|
( إرهاب ) معاناة الأطفال في العراق
كريم المظفر
الحوار المتمدن-العدد: 3870 - 2012 / 10 / 4 - 18:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قد يكون العنوان غريبا للبعض ، ولكنه بالنسبة لي لا نوع في الغرابة فيه لأن ماشاهدته و سمعته وقرأته عن معاناة الأطفال في العراق لايقل شأنا عن الأرهاب الدولي المنظم الذي تمارسه الجماعات المسلحة هنا وهناك في القتل والدمار ، والقصة معنا بدأت عندما شاهدت أطفال أخوتي وأخواني الذي لا يتجاوزون السن السادسة من العمر وهم يتسابقون فيما بينهم لشراء اسلحة نارية ( بلاستيكية ) لا تختلف في أشكالها عن الأسلحة الحقيقية سوى في مادتها البلاستيكية ، ويتبادلون أطلاق النار فيما بينهما برصاصات بلاستيكية أيضا والتي قد تكون مؤلمة أذا ما أصابت العين أو الوجه ، وهنا تبدأ لذة الأطفال لأنه اصاب غريمه !! وعن حوادث الإصابة بالعيون والني قد تسبب العمى للكثير من الأطفال بسبب اللعب ببنادق ومسدسات (أم الصجم) وغيرها من الألعاب الخطيرة ولا يقتصر هذا الأمر على أولاد عائلتنا فشوارع المنطقة مملوءة بمثلهم ومن مثلهم المحلات التي تبيع هذه هذه الأسلحة الفتاكة بفكر وطبيعة الأطفال منذ الصغر والتي باتت تلقى رواجا تدر على اصحابها الرزق اليومي على حساب هؤلاء الأطفال . متابعتي للأمر أوصلني الى قناعة مفادها ان أطفال العراق يتعرضون الى أكبر عملية إرهاب محلية و دولية منظمة تهدف الى سحقهم كطبقة يمكن أن تبنى عليهم آمال العراق الجديد وجعلهم أسيروا الجريمة والتخلف ، فالأطفال بعيدون عن مقاعد الدراسة وخلال تجوالك في شوارع بغداد مثلا وبالاخص في الاحياء الشعبية تجدهم يبيعون المناديل الورقية او الحلويات اويمسحون زجاج السيارات أو ميكانيكي للسيارات أو أو .. ووظائف أخرى بعيدة عن حياة الطفولة التي يجب ان يعيشوها في بلد يطوف على بحيرات من النفط !! . فالارهاب الداخلي هو إرهاب الحكومة على أطفال العراق ويتمثل بعدم جديتها في وضع خطة لإنقاذهم من محنتهم وبذلك أصبح الطفل العراقي في نظر السلطات الحكومية مهدور القيمة كونه الحلقة الأضعف وليس له صوت مؤثر في هذا المجتمع ، ولم يجرؤا احد حتى الآن على بذل جهود جدية لإنقاذهم ، في حين يكمن الإرهاب الخارجي الذي يتعرض له أطفال العراق هو في المنظامات الدولية التي هي الأخرى تمارس ( إرهابها ) ضدهم وإهمالها المتعمد لمعاناتهم وغيابها عن الساحة العراقية بدوافع أمنية حسب إداعاءاتها ، وتعترف بصعوبة الحصول على وثائق مؤكدة عن أوضاع أطفال العراق وإن جميع تقاريرها التي تعدها هي أصلا مأخوذة من الحكومة العراقية وبالتالي فإن مصداقيتها تبقى ناقصة ،. ثلاثة ملايين و500 ألف طفل عراقي كما يقول اسكندر خان، ممثل منظمة اليونيسيف في العراق بينهم طفل من كل 4 أطفال حصته 2500 دينار عراقي، أي ما يعادل 2,2 دولار أميركي، وهناك 750 ألف طفل لم يلتحقوا بالمدارس الابتدائية، و400 ألف طفل في المدارس، وهناك 4 آلاف من الإناث لم يلتحقن بالمدارس الابتدائية، " وهذه إحصائيات حكومية معتمدة من قبلنا " وبالتالي فإن حالات العوز الشديد التي يعانونها منذ اكثر من تسع سنوات اوجدت مناخا خصبا لتشريدهم ولجوئهم الى الشوارع لتتلقفهم العصابات المنظمة التي تعمل تحت الحماية المحلية او المافيا الدولية المتخصصة بتجارة الاطفال، واستغلالهم كأيدي عاملة مجانية او زجهم في ممارسات لاأخلاقية تقتل براءتهم وتصادر مستقبلهم الذي قد يجعلهم يستسلمون للاستغلال والعبودية . المختصون من جانبهم يحذرون من مخاطر الشعور بالحرمان الذي يعيشه الأطفال في العراق حيث لا يحصل معظمهم على المساعدات المادية أو المعنوية اللازمة من الدوائر الحكومية وإمكانية أن يتحول هؤلاء إلى قنابل موقوته تهدد أمن المجتمع إذا لم يتم رفدهم بالرعاية النفسية اللازمة وتؤكد إنتصار علي عضوة لجنة المرأة والأسرة والطفولة في مجلس النواب ان واقع الطفل