أمين أحمد ثابت
الحوار المتمدن-العدد: 3862 - 2012 / 9 / 26 - 22:48
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
أعضاء هيئة التدريس الجامعي / تعز ،
قد لا يختلف اثنان على أهمية خط استبدال شغل المناصب القيادية الأكاديمية بعملية الترشيح الانتخابي – المفاضل بدلا عن التعيين السياسي ، ولا يختلف اثنان على ضرورة بذل الجهد والإصرار لتثبيت هذا المتجه ، ولكن هل سألنا أنفسنا ما إذا كان ما يجري الآن هل هو طبيعيا ، وسليما يتماشى مع الأهداف الأكاديمية والشعبية المتطلعة إلى التغيير الأفضل ؟ !
إن الرائي المتابع لحالة التسابق المسعور لأساتذة الجامعة – داخل الجامعة أو الكواليس السياسية أو مجالس القات الشللية أو الحزبية – لإنجاز عملية الانتخاب سريعا ودون ترو أو تفكير ، وكل يمارس طبخته في تجيير الأمر إلى ذاته أو إلى من تريده هذه الشلة أو تلك ، هذا الحزب أو ذاك ، هذه الجهة أو تلك ، وهو أمر غير محمود ، لكون أن مجاميع المتطلعين – في ظل الفراغ القائم – يستشعرون بضعف شوكتهم عند السياسي مقارنة بافتراضات تقديمه لبدائل عنهم يعدون غير مستحقين مثلهم بشغل مثل هذه المناصب ، وهي قضية بيزنطية يكون السياسي غير مؤهل لانتقاء الأكفاء بمعتقدهم ، ومن جانب آخر ، يعرف السياسي أن هؤلاء المشككين من الأكاديميين به بلا أهلية هؤلاء لقيادة الجامعة ، تحت عدد من الإحتسابات المسجلة عليهم . . سلبا ، كما ويلعب التسابق اللاهث الجاري بالاعتماد على الانتقائية الموظفة لبعض مواد القانون السابقة كرافعة للإنفراد بالترشيح لمن حيك ذلك القانون سابقا لأناس محددين بعينهم تابعين للحاكم السياسي الفرد ، في محاولة قانونية – تذرعيه – يتم من خلالها إقصاء من هم أحق بتلك المناصب ، وذلك لتعسف القيادة القائمة القديمة معهم في حقوقهم واستهدافهم بشتى الوسائل حتى لا ينالون ذلك الحق القانوني للمطالبة – وقد يفلت واحد أو أكثر من بين أصابعها ، ولكن يظل مثل هذا الأمر استثنائيا ولا يمثل القاعدة ، وحتى بوصوله للحق القانوني لا يمكنه ذلك من شغل المنصب أبدا .
أيها الزملاء ،
إن مسألة الترشيح بالانتخاب المفاضلي بين الأشخاص كتجربة أكاديمية سبق تجريبها في جامعة صنعاء وأنتجت قيادة أكثر سوأ من تلك التي كانت قبلها ، وذلك بفعل استغلال الديمقراطية بأغراض معاكسة عبر السيطرة بالكثرة من الأساتذة الملحقين في خدمة الحاكم السياسي الفرد ، ويومها طالب الأساتذة الوطنيون بآلية الانتخاب بدلا عن التعيين ، ولم يقرؤون الحقيقة القائمة ، بأن مطلبهم كان يصب في الاتجاه المعاكس ، ومن هنا نحذر من نزعة الهرولة غير المسئولة الراهنة ، التي لن تنتج لنا سوى سوء أكبر ، وتفقدنا الثقة بقيمة الانتخابات كأساس لتعميق الديمقراطية في الحياة الأكاديمية ، وبمرجعية أن أستاذ الجامعة هو صاحب السلطة – شعبيا – لمنح السلطة لمن يراه مالك الأهلية لخدمة مصالحه .
