أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - مسلسل جريمة الختان 76: لماذا يبتر الناس أنفسهم (1)















المزيد.....

مسلسل جريمة الختان 76: لماذا يبتر الناس أنفسهم (1)


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 3864 - 2012 / 9 / 28 - 21:19
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


بعد الانتهاء من الجدل الديني والطبي، ننتقل الآن إلى الجدل الاجتماعي. ونلاحظ بداية بأن الختان ظاهرة جماعيّة. وككل ظاهرة جماعيّة، لا بد أن تبدأ بفرد يعتبر «شاذاً» يقوم بختان نفسه لأسباب مختلفة، منها الديني، والجنسي، والمرضي. ثم تنتقل من الفرد إلى الجماعة فتفقد طابعها «الشاذ» وتصبح عادة وظاهرة ثقافيّة مع الوقت تحت تأثير عدوى المحيط، والدين، والنزوات الجنسيّة، والزواج، والنظام القبلي والطائفي، وغريزة التسلّط، والعوامل الإقتصاديّة، والدوافع السياسيّة. والختان كـ«منتوج جماعي» يتحوّل إلى «عامل» مؤثّر على المجتمع. وقد رأينا تأثيره على الحياة الزوجيّة والشذوذ الجنسي وتناول المخدّرات في الجزء الطبّي، وسوف نرى هنا نتائجه النفسيّة والإجتماعيّة الأخرى. وننهي هذا القسم بعرض الوسائل التربويّة والنفسيّة لمعالجة آثار الختان والقضاء عليه.

من بتر الذات الشاذ إلى التصرّف الجماعي الثقافي
------------------------------
لقد عرّض الإنسان نفسه وغيره عبر العصور إلى أنواع شتّى من البتر والتشويه، من بينها بتر الأعضاء الجنسيّة، وخصوصاً ختان الذكور والإناث. وتبدأ ظاهرة بتر الذات بفرد شاذ نفسيّاً، ثم تصبح مع مرور الوقت ظاهرة ثقافيّة. وفهم الأسباب التي تؤدّي إلى بتر وتشويه الذات عند الأفراد الشاذّين نفسيّاً يساعد في فهم الأسباب التي تؤدّي إلى بتر وتشويه المجتمع أجساد أفراده. يقول «بتلهايم» أن تصرّفات المرضى المصابين بالفصام العقلي تكشف عن الأسباب الحقيقيّة التي تحكم تصرّفات المجتمع المتحضّر. فرغبات الإنسان في كل زمان ومكان واحدة ولكن تلك الرغبات عند المرضى أكثر وضوحاً، بينما المجتمع المتحضّر يخفي تلك الرغبات ويكبتها. ولكن هذا التأثير ليس في إتّجاه واحد، فالمجتمع أيضاً يؤثّر في الأفراد. يقول طبيب النفس «فافاتزا» إن جسم الإنسان الفرد يعكس صورة الجسم الإجتماعي، وكل منهما يكوّن الآخر ويدعمه. فعدم وعي الواقع، والشعور بالذنب، والنظرة السلبيّة نحو الذات، والأعمال غير الإجتماعيّة وغيرها من عوارض الأمراض العقليّة لا يمكن تفهّمها إلاّ بتفهمنا نفسيّة وثقافة المجتمع.

