مجدى زكريا
الحوار المتمدن-العدد: 3858 - 2012 / 9 / 22 - 17:12
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
" اذا مات زوجك , يتفهم الناس وضعك حتى ولو لم تكونى الزوجة الفضلى. لكن اذا تركك زوجك , يظن بعضهم انك لم تبذلى قصارى جهدك لتكونى زوجة صالحة. فأرجوكم , أرجوكم ان تساعدونى ". احدى القارئات فى جنوب افريقيا.
الخيانة الزوجية والطلاق يمكن ان يكونا محزنين جدا. رغم ان كثيرات وجدن اسبابا لمصالحة ازواجهن والمحاقظة على زواجهن , فلدى اخريات اسباب جوهرية تدفعهن الى اختيار الحل الثانى الذى سمح به الله الا وهو الطلاق من زوج زان. مثلا , يمكن ان تكون سلامة الزوجة المخلصىة واولادها فى خطر , وكذلك خيرهم العام. وقد تخاف الزوجة ايضا ان تخمج بمرض متنقل جنسيا. او قد تغفر لزوجها ارتكابه الزنا , ورغم ذلك , لا تلوح لها فى الافق اية بوادر امل فى اعادة بناء الثقة الحقيقية وامكانية الاستمرار فى العيش معه كزوج.
اعترفت زوجة شديدة الاضطراب : " كان اصعب قرار اتخذته فى حياتى ". وهو فعلا قرار صعب - ليس لأن الخيانة مؤلمة جدا فحسب بل لأن للطلاق نتائج واسعة النطاق تؤثر فى حياتها كلها. لذلك , سواء كان على الزوجة ان تطلق زوج غير مخلص او لا , فهذا قرار شخصى. وينبغى ان يحترم الاخرون حق الزوجة البريئة والمؤسس على الكتاب المقدس.
لكن , وبشكل مأساوى يندفع كثيرون الى طلب الطلاق دون حساب النفقة بشكل ملائم. فماهى بعض العوامل المشمولة باختيار الطلاق ؟
يذكر كتاب ازواج فى ازمة : " غالبا ما ينسى او يتجاهل الوالدون حاجات الاولاد بسبب انغماسهم فى مشاكلهم الخاصة ". لذلك لا تدعوا خير اولادكم يغرب عن بالكم عندما تفكرون فى الطلاق. وقد لاحظ باحثون كثيرون انه كلما جرى الطلاق بطريقة ودية اكثركانت معاناة الاولاد اخف. حتى فى الظروف الصعبة , ستساعد الوداعة الشخص الا يتشاجر بل مالكا نفسه عندما تحصل اساءة.
اذا اختارت الزوجة ان تطلق , يجب الا تنسى ان الزوج والزوجة هما من يتطلقان لا الاولاد. فالاولاد لا يزالون بحاجة الى الاب والام كليهما. لكن طبعا , قد تكون هناك حالات استثنائية : مثلا , حين يكون الولد معرضا للاساءة. لكن الاختلافات الشخصية او الدينية لا ينبغى ان تستعمل لحرمان الاولاد من فائدة حيازة والدين.
يجب ايضا ان يؤخذ بعين الاعتبار مشاعر الاولاد الصغار الرقيقة وحاجتهم الى الكثير من الاطمئنان , الحب , والحنان. يذكر احد الكتب : " ان الاستمرار فى اغداق الحب سيزودهم بالخلفية والاساس لكى يستطيعوا مواجهة الظرف الجديد ".
لا مفر من ان يحرم الطلاق كل زوجة بعضا من الدخل والممتلكات , بعض وسائل الراحة , وربما منزلا تعزه كثيرا. واذ تزداد المصاريف وينخفض الدخل , من الحكمة ان تضعى ميزانية واقعية تناسب الاولويات المالية. وينبغى ان تتجنبى التعويض عن المشاعر المجروحة والخسائر باللجوء الى انفاق مال اكثر او الوقوع تحت دين.
