أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - حسقيل قوجمان - ملاحظات حول رايي في الحزب الشيوعي الاسرائيلي سنة 1962















المزيد.....

ملاحظات حول رايي في الحزب الشيوعي الاسرائيلي سنة 1962


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 1123 - 2005 / 2 / 28 - 09:35
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


كتب لي قارئ شاب عزيز من الناصرة قدم نفسه لي عضوا في الحزب الشيوعي الاسرائيلي رسالة جاءت فيها الملاحظة التالية:
"ارجو ان توضح ما كتبته عن الحزب الذي انتمي اليه وعن ما ادركته عنه بانه حزب تحريفي"
عزيزي عضو الحزب الشيوعي الاسرائيلي (لا اذكر اسمك لان هذا من حقك انت وليس من حقي). اشكرك على رسالتك الرقيقة وحديثك عن نشاطك في الحزب الشيوعي الاسرائيلي وتساؤلك وتوجهك الي بهذا السؤال.
في الواقع اجد في محاولة الاجابة على هذا السؤال صعوبة كبيرة لان هذه الاجابة تتطلب مني العودة الى المستوى الفكري والثقافي في تلك الفترة. وهذا بالغ الصعوبة اذ مرت على ذلك اكثر من اربعين سنة تغيرت فيها امور كثيرة وتطورت افكاري تطورا كبيرا من جراء ذلك. ولكن مع ذلك احاول ان اجيبك على سؤالك والعودة الى مستواي الفكري ومعالجة الامور بالشكل الذي فكرت فيه انذاك.
في منتصف الاربعينات من القرن الماضي كان موضوع عرض القضية الفلسطينية على الامم المتحدة موضوع الساعة وخصوصا في فترة قدوم لجان التحقيق الى جميع البلاد العربية بضمنها العراق وفلسطين. وصل كتاب باللغة الانجليزية انذاك فيه تقارير قادة الحزب الشيوعي الاسرائيلي الى لجنة التحقيق. وقد اشتهر خطاب سكرتير الحزب انذاك، ميكونيس، واعتقد ان الحزب ترجمه الى اللغة العربية لاهميته. انا لم اقرأ ذلك ولكني كنت اسمع عن الموقف الاممي لهذا القائد الشيوعي.
كان الحزب الشيوعي الاسرائيلي (لا اعرف في الواقع اذا كان اسمه انذاك الحزب الشيوعي الاسرائيلي لان اسرائيل لم تكن موجودة) انذاك حزبا يهوديا وكانت الى جانبه منظمة شيوعية عربية اعتقد ان اسمها كان عصبة التحرر. ولكن التعاون بين الحزبين كان وثيقا وكانت اراؤهما في حل القضية الفلسطينية متطابقة وهي الغاء الانتداب وترك سكان فلسطين عربا ويهودا يقررون نوع الحكم الذي يريدونه.
بعد تأسيس اسرائيل انضم اعضاء عصبة التحرر الباقون ضمن الدولة الاسرائيلية الى الحزب الشيوعي الاسرائيلي واصبحوا حزبا واحدا. وكان موقف الكثير من قادة الاحزاب الشيوعية العربية معارضا لهذا الاندماج الى درجة انهم كانوا لا يسلمون على الشيوعيين العرب اعضاء الحزب الشيوعي الاسرائيلي ولا يتكلمون معهم في المؤتمرات الدولية رغم انهم كانوا رفاقا لهم واصدقاء حميمين لانهم اعتبروهم خونة بانضمامهم في حزب واحد للعرب واليهود في اسرائيل. طبيعي ان معلوماتي عن الحزب الشيوعي بعد ذلك كانت المعلومات التي كنا نتداولها في السجون وهي معلومات ضئيلة بحكم عزلتنا في هذه السجون. وكان رأينا ان الحزب الشيوعي الاسرائيلي حزب اممي كان ينتمي عن جدارة الى الاممية الشيوعية حين كانت موجودة وبقي كذلك بعد حلها.
