|
كارل ماركس فكر العالم...وضميره..(5)
ماجد الشمري
الحوار المتمدن-العدد: 3872 - 2012 / 10 / 6 - 01:37
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
زعيم الدولية.......
في الفصل الرابع:يروي "اتالي" التحول الجديد في ضروف ماركس وتحسنها،فالمال يرد وضروف معيشته تتبدل،وتعود الثورة ممكنة،ويجد نفسه في مركز النشاط العالمي،وتصوراته تزدهر،ونظريته تتطور،وتستعيد الحياة بالنسبة اليه وهو في الثامنة والثلاثين المعنى وبما انه يستطيع ان يستطيع التخلص من البؤس،فأن الثورة كما يظن ستستطيع ايضا الخروج من سباتها الشتوي.فيكتب ماركس الى انجلس بهذا المعنى"ان مجرد كوني قادرا اخيرا على تغيير مسكني واسترجاع كتبي يدلل بالنسبة لي على استنهاض اشخاصنا في متناول اليد"ويستأنف قائلا"لااظن ان الازمة المالية الكبرى تحدث بعد1857"لايمكن للثورة ان تبدأدون ماركس،وتكفي عودة ماركس الى المسرح كي تبدأ،فهو كما يعتقد فكر العالم.في عام1858 تحدث الازمة الاقتصادية ولكن يتم استيعابها،ومرة آخرى لم تكن هي اذا (الازمة النهائية)حتى وان كانت الاولى،وبعد بضعة اسابيع يكتب ماركس الى انجلس رسالة يبين فيها انه لم يعد يؤمن بأفول سريع للرأسمالية بل يشعر بقدوم مرحلة طويلة من العولمة،حبلى بالثورة بلا شك،ولكن بثورة اضعف من ان تستطيع الصمود اذا ما بقيت محصورة في بلد واحد.ويعلق"اتالي"معجبا بالرسالة،ويؤكد تشكك ماركس في مستقبل ثورة تظل محصورة في بلد واحد.ويشرح ماركس تصوراته لرأس المال،ويبحث في موضوع النقود والسلعة ويعلن اكتشافه الاكبر الذي سيبني عليه نظريته في فضل القيمة:فالعامل لايبيع(وقت)عمله بل (قوة)عمله،وما يحرك التاريخ هو تطور القوى المنتجة اي العلم.ويوضح ماركس عرضا التمييز بين انماط الانتاج الاربعة:النمط الاسيوي المعرف بتبعيه كل الشغيلة للدولة(كما في الصين)والنمط القديم المعرف بتبعيه العبد للسيد(كما في الامبراطورية الرومانية) والنمط الاقطاعي المتميز بتبعية الفلاح للنبيل عن طريق السخرة(كما في العصر الوسيط في اوربا).اخيرا النمط البرجوازي الذي يتميزبتبعية الاجير لمالك رأس المال.ويقول ماركس"ان علاقات الانتاج البرجوازي هو الشكل العدائي الاخير لعملية الانتاج الاجتماعي،وليس بمعنى عائية فردية بل عدائية تتولد من ضروف الحياة الاجتماعية للافراد".وكما في(الايديولوجيا الالمانية)يكرر ماركس ان هذه الحتمية التاريخية لاتعني الابداع الفني الذي سيظل مستقلا عن التطور الاقتصادي والسياسي.ويعلق"اتالي"فعلى عكس الافكار التي ستنسب اليه فيما بعد لم يفكر ماركس قط بأن حالة الفن والادب تعبر عن حالة القوة في الزمن الذي عاشه الفنان. ويتطرق ماركس للموسيقى،ويعبر عن قلقه في موضوع نظريته في القيمة:اذلاتختزل قيمة الاشياء ربما الى الوقت اللازم لانتاجها،فلايكون العامل"منتجا" (اي ينتج قيمة تبادلية)الا اذا كان مأجورا ويصنع شيئا ماديا،اويقدم خدمة يبيعها رأسماليون بربح.وهكذا ليس العازف المسيقي"منتجا"الااذا كان مأجورا لدى متعهد رأسمالي،وليس المؤلف منتجا الااذا كان مأجورا لدى ناشر مدونات موسيقية..عام1859 ينهي ماركس كتابه(مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي) وفي رسالة مهمة الى (لاسال)يشرح فيها اهمية عمله النظري واسهامه في تقدم قضية الثورة،وفي عام1864 /ينوي ماركس التفرغ جديا لانهاء كتابه العظيم عن رأس المال الذي انقطع عنه منذ اكثر من اربعة اعوام والذي يأمل به(ان يوجه للبرجوازية على الصعيد النظري ضربة لن تقوم بعدها ابدا)وسيكتب بهذا الشأن(كان علي استغلال كل لحظة استطيع فيها العمل على اتمام عملي الذي ضحيت من اجله بالصحة والسعادة والحياة).يكسر ماركس قاعدته ويحضر اجتماعا عماليا دوليا وانتخب فيه مجلسا مركزيا وامين عام ومراسلين يمثلون منظمات عمالية فرعية كان هو احد اعضائها.وبزغت الجمعية الدولية للشغيلة.وهاهو بعد سنوات من الانقطاع وكأن نشاطه السياسي يغذي نشاطه الفكري يعكف من جديد على تحرير كتابه العظيم والذي يقرر نهائيا تسميته(رأس المال)....
