أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم النبريص - محفوظ: المجامل على حساب الحقيقة!














المزيد.....

محفوظ: المجامل على حساب الحقيقة!


باسم النبريص

الحوار المتمدن-العدد: 3859 - 2012 / 9 / 23 - 04:59
المحور: الادب والفن
    


يتوجّب عليّ القول, منذ البداية, أنني لم أرتح لنجيب محفوظ كشخص. لم أجده فناناً, كما وجدث مثلاً توفيق الحكيم ويحيى حقي. بل وجدت نفسي أمام "أستاذ وأب وموظف عريق تليد". بل أمام رمز من رموز البيروقراطية المصرية, التي لعلّها _ من يدري- أول بيروقراطيات التاريخ.

حضرت له جلسات كثيرة, وكان واضحاً مدى ميله للمجاملة على حساب الحقيقة. وهو الأمر الري نفّرني منه غير مرة.

وقد أكون, في كل ما سبق, أسير نظرة ضيف لا يعلم بواطن الأمور, ويحكم عليها من خارجها .. أو شيء قريب من هذا. لست متيقناً. في الحقيقة لست متيقناً. فثمة من المصريين الأصلاء من كتبوا عنه, بعد موته, فخالفوني تلك النظرة. بل أتوا بنقيضها التامّ.

عموماً سأكتب عما رأيته وسمعته, وللقرّاء مهمة التأويل, من قبل ومن بعد.

ذات يوم قابلته, وكان الحضور قليلاً على غير المألوف. قدّمت نفسي إليه كقارئ معجب لا أكثر, أتى على جميع ما كتب, حتى على مقالاته العادية الضعيفة بالأهرام, قال:
_ الأخ عربي؟
قلت:
_ عربي فلسطيني. فجفل.
وحاول أن يتجاهل الموضوع, بالانتقال لحديث آخر مع شاب مصري. أوغل في مديح ما سمعه منه من قراءةٍ لقطعة أدبية دون المأمول.

لقد كانت هذه عادته: خلط الحابل الأدبي بالنابل.
ولكَم فعلها في مقابلاته الصحفية!
حين يُسأل عن أهم التجارب الشابة, يخلط المهمين بالتافهين. لمَ؟ لا أعرف. كان هذا طبعه, ولم يرقني هذا في يوم من الأيام.

شكوت لأحد الأدباء المحترمين, ما سمعت فضحك, وقال قولة لا أنساها ابدأ
_ لسا ياما تشوف وتسمع!

رحمك الله يا أصلان!

كان نجيب في لقاءاته بالأدباء في ريش وغيره, معروفاً بصفات ثابتة. منها الجبن, والتحفظ والكلام بحساب وحتى البخل. وكان أخشى ما يخشاه غضب السلطة عليه. لذا, كان يتهرّب لو سئل عن قضايا سياسية راهنة. عن هموم طاحنة يعاني منها المجموع.

لم يكن صريحاً مع حاله وحالنا إلا عندما يكتب. خارج الكتابة هو الصورة النمطية للموظف البيروقراطي. أو شيء قريب من هذا.

لذلك أفضل لك أن تقرأ نجيباً من أن تجالسه. أو كما يقول أهل العراق: تسمع بالمعيدي ولا تراه!
كان يبدو في جلساته, رجلاً متوسط الحال, ثقافة وسلوكاً, لا ذلك العبقري الذي تبهرنا كتابته.

وأظن أنه برع في وضع حواجز لا حاجز بين نصه وشخصه.
إن خيبتي بلقائه, ليست جديدة, فلطالما خاب ناس من قبلي. لكنّهم لم يكتبوا ذلك, خوفاً من المسّ بالأيقونة, أو اكتفاءً بأنهم كلّموه, وفي هذا ما فيه من مجد, وكفى.

الوحيد, فيما قرأت, الذي كتب دون خشية وحساب, هو الشاعر التونسي خالد النجار.

