أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - حبيب تومي - البارزاني مصطفى وثورة ايلول التحررية لحظة حاسمة من الزمن العراقي















المزيد.....

البارزاني مصطفى وثورة ايلول التحررية لحظة حاسمة من الزمن العراقي


حبيب تومي

الحوار المتمدن-العدد: 3856 - 2012 / 9 / 20 - 22:28
المحور: القضية الكردية
    


مع سيرورة التاريخ نقرأ عن لحظات ساخنة وحاسمة تترك بصماتها على مسيرة الشعوب ومجريات الأمور بما يوازي او يعادل عقود من الزمن الأعتيادي المألوف ، وفي تلك اللحظات من عمر الزمن يبرز قادة لهم شخصية كارزمية ويلعبون دوراً سياسياً وعسكرياً حاسماً في تلك المسيرة ، وإن القائد الكوردي ملا مصطفى البارزاني خرج من رحم تلك الأحداث الدراماتيكية . وفي المسألة الكوردية كان فيها محطات تاريخية كان لها الدور الحاسم في بلوغ الأكراد الى ما توصلوا اليه اليوم ، منها نتائج معركة صحراء جالديران عام 1514 م . حيث كان تقسيم الأكراد ومدنهم بين الدولة الفارسية والأمبراطورية العثمانية ، ومحطة اخرى حاسمة ايضاً كانت اتفاقية سايكس بيكو في عام 1916 والمحطة الثالثة كانت وقت تأسيس الدولة العراقية وضم لواء الموصل اليها .
وكما هو معلوم فإن المجتمعات في كوكبنا اليوم عبارة عن اقليات كبيرة وصغيرة لا تعد ولا تحصى من قومية وأثنية وثقافية ومذهبية ولغوية وقبلية وأقليمية .. ومع تعدد هذه الأقليات تتعدد وتتشعب المشاكل وتتضاعف الحركات الأقلوية المطالبة بالهوية وحقوقها ، وهذه المسألة ليست محصورة في قارة او اقليم ما ، إنما هي مسالة تخص العالم برمته ، فنحن دائماً نسمع عن ثورات وانتفاضات وحروب ، وتشكيل دول او تفكك امبراطوريات فتستيقظ شعوب وتنتظم بطريقة جديدة فتغير مجرى التاريخ لتكتب تاريخاً جديداً ، وإن المسألة الكردية تدخل في ذلك السياق العالمي والى اليوم .
بعد تفكك الأمبراطورية العثمانية الناجم عن هزيمة دول المحور ، شعر الأكراد وقتذاك ان قدراً من الظلم قد طالهم بسبب عدم اتاحة الفرصة لهم لتشكيل دولة كوردية في مناطقهم اسوة ببقية المكونات الأخرى التي كانت تابعة للامبراطورية العثمانية . واستكمالاً لتلك المنطلقات بادر المرحوم ملا مصطفى البارزاني بثورته في ايلول 1961 م . وتمكن بإمكانات متواضعة ان يحرز لنفسه ولشعبه مكاناً مهماًعلى الساحة السياسية العراقية وعلى مدى عقود ، وأفلح في وضع قضية شعبه امام انظار المحافل الدولية .
المشكلة في ثورة ايلول وما تلاها من انتفاضات وثورات كانت دائماً تصطدم بمصالح الدول الأقليمية مصحوبة بعمليات قمع عسكرية واسعة وحصار اقتصادي محكم . كل ذلك جعل من الثورة الكوردية عموماً ان تبقى محصورة في حدودها الضيقة لعقود طويلة مع إضفاء عدم شرعية لمسيرتها ، والسبب كما هو معلوم هو عدم تبنيها او قبولها من قبل القوى الكبرى النافذة في العالم . ونحن نرى اليوم كيف ان ثورات التي سميت اليوم بالربيع العربي قد كتب لها النجاح بسرعة نسبية ، لإن القوى الكبرى قد اعترفت بشرعيتها وقدمت لها الدعم المادي والعسكري والدبلوماسي ، لنجد تلك الثورات تتبوأ مقاليد الحكم في تلك البلدان منها تونس وليبيا ومصر واليوم تتوجه الأنظار نحو سورية .
بالنسبة الى الأكراد فالأمر مختلف تماماً فثمة تقطيع كامل لتقسيم الشعب الكوردي بين العراق وتركيا وأيران وسورية ، بالنسبة لأيران يشغل الأكراد المناطق الغربية من هذه الدولة ، وهي الحدود المتاخمة لأقليم كوردستان في العراق ، وبدورها ايران تتشكل من اثنيات وأعراق مختلفة تشكل الأقليات في هذه الدولة حسب الأدعاءات الرسمية 49% ولهذا تعمل الحكومة على إخماد وقمع اي تطلعات عرقية بين هذه الأقليات التي تكون نسبة عالية نسيجها الأثنوغرافي .
اما في سورية فإنهم في مدن الحسكة وقامشلي والقرى الى الشمال الشرقي من سورية المتآخمة للحدود مع اقليم كوردستان ايضاً ، لكن الأكراد في تركيا يشكلون مجموعة عرقية متميزة تتركز أساسا في المقاطعات الجنوبية الشرقية من البلاد، وتشكل أكبر عرق من غير العرق التركي والتي تقدر بحوالي 20 ـ 25 مليون ومع ذلك فإن الأكراد ليس لهم وجود كوردي رسمي من الناحية القانونية انهم اتراك الجبال ليس إلا . وهي التسمية الوحيدة التي تعترف بها الدولة التركية منذ تأسيسها .
