أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - السلفية ومستقبل المسلمين














المزيد.....


السلفية ومستقبل المسلمين


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 3863 - 2012 / 9 / 27 - 06:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تتناسل التنظيمات السلفية في ظل الحراك الشعبي والدعوة إلى التحرّر وإسقاط الإستبداد وبناء الديمقراطية، والمثير للإنتباه أن هذه التنظيمات التي تظل أقليات صغيرة، تريد الحرية لنفسها والحجر على غيرها، لأنها ترى أن حرية غيرها تتعارض مع قيمها الخاصّة وتمثل "استفزازا لمشاعرها". يريد السلفيون مكانا لهم في الديمقراطية دون أن يعترفوا بها، يريدون أن يأخذوا من ثمرات عصرهم دون أن يعطوا شيئا في مستوى ما أخذوا.
يدلّ هذا بوضوح على استحالة فهم الإسلاميين المتشدّدين لمعنى الحرية، لأنهم لا يفصلون بين الحرية وفكرة نقاء العقيدة التي يتبنونها، أو فكرة "الدين الصحيح" التي يؤمنون به إيمانا مطلقا ولكنه إيمان مدمّر. بينما تتسم فكرة الحرية بنسبيتها، وبطابعها الإنساني وفق التعبير التالي: لا يمكن أن أشعر بالسعادة وأنعم بحريتي ما دام الآخر مقموعا، السلفية تقلب هذا المعنى رأسا على عقب، تنزع عنه طابعه النسبي والإنساني، فيصير على الشكل التالي: لا يمكن أن أشعر بالسعادة في حريتي ما دام الآخر مختلفا عني". ولهذا لا يهمّ السلفي أن يكون حرا ليعيش تدينه في حياته الخاصّة ويمارس شعائره كما يريد، فردا أو مع الجماعة التي ينسجم معها، بل يظلّ مهموما باختلاف الآخرين عنه، الهمّ الذي يتحول بالتدريج بسبب لا مبالاة الآخرين به، إلى كراهية وحقد ثم إلى نزعة إجرامية.
مكمن الخلل في تفكيرالسلفيين هو أنه يستلهم بداوة الفكر الوهابي المحدود في مجتمع عصري منفتح، ويقترح منظومة قيم مغلقة ومنتهية بشكل ماحق في عالم يضجّ بالمعنى في كل الإتجاهات، حيث المعرفة انفجار يومي هائل، والإبداع خاصية العقل العلمي المعاصر.
أصل الحكاية أن السلفي من أتباع محمد بن عبد الوهاب لا يمكن أن يرى العالم إلا بلون واحد، ففكرة "البدعة" تجعل كل سلوك مختلف عن "الضوغما" خارج الشرعية، ولا يمكن قبوله، كما أن الإيمان لا يمكن حصره في دائرة الإختيار الفردي لأن هذا لا يمكّن من "الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر" باليد أو باللسان أو بالقلب.
لا يفطن السلفي إلى أن معاني "المنكر" و"المعروف" قد تغيرت، كما أنه لا يقبل ذلك حتى ولو فطن به وأدركه، لأن السلفية تعني إلغاء التاريخ، عبر الإقتداء بـ"السلف" الذين عاشوا عصرا غير عصرنا وزمانا غير زماننا.
ترسم هذه الجماعات المتشدّدة مستقبل الإسلام والمسلمين الكالح، والذي يمكن اختزاله في عبارة سبق أن طبعت تاريخ المسلمين كله بطابع مأساوي مظلم وهي "الفتنة الكبرى"، فالذي أبدع المذهب الوهابي ووضع أسسه وأرسى مبادئه وعمل على تمويله ونشره عبر العالم هو أكبر عدو للمسلمين اليوم بلا منازع، لأنه المذهب الذي يستحيل أن يترك المسلمين على حال من الاستقرار الذي يسمح بالنهضة أو التقدم أو التنمية، بل إن هذا المذهب سينتهي حتما بالمسلمين إلى الإقتتال والمذابح، وهي نفس الصورة التي انطلقت بها الوهابية نفسها في جزيرة العرب قبل قرنين عبر جنون القتل والإحراق والتخريب.
من المستفيد يا ترى من هذه الخطة الجهنمية ؟ المفارقة أن أول مستفيد هو الغرب وإسرائيل اللذين يناصبهما السلفيون العداء (ظاهريا على الأقل)، فإسرائيل ستتحوّل من موقع الدفاع إلى موقع المتفرج على فِتن المسلمين وفضائحهم، والخوف الذي لدى الغرب من التطرف الإسلامي سيقلّ، لأن هذا التطرف سيرتدّ في نحور المسلمين وداخل مجتمعاتهم، بعد أن كان عنفا مهاجرا في أوروبا وأمريكا بسبب ملاحقة المتشدّدين الدينيين من طرف الأنظمة السابقة، لكن صعود نجم الإسلاميين في عالم السياسة سيجعل هؤلاء المتطرفين يعودون إلى بلدانهم تحت وهم إقامة "الخلافة"، مما سيحذو بالغرب إلى إغلاق أبوابه على عالم مليء بالفوضى، وفي نفس الوقت، سينتظر أن يسحق المسلمون بعضهم بعضا ليعرفوا من منهم على "الدين الصحيح"، وطبعا لن يعرف المسلمون أبدا من على "الدين الصحيح"، لأنّ المشكل في الحقيقة، هو أن الدين الصحيح هو ما يؤمن به كل واحد إيمانا عميقا، وهذا يعني عدم إمكان حل المشكل بين المسلمين، كما لم يكن ممكنا حله بالإقتتال بين البروتستانت والكاثوليك قبل قرون، ولا شيء يمكن أن ينقذ هؤلاء غير ما أنقذ الغرب آنذاك، وهو العلمانية، أي حياد المؤسسات في موضوع الدين، واعتبار الإيمان أمرا شخصيا لا دخل للجماعة أو للسلطة فيه، وإرساء تنظيم المجتمع على قوانين محايدة تضمن الحق والعدل للجميع في إطار المساواة التامة، مهما كان دين الفرد أو عرقه أو لونه أو لغته، لكن معركة السلفيين حسب ما يقولونه هي ضد هذه العلمانية بالذات، وهو ما يعني استحالة الخروج من النفق،إلا في حالة وقوع السيناريو الأكثر تفاؤلا: صحوة الجماهير الشعبية وهبّتها ضدّ السلفية والتطرف الديني كما حدث في ليبيا في مواجهة "أنصار الشريعة".
وإلى أن يفهم المسلمون موطن الداء في عالمهم، نقول للمتطرفين الذين ينظرون شزرا إلى من يخالفونهم في الملة أوالرأي أوالمذهب أوالذوق، سلاما سلاما !



