أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - هاشم نعمة - دور الغرب في بناء الماكنة الحربية للنظام العراقي















المزيد.....



دور الغرب في بناء الماكنة الحربية للنظام العراقي


هاشم نعمة

الحوار المتمدن-العدد: 291 - 2002 / 10 / 29 - 02:58
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


 

في الوقت الذي تتعالى الأصوات في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا لمهاجمة العراق وتغيير النظام فيه بحجة امتلاك وتطوير أسلحة الدمار الشامل . فمن حق المرء أن يتساءل كيف استطاع هذا النظام أن يبني ماكنته الحربية في غفلة من الغرب ؟ فلو عدنا إلى الوراء وخلال الحرب العراقية -الإيرانية 1980-1988 كانت السياسة الرسمية المعلنة للغرب تجاه هذه الحرب البقاء على الحياد وعدم تزويد كلا الطرفين بالأسلحة .لكن هذه السياسة كانت منافقة لان الواقع كان غير ذلك تماما . فقد كانت الدول الغربية تزود الطرفين بالأسلحة لكي تتواصل الحرب أو تنتهي بدون نصر واضح لأي طرف وهذا الأخير ما كان يؤكده الرئيس الأمريكي ريغن في تصريحاته .ثم أن السياسة الغربية أخذت تميل أكثر لدعم النظام العراقي .
لقد سعت الولايات المتحدة لتحسين علاقاتها مع النظام العراقي في الواقع بعد سقوط شاه إيران في 1979 وأرادته أن يكون شرطيا للمنطقة .وكان برجينسكي مستشار الأمن القومي في عهد كارتر قد قال ( نحن لا نرى وجود تعارض في المصالح بين الولايات المتحدة والعراق . ونحن نشعر بأن العلاقات الأمريكية- العراقية يجب ألا تكون في حالة خصومة ) . وقد قررت إدارة ريغن رفع أسم العراق من قائمة الدول الراعية للإرهاب في عام 1983 بعد أن كان قد ضم إلى هذه القائمة في عام 1978 . وقد تزامن هذا مع تواصل تسليح العراق بشكل سري من قبل الدول الغربية . وهذا دليل يؤكد زيف ما تدعيه الإدارات الأمريكية المتعاقبة بدفاعها عن مبادئ الديمقراطية والحرية والسلام في العالم .
ويرى أحد الكتاب الأمريكيين أن المسؤولين الأمريكيين والبريطانيين كانوا يرون أنه ما دام توازن القوى في الخليج لم يتغير فمن صالح الغرب أن تستمر المجزرة حيث في النتيجة لا يستطيع أي من البلدين المتحاربين السيطرة على احتياطات النفط الضخمة في المنطقة في الوقت نفسه فأن أنظمة الخليج المتحالفة مع الغرب والمعادية للشيوعية سوف تكون بمنأى من تهديد إيران المتشددة أو العراق المسلح .
وبين 1982-1990 زودت 68 شركة ألمانية العراق بمعدات عسكرية وقامت ببناء بنى تحتية لبرنامج التصنيع العسكري . وكانت إحدى الشركات الألمانية العاملة في هذا المجال وتحمل أسم تجارة هندسة المياه Water Engineering Trading قد باعت للنظام العراقي 58 طنا من المواد الكيماوية الضرورية لإنتاج التابون .وصدرت في 1986 المكائن والمعدات التي استخدمت لإنتاج الغازات السامة .وزودت بالمعدات برنامج إنتاج الأسلحة الكيماوية في مركزي سلمان باك وسامراء . وهذه الشركة لم تكن الوحيدة في هذا المجال . فقد بنت في الحقيقة شركة Pilot Plant الألمانية مركز سامراء لإنتاج الأسلحة الكيماوية وزودته بخمس تسهيلات أخرى لإنتاج هذه الأسلحة .
