أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - خمسون وهماً للإيمان بالله [2]















المزيد.....

خمسون وهماً للإيمان بالله [2]


إبراهيم جركس

الحوار المتمدن-العدد: 3870 - 2012 / 10 / 4 - 17:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


50 وهماً للإيمان بالله
غاي هاريسون
ترجمة إبراهيم جركس

الوهم الثاني: غالبية البشر على الأرض متديّنون
((هل سبق أن طرحت على نفسك السؤال التالي: ماذا لو كنت على خطأ؟)) [دانييل دينيت]

الإيمان بالله أو بالآلهة ظاهرة واسعة الانتشار وقديمة قدم الإنسان نفسه. إنّ افتتاننا بالأشباح، الأرواح، والآلهة يعود في تاريخه إلى ما قبل ظهور الحضارات. اليوم، وبعد مرور مئتي عام على التنوير وعلى مشارف مستقبل شبيه بعالم ستار تريك، مازال هناك الكثير من الإعجاب والانجذاب نحو الآلهة في كل مجتمع. فالإيمان بالآلهة يبدو تقريباً كجانب بشري خاص كالموسيقى واللغة. هل ميلنا للاعتقاد بالآلهة منقوش داخل عقولنا من خلال عملية التطور لأنه أخذ منحى الوحدة العشائرية أو القبلية خلال مرحلة ما قبل التاريخ؟ أو هل ستكون هذه ببساطة فكرة غريبة علقت، واكتسبت زخماً، وأخذت بالازدياد والتضخّم من حينها؟ ومع ذلك لا يمكننا الجزم؟ الشيء الأكيد الوحيد هو أنّ الإيمان شيء شائع وعام. في الواقع، شائع جداً لدرجة أنّ العديد من الناس يجدون التأكيد على حقيقة إلههم من أعداد المؤمنين بها فقط.
أكثر من حوالي 80 بالمئة من سكان العالم يزعمون امتلاكهم شكل من أشكال الهوية الدينية أو الإيمان بالله. والمرجّح أنّ هذه النسبة كانت أعلى خلال معظم فترات ماضينا. العديد من المؤمنين يسجّلون ملاحظات حول الغالبية العظمى من المتدينين حول العالم ويستنتجون بأنه لا بد أنّ الأمر لم يكن عن عبث ولا بد أنّ هناك شيء ما. كل هذه الصلوات والانكباب والتكريس المستمرّة ليلاً نهاراً لا يمكن أن تكون عن عبث، كما يقولون. لا يمكن أن يكون أكثر من خمسة مليارات نسمة في هذا العالم على خطأ، أليس كذلك؟ بعض المؤمنين يتوسّعون بهذه الفكرة أبعد من ذلك، معلنين أنّه ((إذا كان غالبية سكان العالم من المؤمنين، فلا بد أنّ الله حقيقياً))
بطبيعة الحال، هنالك مشكلات عديدة تتخلّل هذه المحاولة لتبرير الإيمان. فأولاً وقبل كل شيء، كل مؤمن حول العالم، بغضّ النظر عن الدين الذي يعتنقه، يعمل من دون وجود دليل قاطع أو حجج دامغة تدعم أياً من المزاعم والادعاءات الغيبية التي يقدّمونها. إنّ كتلة المؤمنين وحدها لا تكفي لترجيح كفّة الميزان. الدليل وحده هو القادر على القيام بذلك. تصوّر، على سبيل المثال، إذا آمن حوالي ملياري شخص بأنّ الغيلان حقيقية لكن لا يملك أي شخص من بين هذين المليارين أي دليل قاطع أو حجّة دامغة لدعم معتقداتهم. طبعاً من الواضح أنّه سيكون من الهزل والضعف الثقافي الاستنتاج بأنّ المؤمنين بوجود الغيلان هم وحدهم الذين يعتقدون أنها صحيحة أو موجودة. وهذا لن يجعل الحالة أفضل من وجود مؤمن واحد بوجود الغيلان. وعندما يتعلّق الأمر بالادعاءات حول وجود الغيلان أو الآلهة، عندها يجب علينا احتساب الدليل، وليس المؤمنين.