بتر الذات الشاذ من الجن إلى علم الطب النفسي
-----------------------------
كانت الظواهر الطبيعيّة كالبرق والرعد وقوس القزح والمطر تنسب في الماضي إلى الآلهة وقوى خارقة أخرى حتّى جاء العلم ففسّرها. وكانت الأمراض الجسديّة تنسب إلى عقاب إلهي أو مؤامرة تحيكها الأرواح الشرّيرة فجاء علم الطب وأرجعها إلى أسباب طبيعيّة يتقبّلها العقل ويمكن البحث عن دواء لها.
وقد نسبت تصرّفات الأفراد الشاذّة مثل بتر وتشويه الجسم لقوى خارقة مثل الجن والشياطين. فيحكي لنا الإنجيل شفاء المسيح لرجل «فيه روح نجس قد خرج من القبور [...] وكان طوال الليل والنهار في القبور والجبال، يصيح ويرضّض جسمه بالحجارة». فسأل المسيح الروح النجس عن إسمه أجاب: «جيش، لأننا كثيرون». وعندما أخرجه من المريض سمح له دخول في قطيع خنازير فوثبت إلى البحر وهلكت (مرقص 5:2-31؛ لوقا 8:72-33). وما زلنا حتّى اليوم نقول عن المختل عقليّاً بأنه مجنون أو «لابسه الجن». إلاّ أن علماء النفس يشخّصون هذه الأمراض بأنها أمراض عصبيّة وهوسيّة وعضويّة يلعب الدين والجنس وعوامل أخرى دوراً في نشوئها. وهذا ما سنراه في النقاط التالية.

البتر والأمراض العصبيّة والهوسيّة والعضويّة
-----------------------------
يمكن تقسيم عمليّات البتر والتشويه الجسمي إلى ثلاث درجات: الكبيرة، والمتكرّرة والسطحيّة. ولكل من هذه العمليّات أسبابها المتشعّبة والمتشابكة.
- عمليّات البتر الكبير: يتم في هذه العمليّات بتر عضو هام في الجسم مثل أحد الأطراف أو المذاكير أو العين. وهذه العمليّات تصاحب عامّة أمراض هوسيّة مثل إنفصام الشخصيّة والكآبة والمس الجنوني. أو يكون سببها مرض السكّري الشديد. فهذا رجل عمره 44 سنة بدأ في تطوير نظرة معتمة. وظن نفسه آدم أوّل وآخِر رجل. وقد فكّر بأن بإمكانه السيطرة على الزمن وأنه وسيلة لبدء العالم من جديد. ثم شعر بأنه حامل وأنه زوجة المسيح. فأمسك بسكّين وخصى نفسه. فوقع مغميّاً عليه. وعندما أفاق أصيب بذعر ممّا فعل. وبعد ذلك أحس بالراحة. وقد قام رجل آخر بخصي نفسه بعد أن أصبح غير قادر على العلاقة الجنسيّة بسبب مرض السكّري. وقد فسّر عمله قائلاً بأن تلك الأعضاء قد قادته إلى الهاوية، وأن لا حاجة له بها الآن.
- عمليّات البتر التكراري: يتم في هذه العمليّات تعدّي متكرّر على عضو ما مثل ضرب الرأس، أو الضغط على العين، أو عض الشفة والإصبع، أو خدش الجلد. وهذه العمليّات توجد في أشخاص مصابين بالهوس وانفصام الشخصيّة والفصام الذووي، أو بأمراض عضويّة مثل مرض «الإستقلاب البولي»، أو خلل عضوي في المخ أو في خلايا الدم الحمراء. وقد فسّرت هذه التصرّفات بأنها لجلب الإنتباه أو تعبير عن الإحباط وحقن الغضب والعنف داخلياً. ومنهم من رأى في ضرب الرأس محاولة لسماع صوت دقّات قلب الأم.
- عمليّات البتر السطحي أو المتوسّط: يتم في هذه العمليّات قطع الجلد أو حرقه أو وشمه أو تجريحه أو كسر عظم أو غرز إبرة أو قلع الشعر أو قرض الأظافر. وتعتبر نسبة المصابين بهذه العمليّات 1400 بين كل 100.000 شخص، وتتواجد بكثرة في أوساط السجون. وهذه التصرّفات تنتج عن أمراض نفسيّة أو عصبيّة أو تعاطي الأدوية المهيّجة والكحول والكافيين والمواد التي تؤدّي إلى الهلوسة العقليّة، وكذلك الأدوية المسكّنة كـ«الفاليوم». وقد تنتج عن أمراض عضويّة مثل «فرط الدراقيّة»، وكثرة الكريّات الحمر في الدم، وفقر الدم، والحصاف، واضطراب في ضربات القلب، والأمراض الرئويّة التي تحد التنفّس، أو نقص فيتامين «ب 12»، أو نقص في بعض الهرمونات الحافزة. ومن بين الحالات المشهورة الأميرة «ديانا». ففي إحدى مناقشاتها الحادّة مع الأمير «شارلز» إلتقطت سكّين جيب وجرّحت صدرها وفخذيها. وقد كان الأمير يفسّر تلك التصرّفات بأنها محاولة من الأميرة لتزييف مشاكلها. وبعض الأشخاص يقومون بعمليّات القطع المتوسّطة مدفوعين برغبة في التخلّص من شعور بالضغط ولكي يعيدوا السيطرة على أنفسهم. وبعضهم يشعر بعدم قدرته على الإحساس وشعوره بالغربة في المكان واضطراب في الزمن. ومنهم من يريد التأثير على الغير لكي ينالوا إهتمامهم.