وبعد وقف إطلاق النار في الحرب العراقية -الإيرانية في 1988 ورغم أن التقارير كانت تشير إلى استخدام النظام العراقي للغازات السامة ضد المدنيين الأكراد استمرت الدول الغربية في سياستها في تزويد العراق سرا بمعدات حساسة حققت تقدما هاما باتجاه تطوير أسلحة الدمار الشامل . وللتمويه على تسليح العراق لم تكن كل صفقات التسلح تتم مباشرة مع العراق وإنما بواسطة دول صديقة للغرب مثل الاردن ومصر والسعودية . وكان قسما من هذه الصفقات يمول بقروض تصدير غير مدفوعة من قبل العراق تقدمها بالأخص الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا.
وبعد أن تبين للرأي العام في الدول الغربية أن التحالف الغربي في حرب الخليج الثانية كان يحارب ضد التكنولوجيا والمعدات العسكرية التي صدرها إلى العراق . حاولت بعض الحكومات الغربية إخفاء دورها الحقيقي متظاهرة عن استعدادها لمحاسبة رجال الأعمال الذين وردوا الأسلحة إلى العراق والذين كانوا واسطة لتحقيق اجندتها السياسية . وفي بريطانيا أدت فضيحة تسليح العراق إلى تشكيل لجنة تحقيق سكوت Scott للتحقيق في السياسة الحقيقية للحكومة البريطانية فيما يخص تسليح العراق والمعلومات غير الصحيحة التي زودت بها مجلس العموم والرأي العام البريطاني . وقد نشر تقرير سكوت في 15-2- 1996 بعد أن أستغرق إعداده ثلاث سنوات وتكون من 2000 صفحة . وكانت الحكومة البريطانية مضطرة لعمل مثل هذا التقرير الضخم لتضليل مجلس العموم .لكن التقرير كان حاسما في أن الحكومة أخفت معلومات عن المجلس فيما يخص تسليح العراق .
ويبين مارك فايثين Phythian Mark مؤلف كتاب ( تسليح العراق … كيف بنت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا سرا ماكنة صدام حسين العسكرية ) الصادر في الولايات المتحدة أن كثرة الوثائق والأدلة للجنة سكوت بينت كيف أن السياسة الخارجية البريطانية كانت قد تعمدت إبقاء أمر تسليح العراق سرا عن مجلس العموم ونفذت عملية تزويد العراق بالمعدات العسكرية بواسطة شركات القطاع الخاص . وإن تشابك مصالح القطاع الخاص مع الحكومة تعيق تحديد المسؤولية أو الحساب وبالتالي تدمر العملية الديمقراطية .
وقد نشرت كتابات في الغرب تشير إلى أن الأخطاء التي ارتكبت في السياسة الخارجية تجاه تزويد العراق بالأسلحة تثير جدلا فيما إذا كانت مبيعات الأسلحة عملا شرعيا أو أخلاقيا في المجتمعات الديمقراطية . وتم تسليط الضوء على التكاليف البشرية الضخمة للصناعات الحربية تكاليف في الصحة من خلال مصطلح " التدمير المصاحب " وليس معروفا مدى تعرض الجنود للأسلحة الكيماوية في حرب الخليج الثانية بسبب أن الحكومات الغربية ما زالت ترفض أن تقوم بعمل جدي أو حتى الاعتراف بمشاكل ضحايا هذه الحرب . والخلاصة التي لا مفر منها توضح هذه الكتابات أن ما هو مفيد للصناعات الحربية ليس بالضرورة أن يكون مفيدا للغرب أو لأي طرف آخر .
 