واذا اتخذ القرار بالطلاق , فمن الضرورى ايضا مناقشة كيف يجب التصرف فى الحسابات المالية المشتركة.
من الحكمة ان تحافظى على سجلات دقيقة بالدخل والمصاريف بغية الاستعداد للمفاوضة فى النفقة المستحفة لك. وفى بلدان كثيرة , يكون مطلبا قانونيا ان يعلم الناس السلطات المختصة بالضرائب بظروفهم المتغيرة.
علاوة على ذلك , يستفيد معظم الناس من استشارة خبير قانونى - شخص لديه خبرة مختصة بمسائل الطلاق. وتسمح بعض البلدان بتدخل وسطاء او مصلحين ليساعدوا الزوجين على التعاون للتوصل الى اتفاقات سلمية ومقبولة من الطرفين يجرى اقرارها بعد ذلك فى محكمة قانونية. ويفضل والدون كثيرون وخصوصا عندما يكون الاولاد مشمولين , ان يستعينوا بخدمات خبير غير عدوانى. وعوض ان يحاولوا تحصيل مايستطيعون من ربح مادى , يهدف الوالدون الى تخفيض النزاع والاذى الى الحد الادنى. فلا تستحق بعض الارباح المادية الكلفة العاطفية والادبية التى يتكبدونها للحصول عليها.
تخبر احدى الباحثات : " لا ينبغى ان نستخف بشعور الارتباك وعدم اليقين الذى ينتاب اشخاصا كثيرين فى ما يتعلق بأصدقائهم المطلقين ". حتى لو كانت الزوجة المخلصة تتصرف وفقا لحقوقها القانونية , الاخلاقية , والمؤسسة على الاسفار المقدسة , قد يعتبرها البعض السبب فى فشل زواجها. وقد يتراوح رد فعلهم من القاء تحية فاترة الى التجنب الواضح. والاسوأ امن ذلك ايضا, قد يظهر اصدقاء احماء سابقون عداوة ظاهرة وصريحة.
كثيرون لا يدركون مدى حاجة الشخص الى الدعم عندما يواجه الشخص الطلاق. قد يخيل اليهم ان رسالة قصيرة او بطاقة قد تكون كافية. ولكن, هناك عادة اصدقاء " يملكون التعاطف الملائم " كما يذكر كتاب طلاق وانفصال " وسيتصلون بك ليروا هل انت بحاجة الى الرفقة , او المساعدة او مجرد التحدث". نعم , ان الشخص فى مثل هذا الوقت العصيب من الحياة , يحتاج , كما يقول الكتاب المقدس , الى " صديق الزق من الاخ " امثال 18 عدد24.
تعترف ام بعد ست عشرة سنة من طلاقها : " لا تزال هنالك اوقات اشعر فيها بوحدة قاتلة - حتى لو كنت محاطة بالناس ". وكيف تواجه الامر ؟ تتذكر : " لقد بنيت نوعا من النظام الدفاعى ببقائى مشغولة بالعمل , والاهتمام بابنى , والاعتناء بالبيت. والقيام بامور لأجل الاخرين , كل ذلك ساعدنى كثيرا".
قد تحيى بعض التواريخ والايام من السنة المشاعر والذكريات المؤلمة. مثلا , يوم كشف النقاب عن الخيانة , يوم ترك المنزل , يوم المثول امام المحكمة من اجل القضية. والاوقات السعيدة التى اعتاد ان يتشارك فيها الزوجان - كالعطل وذكرى الزواج - يمكن ان تكون اختبارات عاطفية صعبة المعالجة. " انا اتخطى تلك الايام بالترتيب لقضاء وقت مع عائلتى او مع اصدقاء احماء يعرفون ظروفى ". تقول بات. وتضيف : " نقوم بأمور تحول ىدون التفكير فى الماضى وتخلق ذكريات جديدة ".
