أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مجدى زكريا - احترزوا من التفاخر















المزيد.....

احترزوا من التفاخر


مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3873 - 2012 / 10 / 7 - 21:16
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


كثيرون اليوم يعتبرون التفاخر فضيلة. وتباهى المرء يقدراته, مهاراته, وانجازاته اصبح رائجا. ويعتقد البعض ان التفاخر ضرورى للانجاز, ويشعر اخرون انه يزيد احترام المرء لذاته. تلاحظ مجلة تايم : " على الرغم ان المثل الاعلى للاحتشام لم يفن, فقد ابتدأ يبدو تقريبا عتيق الطراز. " وتعلق الكاتبة جودى غايلين : " للأسف, التفاخر الوقح . . . هو احدث موضة. والمحادثة مع صديق او احد المعارف ترافقها نغمة موسيقية جديدة : التصويت بالبوق للتفاخر. "
والاشخاص الذين هم امثلة للاقتداء يضعون المقياس. وربما سمعتم بكلمات بطل سابق فى الملاكمة : " ليس مصادفة ان اكون اعظم رجل فى العالم فى هذا الوقت من التاريخ. " وعبارة احد اعضاء فريق البيتلز الموسيقى مشهورة ايضا : " نحن الان اكثر شعبية من يسوع المسيح. " وفى حين اعتبر البعض تعليقات كهذه قيلت ببراءة, نظر اخرون الى اولئك الذين تفوهوا بها كأمثلة لترفيع الذات جديرة بالاقتداء.
ويثير تفشى ىالافتخار السؤال : هل من المفيد ان يتفاخر المرء بمقتنياته ومقدراته ؟ طبعا, من الطبيعى ان يفتخر المرء بانجازاته وحتى ان يشارك الاصدقاء والاقرباء الاحماء فيها. ولكن ماذا عن الذين يعيشون بانسجام مع القول, " اذا امتلكت شيئا, فتباه به " ؟ وعلاوة على ذلك, ماذا عن اولئك الذين, فى حين انهم لا يفتخرون علانية, يحرصون بمكر على ان يعرف الاخرون قدراتهم وانجازاتهم ؟ هل لفت النظر هذا للذات مفيد, وحتى ضرورى, كما يدعى البعض ؟
تأملوا فى الاثر الذى يتركه تفاخر الاخرين فيكم. مثلا, كيف تتجاوبون مع التعابير التالية ؟
" ان الكتب التى لم اكتبها هى افضل من التى كتبها الاخرون. " - مؤلف مشهور.
" لو كنت موجودا وقت الخلق, لقدمت بعض الارشادات النافعة لترتيب الكون بشكل افضل. " - ملك من القرون الوسطى.
" لا يمكن ان يكون الله موجودا, والا لأدهشنى ألا اكون انا الله. " - فيلسوف من القرن ال19.
هل تنجذبون الى هؤلاء الافراد بسبب تعليقاتهم ؟ هل تعتقدون انكم ستتمتعون برفقتهم ؟ على الارجح لا, فالافتخار - الجاد او حتى على سبيل المزاح - يحمل الاخرين عادة على الشعور بالتوتر, الانزعاج, وربما الغيرة. هذا هو الاثر الذى تركه ذلك فى المرنم الملهم اساف, " غرت من المفتخرين. " وبالتأكيد, لا احد منا يرغب ان يسبب مشاعر رديئة لأصدقائنا وعشرائنا. تذكر كورنثوس الاولى 13 عدد 14 : المحبة . . . لا تتفاخر. " وستدفعنا المحبة والحساسية نحو مشاعر الاخرين الى الاحجام عن التباهى بمهاراتنا ومقتنياتنا المزعومة.
وعندما يضبط شخص نفسه ويتكلم باحتشام, يجعل الاخرين حوله يشعرون بالراحة والرضى عن ذاتهم, وهذه مقدرة لا تقدر بثمن. وربما هذا ما فكر فيه رجل الدولة البريطانى اللورد تشيسترفيلد عندما نصح ابنه : " كن احكم من الاخرين اذا كان بامكانك, ولكن لا تخبرهم بذلك. "
لا يملك الناس المواهب نفسها, فماهو سهل نسبيا على شخص ما ليس فى مقدور شخص اخر. وستدفع المحبة الشخص ليتعامل بتعاطف مع غير الموهوبين فى المجالات التى يتمتع بقدرات فيها. والفرد الاخر يملك على الارجح مواهب فى حقول اخرى.