من المهم جداً تذكّر حقيقة أنّ جميع مؤمني العالم لا يستمرون في الاعتقاد بنفس الآلهة التي كانت تعتقد بها الأجيال السابقة. فعملياُ كل مؤمن يؤمن اليوم بنفس الإله أو الآلهة التي علّمه أبواه أن يؤمن بها هو أو هي. فالمعتقدات التي مكتسبة وليست مكتشفة. فإنّها لا تزدهر على مدى قرون لوحدها. على الأرجح أنّ عملية مشاركة اعتقاد معيّن بين شخص بالغ وفتى ما زال تحت سنّ الرشد هي الوسيلة الرئيسية للحفاظ على الديانات وبقاءها. وهذا ما يضع قيمة الأعداد الكبيرة للبشر المؤمنين وأهميتها موضع الشك والتساؤل. فأعداد المؤمنين الكبيرة في الوقت الحاضر تبيّن أنّ هناك أعداداً كبيرة من المؤمنين في الماضي علّمت الدين وأسسه لأولادها ولا شيء أكثر من ذلك. وهذا لا يعتبر دليلاً فعلياً يثبت وجود الآلهة.
إنّ الحاجة لوجود والدين وأشخاص راشدين آخرون يبذلون جهودهم لجعل الأبناء يؤمنون بآلهة متنوعة ومختلفة يثير أسئلة كثيرة. إذا كان العقل البشري موصول ومجهّز للإيمان بالآلهة، كما يعتقد بعض العلماء، فلماذا إذن هناك هذه الحاجة لإعطاء كل تلك التعليمات، التشجيع، وحتى الإجبار في العديد من الحالات للحفاظ على المعتقد؟ علاوةً على ذلك، إذا كان هناك معتقد محدّد صحيح وصالح، لماذا إذن ينبغي تعليم الناس كل شيء عنه ويستلزم تشجيعهم على قبوله؟ فإذا كان إله أو آلهة ما حقيقية فقد يرى البعض أنّها متجذّرة بشكل طبيعي، بدون الحاجة لارتياد الكثير من مدارس الآحاد، المدارس (الفقهية في الإسلام)، الكتب، الأفلام، وحملات التسويق. مبالغ هائلة من الأموال، الوقت، والجهود المضنية يتمّ بذلها لتعليم النشء الإيمان بالآلهة والتي تدفع الواحد منّا للتساؤل ما إذا كان سيختفي هذا الإيمان ويزول في ليلة واحدة.أليس من المثير أنّ أغلب المؤمنين البالغين يرفضون ببساطة شديدة كل دين باستثناء الدين الذي تعلّموه خلال مرحلة طفولتهم وتلقّوا التشجيع على قبوله وتبنّيه؟ العديد من المؤمنين لا يخجلون من الاعتراف أنهم ينظرون إلى الديانات الأخرى بأنّها غير مثبتة وربّما سخيفة بعض الشيء. وهذا بالرغم من حقيقة أن ّ هذه الأديان لا تملك أي دليل على صحّتها باستثناء ما تدّعيه لنفسها. ماذا كان سيحدث لو أنّ أغلب الناس نشؤوا من دون أيّة معتقدات دينية تمّ فرضها عليهم؟ هل كانوا سيرون جميع الديانات بأنّها غير مثبتة وسخيفة؟
هناك إشكالية أخرى تتخلّل مقولة "أنّ الجميع متدينون" تتمثّل في أنّ مفهوم "متديّن" مطاط للغاية وينطبق على العديد من المعتقدات المختلفة الأخرى. فالتنوّع المذهل للمعتقدات لا يجعل جميع الأديان جبهةً واحدة. ولا يصلح لأن يكون حجّة جيدة لأيٍ منها. المؤمنون في العالم غير متفقين حتى على أبسط النقاط الأساسية. ليس هناك أي إجماع على أي من الآلهة هو الحقيقي أو ما هي الطريقة التي تريدنا هذه الآلهة أن نعبدها من خلالها. لا يوجد اتفاق حتى فيما يتعلّق بما تريد منا هذه الآلهة أن نأكله أو نرتديه. فعدم الاتفاق واللاوحدة هما أساس عالم المؤمنين. هناك عدد كبير من الناس المتدينين يقولون أنّ جنسنا مولع بالدين ولا شيء آخر. إلا أنّنا لا نستطيع إيجاد الدليل على الله في مليارات المؤمنين فقط. على سبيل المثال، كيف يمكن لوثني يوناني معاصر يؤمن بآلهة كثيرة أن يدعم مزاعم وادّعاءات المورمون في أمريكا؟ كيف يمكن لمليار هندوسي إتمام المزاعم الدينية لحوالي مليار ونصف مسلم في حين أنّهما على خلاف تام حول الادّعاءات الأساسية لمنظوماتهم الاعتقادية الخاصة؟ أخيراً، بعض الناس المتدينين _من بينهم غالبية البوذيين والتاويين_ لا يؤمنون بأي إله على الإطلاق. لذلك، لا يجب شملهم مع المسيحيين، المسلمين، الهندوس، وأتباع الديانات الأخرى التي تؤمن بالآلهة.
