سامي عبالقادر ريكاني
الحوار المتمدن-العدد: 3867 - 2012 / 10 / 1 - 22:06
المحور:
القضية الكردية
ان الصراع في الشرق الاوسط امتدت وتوسعت من بقعة جغرافية داخل دولة معينة وامتدت لتشمل دول اقليمية تراصت مع بعضها البعض واستمرت لتصل الى الحدود الدولية مشكلا صراعا دوليا تظهر ملامحها يوم بعد يوم مع اشتداد الازمة السورية ,لتطفوا على السطح ابرز ملامح الجبهتين المتنافستين على الساحة الدولية والاقليمية والمحلية والتي تقودها امريكا والاتحاد الاوروبي مع كل من تركيا والدول العربية السنية وانتهاء بسنة العراق هذا من جهة والجبهة الاخرى والتي تقودها ايران وروسيا والصين وتقف ورائهما كل من الهند والبرازيل وجنوب افريقيا وسوريا وشيعة العرب وحزب الله اللبناني انتهاء بالحكومة العراقية ذات الطابع المذهبي الشيعي والذي يقودها المالكي , وحتى اقليم كوردستان لم ينجوا من اثار هذا الصراع والتي ادت الى انقسام في صفوفهم وتوزيعهم على جبهتين تميل كل جبهة لطرف من اطراف هذا الصراع والذي ليس للاكراد فيها ناقة ولا جمل.وبهذا يكون قد برزت خطوط اتفاقية سايكس بيكو جديد ولكن ليس للسيطرة على الارض واستعمارها وانما للسيطرة على الموارد وتقسيمها على المنافسين والتي ستحمل الاوضاع السياسية وترغمها لتكون بمقاس تلك الاهداف الاقتصادية واخوف مايخيفني فيه هي اقليم كوردستان وغياب وحدة الصف الكوردي, بعد ما سال لعاب تلك المؤسسات المالية العالمية والتي تتحكم بالعالم اليوم من مركز الراسمالية العالمية بعد انهيار الجبهة الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفيتي وبعد ما علمت بالثروات الطبيعية الهائلة المكتشفة في هذا الاقليم ومخاوفي من ان تعيد الكرة على الاكراد وتبدد ثرواتها بين المتنافسين الاقوياء على الساحة الدولية والاقليمية دون مراعات مصالح وخصوصية واصحاب هذه الارض وتقسم ثرواتها مثلما قسمت ارضها في الاتفاق السابق ,والذي بدا يظهر من العمق التاريخي لتخط حدودها ضمن هذا الصراع كبديل للحل والتوافق بين المتامرين على المنطقة الشرق اوسطية ولتبين لنا بان كل مااختذله التاريخ من حروب وويلات وانتصارات وتحولات وتحت مسميات من قبيل الحرية والديمقراطية وحقوق القوميات والجهاد والارهاب وحقوق الانسان وحق تقرير المصير والخطر النووي والكيمياوي والى اخره, وما اظهره التاريخ من حركات سميت حينها ولحد الان بحركات التحرر الوطني والقومي والاسلامي ما هي الى وسائل واليات للتضليل والاستخدام الوقتي من اجل مارب ومصالح القوى المتحكمة بالاقتصاد الدولي والتي ارادة وعملت من اجل ارساء دعائم اقتصاداتها في دولها الام وتكوين جغرافيات سياسية واستراتيجية لتعبر عما توصل الية الاتفاق بين القوى المتنافسة على موارد واقتصاديات تلك الدول المسمات بدول الشرق الاوسط واسيا الوسطى وفي الوقت الذي اصبح فيه الاقتصاد العالمي على شفا الانهيار والتي هي بامس الحاجة الى مناطق نفوذ اقتصادية من اجل امداد اقتصادها من جهة وقطع الطريق على المنافسين الاخرين او الاشتراك معا في تقسيم الكعكة ومشكلا في نفس الوقت نظام عالميا جديدا تبرز عن اقطاب جديدة تقود هذا النظام وتتحكم فيه.
التاريخ يعيد نفسه:
ان جذور الازمة التي تمر بها العراق بين الكتل السياسية وبين بغداد واقليم كوردستان هي امتداد لاستمرار المخاض العسير الذي سيولد واقعا سياسيا تعبر عما سيتوصل اليه الصراع التي تقودها الجبهات الداخلية وكالة عن الجهات الاقليمية والدولية المتعددة المنافسة على الموارد الطبيعية في هذه البقعة والتي ستكون لها تاثيرات جغرافية سياسية وعسكرية واجتماعية على المنطقة عموما وعلى القضية الكوردية خاصة اذا لم يتعامل معها القيادات الكورية بالصورة التي ينبغي للحفاظ وتوظيف الواقع وتوجيهها لما يخدم المستقبل والمصير الكوردي ويحفظ موارده وثرواته الطبيعية مع الحذر والترقب وانتظار الفرصة لاعلان دولتهم المستقلة.
ان الازمة الحالية بين بغداد والاقليم او المالكي والبارزاني ادى الى انقسام في الصف الكوردي بين ولائين ولاء للجبهة التركية السنية والتي تقف ورائها كل من اوروبا و امريكا وولاء للجبهة الايرانية الشيعية المتمثلة بالحكومة العراقية بقيادة المالكي والتي هي امتداد للتحالف الايراني الروسي الصيني , وباعتقادي ان التاريخ التقسيمي لكوردستان يعيد نفسه فاول انقسام لكوردستان كان يرجع سببها الى الصراع بين الامبراطوريتين الصفوية (الشيعية) والعثمانية (السنية) والتي انتهت بعد هزيمة الاولى في معركة جالديران والتي اسفرت عنها معاهدة قصر شيرين وبموجبها انقسمت كوردستان بين الامبراطوريتين سنة 1639م ,وبعدها استمرت المعانات الكوردية في نضالها ضد الامبراطوريتين,وكانت الاتفاقات بين الامبراطوريتين وبعدها بين الدولتين التركية والايرانية بعد انهيار الامبراطوريات وبدء عصر الدول القومية وبينهما وبين الدول ذات النفوذ القوية التي كانت تسيطر على المنطقة مثل بريطانيا وفرنسا واخيرا روسيا وامريكا, سببا لانقسام الاكراد وضعف وحدتهم وفشل ثوراتهم .