بدأ البحث عن التحريفية في الحركة الشيوعية العالمية ينتشر بعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي سنة ١٩٥٦. وكانت معلوماتنا انذاك محصورة على الاخبار التي تصلنا بوسائل سرية الى سجن نقرة السلمان الموجود في الصحراء قرب حدود المملكة العربية السعودية.
أول حادث اثار اهتمامي واهتمام المنظمة انذاك كان زيارة خروشوف الى يوغوسلافيا ومخاطبته لتيتو بالرفيق تيتو. فكان بيننا من اعتبروا تيتو شيوعيا ويوغوسلافيا دولة اشتراكية استنادا الى ذلك وكان منا من اعتبر ان زيارة خروشوف الى يوغوسلافيا لا تعني ان يوغوسلافيا دولة اشتراكية ولا ان تيتو شيوعي. كنت انا من الصنف الثاني.
وحدث التغيير الهائل بعد سماعنا بخطاب خروشوف ضد ستالين. لم يتوفر لنا الخطاب نفسه ولكننا سمعنا اشياء عنه. الى حين سماعنا بهذا الخطاب كانت قيادة المنظمة وكان اعضاؤها يعبدون ستالين. ففي اجتماع ثقافي انعقد قبل هذا الخطاب باسابيع معدودة اعتبر المحاضر ان ستالين معصوم عن الانتقاد ولا يجوز انتقاده. وحين قلت ان ستالين انسان وشيوعي وهو لذلك معرض للخطأ كسائر البشر وانه معرض للانتقاد كغيره من البشر هاجمني كافة اعضاء القيادة في المنظمة وكان عددهم ١٤ واتهموني بمختلف الاتهامات. ولكن حين سمعوا بخطاب خروشوف ضد ستالين تبين انهم كلهم كانوا يعرفون ان ستالين كان انتهازيا وغير ماركسي. وكنت انا الوحيد الذي بقي يعتبر ستالين احد معلمي البروليتاريا الاربعة. لم يكن ذلك عفويا. انا كنت احب ستالين لاني قرأت جميع مؤلفاته التي وصلت الى السجون ودرستها ودرستها للاخرين واقتنعت بها وامنت بها ولذلك لم يؤثر علي خطاب خروشوف ابدا ولكن الاخرين كانوا يحبون ستالين لشاربيه ولانه قائد الاتحاد السوفييتي لا لانهم درسوه وفهموا نظرياته.
في نفس هذه السنة جرى في العراق ما سمي وحدة الحركة الشيوعية والقضاء على الانتهازية بادخال المنظمات التي يعترف الحزب بانها كانت منظمات انتهازية الى الحزب. وقد انتقدت هذا فور ابلاغي به في سجن نقرة السلمان. وفي نفس الفترة تقريبا سمعنا عن اندماج منظمة موشي سنيه الى الحزب الشيوعي الاسرائيلي. ولم يكن لي رأي في ذلك لاني لم اكن اعرف شيئا عن الحزب الشيوعي الاسرائيلي وعن منظمة موشي سنيه. وقد كان الرأي السائد في المنظمة ان هذا كان دليلا على قوة الحزب الشيوعي الاسرائيلي.
من الواضح انني كنت معزولا عن الاحداث لوجودي في السجن حتى بعد ثورة ١٤ تموز اذ اطلقوا سراحي لفترة قصيرة ثم سجنوني مرة اخرى مدة سنتين وثلاثة اشهر بدون محاكمة وبدون توجيه اية تهمة قضيت اغلبها في سجن انفرادي ولم اقرأ خلالها اية جريدة ولم اسمع فيها اية اخبار او تفاصيل لاني كنت معزولا في الحبس الانفرادي ومعزولا عن السجناء السياسيين بامر من الحزب. وكان الشيء الوحيد الذي جذب انتباهي انذاك قضية المانيا الشرقية حين هدد خروشوف بانه سيعقد مع المانيا الشرقية صلحا منفردا اذا لم تتفاوض الدول الامبريالية الثلاث حتى موعد محدد ولكنه قبل الموعد بيوم واحد تراجع تراجعا فظيعا. كانت هذه اول حادثة كبيرة بعد الهجوم على ستالين اثرت على موقفي من الاتحاد السوفييتي. وخلال هذه الفترة لم اسمع عن الخلاف في الحركة الشيوعية في المؤتمرات الدولية كالخلاف بين الصين والبانيا والاتحاد السوفييتي.
