حوا بطواش
كاتبة
(Hawa Batwash)
الحوار المتمدن-العدد: 3870 - 2012 / 10 / 4 - 20:35
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ابتسامة الصباح
في طريقي لتوصيل ابنتي الى الروضة صباحا أصادف العديد من النساء، أمهات، معلمات، مساعدات، موظفات.... فألقي عليهن التحية الصباحية مع ابتسامة، رغم أنني لا أكون رائقة طوال الوقت حتى أحيّي أحدا وأبتسم بلطف، ولا أدري في الحقيقة من أين لي بتلك القدرة على الروق والهدوء حتى أفعل ذلك. لاحظت أن هناك من ترد لي التحية على استحياء، وهناك من تلتفت اليّ سريعا بنظرة خاطفة على مضض وترد التحية. وهناك من لا ترد على الإطلاق، وكلهن يستثقلن رد الإبتسامة ولو كانت مستنفضة، مهما كانت معرفتنا ببعض وثيقة أو سطحية... كلهن... عدا عن امرأة واحدة، أصادفها أحيانا كثيرة فأراها تبعث لي بابتسامة حلوة مع التحية.
الحقيقة أنني لم أكلّمها مرة واحدة، ومعرفتي بها تقتصر على كوننا نسكن في قرية واحدة، ولكنني أدعو لها من صميم قلبي أن يجازيها الله خيرا على ابتسامتها العذبة التي تدل على سلامها الداخلي والتي تسكب الراحة في نفسي لدى استفتاح يوم جديد. أما عن باقي النساء فأنا لا ألومهن وأتفهّم أمرهن وأدرك أن ليست كل واحدة تملك المعرفة ولا القدرة على الإبتسامة دون سبب واضح ووجيه، او مصلحة، وأن معظمهن تحتاج لمجهود هائل أو خارق لسحب ابتسامة على الصبح. فربما تكون الواحدة منهن معصّبة او مقهورة أو تعبانة جراء معركة الصباح الضارية لتحضير الأولاد والأخذ بهم الى الروضة والمدرسة، أو لمجرد احتياجها الى قهوتها الصباحية أو الشاي او النيسكافيه قبل أن تستطيع إصدار أي شيء كان من بين ضفتي شفتيها.
منذ مدة رأيت فتاة من قريتي ذات تخلّف عقلي بسيط، كنت ألعب معها أحيانا في صغرنا مثلها ومثل بنات الحارة الأخريات. واليوم لم تعد الفتاة صغيرة طبعا ولكن لفت انتباهي أن ابتسامة وجهها الطفولية، البريئة، الجميلة لم تفارقها الى اليوم. حسدتها على براءتها وتساءلت في نفسي: هل الإبتسامة هي الحالة الطبيعية لنا ولم نفقدها الا حين تعقّلنا أو ظننا أننا متعقّلون؟
#حوا_بطواش (هاشتاغ)
Hawa_Batwash#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