|
الدين والغريزة الجنسية
مالوم ابو رغيف
الحوار المتمدن-العدد: 3874 - 2012 / 10 / 8 - 08:39
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تعتبر الغريزة الجنسية من أهم مشاغل الإنسان وهواجسه، فهي ترافقه منذ صغره إلى آخر عمره، وحتى لو فقد الإنسان، في مرحلة ما، القدرة على اشباعها، او ضعف احتياج تطمينها ولم تعد تشكل هاجسا يوميا له، فان مجرد الإحساس او تخيل تصوراتها يمنحه دفأ داخليا واحساسا عاطفيا لا غنى له عنهما لتفعيل حيوية الجسد. في المجتمعات الشرقية يلعب الكبت الجنسي دورا كبيرا في تشكيل الشخصية المتناقضة، إذ ان قيود المجتمع تفرض نوعا من السلوكيات التي تتعارض كليا مع رغبات الإنسان. هذه القيود الاجتماعية يشار لها بشكل خاطئ على انها الأخلاق، بينما في حقيقة امرها هي ليست اكثر من مقامع ومكابح للغرائز تخلف عقدا نفسية تستوطن الذهن كما تستوطنه الامراض المزمنة وتعطي شعورا بعدم الإشباع حتى في حالة طمأنة الغريزة الجنسية فيما بعد. إذ ان هذه العقد ليست نتيجة مباشرة للجوع الجنسي، بل نتيجة للقمع الجنسي.
يختلف الدين الإسلامي عن الدين المسيحي في نظرته إلى الجنس، وان تساوى الاثنان في الخلاصة النهائية للاعتبار الجنسي، فكلاهما، الإسلام والمسيحية يعتبران الجنس غير الحلال أثم كبير. لكن علينا ان نشير إلى ان الاسلام بنظرته إلى الجنس يعتبر اكثر انفتاحا من المسيحية، ففي المسيحية حتى الزواج ان لم يقترن بنية استمرار النسل فهو غير مبارك. المتعة الجنسية في المسيحية ثانوية بينما انجاب الاطفال مقدم عليها في الاعتبار. في الإسلام تمثل المتعة الجنسية الغاية الأولى للزواج، وتعتبر، أي المتعة الجنسية، من النعم التي انعم الله بها على عبادة الرجال، إذ ان المرأة في الإسلام هي وسيلة وموضوعا للمتعة وليس طرف مشارك، أي ان الله لم ينعم عليها بنعمة الجنس انما جعلها موضوعا للتمتع. لذا لا يكف الإسلاميون عن ختان النساء في دول اسلامية كثيرة وان علموا ان هذا التشويه البدني المسمى ختان، هو مثل الاخصاء للرجل، يقضي على أي متعة ويمنع الوصول الى مرحلة الشبق. ولان المتعة الجنسية نعمة الله على رجاله، جاء التشريع الإسلامي الذي يقول : وانكحوا ماطاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع وكلمة طاب تشير بشكل صريح إلى ان الجنس هو الغاية من الزواج. ان الزواج باكثر من واحدة هو محاولة لاطفاء تأثيرات النهم والهوس الجنسي الذي سببهما الكبت في مرحلة المراهقة والشباب. كما ان هذه الآية تثبت ايضا عدم الاهتمام بإرضاء المرأة جنسيا، إذ ان الزواج باكثر من واحدة قد لا يمكن الرجل من إيصال جميع حريمه إلى حالة الشبق والمتعة ولا نعرف ما هو فاعل مع نساءه عندما يصل الى مرحلة الوهن او الضعف الجنسي التي تعاني منها الامة الاسلامية لكثرة تناولها السكريات واللحوم والشحوم وعزوفها عن ممارسة الرياضة وخمولها الفكري الذي وكانه فترة سبات ابدية. القانون الإسلامي يحدد سن الزواج بتسعة اعوام، وهي سن دون مرحلة البلوغ، وهذا القانون دليل آخر على إهمال غرائز المرأة الجنسية بالكامل والتركيز على متعة الرجل فقط. فعمر المرأة، بالنسبة للمشرع الاسلامي او بلوغها ليس مهمان، المهم قدرتها على تمتيع الرجل واطفاء نار شهوته ولظاه وحل عقدة هوسه الجنسي، لذلك اعتبر رجال الدين القدرة على تحمل الوطأ سببا كافية لعقد الجيزة، فان كانت الطفلة، حتى وهي في السابعة من عمرها، سمينة او قوية البنيان، فهي قادرة على تحمل الوطأ. انه خيال مريض لا يفارق اذهان رجال الدين، الذين يهتمون بمداخلهم ومخارجهم اكثر مما يهتمون باخلاقهم. ان هذا الخيال المريض يثبت بان المرأة ليس إلا موضوعا للتمتع والتسلية، لذلك تم تسهيل التخلص من النساء بطلاقهن ورميهن كما ترمى الملابس القديمة، حتى يمكن للرجل الزواج باخرى واخرى، فالرجل قادر على تطليق زوجته حضوريا وغيابيا بأي وقت ودون سبب بينما ان أرادت المرأة الطلاق من زوجها، ستبقى ناشزا لمدة سبع سنوات ان رفض الرجل الطلاق وأصرت المرأة عليه. يمكن القول مما تقدم، بان المجتمعات التي تختار الحياة وفق القواعد والسلوكيات الدينية، هي مجتمعات مريضة ومعقدة ومنافقة اجتماعيا. الدول التي يفرض فيها النقاب والحجاب، هي نفس الدول التي يكثر فيها العهر والبغاء السري، ويصبح الحجاب والنقاب من مستلمات العمل. كما ان هذه المجتمعات يكثر فيها الشذوذ واغتصاب الاطفال والتحرشات والسعار الجنسي. وهي مجتمعات غير مبدعة وغير فعالة في المجال السياسي ولا النظري ولا العلمي، فان فترة الشباب وجزء من فترة الرجولة تكون منشغلة بالتعب والإرهاق الجنسي والبحث عن إرضاء الرغبات المكبوتة.
