|
الحكيم
مراد سليمان علو
شاعر وكاتب
(Murad Hakrash)
الحوار المتمدن-العدد: 3870 - 2012 / 10 / 4 - 13:41
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تلفح بثوب أبيض ناصع البياض واستقبل شمس الصباح فتشظى من قلبه ألوان سبعة ودخلت في فكره حكمة أزلية وما أن تماوجت الألوان ثم تمازجت مع الحكمة حتى ولد الحكيم . (الولادة) كل شيء مكتوب في اللوح . وما أن قرأت أول سطر فيه حتى انشطر إلى نصفين . صعد نصفه العلوي إلى السماء السابعة . تاركا خلفه أيام سبعة . لكل يوم لون . ولم يقبل الأربعاء بغير الأحمر . فأصبح اليوم المعلَّم وسيّد الأيام . وهوى نصفه السفلي تحت الأرض السابعة . فولدت منه الأراضي والبحار والكواكب . لكل شيء لون . واختارت لالش الأخضر . فأصبحت خميرة الأرض . وقبلة الناس . والحبّ كان أول حاج إليها . وفي الوادي المقدس ولدتُ ثانية من قلب الحبّ . هذا دأبي كل يوم أجدد شبابي مع الفجر . لتشرق الشمس . ويولد النهار من شبابي . وأسمو عاليا ... عاليا ... عاليا . هذا دأبي كل يوم يغتالني الليل . فيموت معي النهار . وتفتح جهنم أبوابها ... هذا ما وجدته في اللوح . نعيم النهار وجحيم الليل . يشدني الليل نهارا ويعضني النهار ليلا . ومن ثنايا زماني يأتيني صوت هامس . كما لو ما أنت عليه لا يسرك . لك حيوات سبع . الأولى كانت معي والأخيرة ستكون لي . وخمس حيوات لك على الأرض . لست لصا بقدرك . لقاءنا كل ألف سنة في الوادي المقدس لتولد من جديد . ونتحد معا أنا وأنت فكلماتي جديرة بالحفظ لولادة قادمة . وإذا ما عجزت عن القيام بما ينبغي . فما تناسخك إلا جسورا تعبر عليها كلماتي .
أدرك الحكيم نفسه بعد أن تعرف على حواسه ومرّ بتجارب يجذبه فيها الشر في نفسه للأسفل ثم يتسامى ثانية ويحلق عاليا ليطرح أسئلة خالدة يختبر بها الخير والشر في داخله وتنبثق من التجربة وعي إدراكه بأنه هو وعاء لكليهما ولن يتبع أحدهما دون الآخر بل سيتركهما يتصارعان حتى يتحدان ثانية فالشر كان يوما خيرا لذا فهو قادر على التدخل في أي وقت يشاء وكيفما يشاء .
( البهاء ) جلس الحكيم في ظل شجرة تين . فهرب منها ظلها . وتعرّت لأنفاسه . هنالك المزيد من الحلا . والكثير من العلقم . وآن لي أن أبوح لكم بسرّ السعادة وحيلة الروح . الروح لا تسكن الجسد . وإن دخلها يوما فبحثا عن السعادة . لأن السعادة تكمن في بهاء النفس . وخلفهم جميعا تربض الحكمة . ومن ثقلها لا أقدر على زحزحتها ما لم تشاركوني فيها . حملي ثقيل وأثقل منه حكمتي . فمن يريد تسلقها عليه أن لايبتعد . إنها في قلبك . أمسح السواد عن سويدائه لتتعرف على لحظاتك الثلاث. لذا سرق التبغ لون الذهب من الشمس . ولنستعيد الذهب علينا مضغ التبغ . سأخرج صولجاني يوما ما . وسأدخّن كالآخرين حصتي . لأرسم كائنات خرافية . زرعت في صدري السعال اثنتان وسبعون مرة . ولم أنحني يوما مع نوبات سعالي . لأني أخذت حكمة الشمس ولم التفت لذهبها . أدخل كل يوم بيتها . وأترنم بأناشيدها . فما أنا إلا مرشد لطريقتها . أخاطب كل الأشياء . وكل الأشياء تخاطبني . لو لا أناشيدي لما أصفرّ البلوط . ولو لم أصغي لما كانت للمحارة أنين . إني أبارككم جميعا . فجميعكم باركوني . لأني مللت الصعود والعلوّ . نفسي تواقة للبدء من جديد في الهاوية .
أدرك الحكيم أن الموت جزء من الحياة وكلاهما نابعان من الولادة الآتية من الموت نفسه فاستقبل موته وكأنه يعيش لحظة اخرى .
( الموت ) أيها القادم إليّ كاللص تحت جنح الليل . دائما سأكون أغنية في أسماعك . ولحنا في طمبورتك . ودائما سأكون الزاد على مائدتك . أيها النور احملني إلى السماء كما حملتك في الأرض . أخرج بروحي وحلّق به فوق (سن الكلوب) . فما رأيت الشمال جنوبا قبل اليوم . ولم أر في الشمال نخلة قبل اليوم. لروحي عطش لا ينطفئ . وما أن ترتوي الأرواح حتى تنطفئ . في غمرة الحياة أسعى للموت . سأترك تناسق كل شيء . أعلم إن التناسق فيض الوجود المتصل ببعضه . ولكن الحياة والموت هما نابان في فمي . خبرت الموت عندما ولدت . إني أموت لأولد من جديد . وما أن أغمض عينيي حتى تغمرني لذة المحبة . أختبر لحظاتي الثلاث . أصومها . لتولد منها لحظة عيد . عيد هو موتي . تصاحب جنازتي عزف الشبابة ومحبّة قوّالٍ كهل . محبّة دفن القشور معي . لأولد جوهرا من اللانهائي . كل الذكريات لا تقدر أن تلفَّ روحي . كل أيامي الذهبية أيام الشباب واللهو . وصدى صرخة ولادتي . وعمق ابتسامة أمي . ونخلة ألامس يدها . لا الثمار تنزل بهز جذعها . ولا أنا قادر على تسلقها . عندها أدركتُ أعماق روحي فاقتلعته من جسدي . جسدي الذي وصل للقمة عليه النزول الآن . فمن يصل القمة عليه النزول ليصعد من جديد . فلم أنزل من عليائي إلا لأصعد إليه ثانية . ولو تعلم يا أخي كل هذا لم يستغرق غمضة عين . الثلاثاء . مساء َعمّ السكون .. في كرعزير وسيباى . فعلمت الحمائم إنها لا تستطيع الطيران . وأن سنونى مشغولة بنخلتها . والنخلة مشغولة بخيالها.. وفي عينيها العسليتين كتابة تقول : غدا هو الأربعاء . غدا هو يوم طاؤوس ملك . لنحتفل معا أيها المجنون بعيد الحبّ .!!!
#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)
Murad_Hakrash#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بتلات الورد 29
-
حكايات من شنكال 33
-
دار دور
-
بتلات الورد 28
-
بيت العقارب / قصة قصيرة
-
الطريق إلى شنكال
-
ليلى والمجنون
-
بتلات الورد 27
-
قولي شيئا
-
بتلات الورد 26
-
مكالمة لم يرد عليها / قصة قصيرة
-
حكايات من شنكال 32
-
بتلات الورد 25
-
مصطلحات من سيباى
-
جاري والمجاري
-
فيض عينيك
-
بتلات الورد 24
-
بتلات الورد 23
-
الراعي
-
بتلات الورد 22
المزيد.....
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|