 

خلال ثمانينات القرن العشرين كانت السياسة الخارجية الرسمية لكل من الولايات المتحدة وبريطانيا تجاه العراق تتناقض تماما مع أفعالهما . فهذان البلدان كانا يعرفان كل شئ عن تسلح العراق بسبب انهما شجعا هذا التسلح وساهما به . وهناك أوساط في الغرب تعتقد أن السياسة الخارجية لهذين البلدين والسياسة الغربية عموما تجاه العراق في هذا العقد كانت أكثر تخبطا وارتكبت أكثر الأخطاء فداحة منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية 1945 وحرب فيتنام . فقد دعمت النظام العراقي المستبد وساعدته على البقاء في السلطة وسهلت عليه إبادته الجماعية للشعب العراقي ودعمت حربه ضد إيران .

    لقد شمل تسليح العراق أنواعا مختلفة من الأسلحة إضافة إلى تزويده بأجهزة الصناعة المزدوجة الاستخدام التي تصنع أسلحة الدمار الشامل . ومن الواضح أن تسليح العراق كانت تقف من وراءه أهداف سياسة حيث رفع في بريطانيا شعار "بوابة العراق " أو " المدخل إلى العراق " ويجب أن يكون المرء أكثر دقة للتمعن في هذا المصطلح الذي دخل لأول مرة في مفردات السياسة البريطانية . وكان هذا المصطلح يستخدم على نطاق واسع في الولايات المتحدة عندما وصلت حملة الانتخابات الرئاسية لعام 1992 إلى ذروتها . فقد قال المرشح المستقل روس بيروت Ross Perot ( إذا كنت لا ترغب بشخص غريب الأطوار كصدام حسين فعليك أن لا تنفق من الوقت عشر سنوات ومليارات الدولارات من دافعي الضرائب الأمريكيين من اجل صنعه … فهناك سجل طويل وواضح يبين أن الرئيس بوش صنع صدام حسين بنا هو عليه ) . وصرح المرشح الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس  الكور Al Gore  إن سياسة إدارة بوش تجاه العراق ( قد أشعلت الحرب وصبت الزيت على النار ) . هذه التصريحات رغم أنها لا تعبر عن صدق النوايا وتأتي في إطار الحملات الانتخابية فأنها تعكس مدى التضحية بمصالح الشعوب . فهؤلاء لو أتوا إلى السلطة لما اختلفت سياساتهم عما انتقدوه علنا لان ثوابت السياسة الخارجية الأمريكية لا يرسمها الرؤساء بل تشابك مصالح الاحتكارات المالية والاقتصادية وصناعة الأسلحة . حيث لا يستطيع الرأي العام التأثير على هذه الثوابت .

     إن حسابات صدام حسين بإعلانه الحرب على إيران هو اعتقاده بإمكانية تسجيل نصر سريع وحاسم ومن ثم فأن الحرب سوف لا تستمر طويلا . وقد وصل إلى هذا الاستنتاج بعد أن مررت له الولايات المتحدة معلومات عبر الاردن والسعودية تشير إلى هبوط كبير في الإمكانيات العسكرية  لإيران . إضافة لذلك فقد حصل النظام العراقي على معلومات مخابراتية منتظمة من اللاجئين الإيرانيين المعارضين للإمام الخميني والذين مررت لهم الولايات المتحدة هذه المعلومات . كل هذه المصادر أوحت للنظام العراقي أن الجيش الإيراني كان في حالة فوضى . وأعتقد أن حربه الخاطفة إذا ما نجحت فسوف تكون الريادة في العالم العربي للعراق .

     في عام 1981 حددت إدارة ريغن سياستها تجاه العراق وكانت المجموعة الأقوى في هذه الإدارة قد ساندت تقوية صدام حسين ويمثلها : البنتاغون ، كاسبر واينبرغر ، جورج بوش ، جيمس بيكر ، وريتشارد مورفي . وفي عام 1982 انحازت الإدارة الأمريكية بشكل متزايد إلى جانب النظام العراقي . وفسر هذا الاتجاه بأنه يمثل خطوة أولى لإبعاد العراق من الاعتماد على الأسلحة السوفيتية وإدخاله في الفلك الغربي بحيث يستطيع أن يلعب دورا مشابها للدور الذي لعبه شاه إيران . بكلمات أخرى رأى الساسة الأمريكيون أنه يجب مساعدة العراق ليحل محل إيران كداعم للمصالح الأمريكية في الخليج .

    وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 1983 رفعت الإدارة الأمريكية أسم العراق من قائمة الدول الراعية للإرهاب بينما في كانون الثاني (يناير) 1984 أضافت إيران إلى هذه القائمة . وبدأت الولايات المتحدة الأمريكية تزويد العراق بالأسلحة والتكنولوجيا المتطورة بواسطة الاردن . كذلك بدأت تزويده بمعلومات مخابراتية . ففي ربيع 1982 حذرت وكالة المخابرات المركزية النظام العراقي بأن العراق على حافة اجتياح إيراني . وهذا لا يعني أبدا مثلما ذكرنا سابقا أن الولايات المتحدة ترغب بنصر عسكري عراقي وإنما هدفها إدامة حرب دموية طويلة الأمد وبدون نصر واضح لأي طرف . وهذا ما عبر عنه في عام 1983  أحد موظفي وزارة الخارجية الأمريكية إذ قال : ( ما دامت المجزرة العراقية -الإيرانية لا تؤثر على حلفاءنا أو تغير توازن القوى فنحن لا نعطي هذا الأمر اهتماما ) .