ففشل ثورة بدرخان باشا التي استمرت من 1843م الى 1848كان سببها تواطوء كل من يرطانيا وفرنسا مع العثمانيين ضد الثورة ,وفشل ثورة يزدين شير 1853م ايضا كان بمساعدة بريطانية وبمؤامرة خبيثة تم تسليمه للاتراك تحقيقاً لأطماعها ومصالحها التي هي بالضد من مصالح الشعب الكردي وذكر افريانوف ذلك في كتابه "الأكراد" ,اما ثورة عبيدالله النهري 1880م التي كانت ذات طابع قومي وعالمي , قومي بمعنا انها امتدت لتشمل جميع الاكراد متجاوزا الحدود المزيفة التي صنعتها كل من ايران وتركيا وكان يحارب على الجبهتين, وعالمي لكونه كان في ثورته دائم التواصل مع المجتمع الدولي والقوى المتحكمة في المنطقة لاخبارهم بعدالة قضيتهم ومدى الظلم الذي يقع عليهم من الحكومتين الايرانية والتركية , ولكن مرة اخرى وباتفاق بين ايران وتركيا وطلبهما من كل من روسيا وبريطانيا تم التخطيط للقضاء على هذه الثورة عبر اقناع عبيدالله وبضغط من الدولتين العظميين تم ارساله الى استانبول من اجل التفاوض وهناك قبض عليه ومن ثم نفي الى مكة وبقي هناك الى ان توفي .
هل نحن اما سايكس بيكو جديد:
جاءة اتفاقية سايكس بيكو 1916 م لتكمل السيناريوا الدولي الاقليمي ضد الاكراد ولتنقل قضيتهم الى مرحلة جديدة تصور الكورد بانها ستكون نحو بناء دولة كوردية مستقلة حسب الوعود الدولية والاقليمية لشريف باشا والذي كان مندوبا ممثلا عن الاكراد في الامم المتحدة , ولكن الذي لم يفهمه الاكراد في تلك المرحلة الا متاخرا كالعادة هو ان كل من بريطانيا وفرنسا والاتراك والايرانيين والروس كانوا منكبين على وضع اللمسات الاخيرة لمخطط رهيب يتم بموجبه الهاء الاكراد بالدولة الموعودة ومن جانب اخر الاتفاق مع مصطفى كمال اتاتورك ومساعدته لحين تمكين سلطته في توركيا للقضاء على الخلافة العثمانية ودولة الخلافة مقابل تقسيم تركة الدولة العثمانية والتي ستكون على حساب الاراضي الكوردية بين دول وليدة, والحاق كل جزء من كوردستان التابعة للدولة العثمانية فيما بينها وهذه الدول كانت سورية والعراق وتوركيا وبموجب هذه الاتفاقية قسمت الاراضي الكوردية والاكراد ينتظرون الوعود الدولية والاقليمية لاعطائهم حقوقهم القومية وهم في غفلة من هذه المؤامرة البشعة, والذي ارى نفس السيناريو يخطط لكوردستان العراق خاصة وللاكراد عامة في كل من سوريا وتوركيا في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها الساحة الاقليمية والدولية وخصوصا المنطقة الملتهبة والتي تجري عليها تصفية الحسابات والصراع من اجل المصالح والتي تقع المنطقة الكوردية في قلب المنطقة الملتهبة , والتي يتم الهاء الاكراد بان الصراع لايشملهم وانهم بمنا من الاخطار كلما شعر الاكراد بحجم المؤامرة سواء على مستوى العراق او المنطقة جاء الرد الامريكي والاقليمي لاسكاتهم وارغامهم للتنازل عن مخاوفهم ارضاء لاجندة اقليمية ودولية ,وان التنازل الامريكي والتركي للمالكي في الاونة الاخيرة بعد مخاوفهم من اعلان الاخير من انه سيعقد اتفاقات استراتيجية عسكرية واقتصادية مع روسيا اذا بقي الدعم التركي والامريكي للاكراد على هذا المنوا ل , هو السبب الذي اجبر الاكراد من قبل امريكا لارسال الوفد الكوردي للتنازل والقبول بالحل العراقي لازمة النفط والضغط عليهم لقبول الحلول الاخرى التي تمس القضايا العالقة بين بغداد والاقليم, دون مراعات للاخطار التي تحيق بالقضية الكوردية والاقليم جراء المخطط الاقليمي الذي يقوم المالكي باخضاع جميع مؤسسات الدولة العراقية ومستقبلها السياسي خدمة للاجندة الخارجية مستفيدا منها في ترسيخ سلطته المطلقة وتخليصا من مخاوفه التي توحي له بانه بتركه للسلطة ستكون نهايته الحتمية على ايدي غرمائه الذين اضر بهم كثيرا سواء من الشيعة او السنة ,او الاعداء الاقليميين,وما الطلب الامريكي من مام جلال بترك منصب الرئاسة العراقية لكتلة العراقية ولشخص اياد علاوي الا استهانة واستخفاف بالقضية والحقوق الكوردية المعروضة دائما للمقايضة والمزايدات السياسية وللبيع اخيرا عند الانتهاء منها .
#سامي_عبالقادر_ريكاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