|
الباكستانية ملالة يوسفزي:الطفولة تكافح الظلام
واصف شنون
الحوار المتمدن-العدد: 3877 - 2012 / 10 / 11 - 09:55
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ُعرفت الفتاة الباكستانية ملالة يوسفزي ومنذ عام 2008 وفي عمر 11 عاما فقط ،كناشطة من أجل الحريات المدنية في وادي سوات الباكستاني الذي يخضع لسيطرة حركة طالبان في الباكستان ،وبدأت تكتب يومياتها تحت ظل تلك الحركة الظلامية المرعبة الى وكالة BBC ويتم نشرها وهي تنتقد طالبان وتتحداهم بكلماتها وصوتها الطفولي المؤثر البرىء من أجل حرية التعليم والنساء من أجل السلام في الباكستان والعالم ،وقد أنتبهت لها شخصيا العام الماضي حين شاهدتها على قناة CNN الأميركية وهي تقول بانكليزية واضحة "لدي حقوق لاأتنازل عنها،حق التعليم والحياة والسلام في الباكستان والعالم" ،وقد منحتها دولتها الباكستان جائزة السلام لشجاعتها واصرارها ، ورغم سنوات من التهديد بالقتل والنسف والتفجير والخطف والحرق وتشويه الوجه بالحوامض الحارقة ، أصرت ملالة على البقاء في ذلك الوادي الأسود الذي يستعصي على حكومة وجيش الباكستان كسر شوكة مقاتلي طالبان وطردهم منه، وواظبت على الذهاب الى المدرسة من أجل ان تصبح طبيبة أو سياسية تخدم نساء بلدها وشجعت زميلاتها وباتت رمزا للصبايا والشباب وكل النساء في الباكستان. يوم أمس الأول ،وملالة في ربيعها الرابع عشر الأن، كانت تجلس مع زميلاتها في باص المدرسة ، وحين توقف الباص ،صعد رجل بالغ وسأل احدى زميلاتها من هي ملالة ؟ وحين قالت نعم أنا ...، أطلق النار ليصيبها باطلاقتين إخترقت إحداهما رقبتها النحيفة حيث سالت الدماء النقية ...،ملالة تتماثل للشفاء الأن بعد 24 ساعة من محاولة إغتيالها وما زالت في حالة خطيرة ،وقد أمضى الأطباء ثلاث ساعات لإستخراج الرصاصة الغادرة من رقبتها الرقيقة ،ثم أعلنت هذه الحركة الإسلامية مسؤوليتها عن (العمل الجهادي البطولي ) الذي تلخض بالهجوم على فتاة في عمر 14 سنة لأنها تصر على الذهاب الى المدرسة ،ولأنها تخرج وتتكلم أمام الجميع والإعلام الباكستاني والعالمي (ما عدا طبعا الإعلام العربي ..!!!)مطالبة بحقوقها البسيطة وهو حق الحصول على العلم وحق العيش بسلام وبحرية، طالبان كمؤسسة فقهية إسلامية وكحركة جهادية ُتفلسف الدين الإسلامي حسب وجهة نظر شيوخها المجاهدين العظام ،فهم يخافون من صبية تتحدث علناً من أجل حق عادي وطبيعي ويخشون منها على الدين العظيم الذي عمره تجاوز الأربعة عشر قرناً ويعتنقه أكثر من مليار إنسان في كل أرجاء الرض ،من الزوال بسبب ملالة التي تذهب الى المدرسة ..!!، هل هناك أكثر ضعفاً وهواناً وإبتذالاً وتخلفاً من شيوخ دين طالبان وأتباعهم الذين يتحركون كأذرع آلية لتنفيذ مهمات القتل والدمار والتخريب وإغتيال المستقبل؟؟. أحيانا يصعب التفكير بمجريات نشهدها ونعاصرها ونرى نتائجها ونحصي خسائرها وتحدياتها ،فمثلاً كيف لطالبان كحركة مطاردة ومحاصرة أن تقاوم حلف الناتو العظيم الرهيب بعدته المسلحة وقدراته الهائلة في التجسس والمراقبة بالأقمار الصناعية والخطط القتالية وقواته ذات الصنوف العسكرية المتعددة والخاصة وقوات الولايات المتحدة الأميركية وامكاناتها الإستخبارية والحليف الباكستاني القوي لمدة أكثر من عقد من الزمان في حرب كرٍّ وفرٍّ دون أن تهزم هذه الحركة الظلامية وتتفتت ،بل أحيانا تتجول في كابول عاصمة افغانستان وتغتال جنودا غربيين وهم يسترخون في قواعدهم العسكرية المحصنة الأمينة ؟؟؟؟ ، من أين لهم التموين اللوجستي والسلاح والمال والنساء ..؟؟ طبعاًهناك اكثر من إشارة الى دولة الأمارات العربية المتحدة والعربية السعودية وهما الدولتان الوحيدتان اللتان إعترفتا بحكومة طالبان اواخر تسعينات القرن الماضي قبل إسقاطها اثرالحرب المستمرة حتى الأن في افغانستان عام 2001 وبعد أحداث نيويورك الإرهابية وكذلك اشارات الى دولة الفقيه في ايران وامارة الشيخ حمد في قطر ،واذا افترضنا أن هذه الجهات هي الداعمة بشتى السبل والمنافذ طوال سنين الحرب هناك ، فأننا نقرّ أيضا ان هذه الدول الإسلامية وعلى الرغم من أختلافاتها في إعتماد طرق مختلفة وتشريعات متباينة للـ (الدين الإسلامي وإصوله ومصادره ) فأن جميعها لاتحرّم التعليم على الأقل ...،بل وعلى الرغم من تشددّ إسلامها وشيوخها المتزمتين وقسوة مجتمعاتها المحافظة ، فأن هناك مدارس للبنات وجامعات ووظائف وخروج وسفر بل هناك مصممات ازياء في الأمارات وقطر وممثلات ومخرجات سينامائيات في ايران على سبيل المثال ..!!،اذن جميع هذه الدول تختلف عن طالبان في تحريمها للتعليم وبالتالي يكون الدعم لطالبان هو سياسي وليس جهادي مقدس ضد الكفر الصليبي ...!!،وهذا مما يسىء كثيرا للمبادىءالإسلامية التي تنادي بها تلك الدول جميعا ،بل الكثيرين خارجها ، فما أن إستراح العالم وإلتقط أنفاسه من مهزلة الفيلم المسيء ،حتى فوجىء بمحاولة اغتيال طفلة لأنها تذهب الى المدرسة والهدف ديني ِصرّف..!!. والمثير أن الناطق بأسم حركة طالبان – باكستان ظهر على الملأ بعد أن عرفوا شيوخه المقدسين أن ملالة نجتْ من الهجوم الجهادي المقدس ليقول "لقد حذرناها عدة مرات كي تتوقف عن انتقادنا ،وهذه رسالة واضحة لها وللباقين من أمثالها الذين سوف يلاقون نفس المصير ،واذا ذهبت الى المدرسة مرة اخرى سوف نقتلها "...!!. أطفال يصرخون ويتحدّون أعتى وأشرس فاشية دينية معاصرة وفي مناطق نائية عن العالم المتحضر ، أعتقد أن المجتمعات العربية تحتاج لأمثال ملالة ليس من أجل الذهاب الى المدرسة فقط بل من أجل كامل الحريات المدنية المصادرة في السعودية والتي ُتصادر الأن في مصر وتونس والعراق على الخصوص ..!
#واصف_شنون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رجل ٌ قليل وإمرأة ٌ كثيرة
-
كيف للآخر أن يفهم الإسلام وتعالميه ؟
-
المالكيون في العراق :خلطة ديمقراطية فاشية- دينية عشائرية عنص
...
-
عدو الله أم صديق الله أم خراب البصرة ..!!؟؟
-
مفارقات الشيخة القطرية موزة المسند
-
سوريا والعراق محنة التاريخ والمصير
-
أوراقنا العتيقة وإلى الوراء درّ...
-
النضال والرفاهية و14 تموز
-
التقديس الأعمى
-
الهويات القاتلة..مع سبق الإصرار
-
العراق : الأسوأ بماذا بعد ؟؟
-
نصرة المذهب أم دولة القانون والحياة؟؟
-
منتوج سلطوي عراقي: عزتْ الدوري ونوري المالكي
-
لابد من مفهوم جديد للتعددية الثقافية..!!
-
التوأم : الفساد والإرهاب
-
شكوك وأقوال ..عن الإنحدار..!!
-
العنف العراقي ..وإيمو الحسين !!
-
ولادة صدّام : أحزاب دينية ضد الحياة
-
الطموح العالمي : قطر والسعودية
-
منتوج إسلامي : وزيرة شؤون المرعى ..!!
المزيد.....
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي
...
-
طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|