|
الدولة العثمانية الفاسدة بين الكاثوليك الارثذوكس
طلعت خيري
الحوار المتمدن-العدد: 3878 - 2012 / 10 / 12 - 17:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الدولة العثمانية الفاسدة بين الكاثوليك الارثذوكس
في مقالات سابقة قلنا ... أتت والدولة العثمانية الفاسدة المتآمرة على ألامه الإسلامية بالطائفة الارثذوكسية الشرقية الروم من أوربا بداية القرن الثامن عشر إلى مستعمراتها في سوريا وفلسطين وأورشليم .. وأتى الغزو الفرنسي بالطائفة الكاثوليكية الغربية إلى مصر بعد احتلالها في نهاية القرن التاسع عشر ..الشيء الملفت للنظر هو هنالك اندماج طائفي قومي بين الكنائس الشرقية والغربية حصل على ارض العرب بعد انقسامها في أوربا يوحي بان المنطقة مرة بمرحلة تقاسم طائفي قومي ساهم في توحيدهما .. لذا نجد كنائس شرقيه ارثذوكسية تحمل اسم كاثوليك غربي والعكس كذلك ..لما وصلت الإمبراطورية الرومانية إلى مستعمراتها القديمة في قسطنطينية (تركيا ) وفي إنطاكيا ( سوريا) و في أورشليم (فلسطين) وتحقق لها ما كانت تطمح إليه على يد الدولة العثمانية الساقطة .. أضافت الكنيسة الشرقية الارثذوكسية إلى اسمها كلمة قومية (قسطنطينية )( وإنطاكية) لتحقيق هدف قومي طويل الأمد يدعو إتباعها إلى تحقيقه على ارض تركيا وسوريا ...سؤال يطرح نفسه .. كيف وصلت المسيحية إلى العراق .. بما أن العراق احد مستعمرات الدولة العثمانية الفاسدة لذا قامت بنقل بعض إتباع الكنيسة الشرقية الارثذوكسية من سوريا إلى العراق .. طبعا لا يوجد أي امتداد تاريخي للإمبراطورية الرومانية على ارض العراق كي تسمي كنائسها بأسماء مستعمراتها على غرار ما حصل في تركيا وسوريا لأن العراق كان مستعمره فارسيه..ماذا تفعله الكنائس العراقية لتحقيق هدف قومي على أرضه تشدقت بالحضارات القديمة في أكد وأشور وبابل وكلدان ..
مصدر ..
لعل أحد أبرز التطورات على الصعيد الكنسي خلال العصر العثماني، الخصومة الطائفية بين الكاثوليكية والأرثوذكسية، فمنذ القرن السابع عشر حاولت الكنيسة الكاثوليكية التوصل لصيغ اتفاق مع الكنائس الأرثوذكسية بهدف "إعادة الوحدة المسيحية" وأسست بموافقة السلطنة أعدادًا من الأديرة التابعة للرهبنات الكبرى في بلاد الشام والإسكندرية على وجه الخصوص، وقد أدت هذه البعثات الكنسيّة لا إلى "إعادة الوحدة" بل إلى "خلق" طوائف جديدة عرفت باسم "الطوائف الكاثوليكية الشرقية"، فتأسست بطريركية للملكيين الكاثوليك وأخرى لاتينية في القدس وثالثة للأقباط الكاثوليك ومثلها للكلدان والسريان الكاثوليك والأرمن الكاثوليك. كان لبطريرك الملكيين في إسطنبول وهو يتبع الأرثوذكسية الشرقية حظوة كبيرة في البلاط السلطاني، ولذلك فقد أبى السلاطين في البداية تحت ضغط البطريركية الاعتراف بالطوائف الجديدة، بل إن في مناطق مثل دمشق وحمص وحلب وبيت لحم وبيت جالا تعدى الأرثوذكس على الكنائس المنشقة وسيطروا عليها بالقوة،[89] وفسح ذلك المجال أمام الدول الغربية سيّما