف؟ ولماذا لم يتم إعداد لقاء بين الرئيس أو نائبه والنائب العام على أن يقدم أثناء ذلك عرض الوظيفة الجديدة حيث يمكن أن يتأكد الرئيس خلالها أن النائب بالفعل على استعداد للتخلى عن منصبه وقبول منصب آخر.
#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما الذى يحدث فى أرض الكنانة؟
-
مأزق الثورة المصرية
-
الشعب المصرى وانتخابات الثورة
-
قطار بلا سائق
-
بلد -عك فى عك-
-
من عجائب الدنيا: مرتبات أساتذة الجامعات المصرية
-
المناظرة التاريخية فى انتخابات الرئاسة المصرية
-
الحوار مع الشيطان
-
صراع المجالس فى مصر
-
ما الذى يحافظ على الكيان النوبى؟
-
مصير السودانين بعد الانفصال
-
الأقباط وقوة التحمل عبر التاريخ
-
المصريون بين الفسيخ والتفسخ
-
أنصاف الثورات مقابر للشعوب
-
كابوس الانتخابات
-
شائعات وزحام حول مقعد الرئيس فى مصر
-
حالة الفوضى تسود مصر
-
ملامح نجاح الثورات العربية: الثورة المصرية نموذجا
-
من ذكريات ثورة 25 يناير
-
كابوس النفاق والتملق
المزيد.....
-
المدافن الجماعية في سوريا ودور -حفار القبور-.. آخر التطورات
...
-
أكبر خطر يهدد سوريا بعد سقوط نظام الأسد ووصول الفصائل للحكم.
...
-
كوريا الجنوبية.. الرئيس يون يرفض حضور التحقيق في قضية -الأحك
...
-
الدفاع المدني بغزة: مقتل شخص وإصابة 5 بقصف إسرائيلي على منطق
...
-
فلسطينيون يقاضون بلينكن والخارجية الأمريكية لدعمهم الجيش الإ
...
-
نصائح طبية لعلاج فطريات الأظافر بطرق منزلية بسيطة
-
عاش قبل عصر الديناصورات.. العثور على حفرية لأقدم كائن ثديي ع
...
-
كيف تميز بين الأسباب المختلفة لالتهاب الحلق؟
-
آبل تطور حواسب وهواتف قابلة للطي
-
العلماء الروس يطورون نظاما لمراقبة النفايات الفضائية الدقيقة
...
المزيد.....
-
مَوْقِع الحِوَار المُتَمَدِّن مُهَدَّد 2/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة
/ سالم سليمان
-
تحليل عددى عن الحوار المتمدن في عامه الثاني
/ عصام البغدادي
المزيد.....
|