المهم من هذا الأسترسال هو تبيان توزيع الأكراد في منطقة الشرق الأوسط بين دول متآخمة هي العراق وتركيا وأيران وسورية ، والذي تبين في نهاية المطاف ان العراق كان اكثر تجاوباً مع المسألة الكردية وباعتقادي ان السبب يعود الى لجوء الأكراد منذ تأسيس الدولة العراقية الى المناداة بحقوقهم إن كان بشكل مستقل او ضمن الدولة العراقية ، وعلى العموم فإن مصالح الدول الأقليمية في المنطقة تتضارب مع تكوين دولة كردية تضم الأكراد الموزعين على الدول الأربعة .
كان القائد الكردي ملا مصطفى البارزاني يدرك هذه الحقيقة ، وكان يحاول جاهداً لإيصال قضية شعبه خارج حدود المنطقة لكسب الرأي العام ، فيحاول فتح الطريق امام الأعلاميين القادمين من الغرب ، لكن معوقات التضاريس الجبلية والحدود المضطربة كانت كثيرة امامهم بغية منعهم من الوصول الى المناطق الساخنة في المنطقة . من جانب آخر حاول البارزاني من خلق اي نوع من انواع الروابط مع الدول الأجنبية ، كما انه قبل بالأمر الواقع بأن تشكل القضية الكوردية ورقة يستخدمها اي طرف من اجل مصالحه الوقتية وهكذا يستفيد الطرف الكردي من تلك الفسحة ، وإن علاقة الثورة الكوردية مع شاه ايران كانت مبنية على تلك السياسة في قبول اي يد ممتدة والأستفادة منها بقدر الإمكان .
لم يتخصص المرحوم ملا مصطفى البارزاني في دراسات العلوم السياسية ، لكنه ابن واقعه والحياة علمته السياسة فتعامل مع الأتحاد السوفياتي السابق بجهة انتصار الأخير للحركات التحررية في العالم ، لكن الأتحاد السوفياتي ايضاً كان له مصالحه ولا يمكنه التفريط بها من اجل الأكراد وهكذا رأينا كيف دأب الأتحاد السوفياتي على تسليح العراق في عهد صدام ، وصدام يشن حملته العسكرية ضد الأكراد . ومن هذا المنطلق ايضاً كان انفتاح امريكا على الحركة الكوردية بجهة تقوية الأكراد للتقليل من ضغط العراق العسكري على اسرائيل وبعد سنوات يصرح كيسنجر بأن منفعة قرار نيكسون بخصوص دعم الكورد اتضح بعد مضئ سنة واحدة فقط . إذ ان فرقة عسكرية واحدة فقط كانت متاحة للمشاركة في حرب الشرق الأوسط في عام 1973 ـ ومن جانبه يضيف الكاتب : ان العلاقة السببية بين انشطة الكورد في عام 1973 وتصريح كيسنجر هي علاقة ضعيفة في احسن الأحوال .
كما كانت هنالك علاقة مع اسرائيل وفي الحقيقة هنالك علاقات تاريخية بين الأكراد وبين اليهود الذي سكنوا كردستان منذ اقدم العصور ومع يهود العراق الذين هاجروا الى اسرائيل في اعوام 1948 ـ 1951 بمساعدة كوردستان العراق . وهكذا يكتب الأستاذ مسعود البارزاني عن هذه العلاقة فيقول :
(إن مسالة إقامة العلاقة مع اسرائيل كان قراراً جماعياً لقيادة الثورة ، وأولى صلات باسرائيل جرت في المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني في حزيران 1963 بلقاء سري بين السيدين جلال الطالباني وشمعون بيرس في باريس بتوسط الأمير كامران بدرخان ، وعلى اثر ذلك اللقاء سافر الى اسرائيل وفد برئاسة ابراهيم احمد وعضوية مصطفى دبابة وسيد عزيز شمزيني عن طريق ايران ، التي فتحت الطريق لمرور مساعدات محدودة من اسرائيل الى الثورة عبر اراضيها ) .
لقد تصرف ملا مصطفى البارزاني بمنطق الغريق الذي يتشبث بأية خشبة يستطيع الإمساك بها لكي تنقذه وشعبه من مغبة الغرق والأندثار . لا شك ان اتصالاته بالأطراف الدولية لم تجر وفق السياق الدبلوماسي المتبع في العلاقات بين الدول إنما كانت عن طريق اجهزة مخابرات تلك الدول ، ولهذا كانت التهم جاهزة لإلصاقها به من قبيل الملا الأحمر لعلاقته بالأتحاد السوفياتي والعميل البريطاني ومن ثم الأسرائيلي والأمريكي وأخيراً العميل الإيراني .. الخ ، وفي الحقيقة ان الرجل كان يرفع بيده الواحدة شعار قضية ومصلحة شعبه واليد الأخرى يمدها لكل من يقف الى جانب تلك القضية ، وهكذا في كل تلك العلاقات التي حققها كان للبارزاني اهدافه ويرمي الى تحقيق مصلحة شعبه ، والآخر ايضاً له اجندته في تحقيق مصالحه من وراء ذلك التعاون ، وعلى تلك الأسس انطلق البارزاني في ثورة ايلول عام 1961 م . وبقي مخلصاً لقضية شعبه الى ان وافاه الأجل عام 1979 م . وكان للشتلة التي غرسها ملا مصطفى البارزاني قد اينعت واعطت ثمارها للاجيال اللاحقة فكان اقليم كوردستان ، الذي يشق طريقه في مضمار الحضارة في الوطن العراقي وفي الركب الحضاري الأنساني عموماً .
الدكتور حبيب تومي / اوسلو في 22 / 09 / 12
ـــــــــــــــــــــــــ
1 ـ لامبرت ، بيتر جي . " الولايات المتحدة والكورد دراسة حالات عن تعهدات الولايات المتحدة " ترجمة ونشر : مركز الدراسات الكوردية وحفظ الوثائق / جامعة دهوك ،عام 2008 ص74 .
2 ـ مسعود البارزاني " البارزاني والحركة التحررية الكردية " ج3 ص380