اطلق سراحي في اواخر ايام سنة ١٩٦١ وفي اليوم التالي بدأت الشرطة في البحث عني فلم يكن لي حل سوى الهروب الى ايران حيث بقيت اسبوعين الى ان ارسلتني المنظمة الصهيونية التي كانت هناك الى اسرائيل على حسابها. وصلت الى اسرائيل يوم ١٢ كانون الثاني ١٩٦٢.
خلال السنة التي كنت فيها خارج السجن في العراق لاحظت كثيرا من انحرافات الحزب الشيوعي ومن سياسته غير الشيوعية. لاحظت سياسته غير الماركسية في تأليهه لعبد الكريم قاسم. وقد انتقدت الحزب في حينه بخمسة تقارير الى اللجنة المركزية واقترحت استغلال الظروف شبه العلنية التي حدثت بعد ثورة تموز لعقد مؤتمر يكون اهم شيء فيه دراسة الاخطاء ومحاسبة القائمين بها وتصليحها وتحديد الشعار الاستراتيجي بعد الثورة.
سردت هذه التفاصيل لكي اشرح لك وضعي الفكري لدى وصولي الى اسرائيل. كنت اشعر بانحراف الحزب الشيوعي العراقي عن الماركسية وعن النضال الثوري الحقيقي الذي كان يجب سلوكه بعد ثورة تموز في العراق. ولكني كنت اعتبر ذلك خطأ او انحرافا من الحزب الشيوعي العراقي ولم اربط ذلك بسياسة الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي وانحرافه وتحويله الاتحاد السوفييتي الى دولة راسمالية. كنت اعتقد ان الاتحاد السوفييتي لا دور له في انحراف الحزب الشيوعي العراقي وانه لابد ان يكون غير راض على سياسته.
بهذه العقلية جئت الى اسرائيل وبهذه العقلية حددت موقفي من الحزب الشيوعي الاسرائيلي. وحدثت الصدمة الاولى مع الحزب الشيوعي الاسرائيلي بعد ثلاثة ايام من وجودي في اسرائيل. حين هجرت زوجتي من السجون العراقية الى اسرائيل كانت مريضة وضعيفة. ولم تكن لدى العائلة انذاك امكانية معالجتها وتوفير التغذية الكافية لها. فاستضافتها عائلة عربية من الناصرة لمدة ثلاثة اشهر قدمت لها خلالها كل المعالجة والتغذية اللازمة لاستعادة صحتها. عاملت هذه العائلة الكريمة زوجتي كابنة لها واعتبرت زوجتي رب هذه العائلة ابا لها. وبقيت هذه المعاملة حتى يومنا هذا. حين وصلت الى اسرائيل حكت لي زوجتي هذه القصة واعتبرت ان من واجبي ان اقدم شكري لهذه العائلة الكريمة. ولذلك سافرت مع زوجتي الى الناصرة بعد ثلاثة ايام من وصولي الى اسرائيل ونزلنا في بيت هذه العائلة وبقينا فيه يومين.