في الدول الغربية الحالة مختلفة، فالزواج عادة ما يتم بسني متأخرة، أي بعد الثلاثين من العمر، بينما السنوات الأولى من الحياة، في مرحلة الشباب والبلوغ، فإنها فترة للحب والاستمتاع بالحياة، كذلك أنها فترة للصراع من اجل تطمين المستقبل، أكان عن طريق الدراسة أو عن طريق العمل. لم تعد العلاقات الجنسية بين المرأة والرجل عار او انتقاص لشرف العائلة، بل اصبحت امرا طبيعيا يتماشى مع قيم المجتمع، لقد ادرك الناس بان هذا الإرهاق والقلق الجنسي احد معوقات الإبداع. الزواج في الغرب يتوافق مع الروح المسيحية، فهو، في العادة، ليس لتطمين الغرائز الجنسية، انما لتطمين الاستقرار العائلي وانجاب الاطفال. هناك عزوف كبير عن الزواج المؤسساتي، أي ذلك الذي يتم وفق عقد مدني بين الرجل والمرأة، فهناك الكثير من الاباء والامهات الذين يعيشون لعشرات السنين مع بعض دون أي زواج مؤسساتي، لقد تحول الزواج إلى ما يشبه تفاهم واتفاق اجتماعي بين رجل وامرأة يحرص كليهما على المحافظة على هذه العلاقة الإنسانية في إطار المصالح والدفأ الإنساني. كما ان حقوق الاطفال تضمنها الدولة وكذلك حق رؤية الاطفال في حالة الانفصال مكفولة للاثنين، كما إن أي طرف يعمل مكلف بدفع نفقات الأطفال المعيشية أو الدراسية. الفرق بين الزواج بعقد أو بدون عقد، هو ان الأول يلزم أي طرف يعمل بإعالة من لا يعمل وذلك باقتطاع نسبة معينة من راتبه، وهذا أيضا سبب آخر من اسباب العزوف عن الزواج الرسمي عندما لا تكون الثقة قوية في احد الأطراف.
#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدين والطوائف والشعب
-
فلم مثير وثلاث ملاحظات
-
تزاوج ثقافة الحقد الإسلامي مع ثقافة العنف الامريكي
-
تفضيل إنجاب الذكور وحقوق المرأة
-
هل لك أن تنتظم في طابور الموت رجاء!
-
الصهيونية وموقف البعض منها
-
الشيعة ومقبرة النجف
-
كوردستان من الفدرالية الى الكونفدرالية
-
رجال الدين والفضائح
-
المساواة في القانون والشريعة الاسلامية
-
إله عربي بقلنسوة وأزلاف طويلة
-
وصايا الله العشرة والاسلام السياسي
-
كلمات الله الضائعة بين جبرائيل وبين محمد
-
سيرة غير عطرة لنبي
-
الايمو والسياسة والدين.
-
اضطهاد المرأة في صدر الاسلام
-
عندما يكون الله معديا
-
من اجل ربيع يساري قادم
-
هل يمكن تعايش الثقافتين العلمانية والاسلامية؟
-
احتجاج جسد عاري
المزيد.....
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
-
المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف -
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة في الميدان اعطى دفعا قو
...
-
الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة بالميدان اجبر العدو على التر
...
-
أختري للعالم: هدف الصهاينة والأميركان إقصاء المقاومة الإسلام
...
-
اسعدي أطفالك بكل جديد.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 ع
...
-
شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه
...
-
تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال
...
-
مستعمرون يقطعون أشجار زيتون غرب سلفيت
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|