فى حين يبتعد البعض عن المتفاخرين, اذ يشعرون بأنهم ادنى فى حضورهم, يتجاوب الاخرون بطريقة مختلفة, فيستنتجون ان المتفاخرون لديهم شعور بعدم الامن. يوضح الكاتب فرانك تريبت لماذا الشخص الذى يتفاخر, بطريقة تدعو الى السخرية, قد يقلل من اعتباره فى اعين الاخرين : " كل شخص يعرف فى قرارة نفسه ان التفاخر يشير عادة الى بعض الضعفات الشخصية المثيرة للشفقة. " وبما ان كثيرين يرون بوضوح من خلال قناع المتفاخر, اليس من الحكمة اكثر الاحجام عن مدح الذات المتبجح ؟
هكذا يحاول البعض تبرير تمجيد الذات. وهم يشعرون انهم ماداموا موهوبين حقا فى اوجه معينة, من الرياء ان يدعوا بخلاف ذلك.
ولكن هل اختبارهم صائب ؟ يكون تقدير النفس عادة مؤسسا على رأى شخصى. وما نشعر بأنه قدرة بارزة فى انفسنا قد يظهر عاديا بالنسبة الى الاخرين. وواقع ان الشخص يشعر بأنه مجبر على التباهى بقدرته يمكن ان يشير انه ليس قويا - ليس قويا كفاية ليلاحظ وحده دون اعلان. ويعترف الكتاب المقدس بميل البشر نحو خداع الذات عندما يذكر : " من يظن انه قائم فلينظر ان لا يسقط. " - كورنثوس الاولى 10 عدد 12.
وحتى اذا كان شخصا ما موهوبا فى مجال خصوصى, فهل يبرر ذلك التفاخر؟ لا, لأن التفاخر يمجد البشر, فى حين ان اية مواهب لدينا تأتى من الله. ويجب ان ينال هو التمجيد. فلماذا يجب ان يعود لنا الفضل فى كل شئ ولدنا به ؟ وبالاضافة الى ذلك, كما لدينا قدرات, لدينا ايضا ضعفات. فهل تتطلب الاستقامة ان نلفت الانتباه الى اخطائنا وعيوبنا ؟ قليلون هم المتفاخرون الذين يفكرون هكذا. ربما كان الملك هيرودس اغريباس الاول خطيبا موهوبا حقا, ولكن عدم تواضعه ادى به الى ميتة شنيعة. ويظهر هذا الحادث الفظيع كم بغيض هو الغرور فى عينى الله, وهو كذلك ايضا فى عينى بشر كثيرين. - اعمال 12 من 21 الى 23.
تصير المواهب والقدرات معروفة عادة دون اعلان مفرط للذات. وعندما يدرك ويعلق الاخرون على صفات المرء او انجازاته, ينعكس ذلك بطريقة الطف على النائل, تقول الامثال 27 عدد 2 بحكمة : " ليمدحك الغريب لا فمك. الاجنبى لا شفتاك. "
يشعر البعض ان ترفيع الذات المتسم بالثقة ضرورى للانجاز فى مجتمع اليوم التنافسى. فيخشون ان يجرى اغفالهم او عدم تقديرهم اذا لم يعبروا عن رأيهم ويعلنوا قدراتهم. وهذا التعليق من مجلة فوغ يمثل مايقلقهم : " فى حين تعلمنا فى الماضى ان التواضع فضيلة, نتعلم الان ان حفظ اللسان يمكن ان يكون اعاقة. "
وبالنسبة الى الذين يرغبون فى احراز التقدم بحسب مقاييس هذا العالم, ربما يكون هذا الاهتمام مبررا. ولكن وضع الذين يخافون الله مختلف. فهم يعرفون الله يهتم ويختار استخدام مقدرات المتواضعين, لا المتعجرفين. لذلك لا يلزم ان يلجأ الانسان المتعقل الى وسائل تتسم بالغرور. صحيح ان صاحب الثقة المفرطة بالذات يمكن ان ينال اعتبارا مؤقتا بكونه جازما فى التعبير عن نفسه او متلاعبا, ولكنه فى الوقت المناسب يشهر ويذل ويخزى ايضا. وكما ذكر يسوع المسيح : " من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع. "
كتب رالف والو امرسون : " كل شخص التقيه هو اسمى منى بطريقة ما. لأننى اتعلم منه. " وينسجم تعليقه مع نصح الرسول بولس الموحى به من الله بأننا لا نعمل شيئا بتحزب او بعجب بل بتواضع حاسبين الاخرين اسمى منا. فيلبى 2 عدد 3. ووجهة النظر المحتشمة هذه تمكن المرء من التعلم من الاخرين.
لذلك انتبهوا لئلا تصير قدرتكم ضعفكم. ولا تحطوا من قدر مقدراتكم وانجازاتكم بالتفاخر. واضيفوا الى فضائلكم صفة الاحتشام. فهذا ما يزيد حقا اعتبار المرء فى اعين الاخرين. وهو يساعد المرء على التمتع بعلاقات افضل مع الرفقاء البشر ويجلب رضى الله.



