|
رد على ياسين الحاج صالح.... لماذا فشلت الثورة السورية ..
منير اسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 3861 - 2012 / 9 / 25 - 05:10
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
الأستاذ ياسين الحاج صالح كتب مقالاً اليوم بعنوان "ما الاعتدال وما التطرف في الشأن السوري؟" يحاول فيه إقناع السيد الأخضر الإبراهيمي بـ "خطأ تشخيص الحالة السورية على أنها صراع بين طرفين مذكراً أياه بالمقاربات الدولية والعربية التي اعتمدت نفس التشخيص طوال عام ونصف وفشلت" .. وفي رأيي أن هذا الكلام كما أن فيه الكثير من الصحة فإنه أيضاً ينطوي على الكثير من المغالطات .. لأننا بنفس القدر الذي نستطيع فيه الطعن على التشخيص القائل بأنه "صراع بين طرفين" .. نستطيع أيضاً الطعن على التشخيص القائل بأنه "ليس صراع بين طرفين" ..!!
الأستاذ ياسين يؤيد التشخيص القائل بأنه "ليس صراع بين طرفين" استناداً إلى المعطيات التالية: 1- حقيقة أن الثورة السورية تواجه نظام سياسي مميت. 2- حقيقة أنه ليس هناك طرفان في سورية أكثر مما كان هناك طرفان في مصر أو تونس أو ليبيا. 3- هو يقبل بتسميتها حربا أهلية، لكن فقط بالمعنى الذي تكون فيه جميع الثورات حروبا أهلية.
إلا أنه أغفل في مقاله الإشارة إلى ثلاثة معطيات أخرى، بدا هو مع غيابها، كمن يتحدث بلغة تخصه هو وحده، وهذه الحقائق هي: 1- دور الأخوان المسلمين في إخافة الداخل السوري ودفع الغالبية للإمساك عن الثورة. 2- دور الأموال السعودية والقطرية (أموال = أجندة). 3- تدفق عناصر أجنبية للقتال في سوريا.
السيد ياسين يتحدث عن صراع بين نظام قائم وشعب ثائر (أي ليس بين قوتين عسكريتين) .. لكن لو أسقطنا على المعطيات الثلاثة الأخيرة مسألة تراجع الحراك الثوري، والزخم الشعبي، في غالبية المدن السورية، لأمكننا عندئذ استشراف أسباب الطعن على تشخيص السيد ياسين، ولتفهمنا الأسباب التي تدفع الآخرين للحديث عن صراع بين قوات النظام من جهة، وبين قوات عسكرية متعددة (جيش حر، قاعدة، سلفيين، مجاهدين عرب) من جهة أخرى، خاصة وأن هذه القوات المتعددة أصبحت في الشهور الأخيرة قادرة على التصدي لقوات النظام بجدارة، لدرجة دفعت المجلس الأخونجي والجيش الحر ورئيس الوزراء المنشق للقول بأن الجيش السوري الحر يسيطر على 70% من الاراضي السورية .. طبعاً نحن نتفهم موضوع الحرب الإعلامية والضخ الإعلامي .. ولكن حتى لو كانوا يبالغون في تقديراتهم فهل يريدنا السيد ياسين أن نصدق أنهم حققوا هذا الانجاز أو حتى نصفه بالكلاشينكوف فقط كما قال في مقاله ..؟؟
هل سألت يا أستاذ ياسين نفسك عن سبب تراجع المظاهرات في غالبية المدن السورية؟ أعتقد أنك تعرفها جيداً ولكن دعنا نفكر مع بقية القراء بصوت عال ..
دعونا لو سمحتم أولاً نرتب أفكارنا قليلاً:
1- كلنا شاهدنا أول فيديو للثورة في 15-3-2011 هذا الفيديو كان المصور والمتحدث فيه من أبناء الطائفة العلوية وأنا أعرفه شخصياً وكان معه أثنان علويين وأثنان دروز وأثنان مسيحيين (وهم طلاب من جامعة واحدة) ويمكننا القياس على ذلك لتحديد الخلفيات الدينية للمتظاهرين الآخرين. http://www.youtube.com/watch?v=0nVf1lIHcLw
2- مظاهرات بانياس الحاشدة في الشهر الرابع .. والتي لو اجتمع كل أهل السنة في بانياس وضواحيها لما وصل عددهم إلى نصف عدد الذين تظاهروا .. إنما كان غالبية المتظاهرين فيها هم علويين ومسيحيين واسماعيليين ومرشديين، فقام النظام بغزو قرية البيضة بعناصر علوية للإيقاع بين العلويين والسنة .. والامر نفسه حصل في اللاذقية .. ونجح النظام هنا نسبياً مستفيداً من تغذية أبواق نظامه للفتنة وايضاً من بعض المعارضين الذين ساهمت تصريحاتهم في إذكاءها.
