عيسى جمعة محمد الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 1123 - 2005 / 2 / 28 - 09:03
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لا يملك أي حزب أو فئة أو جماعة أي تخويل من شعبنا تعطيه حق التصرف لإقرار أي حقوق خاصة لأي فئة أو جماعة قومية تتعارض وتمس الثوابت الوطنية وتؤثر على وحدة الوطن والشعب, لأن قرارات صعبة كهذه يجب أن تخضع لإستفتاء عام ليبدي الشعب كله رأيه في تثبيت الحقوق لكل مكونات الأمة العراقية ولا يجوز تقييد ذلك الحق المقدس .
كل ما ورد في القانون المؤقت لإدارة السلطة المؤقته الذي لم يؤخذ رأي الشعب في بنوده وصياغته غير ملزم لشعبنا الذي رفض المحاصصة الطائفية والقومية عند تشكيل مجلس الحكم ومعها كان الرفض يمتد على قراراته التي تؤثر على الحق العام والسيادة الوطنية وتمس بها في ظل الضغوطات السياسية المتعددة الاطراف , فكونه مجلساً مؤقتاً فقراراته ايضاً مؤقته وغير ملزمة .
الأدعاء ان كركوك كردستانية هو جهل للتاريخ والجغرافية , لأن الصحيح ان كردستان عراقية وليس العكس وكركوك جزء من تراب هذا الوطن والعراق للعراقيين وهم بالاجماع يقررون مصيره. لسنا الأن في مرحلة تقاسم الغنائم , فالوطن كله بأمس الحاجة لإعادة بنائه وتعميره وتطوير حياة الانسان فيه نحو عيش كريم في ظل الحرية والعدل والمساواة تحت مظلة الديمقراطية كألية للحكم الجديد من أجل أن لا تتحكم الأقلية في الأكثرية وتعود علينا الدكتاتورية بثوب جديد وتحت مسميات كلها مرفوضة , كما لايمكن إضطهاد الأقلية والتفريط بحقوقها تحت سلطة الأكثرية.
إن تركيز إخواننا الأعزاء الأكراد على كردستانية كركوك يشم منه رائحة أطماع في ثرواتها النفطية وليس الإنسان أو المكان , من أجل تمويل أفكار النزعة الإنفصالية التي طفت على الساحة الكردستانية حديثاً بتوجيه سياسي مقصود ومبرمج على إعتبار الثروة المالية هي أحد أهم مقومات الدولة المنشودة والمزمع إعلانها في غير أوانها.
فلو لم يكن في هذه المحافظة الثروة النفطية لما كان التركيز والتأكيد الدائم على فرض الابتزاز بهذا الشكل المثير للجدل , وإذا صح هذا الإستنتاج سيكون الأكراد هم الخاسرون عند إعلان الإنفصال حتى إذا تمكنوا من أن تكون كركوك ظمن جغرافية دولتهم. لأن العراق لا يمكن أن يقيم أي علاقة دبلوماسية أو سياسية أو إقتصادية مع من يقوم بكسر ذراعه في ضروف محنته , وستغلق حدودنا معهم ويصعب عليهم حتى التواصل مع الأكراد اللذين سيختارون البقاء في وطنهم العراق.
