أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - تونس وهي














المزيد.....

تونس وهي


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 3873 - 2012 / 10 / 7 - 21:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بعد كل انقطاع اراها دون ترتيب مسبق بذات الارتعاش الدائم والشوق المنبعث من العينين الدامعتين ، تنقطع الحياة من حولنا ولم نعد نسمع غير كلماتنا العابرة إلى أعماق السيرة المحملة بالتناقضات التى أصبغت على العلاقة بثقل لم يعد مسموح محوها أو يتجرأ إنسان أن يتقدم نحوها بهدف اقتلاعها أو حذفها لأنها تحولت إلى أسطورة يتناولها ويتناقلها الأحباب رغم أوجاعها وأنينها المستمران ما دام الدم يجري بالعروق .
تراجعت قليل إلى الوراء ونظرت تماماً في عيني محدقة قبل أن تخرج كلماتها الممتلئة بفمها التى كما يبدو تعتقت من الانتظار وقالت كنت في تونس فتبسمت ، قلت عن ماذا كنتِ تبحثين في أرض قد تجدي أسمي منحوت على أغلب جدرانها البيضاء ونوافذها الزرقاء وصخور بحرها ولي نصيب في رمالها كون هناك بعض الأوفياء يتناوبون في كتابته كلما حاولت أمواج البحر مسحه ، تونس الخضراء بأشجارها وقلوب ناسها الأشبه بالحدائق المعلقة التى يتعلق بها العابرون دون أي تدخل للعقل إلا أن ألم الذي يصيب المرء عند الرحيل يحفر بالذاكرة مكاناً من الصعب أو المستحيل استئصاله لِما تترك تضاريسها المتداخلة لقرب جبالها المرتفعة عند بحرها ، ومقاهيها المعلقة أعلى السفوح كأن البشر يتحولون إلى نحل مغامرون يحلقون فوقها باحثين عن عمق التاريخ وجمال الأرواح ، لا يشاركها في هذا الانعكاس أحد ابداً عندما تصعد إلى أعلى سيدي بوسعيد متجاوزاً جبالاً رصعت بالأشجار العالية المتداخلة المعبرة عن أيادي بعيدة غرزت جذوعها في عمق التراب بعد ما اقتلعت الصخور واحدة تلو الأخرى وسقيت بعرق مقتلعيها السقية الأولى التى تعطيها لمعةً براقةً مع مرور الوقت وتعود إلى يومها الأول كلما نظر لأوراقها العابرون ، فمن فوقها ترى البحر وزراق لونه الصافي كأن الملائكة بذاتها دون أن تعتمد على أنس نزلت لتضع لمسات إعجازية باتت نادرة أن تجدها في مكان أخر وعندما تعود إلى شاطئ بحرها كي تراجع الخطوات التى قطعتها في الصعود والهبوط ينعكس البحر كصورة متطابقة على حجم الجبال لخصوصية طابع بيوتها البيضاء ونوافذها الزرقاء التى تشبه الأقفاص العصافير فترى البحر أمامك بسطحه الأبيض وزرقاء لونه الممزوج برماله المُتسامح المتجدد مع كل رمية عين .
كيف لا أحن إليكِ يا تونس وأنتِ لم تخرجي بعد مني بل أصبحتِ تستدرجين من يسعى الوصول لي لكن هذه المرة عبرك عقاباً لأنني لم أستأذنك في المرة الفائتة وأنتِ التى افترشتِ لي أرضكِ سريراً وسمائكِ لحافاً وآويتني عندما تخلى عني القريب قبل الخليلُ بدفء أبناءك المتفقهين بفقه ابن خلدون القابع بعقول وقلوب ناسكِ الذين لامست كفوف أيديهم جسدي عند وصولي إلى مرفئكِ الواسع مما أعطاني الانصهار على الفور دون تكليف في التكوين الاجتماعي فبت واحداً لا أثنين أصيلاً لا غريباً متجذراً غير قابل للاقتلاع ، احبُ الترجي وطارق بن ذياب وأبن يحيى لاعبان كرة القدم أشجع المنتخب التونسي بذات الصيحات التى يُشجعها ابن تونس العاصمة .
