|
الديمقراطية وجريمة الإثارة الطائفية
رسول الحجامي
الحوار المتمدن-العدد: 3864 - 2012 / 9 / 28 - 17:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
للديمقراطية وجهان احدهما يكمل الآخر . الأول إنها حكم الشعب بواسطة الشعب وعبر الآليات الديمقراطية المتعارف عليها .والثاني إنها طريقة للحياة تحفظ بها حقوق الجميع (أفراد وجماعات ومكونات ) من خلال التشريعات والقوانين . هل نحن بحاجة لمراجعة معلوماتنا حول الديمقراطية ؟! في عالم يضج بأخبار الديمقراطية وتستنزف وسائل الإعلام بنقل الأحداث المتعلقة بها ! ربما .. لأننا نشهد أبشع استغلال للديمقراطية على أيدي حكومات ودولة لا تتنفس فيها حقوق الإنسان ولا يستطيع أن يحيا فيها الرأي الآخر مهما كان نوعه وشكله واتجاهه ومستواه . وقد يستسلم البعض لقضية استغلال الديمقراطية باعتباراتها السياسية وانه من حق السلطان الذي يصادر حقوق شعبه وأمواله وثرواته وكرامته فمن باب الرضوخ للأمر الواقع أن يصادر قضاياه السياسية . ولكن أن تستغل هوياتنا الطائفية والاثنية بحجة الديمقراطية فهذه جريمة خطيرة تؤدي الى تفكك شعوبنا وامتنا والى إغراقنا بمستنقعات من الحروب الطائفية الآسنة .. من حق كل الشعوب ومنها الشعوب العربية من المحيط الى الخليج ان تنال حقها الديمقراطي .. من خلال الثورة السلمية والمسلحة وبأي طريقة تقلل من آلام المواطنين وتحفظ لهم أرواحهم وممتلكاتهم . لذا علينا أن نفرق بين سماسرة المؤامرات وبين دعاة الديمقراطية .. إن أنظمة دكتاتورية وراثية ما تزل تعتاش على طرق الاستعباد القديمة في حكم الشعوب كالعبيد دون حقوق في الحرية والهوية والتعبير مثل النظام السعودي والنظام القطري كيف يمكننا أن نصدق إنها تبذل ملياراتها وتبدد ثروتها من اجل إحلال الديمقراطية في شعوب أخرى وهي ترفض ولو ثلمات من تطبيق الديمقراطية في شعوبها بل وحتى لا تفسح لمجالات ضيقة من حرية رأي أو وعي بالمواطنة أو تشريع بالمساواة ؟! ولنفرض إن هناك مآرب سياسية ذاتية وراء دعمها لبعض جماعات المعارضة السورية والليبية وبما إن الغاية هي تحرر تلك الشعوب فيمكن أن نكون ميكيافليين ونغض الطرف على دوافع تلك الأنظمة الدكتاتورية .. لكن دكتاتورية آل سعود وحاكم قطر تصطدم بترويج مغامراتهم في سوريا بالتناقض بين الحرب من اجل الديمقراطية خارجيا ومحاربة الديمقراطية داخليا .. لذا فأنهم ولكي يحلوا هذا التناقض فقد لجؤا الى الإثارة الطائفية في سوريا وليروجوا خطاب إعلامي طائفي حول دكتاتورية البعث العلوي في سوريا ، وليدفعوا مجاميع المتطرفين من جماعات القاعدة والتكفيريين الى خوض حروب طائفية تدمر الدولة وتمزق المجتمع وأفضل ما تنتجه نظام مثل طلبان أفغانستان ودولة الزرقاوي في العراق . لا ادري هل اكتشف آل سعود وقاهر قطر بعد نصف قرن إن الأسد وابنه بشار ترجع أصولهم الى الطائفة العلوية ، وان البعث الذي يحاولون إسقاطه في سوريا هو البعث الذي يجاهدون من اجل أن يعود للحكم في بغداد .. مرة يقاتلون في دمشق من اجل الديمقراطية من خلال الإثارة الطائفية وأخرى يقاتلون في العراق ضد الديمقراطية من خلال إثارة النزعات الطائفية ووصول الشيعة الى الحكم .. إن تلك الأنظمة الدكتاتورية ترفع الديمقراطية كمبرر لتهديم وتمزيق الدول المجاورة وهي تسعى الى خطف ثورات الشعب السوري والليبي والمصري من خلال دعمها اللامحدود للجماعات المتطرفة والمتشددة وعزل التيارات الديمقراطية والوطنية والعلمانية عن قيادة الثورات العربية وبالتالي جر المشروع الثوري العربي الى مجازر طائفية بين السنة والشيعة وبين السنة والوهابية وبين المسلمين والمسيحيين وغيرها من المكونات العرقية والقومية . لقد أفرزت الجماهير العربية تيارات واسعة من الشباب العربي مؤمن بالديمقراطية والحرية والمساواة وقام هؤلاء بثورات سلمية عملاقة استطاعت من إسقاط عروش الدكتاتورية في اليمن ومصر وتونس وليبيا ومستمرين بالنضال في سوريا والبحرين والسعودية والمغرب ومن الملاحظ بان هؤلاء الشباب بدؤا يشعروا بالإحباط نتيجة ما أسفرت عنه الأحداث والى ما آلت إليه الأمور خصوصا وان القاعدة متأهبة هي والجماعات المرتبطة بها لسرقة تضحيات وثورات الشباب العربي . إن الانزلاق وراء تأجيج الإثارة الطائفية ودفع الشعوب العربية الى هاوية الحروب الداخلية هي بداية للمرحلة التي طالما انتظرتها الدوائر الصهيونية وسعت جاهدة لتحقيقها بشكل مباشر أو غير مباشر عبر حلفاؤها وعملاؤها العرب ، ويكفي أن نتذكر إن قبل ثلاث عقود كان العرب ما يزالوا يحلمون بالوحدة الكبرى أما اليوم فالعراق وسوريا ومصر واليمن مهددة بالتمزق والتشرذم بسكين الطائفية والاثنية على طريقة الجماعات التكفيرية في قطع الرؤوس وتمزيق الأجساد .. ملاحظة : ربما يقطع الرأس لكن الحلم يظل بداخله .
#رسول_الحجامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سيكولوجية الإثارة السياسية من اللذة إلى الإدمان
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|