أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حسين عجيب - العطالة السورية














المزيد.....

العطالة السورية


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1127 - 2005 / 3 / 4 - 10:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


العطالة السورية
(في الوعي والسياسة ومنظومة القيم)

"جودة أعلى وتكلفة أدنى" بتلك العبارة المكثّفة والواضحة, اختصر الأساتذة مواصفات العمل الهندسي الناجح,في تحقيق التوازن المناسب بين شرطين متناقضين دوما,كيف نحقق شرط الجودة ونحافظ بنفس الوقت على تكلفة منخفضة, يحتاج ذلك إلى دراسات شاملة للمشروع ووضع مخططات دقيقة, وبإنجاز هذه المرحلة بنجاح ننتقل إلى طور التنفيذ على أسس سليمة. ذلك الوضوح وتلك الدقة في حقول العلم, غير متوفّرين في الحياة العملية, لكن ذلك لا يغني عن الاستعانة بالمنجز العلمي في شتى المجالات,والاحتكام إلى المنطق العقلي عند تعارض وجهات النظر وتعددها. لا يغطّي المنطق سوى جزء يسير من ممارستنا الفردية والجمعية, ويبقى للعادة والتكرار والمؤثرات النفسية والعوامل المحيطة الدور الأكبر في توجيه حياتنا بكاملها. لكن عند الأزمات والمنعطفات والمتغيرات الجديدة تتضاعف الحاجة للمنطق والعقل لئلا نصل إلى جودة أدنى وتكلفة أعلى.

*
ليس لدي ما أضيفه في وصف الأزمة السورية الشاملة,حلم الشباب الجماعي في الهجرة,وفقدان مظاهر المبادرات الفردية الإبداعية على مختلف الصعد, تستدعي التفكير ومحاولات البحث عن حلول ممكنة قد تسهم في فهم ووعي الواقع المعاش وفي إضاءة مكامن الخلل التي جعلت بلادنا مكانا غير مرغوب لأهله أو غيرهم.
المؤسسات السورية المختلفة وعلى رأسها أجهزة الأمن, أبعدت الأغلبية عن الشأن العام وخرّبت الحياة السياسية,ومع خطورة وأهمية هذا الجانب, تبقى إمكانية إصلاحه ومعالجته سهلة وممكنة نسبيا, عند توفر الإرادة والتخطيط المناسبين. الخراب الأعمق والأشدّ خطورة ما تسبب به اتحاد الكتب العرب واتحاد الصحفيين ووزارة الإعلام, وحتى وزارة الثقافة. لقد تكفّلت مصانع الرأي والتعليم والإعلام بمشاركة الخطباء الأميين من مختلف الطوائف بتزييف الوعي وتخريب منظومة القيم بمجّانية يصعب تصديقها .

*

الوهم بأن المصلحة تحكم سلوك البشر وخياراتهم, خطأ شائع لأن ذلك يفترض درجة متقدمة في الوعي, ويفترض نمّو حسّ الواقع ونضج عقلاني كذلك. الرغبات وأجزائها اللاواعية والمكبوتة والمقموعة بشكل خاص, هي محددات أساسية للسلوك والأفكار, وحسب تعبير شاعرة سورية: الرغبة مصبغة حقيقية للذات. إحدى تعريفات الأيديولوجيا أنها تبرير الرغبة, والمشكلة السورية العامة اليوم , أننا دون مبدأ الواقع, الذي يفترض التخلّي عن الأوهام العزيزة والرغبات التي يتعذر تحقيقها, وقبول المعطيات الواقعية والتعامل العقلاني معها, وهذا فيما أراه ينطبق على نظام الحكم والمعارضات على السواء. رغبة السلطة في محو المعارضة وتذويبها في صفوف الموالاة, يقابلها رغبة المعارضة في تدمير السلطة والحلول مكانها, وكلا الخيار ين أو التوجهين, يغفل مبدأ الواقع, وحتى في حال تحققه, ستكون التكلفة قصوى في الخسارة البشرية والمادية.

*
سيادة الفكر الأصولي المطلق وشيوع ثقافة الموت, التي تشارك بإنتاجهما صنّاع القرار والرأي ومؤسسات التعليم والإعلام, تمثل العقبة الأساسية أمام حوار فعلي, وقبول بالمشاركة التي تفرضها المعطيات الواقعية, في حال التفكير بحلول ممكنة, تجنّب البلاد كوارث لا يمكن التكهّن بحجمها وحدودها.
إن موت راعي بين الرقة ودير الزور أو مقتل فلاح في جرود الجبال السورية, يخلّ في معادلة المشروع الناجح, بنفس الدرجة استمرار قانون الطوارئ وبقية القوانين الاستثنائية, يمنع الحلول المناسبة بغضّ النظر عن التبريرات.
لا يمكن لهامشي يمضي عمره بين الأوراق والخمور والتبغ, أن يقدّم حلولا لمشاكل السياسة والاقتصاد, لكن المنظور الذي يرى البلاد من خلاله يتيح له القول بوضوح وصراحة: أيها السادة عليكم الانتقال من مبدأ اللذة والرغبات الواهمة إلى مبدأ الواقع. سلطة مطلقة السيادة غير ممكنة في عالم اليوم, وأفكار ومشروعات ثورية رومانسية وطهرانية, لا تبني بلدانا ولا بيوت وهي تدمّر أصحابها كما تدمّر أعدائها الواقعيين أو المتوّهمين.
مشكلة سوريا اليوم في تدنّي مستوى المعيشة وفي حظر الكلام وفي الأحادية القاتلة في الفكر والرأي, التي لا تستطيع أن ترى الآخر سوى نسخة مكررة, أو عدوا يجب استئصاله.

*

في الأزمات يضعف الوعي, وتزداد صعوبة استخدام العقل والمنطق لمعالجة المستجدّات, وهو ما يشكل بدوره عقبة جديدة, وعلى قول صديقي المصري تلك هي الحياة وهذا هوالانسان, حياتنا صعبة وإنساننا مرهق,وربما هو السبب في غياب ثقافة التسامح واللا عنف والحضور الطاغي لرغبة التغيير و حتى التدمير إلى هذا الحدّ. والقول الأخير لأخي وقارئي الثوري:أليس تغيير النفس أسهل وأنسب من تغيير الآخر؟!

اللاذقية_حسين عجيب



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المأزق والقرار,وإمكانية الحلول المناسبة-أزمة سوريا اليوم
- الهوية القاتلة
- تأنيث سوريا
- هباء
- بلادنا الرهينة
- حديث ذو شجون
- محنة التحقيق
- مشكلة الرأي والاعتقاد
- مشارق الأرض ومغاربها
- سوريا تلك البلاد التي أحبببناها2
- تلك البلاد التي
- رائحة الموت
- فصل الحكمة
- كأس بثيينة
- بضاعة الأمل
- كرامة الوطن وتحقير المواطن
- 3 العدميون في بلادنا
- العدميون في بلادنا ظاهرة ياسين الحاج صالح
- الجسر
- كذبة بيضاء


المزيد.....




- آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد ...
- الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي ...
- فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
- آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
- حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن ...
- مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
- رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار ...
- وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع ...
- -أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حسين عجيب - العطالة السورية