|
لو اختفى البشر عن الارض
سلمان مجيد
الحوار المتمدن-العدد: 3855 - 2012 / 9 / 19 - 21:26
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ماذا سيحدث للارض لو اختفى البشر ؟ تسآؤل غريب الى حد ما ، ولكن له ما يبرره ، لانه هناك من يجيب على هذا الاحتما ل او التساؤل ، منهم المؤمنون بالديانات السماوية وما جاءت به الكتب المقدسة ، بان هناك حياة اخرى خارج هذه الحياة بعد انتهائها على الارض بالتدريج واخرها فجآة سيفنى كل من عليها ، الى تلك الحياة التي سيعيشها البشر كل حسب عمله في دنياه الاولى ، اما جنة وفردوس او نار وسعير ، وهناك من يفترض هذا الاحتمال ــ اي خلو الارض من البشر ــ نتيجة لعوامل طبيعية ، او عمل بشري ، مثلا الخوف من حرب كونية لا تبقي ولا تذر ، بتلك الاسلحة ( الماحية ) للحياة على الارض ، و المروجين لهذا الاحتمال : من مات في داخله قبل ان يموت من خارجه ، هؤلاء الذين فرغت رؤوسهم من العقل ، الذي خلق لكي يوفق بين حامله و محيطه ، لتعيش البشرية متماهية ذلك التماهي الجميل بين الانسان وذاته ، ومن ثم بينه و محيطه بكل مثاباته ، و هناك من يفترض الامر ذاته ــ اي خلو الارض من البشر ــ هو حصول كوارث طبيعية غير مألوفة ، وقد تكون بفعل اوبئة غير معروفة ، قد تقضي على البشر قاطبة ، و قد تكون هذه لاسباب غير معروفة ، او معروفة لهؤلاء الذين اشرنا اليهم اعلاه ــ وهم تجار الحروب غير التقليدية الجدد ــ و دليل ذلك تلك مصانع الموت النظيف و السريع ــ و التي تنتج شتى انواع السموم و الفايروسات والاشعاعات القاتلة ، التي لا تحتاج الا لاطلاقها ، وقد يحدث ذلك بقصد او بدون قصد نتجة خطأ ( تقني ) قد يخرجها من نطاق ما يعرف ( بالامن الصناعي ) او بفعل عامل طبيعي خارج السيطرة ، قد يأتي على الارض وما عليها ، والدليل العلمي على ذلك هو هلاك ( الديناصورات ) في مرحلة من مراحل عمر الارض ، و العلماء لديهم تفسيرات عديدة لهذا الذي جرى لهذه الكائنات ( الديناصورات ) ، وقد يسأل سائل من اين لك هذا الاحتمال ــ اي اختفاء البشر من على الارض ــ الاجابة بكل بساطة ، ما نشره موقع ( عالم ريفو ) نقلا عن ( التايمز اللندنية ) حيث كتبت موضوع هو عبارة عن اجابة على ذلك السؤال الافتراضي ، و الذي اتخذت منه عنوان للموضوع ، و الذي جاء بالصيغة التالية : (( ماذا سيحدث للارض لو اختفى البشر ؟ )) و لقد اجابت ( التايمز اللندنية ) على هذا السؤال برسم بياني واحصائات رقمية ، و ان ما يؤسف له ان الصحيفة اشارت الى ان استنتاجأ من هذا النوع لا يكون سيئأ ، وان افضل ما يمكن ان يحدث لهذه الارض ان يختفي البشر من عليها ، ومبررات هذا الاستنتاج التي جاءت به الصحيفة هو التالي : 1 / في اللحظة الاولى التي سيختفي البشر عن سطح الارض ستبدآ اغلب الكائنات المهددة بالانقراض بالعودة الى مستوياتها الطبيعية . متناسيتأ ــ الصحيفة اللندنية ــ الاسباب الحقيقية التي ادت و تؤدي الى احتمالات تعرض بعض تلك الكائنات الى الانقراض ، و الكل يعلم ان سبب ذلك يعود الى جشع الشركات الرآسمالية في استخدام تلك الكائنات و اجزاؤها كمواد اولية لصناعة السلع الكمالية للطبقات المترفة كحقائب و احذية لا تستخدم ــ احيانأ ــ الا لمرة واحدة ، ارضائأ لنزوات تلك الصفوة في مجتمع الاستغلال الرآسمالي . 