3- بعدها أتى المجلس الأخونجي كهدية مجانية لبشار كي يستغل نفور العلويين والدروز والمسيحيين والأسماعيليين والمرشديين والأرمن والشركس ..إلخ من الأخوان، ويضمن وقوفهم إلى جانبه ... فكيف إذا أضفنا إلى هؤلاء ثلاثة أرباع السنة الذين لا يريدون أخونة سوريا؟
ألا تعلم يا أستاذ ياسين أن الكثيرين من الذين سبقوا الأخوان إلى دعوة بشار الأسد للتنحي قبل بدء الثورة (في الوقت الذي كان فيه الأخوان يغازلون النظام وكان أبعد مايطمحون إليه هو الوصول إلى تسوية وشراكة مع النظام تمكنهم من لحس الأصبع فقط) أقول هل تعلم أن هؤلاء وبينهم كاتب هذه السطور قد كفروا بالثورة بعد أن تدخل فيها المال السعودي والقطري لفرض أخونة سوريا؟
هل من المعقول أن نتخلص من النظام البعثي الفاشي لنقع تحت براثن نظام أخونجي نازي .. وهل الجنون هو شي غير هذا؟
عندما رفض الشعب السوري الأستجابة لدعوة الأخوان المسلمين للخروج إلى التظاهر (أعتقد في الشهر الثالث من 2011) كتبت مقالاً أعربت فيه عن ارتياحي لعدم تلبية شعبنا لنداءهم .. مع تأييدي طبعاً لخروج المظاهرات السلمية في أي يوم آخر شرط ألا يكون للأخوان يد فيها. المهم أن المعارض أشرف المقداد كتب يومها تعليقاً يعترض فيه على مقالي واتهمني الرجل بوضع العصي بالدواليب ...!!
منذ فترة قريبة دخلت إلى موقع أسمه "الأتجاه المشاكس" يصب فيه صاحبه جام غضبه على الأخوان المسلمين وعلى "المجلس المعطوب" كما يسميه هو .. وعلى الفور عرفت أن صاحب هذا الموقع، وكاتب مقالاته، هو السيد أشرف المقداد ..!!! الحقيقة أحسست بشيئ من الراحة لجهة أن أشرف استطاع أن يضع يده على مكمن الخلل، وعلى تحديد الجهة التي أفسدت على شعبنا ثورته وحطمت طموحاته .. ولاتتوقف هذه الرؤية على السيد أشرف بل تتعداه اليوم لتشمل أكثر من 80 بالمائة من مكونات المعارضة والشارع السوري.
ولكن .. هل يُعقل أن الأساتذة ياسين وغليون وصبرا وسيدا .. أصحاب النباهة والفطنة واليقظة .. لم يستطيعوا رؤية مايراه الآخرون !!؟؟
الحقيقة هم كانوا يرون مانراه ..
أنتم ياسيد ياسين كنتم تعلمون أن سبب صناعة المجلس الوطني بغالبية أخوانية يعود إلى أن الأموال التي صنعته كانت عاجزة عن ترويض وتطويع قوى المعارضة الليبرالية الأخرى، عدا أولئك الذين أنضموا للمجلس لإضفاء مسحة مزيفة من الشرعية عليه. وأنا هنا لن أقول أنكم كنتم تعلمون أن مجلساً كهذا لن يفي بالغرض .. بل أقول أنكم كنتم على علم أن مجلساً كهذا سيعرقل الثورة .. وسيفشلها فشلاً ذريعاً .. ومن يقرأ كتبكم وكتاباتكم وتحليلاتكم لن تخفى عليه سعة معرفتكم بما يصح لسوريا وما لايصح لها .. ومع ذلك مشيتم في الطريق المسدود.
لو استعرض أحدنا تاريخ الاسماء العريضة لبعض الليبراليين كبرهان غليون وياسين الحاج صالح وجورج صبرا وعبد الباسط سيدا سوف يحلف يمين عنهم أنهم لن يقبلوا يوماً بالتحالف مع ربع أخونجي .. فكيف بالله عليك أنضوت هذه الاسماء تحت مجلس يشكل فيه الاخوان أكثر من 80% من أعضاءه !!؟
الأخوان ياسادة أساؤوا للشعب السوري مرتين: مرة في الثمانينات عندما أستخدموا السلاح في مواجهة النظام بمساعدة وتمويل دكتاتوري العراق والأردن .. فأعطوا النظام الذريعة ليشد خناقه على رقاب الشعب ويستفرد بالحكم لصالح دكتاتور سوريا .. ومرة أخرى عندما سطوا على ثورة الشعب وسلبطوا على المجلس الوطني ..فحطموا حراك الشعب وقضوا على ثورته وتطلعاته بمساعدة وتمويل دكتاتوري السعودية وقطر!!!
