|
المخزومي
طارق حميد امين
الحوار المتمدن-العدد: 3864 - 2012 / 9 / 28 - 16:12
المحور:
سيرة ذاتية
لد ولد مهدي محمد صالح المخزومي في مدينة النجف عام 1919 في أسرة كريمة وذاق اليتم صغيراً فقد توفى والده وهو صغير لم يتجاوز عمره السنتين وفقد أمه قبل أن يتم الخامسة فتولت أخته التي تكبره باثنتي عشرة سنة رعايته والعناية به وعاش في كنف أخيه فما أن أنهى الخامسة حتى ختم القرآن ثم أنهى دراسته الابتدائية والمتوسطة والتحق بعد ذلك في عام 1933 بالمدارس الدينية المنتشرة آنذاك في مدينة النجف فدرس النحو والبلاغة على يد أساتذة علماء فأتقن العربية وكان لامعاً فيها منذُ نشأته طموحاً متفتح الفكر على آفاق المستقبل ولم يكن مقيداً بقيود المحافظة التي منعت غيره من التطور الفكري والعلمي لذلك سعى الى أن يدخل معترك التحصيل العلمي على الطريقة الحديثة وقد وجد في نفسه الكفاءة والقدرة على تكملة دراسته فحصل على بعثة لنيل الشهادة الجامعية من كلية الآداب بجامعة القاهرة (فؤاد الأول) عام 1938م . فلما اندلعت الحرب العالمية الثانية في عام 1939م رجع الى العراق وعين معلماً في إحدى مدارس الديوانية ثم استأنف دراسته في مصر عام 1941م ونال شهادة البكالوريوس في عام 1943م فرجع الى العراق ومارس التعليم في دار المعلمين الريفية في الرستمية ببغداد لم يتخذ المخزومي مهنة التدريس للارتزاق إنما طمح إن يواصل جهده العلمي فعاد الى القاهرة فحصل على شهادة الماجستير عن رسالته {الخليل بن أحمد الفراهيدي ـ أعماله ومنهجه}عام 1951م لقد رأى المخزومي في شخصية الخليل المثال العلمي والأخلاقي الذي يستحق العناية والجهد لآن الخليل كان علماً متفرداً في علمه كما كان كوكباً ساطعاً في أخلاقه وزهده وإبائه وقناعته . واستمر في طريقه ليكمل دراسته العليا هذه المرة {مدرسة الكوفة ومنهجها في دراسة اللغة والنحو}موضوعاً لرسالة الدكتوراه التي حصل عليها عام د1953م ثم عاد الى العراق ليستأنف التدريس في كلية الآداب الى أن أُحيل على التقاعد عام 1979م حيث لازم بيته ومكتبته فكان مجلسه الأسبوعي يوم الجمعة في بيته عامرا بتلامذته ومريديه وزملائه الى كانت وفاته في ظهر يوم الجمعة 5/3/1993م والندوة عامر يتصدرها المخزومي وإذا بالقدر المحتوم يسدل أستاره على القلب الكبير الذي طالت معاناته عندما كان في مجلسه بتحدث عن الفراهيدي والقياس لديه إذا به يضع يده على جبهته ثم أرتمي على كرسيه ليفارق الحياة هكذا فارق المخزومي هذه الدنيا وهو على زهده وعفته وسموه وصبره . ومن كان همه اللغة كان أكبر من الدنيا فكيف وقد اتسع الهم اللغوي لهم الأمة وأتسع هم الأمة لهم الإنسان الذي أجبرته الظروف السياسية الى مغادرة العراق بعد عزله من الوظيفة عام 1963م ليغادر العراق متخفياً الى المملكة العربية السعودية وبقى هناك الى عام 1968م عندما قامت جامعة بغداد بإلغاء قرار عزله وأعادت تعينه . وعلى الرغم من علو مكانة المخزومي العلمية في اختصاصه كان يتحلى بتواضع جم ومن سخرية الزمن أن عالماً ضليعاً في اللغة مثله لم يختر عضوا في المجمع العلمي العراقي وهو الذي بلغ الذروة في حياته كانسان وكعالم أكاديمي وباحث