    وفي عام 1983 بدأت إدارة الرئيس ريغن سريا السماح للاردن والسعودية والكويت ومصر بنقل وتحويل الأسلحة إلى العراق وشملت طائرات هيليكوبتر ومدافع وقنابل وغيرها . وذلك بناء على مذكرة أرسلها قسم المصالح الأمريكية في بغداد في تشرين الأول ( أكتوبر ) من نفس العام تدعو للسماح لطرف ثالث بتزويد العراق بالأسلحة الأمريكية .  وفي كانون الثاني (يناير) 1984 كتب ريتشارد مورفي مساعد وزير الخارجية الأمريكية مذكرة يقترح فيها مزيدا من تشديد السيطرة على مبيعات الأسلحة إلى إيران وتخفيف ذلك عن العراق والسماح بتزويده بتجهيزات تكنولوجية ذات الاستخدام المزدوج أي التي تصنع  أسلحة الدمار الشامل . وقد ذكر رئيس وزراء إيطاليا السابق اندريوتي بأن ريغن طلب من إيطاليا المساعدة لإيصال الأسلحة إلى العراق .

    ومن جانبه تجاوب النظام العراقي مع المخططات الأمريكية في المنطقة فقد أعاد العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة في عام 1984 والتي قطعت في عام 1967 في أعقاب الحرب العربية - الإسرائيلية . وسعى  لطمئنة  الغرب بأنه  يحافظ على الاستقرار في المنطقة أي يحمي المصالح الغربية فيها . وفي نفس السنة صرح صدام حسين في مقابلة مع أعضاء من الكونغرس الأمريكي بحق إسرائيل في الوجود ضمن حدود آمنة ومحترف بها وعلى ما اعتقد هذا أول اعتراف رسمي بإسرائيل يصدر من مسؤول عراقي منذ قيام هذه الدولة .في حين زايد هذا النظام منذ مجيئه إلى السلطة في 1968 وما يزال بالقضية الفلسطينية برفع شعارات تدعو لتحرير كامل التراب الفلسطيني من النهر إلى البحر .

    وفي 1986 بحثت الإدارة الأمريكية مرة ثانية تزويد العراق بالأسلحة عبر قنوات مختلفة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في المنطقة . وحاولت إقناع إيران بصورة غير مباشرة بحاجتها الإضافية للأسلحة الأمريكية عن طريق حث النظام العراقي على مضاعفة هجماته الجوية ضد إيران . وبعد ذلك أوعزت للسعودية بتزويد العراق بالأسلحة الأمريكية وبالأخص القنابل . وفي كل الأحوال عملت الولايات المتحدة على ضبط التوازن في الحرب بواسطة تعميق البرنامج المشترك للمعلومات المخابراتية مع النظام العراقي .   

               

 

     هناك مناسبة يجب التوقف عندها لتوضيح مدى دعم الغرب لتسلح العراق .ففي 28 نيسان (أبريل) 1989 عيد ميلاد صدام حسين افتتح في بغداد المعرض العالمي للإنتاج العسكري. وقد شاركت فيه 148 شركة منتجة للأسلحة من 28 بلدا حيث عرضت فيه احدث ما توصلت له من إنتاج  . فابلاضافة إلى الشركات الأمريكية والبريطانية الرائدة في هذا المجال كانت هناك عروضا كبيرة من شركات من فرنسا التي تنافس بريطانيا على أسواق الشرق الأوسط ومن مصر، إيطاليا، الاتحاد السوفيتي السابق وغيرها من الدول . وقد عرض التصنيع العسكري العراقي عددا من المعدات العسكرية المصنعة محليا التي كانت تشير بوضوح إلى توجه النظام العراقي البعيد المدى لتطوير أسلحته . وكان هذا المعرض مناسبة لعرض التقدم الذي حققته الصناعة العسكرية  العراقية في السنوات الأخيرة الذي انتهى بتطوير وبناء الصواريخ البالستية .

