أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مالوم ابو رغيف - الدين والطوائف والشعب















المزيد.....

الدين والطوائف والشعب


مالوم ابو رغيف

الحوار المتمدن-العدد: 3865 - 2012 / 9 / 29 - 18:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الدول ذات الأنظمة الدكتاتورية أو تلك التي تحكم وفق نظام ديني أو دستور الهي، كذلك في بعض ثوار ما أطلق عليه اصطلاحا بالربيع العربي، حيث يعلن من ينصبون أنفسهم ممثلين شرعيين لـ فئة أو طائفة أو مكون بأنهم الشعب، أو أنهم يمثلون رأيه وتوجهه ومصالحه، فيصادرون الوطن والناس والثروات ويضعونهما تحت تصرفهم، متجاهلين بالكامل الملايين من المواطنين الآخرين الذين لا ينتمون لهم لا طائفيا ولا دينيا ولا سياسيا، في هذه الدول وفي هذه الهبات الثورية لا يعني مفهوم الشعب شيئا، إذ يصبح كالطبل أجوف فارغ من الداخل وان كان إيقاعه يرقص السامعين.
مصطلح الشعب في بلدان العروبة والإسلام اسم يبحث عن مسمى، شانه شان بقية المصطلحات التي ما إن تدخل في دائرة تداول السياسية العربية والإسلامية حتى تضيع نفسها، تفقد صورتها وملامحها ولا يبقى منه سوى الاسم، مثله مثل شخص تعيس لكن اسمه سعيد.
ولأنها كذلك، أي المفاهيم، وحتى لا ينتبه الناس إلى خواءها وفراغها الفكري، يجتهد زبانية الحكام الجدد، وخاصة الإسلاميين على إبداع صيغ واليات أخرى، قد تكون أي شيء، لكن لا يمكن إن تكون تعبيرا صادقا عن تلك المفاهيم التي عرفت طريقها إلى الشرق عن طريق الصدفة أو عن طريق التقليد أو بسياسة أتمسكن حتى أتمكن.
فمفاهيم الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة والمجتمع المدني ومنظماته، من حيث اللفظ الدال على المعنى لا تختلف عن مثيلاتها في الدول الغربية، لكن من حيث الجوهر تختلف اختلافا يصل حد التناقض التام مع المفهوم الأصل.

الشعب كمفهوم كما توحي به خطب الحكام وبيانات الأحزاب ومقالات الجرائد هو مجموع السكان، لكن السكن لا يعني الوجود في المكان والزمان، فلو امضي إنسان العمر كله في مكان دون إن يحصل على وثيقة انتماء لا يعتبر من الشعب. وثيقة الانتماء التي قد تسمى الجنسية أو شهادة الجنسية لا تشير إلى انتماء قبلي أو قومي أو لغوي أو ديني أو سياسي أو مكاني بل تشير إلى انتماء لدولة: فان غابت أو انحلت الدولة غاب الشعب وتشت طوائف وقوميات وعشائر واديان ومذاهب متصارعة. إذ لا وجود لشعب من دون دولة. من دون دولة، توجد عشيرة أو قبيلة أو قومية أو طائفة ولا يوجد شعب.
لكن ما هو مفهوم الدولة عند العرب ؟
الدولة عند العرب هي الحاكم - الملك- الرئيس- الأمير. لا يوجد فصل في الذهنية العربية بين الاثنين، بين الحكومة وبين الدولة. عدم الفصل هذا، بين الحكومة وبين الدولة ليس بسبب قصور فكري أو خطأ في الفهم، بل هو موروث تاريخي قد اقترن بالعقاب والقمع لفرض الطاعة واعتبرت أي مطالبة بالحقوق هي تمرد وعدم ولاء. فنقول الدولة الأموية والدولة العباسية والدولة العثمانية والدولة الهاشمية والدولة السعودية. هذه الدول لا تشير إلى نظام سياسي أو نظام حقوقي بقدر ما تشير إلى هيمنة قبيلة أو عائلة على الأرض وعلى سكانها، فان سقطت العائلة سقطت الأرض وانتهى إن يكون سكان تلك الأرض شعبا رغم حقيقة وجودهم عليها. الغريب إن المسلمين لا زالوا يتعاركون حول هذه الدول المنقرضة ويحمل هذا الطرف أو ذاك مسؤولية سقوطها، بل يحددون أصالتهم القومية والدينية وفق الانتماء إليها.
مفهوم الدولة في الذهنية العربية مرتبط بالحاكم، بالولاء له. في شبه جزيرة العرب ، أو ما يسمى تعسفا السعودية، لا يُعتبر الشيعة أو الاسماعيليين من الشعب، فهم خونة الولاء للوطن، إذن إن الوطن والدولة هو الملك والدين الوهابي. كذلك كان الحال في العراق فسكان جنوب العراق ليس من الشعب لأنهم لا يوالون صدام، بينما اليوم ينظر إلى السنة العراقيين بعين الشك والريبة ويطعن في ولائهم، في سوريا يرفع ما يسمى بالثوار السنة شعار الانتقام من العلويين والشيعة والدروز والمسيحيين فهؤلاء ليس من الشعب.
المواطن في الدول العربية والإسلامية من الشعب طالما أعلن عن ولائه المطلق للحاكم، للحزب، للثورة، إعلان الولاء لا يفترض الكلام إلزاما، بل السكوت عن جميع الفضائع والفضائح وعدم المطالبة بالحقوق. فأنت مواطن مخلص طالما رضيت بعبوديتك لرجل الدين، ولسلطة للثورة او لم تعترض على نزق الحاكم. هذه الفكرة حملها اللاجئون معهم إلى بلدان المهجر واللجوء فتصوروا إن امتداح الأنظمة والحكومات والرضي الكلي عن نوعية الحياة وعن النظام الرأسمالي هو ولاء للدولة التي منحتهم الإقامة. فهم ورثة لتراث يعتقد إن الحقوق منة الحاكم على المحكوم وليست صفة أساسية للشعب الذي أصبح منه. هؤلاء عبيد في بلاد الحرية.
الانتماء للدولة – الحكومة في الذهنية العربية الإسلامية ليس انتماء حقوقي، بل انتماء عرفيا، والقانون الموروث يفرض حق الحاكم ويتجاهل حق المحكوم: فأين حق المواطن بالسكن بالعمل بالتعليم بالحرية بالتظاهر بالاحتجاج باختيار العقيدة والدين بل أين حقه في البقاء على قيد الحياة!! وهذا ما يفسر لنا التدمير والتخريب المتعمد للمنشئات والمؤسسات والمرافق العامة، إذ إن الناس لا تحس أنها لها وتحت تصرفها.

