أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - مسلسل جريمة الختان 79: تحوّل الشذوذ الفردي إلى تصرّف جماعي ثقافي















المزيد.....

مسلسل جريمة الختان 79: تحوّل الشذوذ الفردي إلى تصرّف جماعي ثقافي


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 3869 - 2012 / 10 / 3 - 10:24
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


إذا ما تعرّض شخص لعمليّة بتر، بإرادته أو غصباً عنه، فإن هذا الحدث قد يبقى حدثاً معزولاً. ولكن قد يثير إنتباه المجتمع ويصبح المبتور محل تبجيل، فيعدي غيره. وأهم الظواهر الدينيّة المعدية على الإطلاق ظاهرة الختان. فهناك ملايين من الأطفال الذين يتم ختانهم سنويا بسبب عدوى ختان رجل غبي اسمه ابراهيم.

ونذكر من الظواهر الدينيّة المعدية ظاهرة «سمات السيّد المسيح»، وهي الثقوب في يديه ورجليه التي أحدثتها المسامير عند صلبه، والثقب في جنبه الذي أحدثته حربة الجندي بينما كان مصلوباً. ويعتقد أن هذه السمات قد ظهرت عند القدّيس بولس، بناءاً على ما جاء في إحدى رسائله: «فلا ينغصن أحد عيشي بعد اليوم. فإني أحمل في جسدي سمات يسوع» (غلاطية 17:6). ثم ظهرت هذه السمات في غيره، أشهرهم القدّيس فرنسيس الأسيزي، وذلك قَبل وفاته عام 1226 بسنتين، وكان ينضح منها الدم. وقد أحصي 31 حالة مماثلة خلال ربع قرن بعد إنتشار خبر هذه السمات في أوروبا. ويقدّر عدد هذه الحالات حتّى اليوم بقرابة 300 حالة، منها 271 حالة على نساء، بعضها تم إجراءها من خلال عمليّات تشويه الذات، وبعضها تم تشخيصها من خلال الطب النفسي .

وإن كان علماء طب النفس الغربيّون يصنّفون في أيّامنا الأشخاص الذين يبترون أنفسهم بأنهم مصابون بمرض إنفصام الشخصيّة، إلاّ أنه في حالات تاريخيّة وثقافيّة مختلفة يمكن أن يصنّفوا بصورة أخرى ويعتبر عملهم ذو معنى إجتماعي أو موحى به. ففي أكثر الديانات نجد أن الآلهة والأنبياء والقدّيسين والخطأة الباحثين عن الخلاص قد عرضوا أنفسهم للتضحية وبتر أجسادهم . وفي الهند يبتر أعضاء مجموعة تسمّى الهجرى أعضاءهم الجنسيّة ويمارسون الجنس كمخنّثين، دون أن تعتبر هذه التصرّفات حالات مرضيّة أو تحتاج إلى تدخّل أطبّاء النفس لعلاجها . وفي بعض المواكب الدينيّة، يمرّر أشخاص قضباناً من خلال خدودهم أو يثقبون ألسنتهم أو يعلّقون بكلاّبات مغروزة في أجسادهم مئات من الأشياء الثقيلة ذات الرموز الدينيّة. وهذه الظواهر يتقبّلها المجتمع الهندي كظاهرة إجتماعيّة طبيعيّة . وعند المسيحيّين يحتل تعذيب السيّد المسيح مكاناً كبيراً في إعتقاداتهم وتعبّداتهم. فهناك من يجلد نفسه أو يصلب نفسه تشبّها به أملاً في الخلاص والحصول على الهبات الإلهيّة في الحياة الدنيا أو الآخرة. ويقوم الشيعة بجلد أنفسهم وتجريح رؤوسهم في مواكب عشوراء. وتمارس قبائل الهنود الحمر في شمال أمريكا طقساً دينيّاً يدعى «رقصّة الشمس» يدوم مدّة ثمانية أيّام. فيُمسك الراقص منهم ويُعذَّب ويُجرَّح جسمه. وهم يعتقدون أن كل من يتحمّل هذا التعذيب يرى رؤيا توضّح معنى ومجرى حياته .