عندما رحلتُ قالت لي عيون من تركت أمامي أن الباب سيبقى للأبد موارباً للدخول والخروج تماماً كسلالم في النزول والصعود ، فرأيتُ ذات النظرات لمن قطعت المسافات بحثاً عن أثراً لي ، قد يكون في داخلها لكن لم تهتدي إليه بعد ، لأن الفاصل ما بين الغموض والإبهام يحتاج إلى مهرة كي يستطيع استخراج الفارق بينهما كون الثاني أقرب إلى الفحم والأول هو الماس متلألئ مضيء .
لقد احببناكِ كالأم الصادقة لحب أولادها لكن حبك لنا طغى على حبنا لكِ لما أغمرتينا من حنان وكرم ومواساة لأبناء فقدوا الأب والأعمام إلا أننا لم نشعر بما امتلكنا لزمن بأي تهديد أو أختبار بانقطاع تدفق انفاسكِ المشبعة بتلاوات التعويذات كي لا نُحسد بالعين ومن العين إلا عندما فقدناكِ لحظة الرحيل ، لكننا لن نخسركِ يا تونس فدعواتكِ تصلنا في كل تشقق لفجر متجدد عبر رياح بحرك المتدلي لبحرنا القابع خلف القضبان آملين يوماً نجعل جسراً بينا منّ خشب أشجار الكرمل وأشجار سيدي بوسعيد لنعيد تلك الأيام التى تركنا في كل بطحة فيها ذكرى ونمسح دموع من بكى لفراقنا ونعتذر ممن اصبناه دون قصد بخدش في فترة الصبى التى تشكلت في قصبتها الحي الذي يحمل في ثناياه اثار التاريخ والحضارة منذ الموحدين ، فيه المدرسة الصادقية وخلفها جامع الزيتون فالقصبة هي الحلقة التى تدور حولها الدوائر تتمشى بين أزقتها أو أنهجها بالتسمية التونسية أتذكر على الفور أنني بدأت باللثغة للأبتثية بين علماء جامعها ومدرستها العريقة ولولا خشيتي من التعميم الذي إذا طال استثناءات ستكون نادرة لكنتُ شملت الجميع .
ما أكثر الأسئلة فيك وما أقل الإجابات في عصر لا تكف عابرونها عن الثرثرة إلا أننا قرأنا على جدرانها النظيفة منذ بعيد في لحظة تعالت أصوات الغاضبين نتيجة الفجوة التى باتت تتسع بين الأغنياء والفقراء ، فكُتِبَ بخط عريض شعار دلالاته اتضحت قبل عام بأن ما كان هو مجرد تعليق الجرس لمن يحكم لكنه عميق وبالغ الأهمية ( تقرأ أو متقراش مستقبل مفماش ) .
فنحن هنا للاعتراف بأن العيش ممكن والصداقة أيضاً ممكنه لكن الحب هو ما يجعلنا نحيا في مكان يخص الإبداع لا الممكنات الشكلية والمضمونية .
والسلام



#مروان_صباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فياض ... لا بد من نقلة أخرى نوعية
- على خطاك يا فرعون
- الضغوط تواجه بمزيج من الشجاعة والحكمة
- ثنائية القوة والضعف
- العربي بين حكم الديكتاتور أو ديمقراطية تفتت القائم
- ثراء يصعب فهمه أو هضمه
- الشعب هو الضامن الوحيد لمستقبله
- راشيل جريمة كاملة دون شهود
- من مرحلة الخوف إلى التربص
- من جاء إلى الحكم على ظهر دبابة لن يرحل إلا تحتها
- أقنعة نهاريةُ وأخرى ليلية
- حفيد أم وريثا
- تسكع من نوع آخر
- اجراس تكفي لأن تثقب طبلة الأذن
- تحالف المشوهين
- بين قسوة العربي على توأمه والعدو
- فحم يتحول إلى ماس يتلألأ
- أهي البداية أم قراءة الفاتحة
- التحرر من عُقد النقص والتورط بالتقليد
- صفحات بلا فصول


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - تونس وهي