|
الإسلام السياسى سيؤدى إلى خراب مصر!
محيى الدين غريب
الحوار المتمدن-العدد: 3872 - 2012 / 10 / 6 - 00:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الإسلام السياسى سيؤدى إلى خراب مصر! إن إقحام الدين فى السياسة سيكون أسوأ ما يسطر في أدبيات مصر في العصر الحديث وأسوأ ما سيلتصق بالإسلام، إذ أنه يتعارض مع أبسط مبادئ الديمقراطية عندما تتحول العقيدة إلى سياسة ثم إلى أيديولوجية. وما يحدث الآن عمليا هو تحريف وتطويع العقيدة والشريعة حتى تتماشى مع الأغراض السياسية لتتحول في النهاية إلى نوع من التنظيم الحزبي يفقد كل من العقيدة والشريعة جوهرها. إن الاستقواء السياسي لمحاربة المشاكل الاجتماعية بوسائل دينية وإدعاء الإسلام السياسي بامتلاك الحقيقة أدى إلى تفكير سائد بين أقلية من التيارات الإخوانية والسلفية بعد نجاحاتها، يقول: إن أسلمة الدولة ومحاربة المشاكل الاجتماعية بوسائل دينية عبر صيغ دينية جاهزه منذ أربعة عشر قرنا أصبح ضرورة وواقع لخيار أراده الله ولايمكن تبديله. ولكن هذه الأقلية لها تأثير كبير على الأكثرية المطحونة الفقيرة غير المتعلمة والتى لاتملك إلا التواكل وتمنيات دخول الجنة حتى ولو على حساب الحقيقة. ونجحت هذه الأقلية بمباركة الأكثرية الصامتة في التغلغل وأسلمة المجتمع، بدءا بأن ثورة 25 يناير ليست من صنع البشر، ثم طلب حق رفع آذان الصلاة داخل مجلس الشعب، والتمسك بنظام الحدود، وتجريم المذاهب، وتصاعد فكرة الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر، ونشر الفقه الدفاعي التبريري، والسعى إلى التوجه الوهابي، ثم السماح بالحجاب للمذيعات وللمضيفات وأخيرا محافظ كفر الشيخ يتجول فى محافظته بالجلباب، وعشرات من التداعيات الأخرى. خطورة أسلمة المجتمع لا تكمن في مظهرها الخارجي، ولكن في الفكر المتحجر وراءها. فالمحاولات المستميتة لتطويع المجتمع واستدراجه لقبول تقاليد بائدة ليست مصرية ستدخل المجتمع إلى نفق مظلم من الجهل والخرافة وجهالة البداوة. وأصبح النقاش في الأمور الدينية بين النقاشات المثيرة للجدل في وقت غلبت فيه النعرة الدينية وطفحت فيها التطرفات التى تعيدنا أحيانا إلى العصور الوسطى. وأصبح من المشكوك فيه أن هؤلاء المتشددون والمتمسكون بأن الإسلام هو الحل وخرافات نظام الخلافة الإسلامية، وأن القدس عاصمة الخلافة، هم ليسوا مصريين من أصول مصرية، فهم الذين يهددوا ثورة 25 يناير، وهم الذين يكرهون أقباط مصر وينكرون عليهم مصريتهم، وهم نفسهم أصحاب الخطاب الديني الذى يحض على تشكيك المصريين في حضارتهم، والدعوة إلى منع تدريس تاريخ الفراعنة لأنهم كفار، والدعوة إلى تدمير الآثار الفرعونية. في الماضى القريب، أقحم الدين في السياسة واستغل الدين في محاربة الشيوعية، فتحقق الهدف من زعزعة الأمن في مناطق البترول العربية، وحديثا استغل الدين واختلقت الخلافات الطائفية لتقسيم المنطقة والاستيلاء عليها اقتصاديا وعسكريا. أما الآن فالمنطقة من شرقها إلى غربها معتمرة بالخلافات، هذه المرة خلافات الصراع على السلطة وباسم الدين والتحالف معه مما أدى إلى تقسيم وتفريق الشعب الواحد وإشعال الفتن بين فئاته، وسيؤدى ذلك إلى خراب مصر عاجلا أم آجلا. هذه المرة ولأن الصراع سياسي وديني فسيكون لقمة سائغة أكثر سهولة للقوى الاستعمارية فهو لعبتهم المفضلة، وليس عليهم إلا تدبير وإشعال الفتن الطائفية والمذهبية من على بعد، هذه المرة بدون الدخول في حروب باهظة الكلفة لا بشريا ولا ماديا. إن مستقبل مصر بل المنطقة بأسرها يتوقف على اختيار شعب مصر وهو في مفترق الطريق بين أن يقرر بقوة نظام لدولتة لا يستند سياسيا ولا اجتماعيا ولا اقتصاديا ولا قانونيا إلى ركائز دينية، أو أن يتوكل ويختار نظام الدولة الإسلامية الأمثل كما هو في إيران والسعودية، والذي يقوم على الحقوق الفقهية في الاعتقاد والتعبير والتفكير والتعبد والسلوكيات الشخصية والحريات، بل كل أمور الحياة من المهـد إلى اللحــد. نأمل من الله ألا يختلط صراع المصالح مع الصراعات الدينية وفكرالجهاد في سبيل الدين، وإلا ستوصلنا التناحرات الدينية بين العقائد والطوائف والمذاهب إلى حروب طاحنة وإلى خراب المنطقة، وعلى رأسها مصر المحروسة. مهندس/ محيى الدين غريب
#محيى_الدين_غريب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البندورة الحمرة.. أضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سا
...
-
هنري علاق.. يهودي فرنسي دافع عن الجزائر وعُذّب من أجلها
-
قطر: تم الاتفاق على إطلاق سراح أربيل يهود قبل الجمعة
-
الفاتيكان يحذر من -ظل الشر-
-
عاجل | مصادر للجزيرة: الشرطة الإسرائيلية تعتقل الشيخ رائد صل
...
-
الفاتيكان يدعو لمراقبة الذكاء الاصطناعي ويحذر من -ظلاله الشر
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى ودعوات لتكثيف الرباط بالمسجد
...
-
قائد الثورة الاسلامية: لنتحلّ باليقظة من نواجه ومع من نتعامل
...
-
قائد الثورة الاسلامية: العالم يشهد اليوم المراحل الثلاثة للا
...
-
قائد الثورة الاسلامية: المقاومة التي انطلقت من ايران نفحة من
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|