أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد يوسف عطو - جدلية العلاقة بين الدين والعنف والسياسة .. ج 2















المزيد.....

جدلية العلاقة بين الدين والعنف والسياسة .. ج 2


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 3857 - 2012 / 9 / 21 - 15:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لاتمثل فكرة الاله نسقا واحدا واضحا في التوراة . فهناك اكثر من اله واكثر من اسم له . هناك تعددية , كما ان هناك توحيدا , ولكنه ليس توحيدا بالمنطق المتعارف عليه , بل هي احادية ,اي اله واحد لشعب واحد دون بقية شعوب العالم . راجع فراس السواح ( مغامرة العقل الاولى , تاريخ اورشليم والبحث عن مملكة اليهود ) .في مطلع سفر التكوين نراه اله شمولي خالق للكون وللبشر (وكانت الارض خربة وخالية وعلى وجه القمر يرف روح الله ) . ثم يظهر بعد ذلك بصفات بشرية , فهو يظهر كثائر على البشرية باجمعها , كما في قصة الطوفان ذات الاصل السومري .وهو اله غيور .
الله في التوراة يستلذ برائحة الشواء , ويندم على افعاله السابقة . وينتاب اله التوراة القلق لان ادم اكل من شجرة المعرفة فصار مثل الالهة : (وقال الرب الاله : هوذا الانسان قد صار كواحد منا ,عارفا الخير والشر .. ) .
هل هذه الصورة تمثل تعددية الهية ؟ ام اشارة لتعدد الاقانيم في المسيحية ؟ ام صيغة للتفخيم كما يقول الاحمديون بصيغة الجمع ؟
ان اليهودية في اسفارها الاولى جعلت من الله الها بدويا يسير مع شعبه العبراني ملتصقا بالارض لا بالسماء . فهو ينزل الى خيمة الاجتماع , يشارك الانسان وقائع حياته . والانسان هنا مقصود به حصرا شعب بني اسرائيل !!! . ولذلك نظر اليهودي الى غير اليهودي باعتباره من (الامم ) اي وثنيا ! . وكان اليهود يصفون شعوب العالم ب (الكلاب ) في نظرة انعزالية تحاول التاصيل للتمايز عن باقي البشر في التاسيس لثقافة الكراهية والقتل .لقد كتبت اسفار التوراة كما يؤكد العلماء بين القرن الثاني قبل الميلاد والقرن السادس قبل الميلاد .وهي تجميع لقصص تراث شعوب المنطقة بعد اعطائها طابعا لاهوتيا وايديولوجيا مفروضا عليها من الخارج , لتعكس اخلاق اليهودي المتعصب المعادي لجميع البشر والمحب للقتل والاغتصاب والسطو على اراضي الاخرين باسم الرب ! والمحب للغش والخداع .مارس لوط الزنا مع ابنتيه فكانتا ان انجبتا رمزيا جد ( العمونيين ) و جد ( المؤابيين ) . وهي نظرة لاهوتية تعكس النظرة المسبقة في كراهية وقتل وابادة الشعوب . ونحن نعرف حجم القتول التي قام بها المكابيون في القرن الثاني قبل الميلاد في قتل الادوميين والسامريين وسكان الجليل وفي قتل اليهود انفسهم .
الاباء والانبياء في التوراة لايتورعون عن الاتيان بافعال مشينة , مثل استخدام الزوجة للحصول على المال ( اي ممارسة القوادة ) , مثل ابراهيم ابو الانبياء , او السكر والزنا بالمحارم (لوط مع ابنتيه ) , او التنكر للجميل (ابراهيم مع ابيمالك ) , او السرقة ونهب الحيوان والقتل (موسى ) , او الامعان في ابادة الناس ( يوشع بن نون ) , او الاستيلاء على النساء بقتل ازواجهن ظلما , بعد الزنا بهن ( داود ) , او قتل الاخوة والانفراد بالحكم ( سليمان )... ناهيك عن تبجح القتلة , وحماية الله لهم كما ورد في قايين (قابيل )ولامك . وهكذا تكون ثقافة القتل والسرقة والغش والخداع وكراهية بقية البشر من غير اليهود متاصلة في اسفار التوراة . انهم يحبون الانعزال والتمايز وعدم الاختلاط ,ولهذا تم وصفهم في التوراة ب ( شعب الله المختار ).
هذه الصفات هي نتيجة امتزاج سياسة واخلاق ملوك اليهود بديانة كهنتهم واخلاقهم , والمصلحة والتخادم والتساند المشترك بينهما . فالسياسي (الملك ) يخدم المعبد وممثله (الكاهن ورئيس الكهنة ) . وسلطة المعبد التي هي تمثل سلطة الله تساند سلطة الملك . ومن هنا كان امتزاج السياسة بالدين عند اليهود .