ان الزوجات البريئات اللواتى يخترن ان يستفدن من الحق المعطى من الله المتعلق بالطلاق من زوج زان لا يجب ان يشعرن بالذنب او يخفن ان الله قد تخلى عنهن. فالسلوك الخائن للزوج الزانى هو من سبب كل هذا الالم , وهو مايكرهه الله.
طبعا , سيكون افضل بكثير اذا ىجرى منذ البداية تجنب عدم الاخلاص الزوجى ونتائجه المأساوية.
متفرقات مهمة :
من المسؤول : من المسلم به ان نقائص رفيق الزواج البرئ قد تكون ساهمت فى بعض الحالات فى تطوير علاقة متوترة , ورغم وجود عدة عوامل مساهمة , فان شهوة المرء هى المسؤولة اولا عن زناه. واذا سببت عيوب رفيق الزواج مشاكل زوجية , فلا شك ان ارتكاب الزنا لا يمكن ان يكون ابدا هو الحل.
عوض ذلك , يمكن حل المشاكل الزوجية عندما يثابر الزوج والزوجة كلاهما وكما يقول الكتاب المقدس على تحمل بعضهما بعضا ومسامحة بعضهما بعضا , ويجب ان يستمرا ايضا فى الاعراب عن صفات مثل عواطف حنان ورأفة , ولطف , واتضاع عقلى , ووداعة , وطول اناة. والاهم من ذلك , ينبغى ان يلبسا المحبة , فانها رباط وحدة كامل. كولوسى 3 .
لايستحق الاولاد الطلاق : سنة 1988 قالت ديانا , اميرة ويلز الراحلة , انه فى بريطانيا وحدها , يعانى كل يوم نحو 420 ولدا طلاق والديهم. وثلث هؤلاء الاولاد لم يبلغوا الخامسة من عمرهم. ومن المحزن ان 40 فى المئة من الاولاد يفقدون الاتصال بأحد والديهم بعد الطلاق.
خلافا لما يظن كثيرون , " قليلون جدا من الاولاد الذين تطلق والدوهم يرحبون بهذا الانفصال ". كما تذكر كاتبة فى الشئون الطبية والصحية , " فمعظم الاولاد يفضلون رؤية والديهم معا حتى لو كان جو العائلة متوترا". لذلك , حتى لو تجادل الازواج كثيرا بعد كشف النقاب عن الخيانة , لا ينبغى ان يستنتجوا بتسرع ان انهاء الزواج هو الافضل للأولاد. فصنع التغييرات فى مواقفهم وسلوكهم قد يسمح لهم ان يبقوا معا لخير العائلة بأسرها,
تذكر الكاتبة باميلا وينفليد : " ان الازواج الذين يقيمون العديد من العلاقات الجنسية يجب ان يفكروا فى الالم الذى سيظهر فى عينى اولادهم عندما يدمر بيتهم نتيجة غبائهم ".
لماذا يبقى البعض معا : فى مجتمعات كثيرة , لا خيار امام بعض الزوجات سواء البقاء مع زوج زان غير تائب. لحاجتهم الملحة لنفقات الحياة. وقد يكون منطقيا انه فى حالتهن فأن بقائهن رغم صعوبته وعدم الرغبة فيه , يضفى على حياتهن , استقرارا اكبر مما لو كان عليهن الكفاح بمفردهن.
بعد تحمل هذه الظروف بصبر , ولسنوات عديدة احيانا, حظيت بعض الزوجات ببركة رؤية ازواجهن يغيرن طرقهم فى نهاية المطاف ويصبحون ازواجا مخلصين ومحبين.
اذا لاينبغى انتقاد الزوجات اللواتى يخترن البقاء مع زوجهن , حتى ولو كان غير تائب. وينبغى بالتالى ان ينلن كل مساعدة ودعم يحتجن اليهما.
#مجدى_زكريا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