    في 1990 كشف تقرير للمخابرات المركزية الأمريكية بأن الولايات المتحدة منحت للعراق 4.7 مليار دولار بين 1983-1990 كمساعدات لضمان قروض لبرنامج" تعاون القروض السلعي" CCC . ومن هذا المبلغ 2.6 مليار دولار منحت في الأشهر الثلاثين من إدارة الرئيس بوش . إن ضمانات القروض هذه حولت العراق إلى أكبر سوق في الشرق الأوسط للمنتجات الزراعية الأمريكية المستوردة .وهذه القروض مكنت النظام العراقي من تحويل ما يحتاج إليه لتطوير صناعته العسكرية .

    وقد مول مشروع المدفع العملاق الذي أراد النظام بنائه من  قروض هذا البرنامج . وفكرة هذا المشروع قد بدأت على يد العالم جيرالد بول Gerald Bull  المولود في كندا في ستينات القرن العشرين كمشروع بحث وتقوم على إمكانية صناعة مدفع عملاق يستطيع إطلاق النار على الأقمار الصناعية وهي في مداراتها في الجو. لكن في نهاية الستينات اضطر هذا العالم إلى إرجاء العمل في المشروع بسبب توقف التمويل . وبعد عشرين سنة وفي بداية 1988 عبر النظام العراقي عن اهتمامه بهذا المشروع والسماح للعالم بول لاستئناف عمله في بناء مدفع عملاق قابل لإطلاق النار على الأقمار الصناعية من داخل العراق .بل أراد النظام تطوير المشروع أكثر من ذلك وطالب بإجراء تعديل على تصميم المدفع ليكون أكثر ضخامة وذاتي الدفع وأطلق عليه أسم "مجنون" (نسبة إلى جزر مجنون التي دارت فيها معارك طاحنة بين القوات العراقية والإيرانية أثناء الحرب ). علما أن هذا المشروع قد دعمته كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل . ولا ندري هل العراق فعلا بحاجة لمثل هذا السلاح ؟ وعلى أي أقمار يطلق النار ؟ ولماذا لم تصنعه الدول العظمى التي تمتلك التكنولوجيا والموارد المالية ؟

     و يلاحظ أن برنامج التصنيع العسكري الذي انتهجه النظام العراقي والذي كان مشروع المدفع العملاق يشكل الجزء الأساسي فيه كان قريبا جدا من نموذج جنوب أفريقيا العنصرية في منتصف الستينات .وقد اتبعت عدة دول نموذج جنوب أفريقيا خلال السبعينات مثل إسرائيل، البرازيل تحت الحكم العسكري، الأرجنتين وشيلي بدرجة أقل . وكل هذه الدول  مصدرة للأسلحة .

    إن العلاقات الجيدة التي ربطت النظام العراقي بالولايات المتحدة في تلك الفترة وفي سبيل تحسينها أكثر من ذلك  دفعت إلى زيادة تصدير النفط العراقي بشكل ملحوظ إلى هذه الأخيرة . ففي عام 1990 استوردت  السوق الأمريكية 24% من مجموع صادرات النفط العراقي والذي يشكل 8% من مجموع استيراد الولايات المتحدة من النفط . وهذا الأمر لم تكن تمليه دوافع اقتصادية يستفيد منها العراق وإنما أملته دوافع سياسية . وهذا ما صرح به صدام حسين لدى استقباله لوفد من أعضاء الكونغرس الأمريكي زار العراق قبل غزو الكويت في 1990 إذ قال بأن زيادة صادرات النفط العراقي إلى الولايات المتحدة كانت قرارا سياسيا . ومن يدري ربما كان النفط يصدر بأسعار مخفضة .

     يقال في الغرب لم يكن متوقعا أن تكون نتيجة تسليح العراق القيام بغزو الكويت وكانوا يفترضون بأن الأسلحة المباعة هدفها إيران والأكراد . فقد قال جون ميجر رئيس وزراء بريطانيا السابق ( قبل غزو الكويت كان التقييم الذي انتهت له بريطانيا والدول الأخرى بأن العراق سوف يستخدم قوته العسكرية لتعزيز موقفه كقوة مهيمنة في المنطقة وبأنه سوف لا يشكل خطرا عدائيا على العالم ) . وهذا يعني بوضوح أريد للنظام أن يكون شرطيا للمنطقة وأن لا يشكل خطرا ليس على العالم وإنما على المصالح الغربية . وقد قام بغزو الكويت عندما استلم الضوء الأخضر بواسطة التلميحات والإشارات التي أرسلتها الإدارة الأمريكية ومن خلال المقابلة المشهورة التي جرت بين صدام حسين والسفيرة الأمريكية قبل الغزو .