اما المسيحية فجاءت على شكل( خروج ) وانشقاق عن الدين اليهودي بزاوية 180 درجة . فتعاليم السيد المسيح قائمة على المحبة والغفران وعلى محبة الاعداء .. ومن اراد منك ثوبا فامنحه ثوبين , ومن لطمك على خدك الايمن فحول له الاخر . الا ان الملك قسطنطين في تحوله الى المسيحية لم يجد في نصوص الانجيل ما يدعم حكمه , لذا تم تبني التوراة كاسفار قانونية الى جانب اسفار العهد الجديد (الانجيل ) , لتعمل عمل الناسخ والمنسوخ في القران الذي ظهر فيما بعد .لقد نسخت اسفار التوراة تعاليم السيد المسيح كافة واصلت للعنف في المسيحية باسم الله بعد تبني التوراة .
ليس هناك سلاح امضى من الدين في خلق دولة دينية ثيوقراطية استبدادية , يمتزج فيها السياسي بالديني لينتج القتل والعنف باسم الله !!! .
اما في الاسلام , فالعرب كانوا في شبه الجزيرة العربية يمارسون الغزوات بسبب شحة الموارد . ولكن هذه الغزوات كانت تقوم على اعراف متفق عليها ,فكان يتم العفو عن الاسير واطلاق سراحه او القيام بفدائه .وكان هناك الاشهر الحرم التي يتوقف فيها القتال .وكان هناك التحالفات القبلية والايلاف , وكان هناك احترام للمراة
ان من الاحاديث ما نسب الى الرسول قوله (الدين النصيحة ) . ويعتقد الدكتور سليمان بشير ان ورود شرط النصح في المبايعات ,ارتبط بالعهود التي كانت تؤخذ من وفود بعض القبائل العربية لضمان اقامة شبكة من علاقات الولاء والدعم السياسي والعسكري للرسول محمد . وياتي شرط التصح للدلالة على شكل ضعيف واقل الزاما من اشكال العلاقة التي سبقت الخضوع التام للاسلام .من المجالات الرئيسة التي تركز فيها البحث في تطور سلطة الرسول والتحولات الدينية التي طرات على الاسلام في المدينة , هو ما عرف لدى الباحثين ب ( دستور المدينة ) , وما اشارت اليه الرواية الاسلامية باسم ( الصحيفة ) او عهد الامة . لاحظ غويتين عدم ورود اية اشارة في القران الى هذه الصحيفة , وانها ذكرت في سيرة ابن هشام فقط . كما عبر غويتين عن تقديره بانها لم تكن على شكل اتفاقية وانها لاتشكل دستورا بالمعنى المعروف , بل جاءت كبيان من شخص مسؤول عن تنظيم المدينة والعلاقات فيها . وهناك من الباحثين من يقول ان الصحيفة وضعت في السنة الثانية للهجرة .اما مونتغومري واط فقد عبر عن اعتقاده بانها لم توضع قبل السنة الخامسة للحجرة .
وبخصوص قيمة هذه الصحيفة ودلالتها السياسية , فان ابحاث واط واستنتاجاته ملفتة للانتباه . فقد لاحظ واط ان الوثيقة التي بين ايدينا تتحدث عمليا عن اتفاق فيدرالي بين تسع مجموعات , ثمانية بطون من المدينة نفسها ,وجماعة المهاجرين اتباع محمد نفسه . الامر الذي يشير في حد ذاته الى ان جميع هذه المجموعات قد اعترفت عمليا بمحمد . كما يلاحظ ان يهود المدينة ادخلوا في الصحيفة ضمن اطار ومفهوم الامة وذلك على الرغم من انهم كغيرهم من الجماعات غير الاسلامية اعطوا مكانا ثانويا داخل الفيدرالية كحلفاء للشركاء الاساسيين فيها . غير ان اهم ماتنبه اليه الصحيفة وما يؤكد عليه واط هو ان محمدا لم يكن اكثر من زعيم لاحدى المجموعات التسع من دون ان يكون له اي مركز او سلطة خاصة , وذلك عدا عن الاتفاق باحالة الامور التي تهدد سلامة الواحة اليه .الامر الذي يدفع واط الى الاستنتاج المهم الا وهو ان محمدا لم يكن بموجب هذه الصحيفة قد اصبح حاكما للدولة الجديدة في المدينة بعد ,وان اكثر ما حققه في الواقع هو الاعتراف بوجوده ونشاطه الديني .