في مساء اليوم الاول اخذونا في زيارة الى بيت اميل حبيبي الذي كان انذاك عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي ونائبا في الكنيست. وطبيعي كان احترامي لشخصية كهذه هائلا. واخذني اميل حبيبي الى مكتبه على انفراد وطلب مني ان احكي له كل ما يتعلق بالحزب الشيوعي العراقي وعلاقتي معه. حكيت له بسرعة عن السجون وعن دوري الخاص في هذه السجون وبينت له انني كنت حتى يوم الثورة المثقف النظري الاول فيها. وحكيت له ان الحزب طلب من الشيوعيين اليهود الباقين في السجون ان يعتنقوا الاسلام لكي يبقوا في الحزب وبينت له ان اليهود الذين اعتنقوا الاسلام بقوا اعضاء في الحزب وان الذين لم يعتنقوا الاسلام نبذهم الحزب ولم يعتبرهم اعضاء في الحزب. وقلت له ان رايي كان ان اعتناق دين جديد طوعا نبذ للشيوعية وانحراف عن الماركسية ولذلك لم اوافق على اعتناق الاسلام وهكذا ابعدني الحزب عن صفوفه. وحكيت له ايضا عن انحراف الحزب كما كنت اشعر به انذاك. حكيت كل ذلك لاني كنت اعتقد انني اتحدث مع زعيم شيوعي اممي يجب ان احدثه بكل صدق وصراحة.
كان هذا يوم الخميس. وحدثت الصدمة الكبرى يوم الاحد حين جاء اخي الذي كان مقربا الى قيادة الحزب واخبرني ان الحزب اتخذ قرارا باني هارب او فار من الحزب الشيوعي العراقي اي (עריק) باللغة العبرية. جاء هذا الخبر كالصاعقة علي وغضبت اشد الغضب. ثلاث نقاط غريبة كانت في هذا القرار. اولا ان اميل حبيبي وقيادة الحزب لم يفهموا شيئا عن انحرافات الحزب الشيوعي التي حدثتهم عنها. ثانيا انهم لم يفهموا معنى ان يطلب من شيوعي مؤمن بالماركسية والعلم ان يعتنق دينا جديدا عن طيب خاطر. تصور انت ان قيادة الحزب الذي تنتمي اليه تطلب منك ان تعتنق اليهودية لكي تبقى في الحزب. ان القيادة اعتبرتني هاربا من الحزب لاني لم اخضع لطلب الحزب اعتناقي الاسلام. وهذا يعني انهم اعتبروا الحزب محقا في طلبه. وثالثا ان هذه القيادة اخذت في حقي قرارا مصيريا يشوه كل نضالاتي واخلاصي للماركسية والشيوعية بدون ان يسمحوا لي حتى بالدفاع عن نفسي. اي حاكموني محاكمة لا تقل قساوة عن المحاكم العرفية التي حكمت علي بالسجن المؤبد لاني شيوعي. اغضبني هذا القرار اشد الغضب وكان كافيا بالنسبة لي لكي اقرر ان هذا الحزب لا يقل انحرافا عن الحزب الشيوعي العراقي. ومع ذلك لم اتخذ قرارا فوريا بل سألت اخي اذا كان يستطيع ان يرتب لي مقابلة مع احد هؤلاء القادة وفعلا استطاع ان يرتب لي مقابلة مع شخص اسمه مئير فيلنر الذي ربما كان الشخصية الثانية بعد ميكونيس في تلك الفترة.
قابلت مئير فيلنر اكثر من ساعة وحدثته بعبريتي الركيكة واخبرته عن كل القضايا الثلاث ولكني ركزت على القضية الثالثة اكثر فقلت له اية شيوعية هذه التي تحكم على انسان وتحدد مصيره على اساس محادثة جرت بصورة عفوية ولا تعطيه حق الدفاع عن نفسه. والغريب ان مئير فيلنر سمع كل شيء ولم يدافع عن موقف الحزب بل اكتفى بان انكر ان القيادة اخذت قرارا كهذا. كان هذا كافيا لان اقرر ان هذا الحزب لا يختلف عن الحزب العراقي.