    إن تسليح العراق بالأسلحة التقليدية وتكنولوجيا صناعة الأسلحة غير التقليدية سمحت للولايات المتحدة وبريطانيا ودول غربية أخرى أن تتوفر لها فرصة مؤاتية لمعرفة جهود العراق لتطوير إمكانات أسلحة الدمار الشامل . وهم يعرفون بشكل جيد الشوط الذي قطعه العراق في صناعة وتطوير هذه الأسلحة . فمثلا يقول مارك هيسون Mark Higson  ( لقد استلمنا تقارير تشير إلى استخدام الغازات السامة ضد الأكراد والسجناء السياسيين والمختطفين إلى غيره .وكان من غير المقبول إعلان الحقيقة بأننا كنا متساهلين مع العراق حيث من المحتمل أن يكون هناك رد فعل برلماني وشعبي )   

    على أية حال فالسياسة الغربية إزاء تسليح العراق ودعمه خلال الحرب مع إيران ودعم برنامج إعادة تسليح العراق الضخم بعد توقف الحرب أدت إلى غزو الكويت في 1990 واندلاع حرب الخليج الثانية في  1991 وما نتج عنها من فرض العقوبات الجائرة التي اكتوى بنارها الشعب العراقي وليس النظام . وهذا الأمر يمكن إثباته بسهولة من تصريحات المسؤولين الغربيين . فقد قال جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكي السابق في عهد جورج بوش ( بطريقة أو بأخرى كانت الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولة عن غزو صدام حسين للكويت . وهذا الأمر مثير للسخرية ) .

    ويرى الكاتب Steveyetn أن غزو الكويت كان حصيلة مباشرة للحرب العراقية-الإيرانية . إذ دعمت الولايات المتحدة العراق في تلك الحرب وجعلت صدام حسين أكثر ثقة بالنفس وهذه حفزته لغزو الكويت .وساهمت سياسة الولايات المتحدة  بهذه النتيجة من خلال دعم الإمكانيات العسكرية للعراق والتي أصبحت أكثر تطورا بشكل مهم بالمقارنة مع وضعها عندما دخل العراق الحرب .ثم أن الحرب أضعفت إيران. ويرى مرة ثانية بأن غزو الكويت كان بدرجة كبيرة نتيجة للاستراتيجية الأمريكية في المنطقة .

 