فرنسا والنمسا للضغط على السلطان للاعتراف بالطوائف وتثبيت رؤسائها، سيّما كنيسة الملكيين الكاثوليك في أنطاكية لكونها أكبر الكنائس، لكن السلطان لم يصدر أي فرمان ينظم الأوضاع الجديدة، واستمرّ الحال على ما هو عليه بين أخذ ورد سنين طوال حتى عام 1763 خلال عهد مصطفى الثالث حين أصدر شيخ الإسلام فتوى تنصّ على أنّ انتقال المسيحي من مذهب إلى آخر لا يغير من وضعه كأحد أفراد "أهل الذمة الذين تربطهم بالمسلمين العهود والمواثيق" ما دام مسيحيًا،[90] ورغم نص الفتوى فإن السلطان لم يتخذ أي قرار أو فرمان تنفيذي لها واستمرّ الوضع على ما هو عليه حتى 1830 حين قام السلطان محمود الثاني بإصدار فرمان بتعيين "بطريرك مدني" يدير شؤون كاثوليك الدولة عدا الموارنة، وكان قبل هذا الفرمان على أتباع هذه الطوائف الغير معترف بها، العودة في أحوالهم الشخصية بما فيها دفن الموتى، إلى الأساقفة الأرثوذكس وما يرافق ذلك من مضايقات ورفض وابتزاز.[91] الاعتراف الرسمي جاء على خلفية سياسية، ففي 15 أبريل 1834 اعترف الباب العالي بالملة الإنطاكية الملكية الكاثوليكية وتبعها الاعتراف بسائر الملل الأقل عددًا، وتم اللقاء بين السلطان وبطريرك الروم الكاثوليك، الذي انتقل إلى دمشق بعد أن كان محتميًا لدى آل شهاب في لبنان، ويعيد عدد من المؤرخين سبب التثبيت بهدف خلق نوع من الارتياح الشعبي بعد دخول البلاد في طاعة محمد علي باشا.[92] ثم عاد في 7 يناير 1848 وأصدر فرمانًا آخر بمنح البطاركة الكاثوليك حق القضاء المدني لأبناء طوائفهم أسوة بالمعمول لدى الأرثوذكس والموارنة، وبالتالي أنهي دور "البطريرك المدني" الذي ابتدعه محمود الثاني.[93] ولعلّ أكثر المناطق التي احتدمت بها الخصومة هي في فلسطين، ويشهد واقع كنيسة القيامة المقسم إلى قسم أرثوذكسي شرقي برعاية البطريركية الملكية في القدس وقسم أرثوذكسي مشرقي يشرف عليه الأرمن وقسم كاثوليكي يشرف عليه الفرنسيسكان وبطريركية القدس اللاتينية دليلاً ساطعًا على ذلك، يضاف إلى ذلك، أن عائلتين مسلمتين تقومان بحفظ مفاتيح الكنيسة منذ أيام عمر بن الخطاب، ومن غير المعروف سبب ذلك سوى أنه في إطار "التعايش الإسلامي المسيحي"،[94] غير أنها وفرت قسطًا كبيرًا من الجدال حول أحقية الاحتفاظ بالمفاتيح بين مختلف الطوائف.[95] كاتدرائية مار إلياس المارونية في حلب وقد بنيت عام 1876. هناك قضية أخرى ترتبط بالمسيحيين خلال العهد العثماني وهي قضية الامتيازات الأجنبية للمسيحيين، علمًا أن تطبيقها اقتصر عمليًا على بلاد الشام ولم تشمل مصر والعراق؛ بدأت الامتيازات منذ أواخر عهد سليمان القانوني وبلغت ذورتها في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وكانت هذه الامتيازات تقدم حقوق التقاضي أمام المحاكم القنصلية الأوروبية وإمكانية استعمال البريد والبرق التابعة للقنصليات مجانًا، والتعلم في مدراس القنصليات أو الهيئات الواقعة تحت حمايتها مجانًا أيضًا أو السفر نحو أوروبا بهدف الهجرة أو الدراسة على نفقة القنصلية والإعفاء من الضرائب في النشاطات التي أعفت الدولة العثمانية مواطني الدولة الموكولة حماية الطائفة المعينة من الضرائب.