أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامح عسكر - فلسفة الأخلاق(لوحة الصدق والكذب)














المزيد.....

فلسفة الأخلاق(لوحة الصدق والكذب)


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 3875 - 2012 / 10 / 9 - 01:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في أثناء رحلتي إلى القرية اشتقت إلى المشي وسط الزراعات وعلامات الريف والاستمتاع بالمسطحات الخضراء التي لطالما اشتقت إليها كثيراً وأنا في المدينة، فقلت لزوجتي وأهلي أنا ذاهبٌ بمفردي للمشي وإذا أرادني أحد فالهاتف الخلوي مفتوح..كان هناك طريقاً زراعياً أحبه لذكريات الماضي، فذهبت إليه حاملاً لوحات تأمل برّاقة.. شجعتني على التفكير.. ثم اخترت لنفسي أمراً لأحدث به نفسي وما أحلى محادثة النفس في قضايا فكرية وفي هذا الجو المشجع.

اخترت أن أتحدث في موضوع الصدق والكذب، فالصدق يعني المطابقة مع الواقع أما الكذب فيعني عدم مطابقة الواقع، وهنا تُثار إشكالية من هو الراصد الذي عن طريقه سنعرف الكاذب من الصادق؟..هذا السؤال يذكرني براصد إينشتين -في نسبيته -ويعني أن حدوث حادث يرصده أكثر من راصد فيختلف الحُكم باختلاف الرؤية، لذلك جاءت أهمية الراصد في النسبية كونه الحاكم بُحكم الرؤية..فراصد الكذب-كمثال- هو بعينه راصد إينشتين،لأن الكاذب قد لا يشعر بكذبه ويظن تطابقه مع الواقع يتحقق، بينما باختلاف مكان وجوده في القضية-ذات الشأن-ولكونه طرف فيحجبه ذلك عن الرصد إما لتعمده أو لخطأ حواسه وإدراكه وبالتالي تزييف وعيه..في النهاية يخرج علينا الكاذب بصورة رجل.. "مزيف الوعي"..حتى مع تعمده فتدفعه أهواءه للكذب ظناً منه بوجود منفعة سواء مادية أو معنوية.

حقيقة فالإنسان منا قد يتعرض للكذب مجبراً -لما أشرنا إليه بتحصيل المنفعة، وهذا النوع من الكذب على نوعين ..الأول مذموم والآخر محمود..فالكذب المذموم يعني نقل أو تبني "خبراً" غير متطابق مع الواقع بدافع التشويه أو المنفعة"المتوهمة" أو بوجود إحدى حالات الكسل أو الجهل أو المكابرة..فقد يُظهر الإنسان منا شكليات لا علاقة لها بمضمون القضية، وتجاوزه عن المضمون في الغالب ما يكون إما عن جهل وكسل وإما عن عناد ومكابرة فتخرج أفعاله مخادعة ليست فقط للوسط المحيط بل للنفس أيضاً، ومع توالي حدوث هذه الأفعال دون رصد أو أي محاولة للرصد -بسماع النصائح أو أساليب التقويم-يتعايش المرء مع كذبه حتى يسري في دمائه مسرى الدم في العروق، فجميعنا لا يشعر بسريان الدم في عروقه، ورغم ذلك فالدم يسري حقيقة في كافة أوردته وشرايينه، هكذا الكاذب لن يشعر بكذبه رغم وجوده واقعاً.

أما الكذب المحمود فهو لتحصيل المنفعة درءاً لأذى النفس أو الدين أو المال أو العقل أو النسل فيما يُعرف لدينا.."بمقاصد الشرع"..وقد يختلف تقييم الإنسان لهذا النوع بخلاف طبائعه وثقافاته ومستوى إدراكه..ولكن ينقلب هذا النوع ويُصبح مذموماً فيما لو تعارض مع الأصول الأخلاقية الأخرى كالتضحية والكفاح والإيثار وغيرها..بينما تظل مقاربة هذه الأمور مع بعضها برباط الموازنة الشرعية والأخلاقية وهو الفيصل في التعيين...وينتشر هذا النوع من الكذب في أجواء الحرب والمصالحة ونلاحظ هنا أن وجود الكذب المحمود للموازنة"الأخلاقية" بين متضادين..وحقيقته تبقى كأثر فعّال لبقاء النفس الإنسانية بين رُحى الحرب والسلام، لأن الكذب لو كان على نوعٍ واحد "مذموم" لما ساد السلام على كوكب الأرض، وانتشر العداء بفِعل طبيعة الإنسان"قليل الحكمة".

أما الصدق فكما أسلفنا في تعريفه أنه مطابقة الواقع ،وكافة أعراض تمييز الكذب من عمليات رصد تنطبق عليه ولا داعي لتكرارها،وأضيف أن الصدق-غالباً- ما يأتي للمرء من تحكمه في كافة قوى الشر لديه كتحكمه في غضبه أو شهوته أو في قوته العقلية وهي أقسام النفس الإنسانية عند ابن سينا..فوقوع التحكم لديه يعني حضور الاتحاد مع النفس وبالتالي الشعور بالراحة والطمأنينة ليس لجنس العمل فحسب بل لأعراضه ونتائجه -حسب مستوى إدراكه...إضافة إلى أن الصدق يُعد هو الخُلق الرئيسي في حضور الأمانة والإخلاص والتضحية وغيرها من الأخلاق القيمية الحقيقية والاعتبارية..وكأن الصدق هو صانع الفضائل في نفس الإنسان ولما لا وقد أمر الله عباده بلزوم الصادقين.."ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"..بينما لو كان محل الصدق ليس ملزوماً بالأمر به لأصبح الصدق خيارا مندوباً وليس واجبا، وحينها يدور الإنسان في فلك التفسير والإسقاط بينما القضية لديه بداهة، أن الصدق والكذب يتضادان في العمل والنتائج.

انقطع حبل أفكاري فجأة برنين الهاتف وإذ بالوالد يتصل ويطلب مني طلباً لا يحتمل التأجيل



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة الأخلاق(لوحة الصبر)
- فلسفة الأخلاق(لوحة العدل)
- الحرب الأهلية السورية بين ظلم الحكومة والمعارضة
- فلسفة الأخلاق(لوحة العفة)
- فلسفة الأخلاق(لوحة الضمير)
- فلسفة الأخلاق(لوحة الأمانة)
- فلسفة الأخلاق(لوحة التواضع)
- فلسفة الأخلاق(لوحة التعريف والتمييز)
- حوار حول شعار الإسلام هو الحل
- أكذوبة القعقاع بن عمرو التميمي
- بناء الرسول بصفية بنت حيي بن أخطب حقيقة أم خيال؟!
- السلطة بين الممارسة والتنظير
- عدنان ابراهيم ذلك الرجل الفذ الموسوعي
- أبو حيان التوحيدي المختلف عليه
- قتلى الحرب الأهلية السورية ليسوا شهداء
- حكمة الآخر في الإسلام
- عن رؤية الحل وسياسة العزل في سوريا
- لماذا لا يوجد قتل للمرتد في الإسلام
- السمو الإسلامي في السياسة ونعرات الجاهلية
- الأزمة -الطائفية- داخل جريدة الحرية والعدالة


المزيد.....




- لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور ...
- -لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا ...
- -بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا ...
- متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
- العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
- مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
- وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما ...
- لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
- ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامح عسكر - فلسفة الأخلاق(لوحة الصدق والكذب)