لقد شارك عدد كبير من الدول الغربية في تسليح العراق وتقوية نظامه . فقد باعت النمسا أيضا الأسلحة لكل من العراق وإيران . وقد تم ذلك بواسطة شركة مصنعة للأسلحة أسمها Voest Alpine  تعود ملكيتها للدولة . وباعت الشركة تصاميم مدفع إلى العراق في عام 1978 بقيمة 2 مليون دولار. وللالتفاف على القوانين النمساوية المحايدة التي تحرم بيع الأسلحة لدول في حالة حرب باعت الشركة تصاميم المدفع إلى الاردن . والنتيجة على الورق أصبح الاردن أكبر سوق للأسلحة النمساوية خلال الفترة 1981-1990 بمجموع مبيعات وصلت إلى 320 دولار من الأسلحة الرئيسية . لا يمكن تصور أن تقدم الاردن على مساعدة العراق ودعمه في حربه مع إيران دون موافقة وتأييد الغرب. فقد شجعت الولايات المتحدة الشركة المذكورة على بيع الأسلحة إلى الاردن  (أي إلى العراق). وعندما بدأت النمسا بيع الأسلحة إلى إيران تحركت الولايات المتحدة لمنع مثل هذه المبيعات. وطبقا للتقارير طلب صدام حسين في اجتماعه مع وزير الداخلية النمساوي في نيسان (أبريل) 1982 الإسراع بتسليم الأسلحة عبر الاردن. ومن ثم باتت هذه الأخيرة قوة عسكرية هائلة ولكن على الورق فقط إذ كانت معبر لكثير من الأسلحة المصدرة للعراق من الدول الغربية .
    كذلك باعت السويد الأسلحة إلى العراق وإيران وللالتفاف على قوانينها التي تحضر بيع الأسلحة لدول في حالة حرب كانت تتم المبيعات عبر دول أخرى مثل سنغافورة ، سويسرا ، النرويج ، بلجيكا وهولندا .
     وهناك قائمة طويلة بالدول التي صدرت الأسلحة إلى العراق وإيران وهي : بلجيكا ، البرازيل ، بلغاريا ، شيلي ، الصين ، جيكوسلوفاكيا ، ألمانيا الشرقية ، أثيوبيا ، فرنسا ، اليونان ، هنغاريا ، إيطاليا ، هولندا ، كوريا الشمالية ، باكستان ، بولندا ، البرتغال ، جنوب أفريقيا العنصرية ، الاتحاد السوفيتي السابق ، أسبانيا ، سويسرا ، المملكة المتحدة ، الولايات المتحدة ، ألمانيا الغربية ، يوغسلافيا وإسرائيل .
    إن نزعة عسكرة المجتمع العراقي لم تكن وليدة الحرب العراقية-الإيرانية 1980-1988 التي شنها النظام وإنما بدأت مع وصول حزب البعث للسلطة إثر انقلاب 1968 فقد جرى توسيع القوات المسلحة عددا وعدة ففي عام 1970 كان 3% من القوى العاملة مستخدما في القوات المسلحة في 1980 ارتفعت هذه النسبة إلى 13% وعند توقف القتال مع إيران في 1988 كان عدد القوات المسلحة مليون شخص أي بنسبة 21% من القوى العاملة . وقد لاقت نزعة عسكرة المجتمع في اعتقادنا تأييدا ضمنيا من الدول الغربية لأنها توفر لها سوقا مربحة لتصريف إنتاجها الحربي ولكي تسترجع بطريقة أخرى إيرادات النفط العراقي .فإذا قارنا استيراد العراق من الأسلحة طيلة عشرين سنة من 1951-1970 نجده لا يتعدى 787 مليون دولار في حين أرتفع هذا الرقم إلى 7.6 مليار دولار في الفترة 1971-1980 .وخلال الحرب مع إيران استورد العراق أسلحة ومعدات عسكرية بلغت قيمتها 102 مليار دولار وأستثمر النظام موارد ضخمة في تطوير الصناعة العسكرية وإنتاج أسلحة الدمار الشامل .
     في عام 1970 كان النظام ينفق على القطاع العسكري اقل من مليار دولار أي 19% من الناتج المحلي الإجمالي وهي من أعلى النسب في العالم .وفي عام 1975 أرتفع الإنفاق العسكري إلى ثلاثة مليارات دولار .وبحلول 1980 كان الإنفاق العسكري قد بلغ 20 مليار دولار . تم باتت النفقات العسكرية تمتص ما بين نصف وثلثي الناتج المحلي الإجمالي خلال الثمانينات .
     أما إذا حسبنا الإنفاق العسكري كجزء من إيرادات النفط سنجد أن الإنفاق العسكري قد بلغ مجموعه خلال 1980-1985 حوالي 120 مليار دولار أي 256% من إيرادات النفط التي لم تتجاوز 47 مليار دولار .لذلك لجأ النظام من أجل سد العجز إلى السحب من احتياطي العراق من العملة الصعبة والاقتراض من الخارج بالإضافة إلى مساعدات دول الخليج وجرى التخلي عن برامج التنمية وتقليص الاستيراد المدني والخدمات الاجتماعية . * وهكذا بلغ الأنفاق العسكري أرقاما فلكية لا سابق لها مما أدى إلى إعاقة التنمية الاقتصادية ومهد الأرضية لمغامرات عسكرية كارثية دفع الشعب العراقي جرائها ثمنا باهضا وأدت إلى ارتهان سيادة وموارد البلد لآجال لا تعرف حدودها .