عوارض مرضيّة نفسيّة تصاحب عمليّات البتر
-----------------------------
هناك عوارض مرضيّة نفسيّة تصاحب عمليّات بتر وتشويه الجسم نذكر منها:
- الإضطرابات الإنفصاليّة التي تؤدّي إلى تعطيل القوى العقليّة التي تتحكّم بالذاكرة والشعور وإدراك المحيط.
- حالات الكآبة أو الكساد أو الإعياء التي تتحوّل إلى مرض الإعياء العقلي. ومن عوارضها فقدان النوم أو بالعكس النوم الكثير، وضعف الشهيّة أو بالعكس الجشع في الأكل، وفقدان الطاقة، وضعف التركيز والشعور باليأس، ورغبة في الإنتحار.
- شخصيّة مضطربة غير إجتماعيّة. ويطلق على هذا المرض إسم «الإعتلال النفسي» و«الإعتلال الإجتماعي». ومن عوارضه عدم إعتبار الغير، ومحاولة إلحاق الضرر بهم، والعنف، وعدم الشعور بالندم على التصرّفات الضارّة. ويؤدّي ذلك إلى التعسّف ضد الأطفال والزوج والآخرين، واقتراف الجرائم، ومصارعة الغير جسديّاً، وقيادة السيّارات بسرعة جنونيّة تحت تأثير الخمر، والتغيّب عن العمل. وتقدّر نسبة المصابين بهذا المرض بـ 3% بين الرجال و1% بين النساء. و75% من المساجين مصابون به.

صلة بين عمليّات البتر وكيمياء الأعصاب
--------------------------
ويرى علماء طب النفس صلة بين عمليّات البتر وكيمياء الأعصاب. فقد لوحظ أن مادّة «سيروتينين» الموصلة تساعد في نقل النبضات إلى المخ. وهذه المادّة تتجمّع في منطقة خاصّة في المخ حيث تؤمّن الأعصاب الإتّصال بجميع أجزاء المخ وخاصّة بما يسمّى «تحت المهاد» والتي تلعب دوراً هامّاً في التحكّم في الحوافز والعنف والشهيّة والمزاج وتنظيم النوم والصحو. وقد لوحظ أن مستوى هذه المادّة الموصلة منخفض في الأشخاص المصابين بالكآبة الذين يحاولون الإنتحار. وقد إستنتج من ذلك أن نقص في هذه المادّة يؤدّي إلى تصرّفات عنيفة ضد الذات وضد الغير من بينها ظاهرة البتر.
كما لاحظ هؤلاء العلماء أن مادّة موصلة أخرى تدعى «اينكيفالين» تشبه الأفيون يفرزها المخ وغدد مختلفة تخفّف من حدّة الألم وتنظّم الإنفعالات. وزيادة هذه المادّة تساعد في ظاهرة البتر. فقد لوحظ إرتفاع كبير لهذه المادّة في بلازما الدم عند عشرة أشخاص مدمنين على القطع. وقد وصفوا هؤلاء المدمنون أنهم لا يشعرون بألم من عمليّات البتر، لا بل يحسّون بالراحة بعد البتر. ويصادف أكبر قدر لهذه المادّة في حالات البتر الكبير. وقد تبيّن أن بين 240 حالة قطع، 64% منهم لم يحسّوا بألم، وأن فقط 10% منهم أحسّوا بألم شديد.

