أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شاكر الناصري - عن المثقف والسلطة والمصالحة الوطنية














المزيد.....

عن المثقف والسلطة والمصالحة الوطنية


شاكر الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3867 - 2012 / 10 / 1 - 23:02
المحور: المجتمع المدني
    


رعاية رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عُقِدَ في بغداد مؤتمر تحت عنوان (المثقف والمصالحة ). حضره عدد من فناني وأدباء وأكاديميي العراق حسبما تقول جريدة الصباح الممولة من الحكومة العراقية .

يأتي عقد المؤتمر في ظل أوضاع وصراعات سياسية حساسة، تنذر بالكثير من العواقب. هذه الأوضاع هي حصيلة صراعات القوى والأحزاب السياسية التي وصلت الى الحكم في العراق بعد إسقاط نظام البعث الفاشي بفعل الحرب والاحتلال الأمريكي للعراق.

نظرة سريعة على مشروع المصالحة الوطنية الذي انطلق منذ عدة سنوات ستكشف لنا انه لم يكن سوى مشروع من أجل دمج أعضاء وكوادر حزب البعث في دوائر ومؤسسات الدولة، العسكرية والأمنية والخدمية، من أجل الحد من مشاركاتهم في اعمال العنف المسلح والعمليات الإرهابية التي لم تتوقف وكذلك لدفعهم للمشاركة في ما يسمى بالعملية السياسية. ولذلك لم تكن المصالحة مشروعا من أجل إعادة دمج مكونات المجتمع العراقي وفق هوية محددة أو مشروعا لتعزيز قيم المواطنة واتخاذها كهوية أساسية قادرة على إنقاذ العراق من مخاطر كثيرة.

الشعوب والبلدان التي تخرج من حكم أنظمة استبدادية وعنصرية وطائفية كنظام حكم البعث وصدام حسين سيكون من مصلحتها ان تعمل على تحقيق مصالحة وطنية شاملة تطوي صفحات الماضي وتعيد الاعتبار للضحايا واعتراف الجلاد بخطاياه. ولنا فيما تحقق في جنوب أفريقيا مثال رائع ومثير وقابل للتحقق في العراق وكل البلدان الأخرى التي تتشارك مع العراق بقوة نكباته وقسوة دماره وخرابه.

لم يتوقف كتاب العراق ولا مثقفوه من تسطير الكتب والصفحات بملاحظات حول مشروع المصالحة وبمقترحات عملية وواقعية تجعل من هذه العملية عملية ناجحة ومثمرة وقابلة للتحقق؛ لكن كل ما كان يقدم أو يقال كان يذهب هباءً على جدران التعنت والتجاهل والإهمال الذي يمارسه السياسي والسلطة. هذا السياسي الذي يريد تمرير مشاريعه السياسية رغم كل ما تحمله من مخاطر على الدولة والمجتمع في العراق وتحقيق مصالحه ومصالح حزبه وقوميته وطائفته وعشيرته أيضا. لذلك كان الساسة والقوى الحاكمة هم الأكثر خرقا لقيم المصالحة، فأشاعوا الخراب والدمار وجعلوا المواطن العراقي عرضة لمخاطر القتل والتهجير.

لم ينشغل المثقف بقضايا المصالحة وحدها، فقط؛ بل كان له دور في لفت نظر السلطات الى ما يعانيه المجتمع العراقي من ظواهر كثيرة بدأت تستشري وتهدد ما تبقى من مظاهر مدنية أو روابط اجتماعية كانت من العناوين الأساسية للتآلف والتسامح والاعتراف المتبادل بين العراقيين. لم يتوقف المثقف عن تشخيص معالم انهيار التعليم في العراق او انهيار الواقع الصحي والخدمي وما تعانيه المرأة من ظلم وجرائم متواصلة بذريعة الشرف وغسل العار وسلطة العائلة والعشيرة. لم يتوقف الكثير من المثقفين عن تحديد مخاطر الانسياق وراء زج العشيرة في اللعبة السياسية واتخاذها كعامل ضغط في مواجهة الخصوم أو فرض التنازلات عليهم أو في تبيان مخاطر تحول العرف العشائري الى سلطة موازية لسلطة القانون وقادرة على سحقه وتجاوزه في أحيان كثيرة بفعل الدعم الذي تتلقاه من السلطة الحاكمة والحزب الحاكم. لم يتوقف كذلك عن كشف مخاطر اللعب بالنزعات الطائفية والقومية وإنها ستكون لعبة محفوفة بالمخاطر وستحيل العراق الى مستنفع للخراب والفساد واستغلال قوة الطائفة أو القومية في حسم الصراعات وبما يؤدي الى خلق حالة من الكراهية والنفور وتبادل الاتهامات بين مختلف شرائح ومكونات المجتمع العراقي . إلا ان ما يفعله الساسة هو مواصلة السعي وراء مصالح وصراعات سياسية كان الإنسان في العراق هو ضحيتها المباشرة.