2 / بعد ( 24 ــ 48 ) ساعة سينتهي التلوث الضوئي ، وخلال ثلاثة شهور سيبدأ التلوث الجوي بالانخفاض ، و سيختفي الميثان من الجو خلال (10) سنوات . و كأنما المسؤول عن ذلك الشعوب الفقيرة ، التي لا زالت ادوات عملها بدائية تعود الى قرون خلت ، وان استخدامها في العمل ــ لاشك ــ يعمل على تخفيض التلوث و ليس زيادته ، لا كما هو الحال بالنسبة للمصانع و ادواتها و المختبرات بانواعها الكيماوية و الاشعاعية ، التي تنفث على مدار الوقت تلك السموم التي تبيد الحرث و النسل ،و قد تكون هي التي اوحت الى اصحاب هذا الافتراض الذي افترض مايجري على الارض في حالة اختفاء البشر . 3 / و بعد (20 ) سنة ستزحف النباتات و الغابات على القرى و الطرق الريفية . و ما يثير الاستغراب في هذه الجزئية و كأن البشر هم المسؤولون عن تجريف الغابات و النباتات ، لا الشركات الرأسملية التي جرفت لحد الان من الغابات و النباتات ما حرم جو الارض من العملية التي تتنفس بواسطتها الطبيعة كلها ، و هل ينسى ما قامت به الطائرات الامريكية في حرب فيتنام ، وذلك بالقائها المواد الكيماوية على الغابات الواسعة ، حيث جردتها من اوراقها ، بحجة الكشف عن الثوار المختبئين بين ضلالها . 4 / و بعد ( 50 ) عامأ سينتعش مخزون السمك في العالم ، وسينخفض معدل النترات و الملح في المياه العذبة ، و كأن هذه الحسنة المتعلقة بعودة نسبة الاسماك الى معدل تكاثرها الطبيعي كان المسؤول عن اختلال نسب تكاثرها الطبيعي بطون الجياع في افريقيا و غيرها من بلدان اسيا و امريكا اللاتينية ، و الذين كثير منهم لا يعرفون للسمك طعمأ و لا رائحة ، و السعيد منهم من يحصل على سمكة واحدة او اثنتين بعد انتظار يوما كاملا تقريبأ ، مستخدما في صيدها اكثر وسائل الصيد بدائية ، و الاصح من ذلك هو ان شحة السمك و اختلال نسب تكاثره انما يعود الى الذين لايأكلون السمك الا بالشوكة ، التي لا توصل الى فم آكله الا الشئ القليل ، ولا ننسى هوس المترفين ( بالكافيار ) الذي يتناولونه بنهم و حتى بدون شوكة ، وانما بالطريقة البدائية التي كان يآكل بها اجداد هؤلاء الذين ابادوا الكثير من الملونين ، من زنوج و هنود حمر ، في تلك البلاد التي تعرضت الى غزواتهم ، اما تلك المياه العذبة التي فقدت عذوبتها ، ليس الا بسبب تلويثهم لها بفعل مخلفاتهم البشرية ، و حتى لو كان هذا الذي يفترضونه ان يحصل والبشر غير موجودين على الارض ، اذن لمن سيكون ؟ ام ان خيالهم ابتعد بهم الى الكواكب التي يتخيلون ان تكون لهم ملجأ مؤقت ، الى حين اختفاء البشر عن الارض ، عندها يعودون الى الارض ليتمتعوا بهذه المحاسن التي يفترضونها ، ولكن حتى لو حصل هذا ، فلم ينتبهوا الى ان هذه الخيرات لا تأتي لوحدها على طبق من فضة ، بل تحتاج الى من يعمل ليجعلها قابلة للاستهلاك ، عند ذلك سيندم هؤلاء الذين يسبحون بخيالهم المريض ، لانهم تمنوا بهذا الخيال ( المريض ) فناء البشر بشكل فجائي . ولا اريد ان اطيل بتلك الافتراضات التي افترضها اصحاب الخيالات المريضة ، فقط امر عليها بالعناوين التي سطروها في ( اضغاث احلامهم ) ومنها : انه في الفترة ما بين ( 50 ــ 100 الى 200 ) سنة ستنهار الجسور ، و بعد ( 