كذلك الأنفصال سيؤثر على الأكراد في البلدان المجاورة ويزداد اضطهاهم لأن حكومات تلك البلدان ستخشى وتتحسب من ظهور أطماع إنفصالية لدى أكراد بلدانهم مما يدفعهم للتخطيط لإفشال حلم الأكراد القومي في إنشاء دولتهم المستقلة وتخلق لهم المتاعب وحالة عدم الإستقرار والحصار وسيخسر الأكراد أصدقاء كثيرون في هذه المغامرة لأن الشعوب التي تعايشت معهم عبر آلاف السنين بالحب والمصير المشترك والآمال في الأرتقاء الى مستقبل زاهر ... هم الحليف الدائم الصادق, وثبت عبر التأريخ إن العلاقات الدولية تحكمها المصالح والأطراف الدولية المحرضة ليست مصالحها مع الأكراد وشواهد التاريخ كثيرة حيث باعت تلك الأطراف الدولية القضية الكردية مرات عديدة وأجهضت كل نضالاتهم وإنتفاضاتهم وزادت في تمزيقهم وإنتشارهم في جميع امصار العالم مشردين ومعذبين , والحر لا يلدغ مرتين
لقد إستعان شعبنا بجهات متعددة للخلاص من ظلم الدكتاتورية ولا يسمح بالعودة الى الوراء وعليه مهمات كبيرة وجسيمة لبناء وطن كل ما فيه خراب وأصعب مافي ذلك الخراب إصلاح الإنسان العراقي وإعادة تأهيله وتوعيته وفق مفاهيم عصرية متطورة وتعريفه بكامل حقوقه وواجباته وإعادة الثقة اليه بمن حوله وتلبية كل متطلباته في العيش الكريم والحياة الحرة والسعيدة , فالمهمة الأساسية بناء الإنسان أولاً وليس الركض لبناء هياكل تحتوية لتهيمن عليه وإستبدال ديكتاتورية قديمة بثوب جديد . لهذا نحذر شعبنا من عبادة الأشخاص وتقديسهم لأنه الطريق المؤدي الى الغرور والأنفراد في القيادة والتسلط من قبل القيادات السياسية الكلاسيكية المتربعة على المجد التاريخي المزعوم والذي هو إستحواذ وسطوا على كل تاريخ نضالات شعبنا بإدعائهم هم الوريث الشرعي لشهداء المقابر الجماعية والحروب العبثية , ومن حق شعبنا أن يقول كلمته فيهم بكل صراحة. إن حجم الضحايا والشهداء الكبير يرجع أولاً الى دكتاتورية النظام الصدامي الاجرامي واجهزته القمعية المقبورة إلا أن السبب الآخر يعود الى تخبط القيادات السياسية بأخطائها الكثيرة جراء عدم الكفاءة والمقدرة في إدارة دفة الصراع ضد العدو وغياب الديمقراطية داخل تنظيماتها وحتى مع مثيلاتها من الاحزاب الأخرى لهذا يجب أخذ العبرة وعدم الأنجرار وراء الطاعة العمياء للقياداة الفردية . ويجب تهيئة الضروف الملائمة لتوفير الفرص للأجيال المثقفة والواعية الصاعدة لتتصدر سلطة القرار السياسي في هيكلة الأحزاب والمنظمات الوطنية وإعادة النظر في جميع البرامج والأهداف السياسية وتحديد الأولويات والمهمات المرحلية دون القفز على مراحل تطور الأحداث بقراءة الواقع بموضوعية والابتعاد عن التسرع ورفع سقف المطاليب الفئوية لأن عراق اليوم لايقبل اللون الواحد ويرفض التطرف مهما كان لونه أو شكله .
لهذا تستوجب اليقضة والحذر من احتمال عودة عقارب الساعة الى الوراء والثمن سيكون غالياً على الجميع , فالقومية والوطنية العراقية تناشد القيادات وتحملهم كامل المسؤلية بتدارك الاوضاع والحد من تدهورها وعدم طرح الشعارات بتهور وتثوير الشارع العراقي والتلاعب بعواطفه . ان الخطاب السياسي الكردي هذا غير متوازن وفي حالة انفعالية ومتشنجة ومرتبكة ويدفع الشعب الكردي للتطرف والتعصب القومي وكأنه في معركة مع عدو آخر , نأمل ان ينتبه اليه المثقفين الاكراد و أن يحتكموا الى العقل وان يحافظوا على المسؤولية الملقاة على عاتقكم من أجل وحدة العراق أرضاً وشعباً ولا يضر العراقيين من سيحكمهم ولكن يستوقفهم كيف سيحكمهم .
#عيسى_جمعة_محمد_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