#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطور ليس واقعا
- سنو المراهقة المقلقة تلك (4)
- تعليم الجنس للاطفال - حيوى ان يكون باكرا (3)
- تعليم الجنس للاطفال - متى ؟ وكم ؟ (2)
- اطفالنا - من يعلمهم عن الجنس ؟ (1)
- السر وراء الفقاقيع - الشمبانيا
- الانتحار - كيف يمكنكم ايجاد العون (3)
- لماذا ييأس لبناس من الحياة (2)
- لماذا ييأس الناس من الحياة (2)
- الانتحار - مشكلة عالمية (1)
- الطبيعة تغير وجه التاريخ
- القبور - نافذة الى المعتقدات القديمة (2-2)
- القبور - نافذة الى المعتقدات القديمة (1-2)
- الزواج ام المساكنة - ايهما ؟
- الازهار - تخبر ان احدا يهتم
- فى طرفة عين
- العمل التجارى الكبير يضيق قبضته
- الخيانة الزوجية - اختيار الطلاق (3)
- الخيانة الزوجية - هل المصالحة ممكنة ؟ (2)
- الخيانة الزوجية - نتائجها المأساوية (1)


المزيد.....




- موزة ملصقة على حائط.. تُحقّق 6.24 مليون دولار في مزاد
- تقارير عن معارك عنيفة بجنوب لبنان.. ومصدر أمني ينفي وجود قاد ...
- قوات كييف تعترف بخسارة أكثر من 40% من الأراضي التي احتلتها ف ...
- إسرائيل تهاجم يوتيوبر مصري شهير وتوجه له اتهامات خطيرة.. وال ...
- بوليتيكو: الصين تتجاوز الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في ...
- وسائل إعلام عبرية: اختفاء إسرائيلي في الإمارات والموساد يشار ...
- غرابة الزمن وتآكل الذاكرة في أعمال عبد الله السعدي
- فوائده كثيرة .. ابدأ يومك بشرب الماء الدافئ!
- الناطق باسم -القسام- أبو عبيدة يعلن مقتل إحدى الأسيرات الإسر ...
- -تحليق مسيرة ولحظة سقوط صواريخ-.. حزب الله يعرض مشاهد استهدا ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مجدى زكريا - احترزوا من التفاخر