نجيب كان في السنوات التي اقتربت منه فيها ( 81, 82, 83) متواطئاً مع سلطة السادات. هذه هي الحقيقة. كان شديد الحرص, على ألاّ يختلف معها. على طلب ودّها. ومن يقرأ مقالاته الأسبوعية في تلك الفترة بجريدة الأهرام, سيعرف دون تمحيص وتعب.

ولعلّه يذكّرني بمحمود درويش, في هذه الناحية.
كلاهما من نفس الطينة. كلاهما حريص ألا يغضب السلطة. كلاهما, يصدر في ذلك, عن تربية تقليدية, ومنظور بطريركي رجعي. كلاهما نظر للسلطة, بوصفها الأب الأرضي الأعلى!

قابلته عدة مرات. ولم يبلّ ريقي في مرة.

كان يبدو دائماً, متوازناً, راضياً, لا ينقصه شيء. وهذه السيكولوجية مضادّة لطبيعة الفنان.
هل كان كل هذا قناعاً برع في وضعه على وجهه ولسانه؟ ربما لا وربما نعم.

لكن الأكيد, أنك لن ترى في جلسته مهما طالت, شبحَ الفنان أو نزق الفنان, أو ضعف الفنان, كما رأيت ذلك أنا عند حقي والحكيم رحمهما الله.

نجيب غيرهما.
نجيب له حسابات وتوازنات .

قد أكون مخطئاً.
قد أكون مصيباً.
قد أكون نصف نصف.
لكن هذا هو انطباعي الأخير عنه, حتى وهو ميت منذ سنوات.

طبعاً, كل ما سبق لا يقلّل قيد أنملة من قيمة أدبه الخالد. تلك الثلاثية الأجمل في الأدب العربي. والتي ما زالت الأجمل. تلك الحرافيش التحفة. وسواهما وسواهما.

رحم الله نجيباً النجيب.



#باسم_النبريص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد خضيّر .. النبيل في سبعينِه!
- احتفلال الكتلان ب -إستيل-: لستم وحدكم أيها الفلسطينيون
- جبرا إبراهيم جبرا: كتابتي نقش على الهواء!
- نوماً هادئاً يا عزيزي خوان!
- ساعات مع خوسيه ساراماغو
- ست زفرات صغيرة
- لقاء وحيد مع توفيق الحكيم
- احتفالية فلسطين للأدب: أدباء عرب في غزة!
- قصائد جديدة
- غونتر غراس ولسعات الدبابير!
- ومضات(2)
- مثقفون في المحرقة
- ومضات
- 13 نصاً
- مبسوط ومطمئن
- تأملات في الوردة
- تأملات في -المكتبة-
- 4 نصوص
- -خيانات اللغة والصمت- : كتاب يفضح النظام السوري
- خزعبلات سعدي يوسف: غليون ويزبك عملاء لساركوزي


المزيد.....




- أدب الرحلات وآفاق الاشتغال فيه في اتحاد الأدباء
- سُراقة وسِوارا كسرى وأم معبد وشاتُها.. كيف رسم الشعراء تفاصي ...
- السفير الإيراني يعلق على حادثة مجدل شمس: مسرحية وثلاث لاءات! ...
- ترويج للشذوذ وإساءة للمسيحية.. انتقادات حادة لافتتاح أولمبيا ...
- شاهد/حزب الله تدمر المنظومة الفنية في ‏موقع راميا بصاروخ موج ...
- حركة -فتح-: مجزرة دير البلح ترجمة حقيقية لخطاب نتنياهو في ال ...
- مغني الراب -كادوريم- يثير ضجة في تونس بإعلانه المفاجئ عن الت ...
- تحتضن مواقع مهمة.. أبرز آثار بلدة العيزرية شرقي القدس
- تردد قناة وناسة للأطفال 2024 على النايل سات وتابع أجدد الأفل ...
- وزارة الإعلام الكويتية تعلق على الأنباء المتداولة حول تكاليف ...


المزيد.....

- Diary Book كتاب المفكرة / محمد عبد الكريم يوسف
- مختارات هنري دي رينييه الشعرية / أكد الجبوري
- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم النبريص - محفوظ: المجامل على حساب الحقيقة!