200 ) سنة ستنهار المباني الزجاجية و المعدنية ، و بعد ( 250 ) سنه ستنهار السدود ، وبعد ( 500 ) سنة سيعود المرجان الى معدلاته الطبيعية ، اما بعد ( 1000 ) سنة فستختفي معظم المباني الاسمنتية و ستعود نسبة الكاربون في الجو الى معدلاتها الطبيعية قبل الثورة الصناعية ، و خلال ( 50000 ) سنة سيتحلل معظم الزجاج و البلاستك الموجود على الارض ، ثم بعد ( 50000 ) سنة ستختفي معظم اثار وجود الانسان على الارض ، و الذي اتوقف عنده و اختم ، هو بقاء بعض المخلفات الكيماوية التي صنعها ( الانسان ) و التي ستختفي بعد ( 200000 ) سنة ، اما بالنسبة للنفايات النووية فانها ستبقى ( مميتة ) لما يقرب ال ( 2 ) مليون سنة ، فعند هذه الاحتمالات اتوقف ، (فالمواد الكيماوية التي صنعها الانسان ) و بهذه الصيغة حاول هؤلاء ان يلسقوا تهمة الاثر المميت ( بالانسانية ) و التي تعد بريئة من افعالهم تلك ، والمواد المميتة تلك ــ حتما ــ ستميت من افترضوا هذه الافتراضات إن البشرية اختفت عن الارض ، ام ان هذا يؤكد خيالهم الذي امتد الى الكواكب الاخرى للجوء مؤقتأ ، ثم العودة الى الارض بعد هلاك البشر ؟( فالاماتة ) تلك هي هاجسهم على انفسهم هم . و الاكثر رعبأ الذي يشعرون به و البشر موجودون على الارض ،هو المخلفات النووية ، لذلك دفنوها بعيدأ في البلدان الفقيرة في بلدان اسيا و افريقيا . من خلال الذي مر لم افهم الغاية من هذه الافتراضات ، هل هي تعبير عن القدرة العلمية لهؤلاء في حساب الاشياء ، و نحن لا ننكر ذلك ، ولكن نتسأل لماذا لم يعملوا على تفادي تلك المسآوئ بقدرتهم العلمية ؟ و بذلك يجنبون البشر من الغياب المفاجئ عن الارض ، اضافة الى موضوع المخلفات النووية و تأثيرها القاتل ، و المقاوم لعوامل التحلل الطبيعي ، لماذا لم يعملوا على عمل موازنة بين الفوائد و المخاطر لهذه المخلفات ، ليحسموا امرهم بان يتخذوا الموقف الصحيح اتجاه هذه التي تعرف ( بالطاقة النووية ) كما تحاول اليابان الان اعادة النظر بهذه الطاقة ، بعد ان تعرضت الى الكارثة النووية المعروفة .
#سلمان_مجيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
(( الكوسموبوليتية و منظومة هارب )) و اخافة الشعوب
-
(( التفاح )) و الفرز الاجتماعي و تداعيات اخرى
-
(( الدين )) الفطرة و الحاجة
-
(( السرعة و التسارع )) و نقيضيهما ، واثرهما في مستقبل الامم
...
-
(( شاي العروس )) و ثنائيات الحياة .
-
(( الماء )) وطبائع البشر
-
اشكالية (( الفقر ))
-
(( غيبوبة ))
-
عناوين ثقافية
-
(( محمد النبي (ص) والواقعية السياسية )) القسم الثالث / السيا
...
-
(( محمد النبي (ص) و الواقعية السياسية ) القسم الثاني / ثالثل
...
-
(( محمد النبي (ص) والواقعية السياسية )) القسم الثاني / ثانيا
...
-
(( محمد النبي (ص) والواقعية السياسية )) القسم الثاني / اولا
...
-
(( محمد النبي (ص) و الواقعية السياسية )) القسم الاول
-
الفلسفة : ( حب ) و ( حكمة )
-
الحزب يساوي العشيرة
-
الزعتر تحت الشوك
-
مفهوم المساواة في السياسة والاقتصاد و الاجتماع
-
صفحات من شخصية محمد (ص) زواجاته و حروبه
-
الحرية بين النظرية و التطبيق ( القسم الثاني )
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|