الدولة العربية نشأت على ضوء المفهوم الديني الإسلامي، حيث لا حق للإنسان على الإله وما على الإنسان إلا الطاعة، والله لا يقدم شيئا نضير هذه الطاعة، كما انه لا يسأل تفسيرا عن تدميره اللاواعي للناس وللطبيعة بالهزات الأرضية أو بكوارث الفيضانات وانتشار الإمراض والأوبئة أو بإحلال الجفاف في الأراضي الشاسعة، الجواب الوحيد لإعمال الله الطائشة هو أن عباده قد عصوه فحق عليهم العقاب.
هذه الفكرة موجودة بشكل أو بآخر في دول الهوان العربي: غضب الدولة أو الحاكم ليس له تفسير آخر سوى انه يرى إن طاعة الناس له ليست بتلك الدرجة التي يرتضيها. وانتقام الحاكم قد لا يكون هزة أرضية أو صعقة كهربائية، قد يكون اغتيال بمسدس كاتم للصوت أو عبوة ناسفة أو قتلة مأجورين أو بحادثة سير أو بموت مفاجئ دائما كما يفسر بالسكتة القلبية.

الشعب وان كان هو مجموع السكان ضمن حدود دولة معينة، إلا إن الميزة الرئيسية له ليس مكان سكنه وليس لغته، بل نوعية وماهية حقوقه وليس انتمائه الديني أو القومي أو القبلي.
الحقوق الكاملة للناس المؤكدة بالقوانين والتي تصبح فيما بعد بديهية ولازمة للحياة كالماء والهواء، والمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة هي التي تعطي تعريف لهذا الشعب وليس قوميته أو لغته أو دينه. الحقوق توحد الشعب بينما عداها تساهم في تفرقته أو في شتاته وتضارب مصالحه.
قد تبدو المهمة الملحة الآن والتي لا تقبل التأجيل هو إعادة تشكيل الشعوب وفق فهم الحقوق المدنية، إذ إن الشعوب أصبحت كالخرق التي تقطعت أو توشك على التمزق، فخيوطها الرابطة التي تجعل منها قطعة قماش واحدة، قد قدمت وبلت وافتقدت القدرة على تماسك القماش الذي بهت لونه وأصبح مرقعا بالطوائف والمكونات والأديان.



#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلم مثير وثلاث ملاحظات
- تزاوج ثقافة الحقد الإسلامي مع ثقافة العنف الامريكي
- تفضيل إنجاب الذكور وحقوق المرأة
- هل لك أن تنتظم في طابور الموت رجاء!
- الصهيونية وموقف البعض منها
- الشيعة ومقبرة النجف
- كوردستان من الفدرالية الى الكونفدرالية
- رجال الدين والفضائح
- المساواة في القانون والشريعة الاسلامية
- إله عربي بقلنسوة وأزلاف طويلة
- وصايا الله العشرة والاسلام السياسي
- كلمات الله الضائعة بين جبرائيل وبين محمد
- سيرة غير عطرة لنبي
- الايمو والسياسة والدين.
- اضطهاد المرأة في صدر الاسلام
- عندما يكون الله معديا
- من اجل ربيع يساري قادم
- هل يمكن تعايش الثقافتين العلمانية والاسلامية؟
- احتجاج جسد عاري
- الديمقراطية الإسلامية العجيبة في العراق


المزيد.....




- مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل ...
- متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح ...
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م ...
- السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
- مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
- فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي ...
- الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار ...
- لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك- ...
- -الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
- بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مالوم ابو رغيف - الدين والطوائف والشعب