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور الإسلاميين في المخطط الأمريكي الجديد
- كيف نحول الإسلاميين إلى ضحايا وهم في الحكم ؟
- الإعلام والوصاية الدينية
- تعليم الأمازيغية بين الشعار والممارسة
- المشروع الإسلامي والمشروع العلماني أو الدين ضد الإنسان
- الوصاية الدينية والدولة
- حوار مع السلفيين
- مفهوم الحرية بين العلمانيين والمحافظين
- هل تهدد حكومة الإسلاميين المكاسب الديمقراطية للمغاربة؟
- مستقبل المسلمين بين أردوغان و القرضاوي
- ردود سريعة إلى رئيس الحكومة الجديد
- أمازيغ -الويكيليكس- بين أمريكا والإسلاميين
- نماذج وتجارب من -ديمقراطية الأغلبية العددية-
- الديمقراطية والمشاركة السياسية للإسلاميين
- معنى الديمقراطية بين اليساريين والإسلاميين
- المنتخبون والسلطة
- لماذا تنتهك السلطة دستورها الجديد ؟
- كيف يصبح الدين من عوامل الإستبداد ؟
- الدولة الإسلامية ليست دولة مدنية
- ترسيم الأمازيغية في الدستور المغربي المكاسب والمعيقات


المزيد.....




- تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
- شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل- ...
- أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
- مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس.. ...
- ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير ...
- المجلس المركزي لليهود في ألمانيا يوجه رسالة تحذير إلى 103 من ...
- ترامب سيرحل الأجانب المناهضين لليهود
- الكنيست يصدق بالقراءة الأولى على مشروع قانون يسمح لليهود بتس ...
- عاجل| يديعوت أحرونوت: الكنيست يصدق بقراءة تمهيدية على مشروع ...
- اللجوء.. هل تراجع الحزب الديمقراطي المسيحي عن رفضه حزب البدي ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - السلفية ومستقبل المسلمين