في الثمانينات ليس النظام فقط هو من حارب الأخوان المسلمين بل إن غالبية الشعب السوري وقفت مع النظام في حربه ضدهم .. واليوم التاريخ يعيد نفسه ..
والأمر الغريب العجيب هو أن الأخوان المسلمين أنفسهم يعلمون أنهم غير مقبولون بالداخل (أو على الأقل الغالبية لاتؤيدهم) وهذا الكلام قاله حرفياً البيانوني في الفيديو الشهير (الفضيحة) الذي تحدث فيه عن أسباب أنتقاء برهان غليون لرئاسة المجلس رغم كون أفكاره تختلف عن أفكار الأخوان .. فقال حرفياً .. "لأنه شخصية مقبولة بالداخل والخارج" !!
أقول أنه رغم علمهم أنهم غير مقبولون بالداخل فهم مازالوا يصرون على تمثيل الحراك الثوري!! فهل هذا مجرد عبط أم أن في المسألة سر؟؟
ثم لماذا أخوان مسلمون وليس أخوان سوريون؟ التحزب الديني في سوريا مرفوض ياسادة .. وإذا قبلنا اليوم بالأخوان المسلمون فيتوجب علينا القبول غداً بالأخوان المسيحيون والأخوان العلويون والأخوان الدروز إلخ .. ثم لماذا التحزب الديني (المذهبي) من أصله إذا كانت أهداف هذا الحزب المعلنة تدّعي خدمة جميع السوريين؟ وماهي علاقة هذا التحزب بالبهيمية حيث تسير قطعان البهائم كل نوع مع بعضه البعض، البقر مع بعض والحمير مع بعض والخراف مع بعض إلخ.. والغريب ياسادة أن الله أنزل على العرب بلسان عربي "وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم" .. والغرابة هنا أو المفارقة هي أن أكفر خلق الله بقول الله هذا هم العرب أنفسهم .. وعلى الأخص أولئك الذين يتحزبون مذهبياً.
وسؤال على الهامش هنا للسيد ياسين .. ترى هل تقدم السعودية نموذجاً جيداً للحرية والديمقراطية للآخرين وبالتالي يصلح أن يتبع المعارضون السوريون أرشادات ساستها، أم أن النظام السعودي متخلف لدرجة يمكن وصفه فيها بأنه من أكثر دول العالم تخلفاً على وجه الأرض؟ وكيف يمكن مقاربة الجواب على هذا السؤال مع قول البعض أن السعوديون على أستعداد لفعل أي شيئ يمنع نهوض نظام ديمقراطي في الشرق الاوسط؟
بالنهاية سيد ياسين أنتم تتحملون سبب الفشل ... لقد فشلت الثورة حتى وإن سقط الأسد .. فشلت لأنها لم تعد ثورة شعب بل أصبحت ثورة صراع على السلطة بين دكتاتور بعثي فاشي وبين أخونجية كانوا أرهابيين وسيبقوا أرهابيين حتى لو اغتسلوا بمياه المحيطات الخمسة.
#منير_اسماعيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لرسول الله رب يدافع عنه ..!!
-
القرضاوي يتقن العبرية ..!!
المزيد.....
-
لا تقللوا من شأنهم أبدا.. ماذا نعلم عن جنود كوريا الشمالية ف
...
-
أكبر جبل جليدي في العالم يتحرك مجددًا.. ما القصة؟
-
روسيا تعتقل شخصا بقضية اغتيال جنرالها المسؤول عن الحماية الإ
...
-
تحديد مواقعها وعدد الضحايا.. مدير المنظمة السورية للطوارئ يك
...
-
-العقيد- و100 يوم من الإبادة الجماعية!
-
محامي بدرية طلبة يعلق على مزاعم تورطها في قتل زوجها
-
زيلينسكي: ليس لدينا لا القوة ولا القدرة على استرجاع دونباس و
...
-
في اليوم العالمي للغة العربية.. ما علاقة لغة الضاد بالذكاء ا
...
-
النرويجي غير بيدرسون.. المبعوث الأممي إلى سوريا
-
الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يتخلف عن المثول أمام القضاء
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|