مفكر رأس المال........................
يبدأ"اتالي"فصله الخامس:بذكر موت برودون في عام1865 .وتتسارع العولمة او التعميم(univsalisation)وهو الاسم الذي سماها به ماركسفي عام1848 عندما استشعر ظهورها:فالسكة الحديدية والتلغراف والسفن البخارية تختصر المسافات وتدفع الى تنامي الاسواق وتسهل استعمار افريقيا والهند.يظهر باكونين وهو المعارض الشرس لماركس،فماركس شيوعي يرغب بالسيطرة على الدولة من قبل احزاب شيوعية بواسطة صناديق الاقتراع،وباكونين فوضوي يتطلع لالغاء الدولة وكل السلطات،وماركس يهودي وباكونين معادي للسامية."ويستعرض"اتالي"كتاب ماركس الذي انتهى منه وهو الاول من رأس المال،بتحليل ماركس للسلعة،فالاقتصاد بالنسبة لماركس لايفسر بالتبادل بل بالانتاج،وليس بالمرئي بل بما هو غير مرئي.اذ يقول(يجب مغادرة ضوضاء السوق جنة عدن الحقيقية التي يتم فيها البيع والشراء للنزول الى المصانع التي تصنع فيها السلع).ولكل سلعة(قيمة استعمال)و(قيمة تبادلية)و(سعر) ويقتبس ماركس من ادم سميث وديفيد ريكاردو فكرة ان القيمة التبادلية لسلعة ما تقاس ب(زمن العمل)اللازم لانتاجها(اي العمل الماضي)الذي اقتضاه صنع الآلات التي يستخدمها العمال بالاضافة(للعمل الحاضر) اي عمل العمال الذين يصنعون المنتج مباشرة وتلك هي القيمة -العمل.ويعبر ماركس عن علاقة رأس المال بالعامل بأسلوب مدهش كما ينوه"اتالي":(لقد دفع صاحب المال القيمة اليومية لقوة العمل،فأستعماله له اليوم،اي عمل يوم كامل،ملكه اذا).فالزمن هو المعيار الحقيقي للتبادل.ان العامل يستطيع ان ينتج اكثر مما يتكلف لينتج.فقيمه استعماله عندئذ اعلى من قيمته التبادلية والفرق-مقاسا بساعاتالعمل-بين ما يتكلفه الرأسمالي عمل العامل ومايدره عليه.هو(فضل القيمة) الذي يستولي عليه،وبه تقاس ضخامة الاستغلال ويسميه ماركس ايضا(العمل الزائد)او(القيمة الزائدة)ويستولي الرأسمالي على فضل القيمة هذا على شكل ربح صناعي وهامش تجاري وفائدة او ريع عقاري،ويسمى التملك لفضل القيمة(استغلالا)للعامل.ولكن ماركس يحرص علىتميزه عن الاغتراب،والذي هو تصورفلسفي،فالاستغلال هو النتيجةالاقتصادية للاغتراب.وهو ليس طبيعيا اونهائيا.بل سياسي يفسر تاريخيا،فاذا كانثمة عمالا لايملكون الا قوة عملهم،فذلك لانهم جردوا من كل وسائل انتاجهم،وتاريخ نزع ملكياتهم ليس موضوعا ضرفيا،بل مكتوب في حوليات البشرية بأحرف من دم ونار ولا تمحى.ويعقب"اتالي":ويطري ماركس الرأسمالية لانها تشكل حتى الان افضل الانظمة،وتمثل تقدما هائلا بالقياس الى اشكال الاستغلال السابقة.اذا لديها (حق تاريخي بالحياة) لانها تنمي الانتاج وتخلق سوقا عالمية،ولكنها تبقى مع ذلك نظاما انتقاليا وستختفي معها يوما جميع الفئات الاقتصادية التجارية،لان الرأسمالية والسوق شيئا واحدا هو ذاته.ويتحدث"اتالي"عن اسلوب ماركس في الكتابة فيصفه بأنه شديد الغموض عندما يتكلم عن الاقتصاد وشديد الوضوح عندما يتكلم بالسياسة او في الاحداث الراهنة،لكنه يصبح متألقا عندما يعود الى الفلسفة،ثم يستعيد ملاحظات ماركس عن هيجل(ان حركة الفكر بالنسبة لهيجل هي خالقة الواقع.اما حركة الفكر عندي فهي بالعكس ليست الا انعكاسا لحركة الواقع. اذ ان الجدل لدى هيجل يسير على رأسه،ويكفي اعادة وضعه على رجليه حتى يكون له هيئة معقولة تماما). في ايلول1867 يظهر( رأس المال) في الف نسخةفي هامبورغ /لايباع الكتاب جيدا،وهو مايضايق ماركس كثيرا حتى انه لا يجني منه كما يقول(مايدفع به ثمن التبغ الذي كان دخنه وهو يؤلفه).