----------------------
سوف أتابع في مقالي القادم الجدل الإجتماعي فيما يخص ختان الذكور والإناث.
يمكنكم تحميل كتابي ختان الذكور والإناث عند اليهود والمسيحيّين والمسلمين
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131&action=arabic
وطبعتي للقرآن بالتسلسل التاريخي مع المصادر اليهودية والمسيحية
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315&action=arabic
اذا أردتم المناقشة أو وجدتم صعوبة في تحميل كتاب اكتبوا لي على عنواني التالي
[email protected]
صدر كتابي عن الختان بالإنكليزية ويمكن طلبه من دار النشر
http://www.thebookedition.com/male-and-female-circumcision-sami-a-aldeeb-abu-sahlieh-p-83457.html



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسلسل جريمة الختان 75: المعالجة الطبّية لآثار ختان الإناث
- مسلسل جريمة الختان 74: آراء حول استعادة الغلفة
- مسلسل جريمة الختان 73: كيف تستعيد غلفتك
- مسلسل جريمة الختان 72: استرجاع الغلفة في التاريخ
- مسلسل جريمة الختان 71: الختان وعلاج إلتهاب الحشفة والغلفة
- براءة الأطفال أهم من سخافة الأنبياء وأتباعهم
- جرموا تشويه الأديان!
- مسلسل جريمة الختان 70: الختان والتهاب المسالك البوليّة
- مسلسل جريمة الختان 69: الختان وضيق الغلفة
- مسلسل جريمة الختان 68: الختان والإيدز (المصادر الغربية)
- مسلسل جريمة الختان 67: الختان والإيدز (المصادر العربية)
- مسلسل جريمة الختان 66: الختان والإيدز (تجربة شخصية)
- فيلم مسيء لمحمد: اقترح دواء ناجع وسريع
- نزول بابا نويل من المدخنة والقرآن من السماء
- مسلسل جريمة الختان 65: الختان والسرطان
- أنت ملحد ولا مسيحي؟
- مسلسل جريمة الختان 64: الختان للوقاية من الأمراض الجنسيّة
- مسلسل جريمة الختان 63: الختان والوقاية من الأمراض
- نحن على أبواب ردة عظمى وحروب ردة
- هل القرآنيون مهرجون؟


المزيد.....




- العثور على مركبة تحمل بقايا بشرية في بحيرة قد يحل لغز قضية ب ...
- وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان يدخل حيّز التنفيذ وعشرات ...
- احتفال غريب.. عيد الشكر في شيكاغو.. حديقة حيوانات تحيي الذكر ...
- طهران تعلن موقفها من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنا ...
- الجيش اللبناني يدعو المواطنين للتريّث في العودة إلى الجنوب
- بندقية جديدة للقوات الروسية الخاصة (فيديو)
- Neuralink المملوكة لماسك تبدأ تجربة جديدة لجهاز دماغي لمرضى ...
- بيان وزير الدفاع الأمريكي حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل ول ...
- إسرائيل.. إعادة افتتاح مدارس في الجليل الأعلى حتى جنوب صفد
- روسيا.. نجاح اختبار منظومة للحماية من ضربات الطائرات المسيرة ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - مسلسل جريمة الختان 76: لماذا يبتر الناس أنفسهم (1)