هكذا يتحوّل الحدث الفردي إلى ظاهرة جماعيّة. فينتقل الإيمان الفردي بسماع أوامر إلهيّة تأمر ببتر الجسم كما حدث مع إبراهيم إلى إيمان جماعي بوجود مثل تلك الأوامر وبضرورة ممارسة هذا البتر كسمة إجتماعيّة وثقافيّة مُهمّة. وهذا ما يطلق عليه إسم «الجنون المعدي»، الذي يطبّقه علماء النفس على الختان بالذات. فهم يعتقدون أن الختان بدأ بشخص بتر غلفة قضيبه بسبب خلل عقلي أو كان مصاباً بالإحليل التحتاني. وقد إنتقلت هذه الممارسة من هذا الشخص بالعدوى إلى غيره لأسباب مختلفة نذكرها في الفصل القادم . وتدريجيّاً أصبح الختان عادة يمارسها ملايين من البشر ويصعب التخلّي عنها أو تفسيرها منطقياً.

يقول المؤلّف الأمريكي اليهودي «فالرشتاين»:
«بعدما أن قمت بعشرات من المجادلات حول موضوع ختان الذكور، وجدت رد فعل عام بين الأطبّاء اليهود يمكن إختصاره كما يلي: إني أوافق بأن لا فائدة صحّية من الختان، لا بل أشعر بأنه من الغلط القيام به، ولكن إذا كان عندي ولد، فإني سوف أختنه. أرجوك أن لا تسألني عن السبب. وأنا على كل حال لست رجلاً متديّناً. إني أعرف بأنه شيء غير عقلي، ولكني سوف أفعله» .

ويذكر «موريس بلوخ»:
«إنه من غير المتصوّر عند جماعة «المرينا» [في جزيرة مدغشقر] أن يبقى الأطفال من دون ختان، ولأجل ذلك فإنه من الصعب أن يخبرك الناس هناك لماذا يجب عليهم إجراؤه تماماً كما لا يمكنك أن تسأل الناس في أوروبا لماذا لا يأكلون الكلاب» .

وتشير الكاتبة الأمريكيّة «لايتفوت كلاين» أن رئيساً دينيّاً سودانيّاً أبلغها أن القرآن لم يتكلّم عن ختان الإناث وأن النبي محمّد قد أوصى بالختان البسيط والذي يدعى ختان السُنّة. وعندما سألته ما إذا كان عنده بنات كان جوابه إيجابيّاً، وقد ختنهن كلّهن حسب الأسلوب الفرعوني. وتتساءل: كيف يمكنه أن يفعل كل هذا رغم قناعته؟ وتجيب: إن العادة قويّة في الشعب ولا يمكن لأحد أن يتحدّى العادة . وقد عبّرت هذه الكاتبة عن هذا الوضع من خلال عنوان كتابها حول ختان الإناث في السودان: «سجناء الطقوس».

هكذا يصبح الفرد مثل المجتمع سجين العادات التي هي أصعب ما يواجه من يحاول تغيير المجتمع. ونجد صدى لذلك في القرآن الذي ينتقد تمسّك مجتمع الجزيرة بالعادات دون تفكير:
«قالوا بل نتّبع ما ألفينا عليه آباءنا» (البقرة 170:2).
«قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا» (المائدة 104:5).
«وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا» (الأعراف 28:7).
«بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون» (الشعراء 74:26).
«قالوا بل نتّبع ما وجدنا عليه آباءنا» (لقمان 21:31).
«إنا وجدنا آباءنا على أمّة وإنا على آثارهم مهتدون» (الزخرف 22:43).