قدم أمتع الدروس العلمية القائمة على أساس علمي متين وترك لنا من كتبه العشرة والتي تتجاوز المئات في قيمتها من مؤلفات سواه أصالة وحدة وابتكار { الخليل بن أحمد الفراهيدي/مدرسة الكوفة/عبقري من البصرة/في النحو العربي(نقد وتوجيه)/في النقد العربي(قواعد وتطبيق)/المدارس النحوية/أعلام في النحو العربي/معجم العين(تحقيق مشترك) سبعة أجزاء/ديوان الجواهري(تحقيق مشترك) سبعة أجزاء } . يعد الخزومي من علماء النحو المجتهدين في عصرنا وكانت له محاولة في تيسير النحو بنى أسسها على معرفة واطلاع واع لتراث النحو العربي إذ لم تكن قراءته للتراث قراءة مستهلكة كما هي قراءة الكثير ممن عنوا بهذا العلم على امتداد تاريخ النحو العربي الذين أعادوا ما قاله سابقوهم وكرروه في كتبهم وأبحاثهم ولم تكن قراءته قراءة ناقد فقط بل كانت قراءة إبداعية فيها خلق ومحاولة تجديد والى جانب هذه القراءة الواعية للتراث النحوي كان على اطلاع بشكل وبآخر على قضايا علم اللغة الحديث ومناهجه من خلال مواكبته محاضرات المستشرقين حين كان في القاهرة ومن خلال محاضرات أساتذته الذين كان لهم شأن في الدراسات النحوية واللغوية كإبراهيم مصطفى ومصطفى السقا وأمين الخولي وطه حسين . مما أدى إطلاعه هذا الى اقتراب مفهومه للدرس النحوي من مفهوم علم اللغة الحديث والى حد ما من تصور علماء اللغة المحدثين للدراسة العلمية للغة وخاصة فيما يتعلق بطبيعة العلاقات بين مستويات التحليل اللغوي وتداخلها وهذا ما يدل على إن الدكتور المخزومي قد أطلع بصورة أو بأخرى على الفكر اللغوي الحديث لأن علماء العربية القدماء على الرغم من دراستهم للجوانب الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية لم يكن لديهم هذا التصور الواضح لمنهج الدراسة اللغوية . لقد أمتلك المخزومي ذخيرة من المادة التي حصلها باجتهاد وسهر بين النجف والقاهرة وجمعت الى آراء الأقدمين ومنهم الخليل والكسائي آراء المحدثين وعلى رأسهم أستاذه إبراهيم مصطفى حامل لواء إحياء النحو وأستاذه مصطفى السقا الذي أستوعب القديم والم ينغلق عليه . ولا يلتزم الأستاذ المخزومي في حل مشكل النحو مذهباً معيناً من مذاهب النحويين ونما يضع المذاهب كلها أمام نظره ويتخير منها ماكان أقرب الى طبيعة اللغة سواء القائل بصرياً أو كوفياً أو بغدادياً أو أندلسياً وسواء كان صاحب الرأي متقدماً أو متأخراً . ولم يكن غافلا عما يجري من تطور ودراسات في العربية نحوها وصرفها وأصواتها وبوادر التحديث في هذه الدراسات خصوصا في مجال علم اللغة الحديث ومناهجه وبالأخص المنهج الوصفي الذي كان شائعا وقد تفاعل مع هذه التيارات الحديثة في الدرس اللغوي مكونا رأيا وصورة لما جرى عليه النحو العربي ثم لما ينبغي للدرس النحوي أن يكون عليه .
#طارق_حميد_امين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العولمة
-
تطور القدرات النووية الاسرائيلية
-
إشكالية الحركة الشيوعية العراقية
-
الإشكالية الفكرية
-
قراءة في الجذور التاريخية للطائفية في العراق لهادي العلوي ظ
...
-
حقوق الإنسان
-
العولمة الثقافية
-
ابن عبدكه
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|