ترى عزيزي من كل هذا ان مستواي الفكري والثقافي والسياسي لم يكن عاليا في تلك الفترة. ففي تلك الفترة لم يكن وعيي السياسي قد بلغ المستوى المطلوب لكي اعلم ان انحراف الحزب الشيوعي العراقي والحزب الاسرائيلي هما نتيجة لانحراف الحزب الكبير، الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي بقيادة خروشوف. الانحراف الذي حطم في الحقيقة كل الحركة الشيوعية العالمية وتبعته جميع الاحزاب الشيوعية العالمية تقريبا مما اصبح واضحا لكل ماركسي حقيقي.
كانت قضية كوبا القضية التي جعلتني ادرك ان انحراف الحزب الشيوعي السوفييتي هو الاساس في انحراف الاحزاب الشيوعية ومنها الحزبين العراقي والاسرائيلي. اثيرت القضية الكوبية حين اتهمت الولايات المتحدة الاتحاد السوفييتي بارسال صواريخ الى كوبا. وكان خروشوف يصرح المرة بعد المرة طوال سنة تقريبا عن عدم وجود صواريخ سوفييتية في كوبا وان الاتحاد السوفييتي لا يحتاج الى ارسال صواريخ الى كوبا لانه يستطيع ان يصيب اهدافه في الولايات المتحدة مباشرة من الاتحاد السوفييتي. طوال هذه السنة كنت اناقش بان قضية الصواريخ المرسلة الى كوبا ما هي الا دعاية امبريالية غرضها الاعتداء على الاتحاد السوفييتي وعلى كوبا اعتمادا على تصريحات خروشوف التي كنت اعتبرها تصريحات صادقة لان الشيوعيين لا يكذبون في السياسة وهذا ما كنا معتادين عليه في تصريحات القادة السوفييت في عهد ستالين. ولكن الواقع الذي ظهر في اليومين الاخيرين للازمة ان الصواريخ موجودة في كوبا وان الولايات المتحدة تعرف عددها الدقيق ومواضعها. وكان تراجع خروشوف في اللحظات الاخيرة مهينا لاية دولة تحترم نفسها حين سمحت السفن العسكرية السوفييتية بتفتيشها من قبل الجيس الاميركي للتأكد من عدد الصواريخ التي تسترجعها الحكومة السوفييتية من كوبا. كانت قضية كوبا والصواريخ القضية التي اقنعتني بانحراف الاتحاد السوفييتي واستعادة الراسمالية اليه والقضاء على النظام الاشتراكي.
كنا حين نسمع تصريحا لستالين او لاي قائد من قادة الاتحاد السوفييتي نعتبره صحيحا ونناقش على اساسه الاشخاص الذين يعارضون الاتحاد السوفييتي . وحين يتضح ان ستالين او القائد السوفييتي كان صادقا فان هؤلاء الذين كانوا يناقشوننا يعترفون بصحة نقاشنا وكان هذا يشكل سببا في اجتذاب هؤلاء المعادين للشيوعية الينا. ولكن الوضع في حالة كوبا كان عكس ذلك. فكنا نناقش بان خروشوف يصرح بعدم وجود صواريخ في كوبا وان هذا صحيح وان هجوم الولايات المتحدة كان هجوما خاطئا. وحين اتضح ان الولايات المتحدة كانت صادقة في ادعائها بوجود الصواريخ انعكس الامر اذ ظهر اننا كنا كاذبين وان الولايات المتحدة كانت صادقة فلم نجتذب الاشخاص الينا بل ابتعدنا نحن عن الاتحاد السوفييتي. اذا كانت دولة عظمى مثل الاتحاد السوفييتي ترى ان من المصلحة ارسال الصواريخ الى كوبا فانها بالطبع يجب ان تدرس هذه الخطوة من جميع جوانبها وان تدافع عنها بصراحة وان تتحمل كل تبعاتها. وقد ظهر من سياسة حكومة خروشوف انها قررت ارسال الصواريخ خلسة وبدون ان تتوقع عواقبها. ولذلك كانت النتيجة خذلان الحكومة السوفييتية وانتصار الحكومة الاميركية مما كانت نتائجه وخيمة بعد ذلك مثلا في الحرب الفيتنامية. في قضية كوبا تحدد موقفي من حكومة الاتحاد السوفييتي باعتبارها ليست حكومة اشتراكية وان الحزب الشيوعي بقيادة خروشوف ليس حزبا شيوعيا حقيقيا. وكانت هذه قناعتي الى حين انهيار الاتحاد السوفييتي كدولة.