وتدريجيّاً تصبح العادة تبريراً لتصرّفات الأفراد والمجتمع. والخروج عن العادة يعتبر خروجاً عن المجتمع له عواقبه الخطيرة. فإتّباع الجماعة راحة. يقول حديث نبوي: «من فارق الجماعة شبراً فمات إلاّ مات ميتة جاهليّة» . وهناك عدّة أمثلة عاميّة تعبّر عن أهمّية التشابه بين أعضاء المجتمع نذكر منها: «في بلد العوران أعور عينك»؛ «إذا إنجن أهل بلدك شو بنفعك عقلك»، «حط حالك بين التيوس وقول يا قطّاع الروس».
ونشوء العادة في المجتمع واستمرارها يكون بسبب عدوى المحيط وتأثير ديني وجنسي وعائلي وقَبلي وسياسي واقتصادي سوف نراها في المقالات القادمة.

---------------------
سوف أتابع في مقالي القادم الجدل الإجتماعي فيما يخص ختان الذكور والإناث.
يمكنكم تحميل كتابي ختان الذكور والإناث عند اليهود والمسيحيّين والمسلمين
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131&action=arabic
وطبعتي للقرآن بالتسلسل التاريخي مع المصادر اليهودية والمسيحية
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315&action=arabic
اذا أردتم المناقشة أو وجدتم صعوبة في تحميل كتاب اكتبوا لي على عنواني التالي
[email protected]



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسلسل جريمة الختان 78: وسائل معالجة بتر الذات الشاذّة
- مسلسل جريمة الختان 77: لماذا يبتر الناس أنفسهم ولماذا ختن اب ...
- مسلسل جريمة الختان 76: لماذا يبتر الناس أنفسهم (1)
- مسلسل جريمة الختان 75: المعالجة الطبّية لآثار ختان الإناث
- مسلسل جريمة الختان 74: آراء حول استعادة الغلفة
- مسلسل جريمة الختان 73: كيف تستعيد غلفتك
- مسلسل جريمة الختان 72: استرجاع الغلفة في التاريخ
- مسلسل جريمة الختان 71: الختان وعلاج إلتهاب الحشفة والغلفة
- براءة الأطفال أهم من سخافة الأنبياء وأتباعهم
- جرموا تشويه الأديان!
- مسلسل جريمة الختان 70: الختان والتهاب المسالك البوليّة
- مسلسل جريمة الختان 69: الختان وضيق الغلفة
- مسلسل جريمة الختان 68: الختان والإيدز (المصادر الغربية)
- مسلسل جريمة الختان 67: الختان والإيدز (المصادر العربية)
- مسلسل جريمة الختان 66: الختان والإيدز (تجربة شخصية)
- فيلم مسيء لمحمد: اقترح دواء ناجع وسريع
- نزول بابا نويل من المدخنة والقرآن من السماء
- مسلسل جريمة الختان 65: الختان والسرطان
- أنت ملحد ولا مسيحي؟
- مسلسل جريمة الختان 64: الختان للوقاية من الأمراض الجنسيّة


المزيد.....




- بيستوريوس: لا يجوز أن نكون في موقف المتفرج تجاه ما يحدث في س ...
- أردوغان يعلن -مصالحة تاريخية- بين الصومال وإثيوبيا
- الرئيس التركي أردوغان: اتخذنا الخطوة الأولى لبداية جديدة بين ...
- قوات -قسد- تسقط طائرة أمريكية مسيرة
- -CBS NEWS-: ترامب يوجه دعوة إلى شي جين بينغ لحضور حفل تنصيبه ...
- مجلس النواب الأمريكي يصادق على الميزانية الدفاعية بحجم 884 م ...
- العراق.. استهداف -مفرزة إرهابية- في كركوك (فيديو)
- موسكو تقوم بتحديث وسائل النقل العام
- قوات كردية تسقط بالخطأ طائرة أميركية بدون طيار في سوريا
- رئيس الإمارات وملك الأردن يبحثان التطورات الإقليمية


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - مسلسل جريمة الختان 79: تحوّل الشذوذ الفردي إلى تصرّف جماعي ثقافي