تتزوج لورا ماركس من بول لافارغ-يسقط ماركس مريضا،ويكتب لابنته معتذرا لانه شغل طفولتها بكل هذه الكتب.هذه الجميلة الفضيعة (اليانور)حسب تعبير"اتالي"(اناآلة لالتهام كتب حتى اتقيأها بشكل آخرعلى كومة زبالةالتاريخ)!اي احباط؟! في عام1870 تطوق الجيوش البروسيةباريس،وتنسحب الحكومة الى تور،يقصف البروسيون العاصمة بالمدافع،وتزدهر السوق السوداء.بعد ان اكل اثرياء باريس الجياد يتحولون الى القطط،ويتحول الفقراء الى كما قيل الى الجرذان!في18كانون الثاني تعلن الامبراطورية الالمانية،وتستسلم الحكومة الموقتة ويوقع وزير خارجيتها على وقف القتال وتضع الحرب اوزارها.ويعلن تيير رئيسا للسلطة التنفيذية،يلاحظ ماركس بأن الجمهورية الفرنسية "لم تقلب العرش بل اخذت مكانه الذي ظل شاغرا"وانها تتابع السياسة ذاتها.وفي باريس المحاصرة،يرفض الكثير وقف القتال،ولكن ماركس يحذر من التمرد"سيكون حماقة يائسة" ويتقد كما منذ عشرين عاما ان الثورة لن تنجح دون تحالف العمال والفلاحين،وتحالف الباريسيين مع سكان الاقاليم،وينظم الباريسييون انفسهم في"فدرالية"تنتخب لجنة مركزية وتكون"جيشا".يساعد بسمارك تيير بتزويده بالاسلحة وبكل مايلزم.ونتيجة لتحالف بسمارك مع تيير،يصبح ماركس وينظراليه كملهم بل المنظم لما سيصبح بعد عدة ايام"الكومون".يدخل جنود فرساي العاصمة،وتجري المذبحة للعمال الثائرين:4000 قتيل-17000 اعدموا دون محاكمة.وحكم فيما بعدعلى7270 بالاعدامو7410 بالاشغال الشلقةو7496بالنفي.يكتب ماركس نصا بعنوان(الحرب الاهلية في فرنسا)ويقدم الكومون"نقيض اطروحة الامبراطورية الثانية)كأول محاولة ل"دولة جديدة"ويعبر ماركس عن تصوره للانتقال من الرأسمالية الى مجتمع دون طبقات الذي يجب ان يجري على اربع مراحل:المرحلة(الثورية العنيفة)لنزع السلطة عن البرجوازية دفعة واحدة(كما في استيلاء الباريسيين على السلطة)"ديكتاتورية البروليتاريا"اي (الكومون)لاتقاء اي نشاط مضاد للثورة(اي حكومة فرساي) باصلاحات جذرية"الاشتراكية"لاعادة اطلاق الانتاج طبقا لمبدأ"لكل حسب عمله"اخيرا "الشيوعية"التي ستسمح بالتوزيع المتساوي للمنتجات بالتنظيم الحر للتجمعات"لكل حسب حاجته".والكومون اخفقت كما يختم ماركس في الانتقال من المرحلة الثانية الى الثالثة.لكنها كانت الشكل الاكمل لديكتاتورية البروليتاريا.ويدعو ماركس لقيام احزاب شيوعية ينبغي عليها السعي لحيازة السلطة بصفة قانونية في كل البلدان التي يكون فيها ذلك ممكنا والخروج من السرية العزيزة على الفوضويين،وتلقى دعوته قبولا وموافقة من قبل قادة الدولية.....................
يتبع في المقال القادم..................وعلى الاخاء نلتقي....
#ماجد_الشمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كارل ماركس فكر العالم...وضميره..(4)
-
كارل ماركس فكر العالم...وضميره..(3)
-
كارل ماركس فكر العالم...وضميره..(2)
-
كارل ماركس فكر العالم...وضميره..(1)
-
مسرحية (فارس)ومتفرج بلا راس!!!!
-
تداعيات الزومبي الوديع!
-
الاغتراب..التخوم القصوى/ابو حيان التوحيدي نموذجا
-
موجز تاريخ الدينصورات!
-
مجرة درب الاعراب!!!
-
الصعاليك...شعراء ومتمردون!
-
الصعلوك الاخير
-
غراب بابل!
-
بين التأليه والتسفيه لاعزاء للعقل النزيه!
-
ردعلى مقال/العلم والدين هل يمكن ان يتوافقا:الاستاذ مجدي زكري
...
-
قارعة ام حلب!!!
-
الطاقة وما ادراك ما الطاقة؟!
-
اوديسا الكهرباء العراقية!!
-
المتقاعد المحترف!!
-
الى امام الغرباء...ابو حيان التوحيدي
-
سفر الجامعة...اشارات ناصعة ومنارات ساطعة
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|