بعد سنوات معدودة لا اتذكر عددها ولا تاريخها حدث الانشقاق في الحزب الشيوعي الاسرائيلي وانشطر الى حزب بقيادة ميكونيس واخر بقيادة فيلنر. بعد الانشقاق جرى اجتماعان في القدس حيث كنت اسكن ودعيت الى الاجتماعين. لم اوافق على حضور اجتماع جماعة ميكونيس ولكني حضرت اجتماع جماعة فيلنر حيث جاء احد اعضاء القيادة الجديدة وشرح لنا السياسة التحريفية التي اتخذتها جماعة ميكونيس وشعاراتها الانتهازية التي كانت سبب الانشقاق. لم اهاجم في هذا الاجتماع سياسة الاتحاد السوفييتي مباشرة رغم اقتناعي بانحرافها وعدم ماركسيتها. ولكني سألت هذا المتحدث "هناك حزب اخر يحمل بالضبط نفس هذه الشعارات والسياسات التي وصفتها كسياسة جماعة ميكونيس الانتهازية، هو الحزب الشيوعي الايطالي، هل تستطيع ان تسمي الحزب الشيوعي الايطالي ايضا حزبا انتهازيا؟ " فاحرج المتحدث وقال ان الحزب الشيوعي الايطالي حزب كبير وهو اعلم بسياسته منا. فكان هذا الجواب كافيا بالنسبة لي لكي لا انتمي الى جماعة فيلنر.
وصفت لك قارئي العزيز الاسباب التي دعتني الى اعتبار الحزب الشيوعي الاسرائيلي حزبا تحريفيا بمستواي الفكري والثقافي المحدود انذاك ارجو ان يكون ذلك جوابا مفيدا لسؤالك
اخوك
حسقيل قوجمان
٢٤ شباط ٢٠٠٥



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من كتاب ستالين حول القضايا الاقتصادية للاشتراكية
- عودة الى قرار تقسيم فلسطين - 2
- عودة الى موضوع قرار تقسيم فلسطين 1
- حول الطبيعة التقدمية لحزب البعث السوري
- من كراس ستالين حول القضايا الاقتصادية - جواب الى الرفيق الكس ...
- الجالية اليهودية في العراق سابقا
- من كتاب ستالين حول المسائل الاقتصادية للاشتراكية
- حول موقف الاتحاد السوفييتي من قرار تقسيم فلسطين
- هل اسرائيل ديمقراطية؟
- كتاب ستالين حول القضايا الاقتصادية للاشتراكية
- جواب الى الاخ خالد بهلوي
- كتاب ستالين حول القضايا الاقتصادية للاشتراسية
- داوود الصائغ ودوره في الحركة الشيوعية العراقية
- كراس ستالين حول القضايا الاقتصادية للاشتراكية - الحلقة الثان ...
- الحياة الثقافية في سجون العراق
- الى الاخوة في اتحاد الجمعيات المندائية
- الطبقة ام الحزب؟
- كتاب ستالين عن المسائل الاقتصادية - الحلقة الاولى*
- حول مجزرة بشتآشان
- المفمهوم الحقيقي للمقام العراقي


المزيد.....




- إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط ...
- إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
- حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا ...
- جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
- الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم ...
- اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا ...
- الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي ...
- مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن ...
- إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - حسقيل قوجمان - ملاحظات حول رايي في الحزب الشيوعي الاسرائيلي سنة 1962