|
رسالة إلي رفاق الفكر .. الاشتراكيين الثوريين
محمد دوير
الحوار المتمدن-العدد: 3863 - 2012 / 9 / 27 - 16:40
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
رسالة إلي رفاق الفكر .. الاشتراكيين الثوريين في علم السياسة قد تختلف الدروب والمناهج والرؤى ، بل ويجب أن تختلف ، وفي الاشتراكية العلمية أيضا تتنوع سبل الفهم للتاريخي والاجتماعي والاقتصادي في إطار من وحدة الفكر التي لا تغني بالطبع عن تنوع الطرق المؤدية إلي الوصول لهدفنا جميعا في وطن اشتراكي حر.ولذلك فمن الطبيعي أن تظهر في الفكر الاشتراكي العربي والعالمي مدارس يسارية فكرية مختلفة ، ولكن ليس من الحكمة أو المنطق أو العقل أن يتحول الاختلاف إلي خلاف ، يبذر بذور التشرذم بين رفاق درب وينذر بتحولنا جميعا إلي تماثيل شمع في متحف التاريخ .. إن أمامنا مهمة ..اعتقدها تاريخية ، ومرحلة اعتقدها خطيرة ، ومسئولية اعتقدها صعبة ، للتحول من دولة الاستبداد والفساد إلي دولة العدل والحرية والمساواة ، وهذا الأمر الجلل لا ينسجم أبدا مع اتهامات صغيرة وتافهة أمام تحديات الوطن الذي يحيا حياة خارج حدود الآدمية ، اتهامات لا تنظر سوي لتصفية حسابات تعظم الشكل علي حساب المضمون ، وتختار توقيتا قاتلا مسموما لا يفيد أي طرف من الأطراف ، فالجماهير ليس لديها هذه القدرة النظرية علي التمييز بين فصيل يساري وآخر ، فترانا جميعا اشتراكيين لا فرق بين مذهب وآخر ، كما تري أيضا القوي المتأسلمة جميعهم في خندق واحد ،لأن ما هو مطروح للناس هو التوجه الفكري وليس المذهب السياسي ، فيقولون هؤلاء هم الاشتراكيون .. انظر ماذا يفعلون بعضهم البعض ، كما ينعتون الإسلاميين الآن . والخلاف بين فصائل يسارية وارد ويكاد يكون طبيعيا في رحلة الاشتراكية التاريخية في العالم أجمع ، وأنا لا أنكر خلافا كهذا في مصر. لا أنكر التنوع النظري الخصب للفكر الاشتراكي الذي يحتمل توجهات مختلفة ، ولا أنكر بالتالي إنتاج عدة تنظيمات بناء علي هذا الاختلاف ، ولا أنكر أيضا احتمال مشاحنات فكرية ونظرية أو بعض الصدامات هنا أو هناك بين البعض . ولكن ما لا أستطيع أن أتفهمه أو استوعبه أو أوافق عليه هو أن يستخدم هذا الصراع – الفكري بالأساس – بقصد أو بغير قصد – في صالح قوي رجعية تكن لنا العداء الإيديولوجي والفكري والسياسي علي حد سواء . ما أنكره أيضا هو ذلك الإصرار علي مواصلة التجريح والنقد السلبي الذي يهدف إلي محو تنظيم من الوجود أو إنكار وطنيته أو يساريته لمجرد اختلاف في وجهات نظر قد يكون بعضها صحيح هنا أو هناك ..وما أنكره كذلك .. وربما يغضب البعض هو أن يتصور أحد أن تشويه الآخرين هو نوع من تطهير الذات ، أو علي أقل تقدير إثبات مصداقيته بما يسمي في المنطق " برهان الخُلف" أي إثبات صدق قضية بتكذيب أخري ، وليس بصدقها في ذاته، وهذا هو المنهج الذي يتبعه رفاقنا من الاشتراكيين الثوريين. إننا لو اتبعنا جميعا نفس المنهج – واعتقد أن العقلية اليسارية تجيد ذلك – منهج التخوين والهجوم لن يبقي منا أحدا يستطيع أن يخرج علي الناس شاهرا كلمة الحق التي ينتظرها الشعب منا كاشتراكيين ، فقط يكفي عدة أشهر من هذا الأسلوب السلبي لكي ننتهي جميعا ، وندفن في مقابر التاريخ حتي يأتي جيلا أكثر وعيا منا وأكثر فهما لطبيعة المرحلة، يؤمن بقيم الاشتراكية ويتنازل عن الثانوي لصالح الرئيسي ، ويخوض معركة الوطن ، ويترك الشعب هو الحكم والحاكم ، ليضع شروطه الحقيقية لمن يحكمه وكيف يحكم . هذه كلمتي .. إلي رفاق .. اعتقدها صادقة النية ، وإن بدت لقليل أو كثير أن بها نوع من الوصايا علي طرق الفعل ومناهج التفكير ، ولكنني تعلمت من ضمن ما تعلمت من اشتراكيتي أن النظرية أهم من مدارسها ، وأن الفكر أهم من تجلياته السياسية ، وأن الأحزاب أهم من قياداتها ، فإن صارت القيادة عبئا علي التنظيم فلتذهب إلي حيث تريد من هذا التيار أو التنظيم ، وتترك الأحزاب والتنظيمات اليسارية تتفاعل مع الشارع المصري ، فلن نسمح لأحد بحجة التطهر أو التخوين بأن يترك آثار جراح علي حركة يسارية تتلمس شعاب الطريق وتطأ بقدميها علي أرض مليئة بالأشواك المتأسلمة . أرجو أن ننظر جميعا إلي الأمام .. ونتحد ، لأن فكرنا يدفعنا إلي ذلك ، ويحرضنا علي ذلك ، ويعتبر وحدتنا فريضة وفرض عين علي الجميع ..وأعلم أنه منكم من يمكن ردي عن قولي هذا سيدعي أن آباء الاشتراكية العظماء قد طهروا الاشتراكية من المرتدين ، ونحن ما فعلنا إلا علي هديهم ، ولكنني أسارع بردهم في قولهم هذا بعبارة للينين هامة وخطيرة " كان الروس ينظرون إلي الشيوعيين كأنهم ملائكة هبطوا من السماء .. " فهل نصبح نحن – جميعا – ملائكة العدل والحرية والمساواة في هذا الوطن ؟ سؤال ينتظر إجابة
#محمد_دوير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التحالف الديمقراطي الثوري
-
رؤية معاصر للدولة في الاشتراكية
-
جدل العلاقة بين الدين والاشتراكية
-
اللإخوان.. وصناعة الوهم
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
محاضرة عن الحزب الماركسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
/ عبد الرحمان النوضة
-
اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض
...
/ سعيد العليمى
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|