ان تبني الامويين لدين النبي محمد بن عبدالله و ( خروجهم ) عن الدولة البيزنطية وكنيستها المسيحية ,قد سبقه هجرات وغزوات وصراعات استمرت لعشرات السنين باتجاه العراق والشام ومصر ,تقطعت فيها العهود والمواثيق القديمة ,والايلاف ,والاشهر الحرم , واصبح الغزو وربطه بالاسلام تحت شعار ( لا اسلام لمن لاهجرة له ) حيث اصبح الاعراب الداخلين في الاسلام يطمحون الى الغزوات وسبي النساء واخذ الغنائم والقتل خلافا للتقاليد والاعراف العربية (انظر كتاب – لصوص الله للكاتب عبد الرزاق الجبران ) . فتم التاصيل للعنف والقتل في الاسلام الذي ابتدا به الامويون ثم تابعه العباسيون .لايمكن لمحمد الذي كان من الموقعين على ( الصحيفة ) والذي قبل بالتعددية القبلية والدينية والسياسية ان يقوم بالمجازر والقتول التي تحدثنا عنها كتب السيرة والمغازي . فاخراج اليهود من المدينة ومن الحجاز ومن الجزيرة قد تم بعد معركة الحرة 63 هجرية اي في سبعينات القرن الهجري الاول ,بعد القضاء على حركة ابن الزبير الموالي للبيزنطيين من قبل محمد ابن الحنفية الموالي للامويين ( مقالتنا – نحو قراءة جديدة للرواية الاسلامية – منشورة بتاريخ 11 – 9 – 2012على موقع الحوار المتمدن ) . لقد كان الاعراب يحبون الغزو ويكرهون الزراعة والصناعة والحرف اليدوية . هذا الامر جعل البدوي ( والعرب اغلبهم كانوا من الاعراب ) ينظر الى غيره من الاقوام والاديان نظرة عنصرية واصبح اتكاليا ,غير منتج .
لايمكن القبول بالروايات التي تحدثت عن نصب احد الخلفاء الامويين لخيمته فوق الكعبة وشربه للخمر . لان مكانة قريش وعزها وشرفها هي في الحفاظ على الكعبة وعلى مواسم الحج والذي يضمن تجارتها واسواقها . لايمكن لخليفة مخبول ان يقوم بهذا التصرف . كما لايمكن القبول بنسبة الشعر التالي الى يزيد : لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء وا وحي نزل .. كما لايمكن قبول الروايات التي تتحدث عن دخول النبي محمد على نسائه التسع في ليلة واحدة وانه يملك قوة اربعين رجلا ! . انها روايات عباسية جاءت لتطعن بالامويين والهاشميين !!!.
لقد تحول الحكم عن طريق الامويين الى ملك عضوض وخلافة وراثية فتم تاليف الاحاديث والروايات التي تسند القتل ورفض الاخر ونسبتها الى محمد بن عبدالله ! ومحمد منها براء .
لايمكن لمن وقع على دستور المدينة الذي يتضمن الاعتراف بالتعددية القبلية والدينية والسياسية ان يفرض دينا واحدا هو الاسلام وبحد السيف .
ان قراءة جديدة للرواية الاسلامية كفيلة بفرز الاصيل عما هو دخيل في الرواية الاسلامية .
على المودة نلتقيكم ..
المصادر
1 – ( مقدمة في التاريخ الاخر – نحو قراءة جديدة للرواية الاسلامية ) , تاليف الدكتور سليمان بشير- ط1 – 2012 م – دار الجمل – بغداد , بيروت .
2 – ( اللاهوت العربي واصول العنف الديني ),بحث يوسف زيدان –ط2 – 2010 م – دار الشروق – مصر القاهرة .
مقالات ذات صلة على موقعي الفرعي
- جدلية العلاقة بين الدين والعنف والسياسة .
- نحو قراءة جديدة للرواية الاسلامية .
- لصوص الله – ج1 و ج2 وج 3 وج4 – وهي استعراض موجز لكتاب ( لصوص الله ) للكاتب عبد الرزاق الجبران .



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدلية العلاقة بين الدين والعنف والسياسة
- مزامير بني صهيون من الليبراليين
- نحو قراءة جديدة للرواية الاسلامية
- مفهوم الخروج في اليهودية والمسيحية والاسلام
- الصدفة في صنع الحضارة
- تفتيت المسيحية من الداخل , المورمون انموذجا
- شتراوس والاعراق والتاريخ
- هل هناك علاقة بين تنوع الثقافات والاعراق؟
- المشتركات بين ( الشلة ) وبين السياسي العراقي المعولم
- البغاء واسبابه
- موقف اباء وفلاسفة المسيحية من المراة
- المراة والملكية الخاصة والرجل
- تخلف الديانات من تخلف مجتمعاتها
- الاختلافات في الثقافات
- تصحيح الخلل في النفسية العراقية
- الامة العراقية والامة الكردستانية
- الكتلة التاريخية التي ستنقذ العراق- ج 2
- التعليم والمكتبات في سومر وبابل واكد
- الكتلة التاريخية التي ستنقذ العراق
- اغتيال ماركس على يد فؤاد النمري


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد يوسف عطو - جدلية العلاقة بين الدين والعنف والسياسة .. ج 2