الجماعات الدينية المختلفة تقدّم مزاعم وادّعاءات تختلف بشكل كبير عن بعضها البعض وفي أغلب الحالات غير قابلة للتوفيق مع بعضها البعض. من المستحيل توحيدها جميعاً تحت راية الدين والإعلان أنّ جميعها توافق بأنّ الآلهة حقيقية. المهم، أنّ جميع هذه الاعتقادات المتعارضة والمتضاربة يلغي أحدها الآخر ولا تظهر إلا مدى انكباب الإنسان وانبطاحه للإيمان بآلهة خيالية غير مثبتة. لنقل على سبيل المثال أننّا قرّرنا أنّ "الله" هو الإله الوحيد والحقيقي وأنّ الإسلام هو الدين الحقيقي الوحيد. هذا سيعني أنّ هناك أكثر من أربع مليارات إنسان غير مسلم على وجه الأرض قد ارتكبوا خطأ جسيماً. إنّهم يؤمنون بآلهة مزيفة ويتبّعون ديانات خاطئة. مجرّد وجود تلك المليارات من المؤمنين المضللين سيكون إشارة قوية على أنّ هناك شيء يتعلّق بالعقل البشري أو الثقافة البشرية يجعلنا غير محصّنين ضدّ الإيمان بآلهة غير موجودة في الأصل. ما أن نقبل بهذه الحالة، سيكون علينا الرجوع إلى الوراء وإعادة التفكير بوجود "الله" نفسه، لأنه إذا كانت أغلبية المؤمنين تؤمن بثقة بآلهة لم تكن موجودة أبداً، عندها فإنّ الأقلية المسلمة يمكن أن تكون على خطأ أيضاً. أنظر في كل مكان حول العالم اليوم وسترى أغلب الناس لا يؤمنون فقط، بل يؤمنون بالعديد من الآلهة المختلفة. ارجع بنظرك عبر التاريخ وسترى أنّه من المستحيل إحصاء أعداد الآلهة والديانات التي ظهرت خلاله. هل هذا حقاً تصديق للادعاءات التي تزعم أنّ إلهاً ما بعينه هو الإله الحقيقي؟ أو هل من الممكن أن يكون ذلك إشارة على حقيقة أنّنا لطالما كنا بارعين في البحث عن الآلهة وإيجادها؟
مراجع الفصل الثاني
Hitchcock, Susan Tyler, and John L. Esposito. Geography, of Religion. Washington, DC: National Geographic, 2006.
Joshi, S. T., ed., Atheism: A Reader. Amherst, NY: Prometheus Books, 2000.



#إبراهيم_جركس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خمسون وهماً للإيمان بالله [1]
- الله والعلم (2/2)
- الله والعلم (1/2)
- الله والإلحاد
- اختلافات التجربة الإلحادية: بول كليتيور
- الإله: الفرضية الخاطئة
- فيروس الإله [4]
- فيروس الإله [3]
- فيروس الإله [2]
- فيروس الإله: مقدمة
- فيروس الإله [1]
- القرآن في الإسلام (بحث في معصومية القرآن وموثوقيته)
- لماذا يتحوّل الدين إلى عنف؟ 3 ترجمة: إبراهيم جركس
- لماذا يتحوّل الدين إلى عنف؟ 2
- لماذا يتحوّل الدين إلى عنف؟ 12 ترجمة: إبراهيم جركس
- المأزق الأخلاقي للحروب
- القرآن المنحول [1]
- التاريخ النصي للقرآن (أرثر جيفري)
- الله: فيروس عقلي مميت [2]
- الله: فيروس عقلي مميت [1]


المزيد.....




- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - خمسون وهماً للإيمان بالله [2]