#حبيب_تومي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ديترويت مدينة الكلدان ملاحظات ولقاءات ليس الى نسيانها سبي ...
- حكومتنا العزيزة إغلاقكم للنوادي الإجتماعية اثلج صدورنا !
- دعوة اخوية الى ما يسمى تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا.. بشأن ...
- التصميم والإرادة ونيل الشهادة العلمية والشكر للمهنئين ومحاول ...
- رحلتي الى مدينة سان دييكو ونتائج مهمة لصالح شعبنا الكلداني و ...
- يوم من عمري مع شباب القوش في ديترويت بأميركا
- عزيزي سيزار الاتحاد العالمي .. قطار يسير وفي كل محطة هنالك م ...
- ما الذي تكسبه القوش والبلدات الكلدانية الأخرى من ثروتها النف ...
- الموقر حنين قدو ينبغي التعامل معنا بمفهوم المواطنة وليس بمنط ...
- إقرار كوتا برلمانية للشعب الكلداني يشكل خطوة مهمة لتحقيق الع ...
- الأستاذ عبدالغني يحيى ومؤتمر الأقليات والتهميش المتعمد للكلد ...
- القوش الكلدانية أحسن مدينة في العراق ، كيف ؟ ولماذا ؟
- شباب عنكاوا والأبراج الأربعة والتراجع المخجل لما يسمى بتجمع ...
- هل كان على الكلدان التطوع في قوات الجتا لكي تمنحهم كوردستان ...
- متى تتدخل الحكومة العراقية لإنهاء معاناتنا مع مصرف الوركاء ؟
- تمنياتي ان تنبثق هيئة باسم تجمّع التنظيمات الكلدانية
- تحية للزوعا في الذكرى 33 لتأسيسها مقرونة بأسئلة مطلوب الإجاب ...
- الوزارة الكوردية الجديدة تهميش واضح للأيزيدية والشعب الكلدان ...
- التهميش والحملة الإعلامية الظالمة ضد الكلدان الى اين ؟
- اسئلة مطروحة على الرئيس البارزاني قبل اعلان الدولة الكوردستا ...


المزيد.....




- الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة ...
- الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد ...
- الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي ...
- الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
- هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست ...
- صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي ...
- الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
- -الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
- ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر ...
- الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - حبيب تومي - البارزاني مصطفى وثورة ايلول التحررية لحظة حاسمة من الزمن العراقي