اليوم، يذكرنا الحديث عن دور للمثقف في تحقيق المصالحة -شئنا أم أبينا- بكل ممارسات نظام البعث الفاشي،الذي كان يجمع الكتّاب والشعراء والمثقفين في مؤتمر أو قاعة ليلقي عليهم القائد الضرورة خطبة تحمل رسائل عدة يتخللها طبعا الإشادة بالدور الهام والحيوي للمثقف والإشارة الى مكانته الاجتماعية. لكن الهدف الأساسي هو استغلال هذه المجاميع من المثقفين والكتاب والأكاديميين لتمرير مشروع معين. أي استغلالهم في الدعاية السياسية للسلطة ولأهدافها التي أوصلت العراق الى هاوية الخراب.

الخراب والدمار ومهرجانات الإرهاب التي تتواصل بفعل الساسة وصراعاتهم ومصالحهم وتوازناتهم وطائفيتهم وقومياتهم ونزعاتهم العنصرية ومليشياتهم ومفخخاتهم وعصاباتهم التي تواصل عبثها المريع بحياة وأمن الأبرياء والعزل في البيوت والأسواق والمدارس وأماكن العمل، وحولتها الى ساحة لتصفية الحسابات وكذلك مساعيهم للحصول على تنازلات سياسية تحميهم وتحمي مصالحهم. كل هذا الخراب الذي وصل الى مديات مريعة طالت كل جوانب حياة المواطن العراقي وجعلته أسير السياسي وتحت رحمته، لا يمكن ان يتحمل مسؤولية إصلاحه احد سوى الساسة أنفسهم.

ما يسعون اليه الان لدفع المثقف العراقي الى واجهة صراعاتهم او جعله شريكا في أصلاح كل خرابهم هو محاولة بائسة لا تعدو ان تكون محاولة لتبرئة الذمة: ذمة السياسي المخرب، القاتل،الفاسد الذي يريد ان يقول انه عجز عن أصلاح ما خربه. لكنها تبرئة ذمة ملغومة ومفخخة برسائل كثيرة وأولها ستكون للمثقف نفسه بأنها قادرة على تحويله الى شريك في كل الأخطاء السياسية الكارثية التي ترتكب في العراق.



#شاكر_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمر وبكل بساطة : إنها حريتنا وحياتنا الشخصية
- مهرجانات وزارة الثقافة : محاولات لتلميع الخراب
- الفلم الدنماركي الثأر - HÆVNEN - :هل يمكن أن نعيش دون ...
- سيرة حرب.......2 ، قسوة تل الخراء
- عن الإيمو والحرية وكراهية الحياة
- سيرة حرب ...1 .حين أضعت الطريق الى بيتنا
- قراءة في مشاهد أعتقال وقتل دكتاتور
- المالكي ومجالس الإسناد : حكاية التاريخ المستعاد
- الإعتقالات و الإتهامات لا تحجب الحقيقة يا حكومة نوري المالكي
- عدو ما بعد القتل : عن صور جثة بن لادن
- البديل السياسي في العراق : مقاربة أولية
- حكومتنا وحكوماتهم: الأختلافات والتشابهات
- درعا في مواجهة الأسد
- بوتين والقرضاوي : فجر أوديسا أم الحرب الصليبية ؟
- إزالة الدوار أم إزالة الرمز ؟
- لنحارب المحاصصة أولا
- التجمعات والتظاهرات في العراق بين الأمل والأحباط
- ثورة أم أصلاح ؟.. حول ما يحدث في العراق .
- حزب البعث لايستحق شرف الدفاع عن مطالبنا
- نفحات فاشية ، خطاب القذافي نموذجا


المزيد.....




- الجامعة العربية تبحث مع مجموعة مديري الطوارئ في الأمم المتحد ...
- هذا حال المحكمة الجنائية مع أمريكا فما حال وكالة الطاقة الذر ...
- عراقجي: على المجتمع الدولي ابداء الجدية بتنفيذ قرار اعتقال ن ...
- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام مواطن -قصاصًا- وتكشف اسمه وجر ...
- خيام غارقة ومعاناة بلا نهاية.. القصف والمطر يلاحقان النازحين ...
- عراقجي يصل لشبونة للمشاركة في منتدى تحالف الامم المتحدة للحض ...
- -رد إسرائيل يجب أن يتوافق مع سلوكيات المحكمة الجنائية الدولي ...
- مياه البحر تجرف خيام النازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس ...
- مصرع عشرات المهاجرين بانقلاب قواربهم قبالة اليونان ومدغشقر
- الجنائية الدولية تطالب الدول الأعضاء بالتعاون لاعتقال نتنياه ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شاكر الناصري - عن المثقف والسلطة والمصالحة الوطنية