[96] وكانت أولى الطوائف التي منحت الامتيازات هي الكنيسة المارونية في أبريل 1649، وتلاها حماية فرنسا والنمسا لسائر الطوائف الكاثوليكية والإمبراطورية الروسية للطوائف الأرثوذكسية الشرقية وإنكلترا للإنجليكان والأقليات البروتستانتية.[97] في القرن التاسع عشر حاول السلاطين العثمانيون تحديث دولتهم لتكون دولة مدنية تضاهي دول أوروبا، وأقروا في سبيل ذلك سلسلة من الفرمانات الهامة أبرزها فيما يتعلق بوضع المسيحيين "الخط الهمايوني" الذي نصّ لأول مرة على تجريم "التعييرات والألفاظ المميزة التي تتضمن تدني صنف عن آخر من صنوف التبعة العثمانية بسبب المذهب" معلنًا "المساواة بين المسلمين وغير المسلمين" وإلغاء الجزية والسماح للمسيحيين التطوع في الجيش وشملهم بالخدمة العكسرية الإلزامية، كما سمح بحرية بناء الكنائس في المناطق المسيحية أو ذات الغالبية المسيحية واحتفظ في المناطق المختلطة بموافقة سلطانية مسبقة.[98] وعندما صدر الدستور العثماني جرّم بدوره التمييز وأكد على معاملة المواطنين معاملة واحدة،[99] قبل ذلك كان يلزم المسيحيين في المدن الكبرى أن يسيروا على جانبي الطريق وليس في وسطه، وألا يسكنوا دورًا مرتفعًا وألا يرتدوا عمائم أو صوف أو جوخ وفق قرار صادر عام 1678، غير أن ذلك لم يعق المسيحيين كثيرًا لتركز غالبيتهم في الريف الخاضع بنسب أقل من المدن لسيطرة السلطة المركزية.[100]
#طلعت_خيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسيحيو العراق !!
-
دخيل جدك مولانا أمدي ..رد على مقالته الآيات الشيطانية
-
الأقباط بين التطرف الديني والدعوة القومية -3
-
رد على مقالة سامي لبيب.. لماذا إله واحد ؟!- نحن نخلق آلهتنا
-
الأقباط بين التطرف الديني والدعوة القومية -2
-
الأقباط بين التطرف الديني والدعوة القومية -1
-
الدعوة الدينية القومية القبطية لإقامة وطن قومي في مصر -5
-
الاشتراكية هي الحل!! رد على مقالة سيد القمني ..
-
الدعوة الدينية القومية القبطية لإقامة وطن قومي في مصر -4
-
جمشيد إبراهيم والبضاعة الصينية .. رد على مقالته الباطنية الم
...
-
الدعوة الدينية القومية القبطية لإقامة وطن قومي في مصر -3
-
الدعوة الدينية القومية القبطية لإقامة وطن قومي في مصر -2
-
الدعوة الدينية القومية القبطية لإقامة وطن قومي في مصر -1
-
الاسرائليون والأقباط في دعوه قوميه دينيه موحده
-
كتبت أناجيل الكتاب المقدس في روما
-
تاريخ الأقباط المزيف!! تاريخ لمن ليس له تاريخ -9
-
تاريخ الأقباط المزيف!! تاريخ لمن ليس له تاريخ -8
-
تاريخ الأقباط المزيف!! تاريخ لمن ليس له تاريخ -7
-
تاريخ الأقباط المزيف!! تاريخ لمن ليس له تاريخ -6
-
الرق والعبودية في الكتاب المقدس !! رد على مقالة سيد القمني
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|