    لقد تركت حرب الثمانية سنوات مع إيران العراق مثقل بالديون وطموح لم ينجز ومؤسسة عسكرية ضخمة فيها طاقات متململة والتي يمكن أن تتحرك ضد النظام بسبب الفشل والإحباط المتعاظم . فقد بدأ العراق الحرب مع إيران في عام 1980 باحتياطي 35 مليار دولار وأنهاها بديون تتراوح بين 80-100 مليار دولار. وقد أراد النظام اشغال الشعب عن المشاكل الاقتصادية  فاختار كارثة ثانية لتكون شماعة يعلق عليها كل مشاكل العراق .   
    وهكذا أتى التسلح العسكري على إيرادات النفط بل تجاوزها وهذه لم تأت صدفة فقد حددت الدول الغربية مسالة الوصول والسيطرة على نفط الشرق الأوسط منذ خمسينات القرن العشرين وفق شروط تنافس القوى الكبرى .لذلك استجابت هذه القوى لكل النزاعات العسكرية والحروب التي حدثت بعد الحرب العالمية الثانية في منطقة الشرق الأوسط مثل حرب السويس في 1956 ، حرب حزيران (يونيو ) 1967 ، الحرب العربية –الإسرائيلية 1973 ، الحرب العراقية –الإيرانية 1980-1988 و غزو الكويت في 1990 الذي أدى إلى اندلاع حرب الخليج الثانية في 1991 . وتقف سياسات النفط أيضا خلف التدخل الغربي المختلف في السياسات الداخلية لدول الشرق الأوسط التي تشمل دعم بنى السلطات الحاكمة من أجل بقاء النفط بأيدي صديقة . وقد ذكرنا في الجزء الثالث أن حوالي ربع صادرات العراق من النفط في الثمانينات كانت تذهب إلى الولايات المتحدة . وبعد تطبيق برنامج النفط مقابل الغذاء في 1996 كانت أول ناقلة نفط محملة بالنفط العراقي قد توجهت إلى الولايات المتحدة . وأن الجزء الأكبر من النفط العراقي يذهب إلى هذه الدولة بسعر يقل عن أسعار سلة أوبك بخمسة دولارات تقريبا رغم التوتر في العلاقات السياسية الذي أعقب غزو الكويت.
      إن أنظمة دول العالم الثالث المستبدة ومنها النظام العراقي تتحمل المسؤولية في انتشار التسلح والمضاربة والتلاعب بتجارة الأسلحة .و تشاركها المسؤولية الدول الغربية حيث تلعب الأخيرة دورا نشطا في تشجيع انتشار التسلح وهي تملك الوسائل الكفيلة للحد من هذه الانتشار . علما أن هذه المشكلة ليست خارج سيطرة الحكومات الغربية .لكن هذه الحكومات لا تبالي عندما تكون أسلحتها بيد أنظمة مستبدة وغير مسؤولة وتستخدمها ضد شعوبها . فعندما استخدم النظام العراقي الأسلحة الكيماوية ضد المواطنين الأكراد في حلبجة وأباد منهم خلال فترة قصيرة خمسة آلاف نسمة هذه الحادثة المروعة التي وصفت في حينها بأنها هيروشيما الشرق الأوسط لم توقف الدول الغربية لا تصدير أسلحتها ولا دعمها المالي للنظام بل زادت الاثنين معا واكتفت بالإدانة اللفظية . فقد قال وزير التجارة البريطاني آلان كلارك Alan Clark أمام مجلس العموم في 1988 (نحن أوضحنا  للحكومة العراقية إدانتنا لاستخدام الأسلحة الكيماوية وسوف نستمر في عمل ذلك . وفي نفس الوقت يجب أن لا نفقد البصيرة بأهمية تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية مع العراق وتوفير قروض التصدير له تعد مساهمة رئيسية في ذلك ) .أخيرا إذا كانت هذه الحكومات تواقة حقيقة لمنع حدوث مثل هذه الكوارث فعلى صانعي القرار أن يتعلموا جيدا من دروس التاريخ .

انتهى

* د .عباس النصراوي ، " مستقبل الاقتصاد العراقي " مجلة الثقافة الجديدة ، العدد 305 ، آذار-نيسان 2002 ، ص 55-56

 



#هاشم_نعمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن ...
- مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية ...
- انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
- أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ ...
- الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو ...
- -يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2 ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
- عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم ...
- فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ ...
- لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - هاشم نعمة - دور الغرب في بناء الماكنة الحربية للنظام العراقي