إن الأمر يحتاج للتأني واجتراح المصداقية لتحقيق ما نرنو إليه من عدالة وتقدم للجامعة وحياتها الأكاديمية . وهو أمر لا علاقة له بالجدل المتهافت ألصراعي حول من يجوز له الترشح ومن لا يجوز له ( بالقانون ! ) – وبعيدا عن صراع الديوك القائم – بصورته الانتهازية – وبعيدا عن الاتهامات ونزعات الإقصاء والتحامل ، تعالوا نقف كأكاديميين أصحاب علم وفكر نير . . لنحل المعادلة الشائكة وبأسس علمية كما هو مفترض بنا التعامل من خلالها .
أليست كل ظاهرة أو عملية تقوم على مؤسسات مفهوميه ( نبيلة الأغراض ) ، أليس هذا البناء ألمفهومي يقوم على مبادئ ، وألبست هذه تقوم على قواعد أو أسس تكشف من وراءها الغايات والأهداف لتلك الظاهرة أو العملية ، وألبس لهذه الأخيرة حتى تثبت ماديا أن تعتمد طبيعة الظرفية القائمة وخصائص المعايير أو المعايرات النوعية المتكافئة مع تلك الأغراض ألموصله لتحقق تلك الظاهرة أو العملية كحقيقة مادية بدلا عن كونها كانت فرضيات أو أحلاما أو آمالا أو طموحات – من هنا نبدأ بعلمية متجردة وبسقوط كلي لثقافة الكراهية والإقصاء والاستهداف والتآمر – فالانتخاب لوحده لا يعني شيئا ، ولا يعني امتلاك الحرية ، فهو آلية ميتة لا تنضح بالحياة إلا في ظل وجود مضمون قيمي مخزون في داخلها ، وهو ما يمنح هذه الآلية بناءها ألمفهومي ، بحيث يصبح الانتخاب فعلا ممارسيا حرا ممنوحا لكل كفؤ الترشح لشغل المنصب دون إقصاء من أحد أو طرف ، والحق ممنوحا دون إكراه للأساتذة انتخاب من يجدونه جديرا بالمنصب ، يتحملون ناتج اختيارهم . وحتى تحقق العملية الانتخابية العدالة والأهداف ، لنرى ماهية الغايات وراء الانتخابات ، والتي تتحدد بالمبادئ ، فما هي المبادئ هنا ، منها أن الانتخاب يقود إلى تغيير أوضاع الجامعة وعمليتها التعليمية ، تغييرا يرفع من قيمتها وقدرها وكل من فيها ، على الصعيد الذاتي بالقضاء على الفساد والكذب والنهب للمقدرات ، وشيوع الحريات الأكاديمية واحترام العلم والعلماء وطالبي العلم ومن يسهر منظما لهذه العملية أن تنجح ، رفع القدرة التأهيلية الكفوءة لكل من هو في ملحق هذا الصرح – كما هو تقليدا في الأعراف والتقاليد الأكاديمية ، اعتماد المؤسسية قاعدة تنظيم العمل ، نيل الحقوق دون انتقاص أو انتهاك ، وتفعيل الرقابة للضبط والقانون صاحب الفصل في العقوبة دون تحيز أو توظيف يخل بالعدالة ، جعل هذا الصرح معلما تحويليا للمجتمع من خلال دوره في العملية التنموية المادية والإنمائية البشرية . . الخ ، وهي مبادئ شئنا أو أبينا تقوم على ضرورة التغيير الذي خرج من أجله الملايين من الشعب ، وهي القاعدة الأولى والأساس لنزعة استبدال التعيين بالانتخاب ، أما القاعدة الثانية تتمثل بلا قبول من شاركوا فعل التدمير لهذا الصرح في إطار الإدارة الفاشلة ، وعلم بهم أفعال الانتهاك والاستهداف ومصادرة حقوق الآخرين ، وبصورة خاصة المعارضين ، ومن ثبتت عليه نقاطا سوداء في الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والتفتيش ، ومن كشفوا في المواقع التي شغلوها باللاكفاءة أو اللاأخلاقية أو الفساد أو توظيف الموقع للمصلحة والأهواء الذاتية ، أو ممن كانوا إمعات من المرائيين أو ممن يقتاتون على الفرص الرخيصة للتعيش كأدوات متزلفة أو بلطجة تستهدف الشرفاء تحت موجهات من قيادة الجامعة أو جهات نافذة خارج حدود الجامعة ، أو مزاجية الاستهداف والارتزاق تحت ذريعة حماية نظام الحاكم الفرد . أما القاعدة الثالثة فتتمحور حول اللامسئولية الأخلاقية للمهنة ، والتي تعلم بأولئك المهرولين لعقود العمل الخاص على حساب حق الجامعة عليهم ، وعرفوا بإهمالهم لعملهم في الجامعة أو تخفيض عطاءهم لها بفعل نزعة الكسب السريع الرخيص الذي تقدمه الجامعات الخاصة ( الدكاكينية ) ، القاعدة الخامسة تتمحور بلا قبول من علم به مصادرا للحريات الأكاديمية ، أو من هو أداة مطوعة للجامعة لأغراض لا تتعلق بها أو تطويرها ، ومنها التكتيل السياسي لخلخلة القيم الأكاديمية وحياة الجامعة ونظامها اليومي – نعم لكل أكاديمي حرية التفكير والانتماء والتصريح ، ولكن ليس من القيم تجيير التعليم والحياة الجامعية لسيطرة طرف أو أطراف سياسية ، كون أن الجامعة بأعرافها الدولية متحررة عن سيطرة السياسي ، وهي بطبيعتها محايدة في عملها كالعلم ، ومنحازة على الدوام إلى الشعب وفعل التنمية الاجتماعية العامة لكل مكونات المجتمع تقدم خدمتها دون تمييز . القاعدة السادسة ، وهي ترتبط بالظرفية ، التي تتحدد بوقوع اليمن تحت الوصاية الدولية ، وبالتالي فكل مادة من الدستور والقانون اليمني يصبح مجمدة – بحكم الملغية – إذا ما تعارضت مع بنود الآلية التنفيذية ، فالنص الخاص بشغل رئيس ونواب رئيس الجامعة يعد معطلا ، أولا لأنه ينص على التعيين لا الانتخاب ، ثانيا أنه ينص على تقديم الترشيح لثلاثة أشخاص من قبل رئيس الجامعة ( المغادر ) ، وبالتالي لا مجال لتكييف النص وفق الأهواء بإحداث انتخابات وانتقائية معيار الترشيح على من يحملون درجة الأستاذية وخدمة عشر سنوات . . كجزء مستقطع من نص القانون المعطل أصلا . أما من جانب آخر ، فإن متعلق الظرفية المحملة بحراك شعبي شامل مناهض لاجترار قيم نظام الفساد السابق ، وهو حراك حدد غاياته بالتغيير ، وهو قيمة لا تتحقق إلا بقيم تتكافأ معها وتقود إلى تحقيقها ، وما يتكافأ مع التغيير ليصبح حقيقة واقعة ، أن تطرح عدالة التنافس بين المتقدمين للترشح لشغل المناصب بمعايير نوعية تنافسية بين المتقدمين تتناسب مع طبيعة الموقع المطلوب شغله ، ومعايير أخرى نوعية تتعلق بالحدث الذي أنتج ضرورة التغيير ، وتكون مجمل تعددية المعايير المطروحة للجميع في التنافس في إطار الشراكة واللاإقصاء لأحد مادام لا يعد مرفوضا في إطار ما تقدم سابقا ، على أن تكون هذه المعايير بمجملها تمنح فرصة الترشح لأفضل الأشخاص من جميع الأطراف والأفراد – هذا ما سنخصصه لبياننا رقم (3) القادم بإذن الله .
#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