العراقي يمكن وصفه بـ"الكارثة" إذ ان العديد من العوائل العراقية، وبسبب غياب برنامج حكومي لرعاية وتأهيل الأطفال تجبر أبناءها اما على التسول او العمل في مهن لا تتناسب واعمارهم ، مؤكدة انها تعتقد بصحة الإحصاءات التي تقول ان عدد الأيتام في العراق يتجاوز 4 ملايين طفل وان معظم هؤلاء تركوا مقاعد الدراسة وتوجهوا للبحث عن لقمة عيش لهم ولعوائلهم، نظرا لعدم وجود برنامج حكومي لرعايتهم. القنابل الموقوته في العراق يزداد أعدادهم يوما بعد يوم ويد الحكومة بعيدة عنهم بحسب ما تؤكده سميرة الموسوي رئيسة لجنة الطفل والمرأة في البرلمان إنه بوجود مليون أرملة فمن المحتمل وجود أكثر من ثلاثة ملايين يتيم وأن المال العام الذي تخصصه الحكومة لهؤلاء ضئيل بالمقارنة مع احتياجاتهم ، وكل طفل يتم تسجيله لدى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية يحصل على 12 دولار فقط كمعونة شهرية !!! في بلد بلغت ميزانيته السنوية أكثر من مائة مليار دولار !!. كذلك لا يقتصر الأمر في العراق على إتخاذ الأطفال الشارع ملجأ لهم في لمواجهة معاناتهم فهناك أطفال آخرون باتوا ضحية الحروب التي خاضها العراق وإستخدمت فيها أبشع أنواع الاسلحة وتعاني عوائلهم من المشكلات المستديمة التي ما زالت تعاني من وقعها المؤلم معظم العائلات العراقية ولا سيما تلك التي ابتليت بأطفال معاقين او يعانون من امراض خطيرة كالسرطان وغيره ـ والذين تكثر نسبتهم في المناطق الجنوبية والغربية من العراق . إن مثل ها الأمر وبسبب غياب البرامج الحكومية لمواجهة هذه الأمراض ومباديء رعاية لمثل هؤلاء الأطفال دفع عائلاتهم الى الاستسلام لقدر موت ابنائها المحقق وذلك لعدم تمكنها من الحصول على الدواء اللازم او الخدمات الطبية عالية التكاليف التي لا تتحملها ميزانيات تلك الاسر التي تكاد تكون خاوية اصلا . وزارة حقوق الإنسان ومنذ عشر سنوات لازالت لاهية بإيجاد إحصائية رسمية يمكن من خلالها معرفة واقع الطفولة في العراق !! وبالتالي فإنها غير قادرة حسب قولها من وضع برنامج الحكومي لمعالجة أوضاعهم ويقول مدير دائرة حماية الحقوق ورصد الاداء في الوزارة كامل امين ان التقرير يتضمن تقييما شفافا لوضع الطفل العراقي للسنوات الماضية، وتم تثبيت فقرات عده حول ظاهرة تسول الاطفال، واعداد اليتامى، والتهرب من مقاعد الدراسة، فضلا عن تثبيته إحصاءات وأرقام رسمية لكل تلك الحالات وطرق علاجها.
أطفالنا اليوم هم بحاجة الى التفاتة حكومية جديدة لأنهم أمانة في أعناقنا جميعا وعدم تركهم أسيروا الشوارع بائسين يتسولون بملابسهم الرثة ويشكون الفقر والعوز والبطالة ، وإن النقص الحالي في التموين يسبب إعاقة العديد من المشاريع الخاصة بالاطفال الذين باتوا يحتاجون لمساعدة جادة لمنعهم من العودة إلى الشوارع للبحث عن المخدرات أو الجرائم وإن مثل هذه الحالات تحتاج لمراكز متخصصة ، غير موجودة في العراق يتوجب على المنظمات الدولية المتخصصة بالاطفال توفيرها وإلا سنكون جميعا مشاركين في زرع إرهاب جديد هو إرهاب أطفال العراق ومعاناتهم .
#كريم_المظفر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفساد ( الإرهاب )
-
الإرهاب العشائري في العراق
-
العراق والكويت .. إلى أين ؟؟
-
هل سنأسف على ثوراتنا !!!
-
كذب أوباما وإن صدق
-
ونحن من يعوضنا ؟ أم عوضنا على الله !!!
-
من يضحك على من !!!!
-
الثورات العربية من وجهة نظر روسية
-
كتاب جديد - إمبراطور الغاز
-
أنا وضعي مختلف .. !!!
-
هل نحن بحاجة لدراسة اللغة اليابانية !!
-
كوسا وحسين ، وإن تعددت أسباب هروبهما ، فمصيرهما واحد
-
أفتخر .. لأنك عربي
-
ماذا لو كانت ليبيا بلدا للموز ..... ؟
-
صحوة موت عمرو موسى سياسيا
-
أيها الليبيون .. العبرة لمن أعتبر
-
في العراق .. عجيب أمور .. غريب قضية
-
بعد خطاب مبارك .. مصر إلى أين !!
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|