أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - جبار قادر - تركيا و الأنتخابات العراقية















المزيد.....

تركيا و الأنتخابات العراقية


جبار قادر

الحوار المتمدن-العدد: 1122 - 2005 / 2 / 27 - 10:52
المحور: القضية الكردية
    


في الوقت الذي رحبت فيه دول العالم بنتائج الأنتخابات العراقية و إعتبرتها خطوة في الأتجاه الصحيح على طريق بناء نظام سياسي يتماشى مع رغبات العراقيين و يعمل على إخراج البلاد من الحالة الدامية الحالية، جاء التصريح الرسمي للحكومة التركية واصفا إياها بأنها غير متوازنة و بحاجة الى تصحيح ، مثيرا للأستغراب كونه صادرا من حكومة بلاد كثيرا ما توصف بأنها الدولة الأسلامية الديموقراطية الوحيدة في المنطقة . لقد حاولت الحكومة التركية تبرير موقفها هذا بعدم مشاركة بعض المحافظات العراقية في الأنتخابات لأسباب معروفة .
لقد غدى الحديث عن عدم مشاركة 40 % أو أكثر من العراقيين في الأنتخابات من المواضيع المأثورة في وسائل الأعلام العربية . و يفتقر هذا الكلام الى المصداقية . فقبل كل شئ لم نسمع ببلدان في العالم جرت فيها الأنتخابات و شارك الناس فيها بنسبة 100 أو حتى 90% من مجموع الناخبين سوى في جمهوريات الرعب العربية و الأسلامية. لذا فإن عدم مشاركة ثلاثة أو أربعة ملايين من مجموع أربعة عشر مليونا من الناخبين في الأنتخابات لا يعد أمرا مثيرا للدهشة والأستغراب . كما أن المخاوف من قيام الأرهابيين بعمليات إرهابية منعت الكثيرين من التوجة الى صناديق التصويت و بخاصة في مناطق المثلث السني . ويجب أن لا يخدعنا الرقم الكبير للتجمعات التي أعلنت عن مقاطعتها للأنتخابات لأنها تأسست أصلا على عجل و لم تتمكن من تحقيق مكاسب سياسية تذكر على صعيد الشارع العراقي . كما أن ( هيئة علماء المسلمين ) التي خصصت وسائل الأعلام العربية مساحة مهمة لتغطية مواقفها من الأنتخابات و دعواتها المتكررة لمقاطعتها ، و صورتها على أنها الممثلة الشرعية للعرب السنة في العراق دعت أتباعها ( بفتاوي ) و في أكثر من مكان للمشاركة في الإنتخابات كما كان الأمر في محافظة كركوك. و يظهر هذا الموقف بوضوح أن الهيئة تعمل على تحقيق مكاسب سياسية لا علاقة لها بالدين و لا بالموقف من المحتل كما تشيع عادة . كما كانت هناك تجمعات أخرى كالجبهة التركمانية أطلقت صرخات المقاطعة و لكنها شاركت بنشاط كبير في الأنتخابات ، في حين هرع بعض المقاطعين الى صناديق التصويت بعد أن سمعوا بمشاركة الكرد بزخم كبير في الأنتخابات . ولكن الأمر الأكثر إثارة للضحك هو طلب بعض المقاطعين من فلول البعث و بخاصة في قضاء الحويجة بمحافظة كركوك بتنظيم إنتخابات لهم بعد إغلاق صناديق التصويت . وكما ترون فقد جرت تلك المسرحيات كلها في محافظة كركوك التي لا زالت تعاني من آثار المحن التي ألحقها البعث بسكان هذه المحافظة و تحاول قوى كثيرة داخلية و خارجية الأبقاء عليها وإن بمسميات جديدة .
بحسابات جد بسيطة نستطيع أن نقدر بأن نسبة الذين قاطعوا الأنتخابات في العراق عن قناعة و تصميم لم تتجاوز بأي حال 10 -15 % من مجموع الناخبين . و لا أعتقد بأن هذه النسبة تستطيع الأخلال بشرعية و مصداقية نتائج الأنتخابات في أي بلد في العالم . مع ذلك و نتيجة للأوضاع السائدة في العراق أعلن الفائزون بأنهم سيعملون كل ما بوسعهم من أجل إشراك المقاطعين في عملية كتابة الدستور الدائم و في مجمل العملية السياسية في البلاد .
تأسيسا على ذلك فإن الموقف الرسمي للحكومة التركية يفتقر الى المبررات السياسية و الأخلاقية للحديث عن الأنتخابات العراقية و نتائجها بهذه الطريقة ، الأمر الذي يعتبر تدخلا فاضحا في الشؤون الداخلية للعراق . من هنا وجب البحث عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء الموقف التركي هذا .
إتسمت المواقف التركية إزاء الأحداث في العراق و حوله بالكثير من التردد و التذبذب . ويعكس ذلك الى حد كبير حالة الصراع الخفي بين الحكومة و الجيش . لقد وجدت حكومة أردوغان ذي الخلفية الأسلامية من الصعوبة بمكان الأنحياز الى الولايات المتحدة الأمريكية في حربها في العراق لأن القوى التي أوصلتها الى السلطة تحمل الكراهية لأمريكا و حلفائها من السياسيين الأتراك الذين غيبتهم أنتخابات نوفمبر 2001 من المسرح السياسي و تلاحقهم التحقيقات القضائية بسبب عمليات الفساد و إستغلال السلطة . لقد أظهر أستبيان قامت به هيئة الأذاعة البريطانية بأن الأتراك يأتون في مقدمة الشعوب التي تكره الولايات المتحدة الأمريكية. وتحول هذا الأمر الى بند دائم في أجندة محادثات المسؤولين الأميركان الذين يزورون تركيا هذه الأيام .
بذلت حكومة أردوغان عشية إندلاع الحرب جهودا حثيثة ولكن من دون نتيجة تذكر لأنقاذ نظام صدام حسين والبعث في العراق . كما أن موقف البرلمان التركي الذي يهيمن عليه حزبه من فتح الجبهة الشمالية تسبب في إطالة أمد الحرب أولا و عدم تفكيك و تدمير البنى الأساسية لأمكانيات البعث الأمنية و المالية و الحزبية في مناطق غرب العراق ثانيا . و تتجمع في هذه المناطق بالذات فلول البعث و الأرهابيين العرب الذين يقتلون العراقيين و يعملون على تدمير البنى التحتية و إعاقة عمليات إعادة البناء و الأعمار . لذلك حمل رامسفيلد مؤخرا تركيا و برلمانها بعض المسؤولية فيما يجري في العراق و مناطقه الغربية في الوقت الحاضر .
سوف لن تنسى الولايات المتحدة الأمريكية هذا الموقف لحكومة أردوغان وقد أشار ولفوفيتز الى ذلك أكثر من مرة . و يحمل العسكر بدورهم حكومة أردوغان مسؤولية فشل جميع سياساتهم في العراق و عدم تحقيقهم لأية مطامع كانوا يمنون النفس بها في ظل الفوضى العارمة التي عمت العراق أثناء و بعيد الحرب . و يعتبرون أردوغان و وزير خارجيته مسؤولان عن تجاوز ما يسمونه بالخطوط الحمر التركية في العراق .
ينبع الموقف التركي من نتائج الأنتخابات العراقية من أجواء الصراع الخفي هذا و تحاول حكومة حزب العدالة و التنمية بدورها تحميل الآخرين مسؤولية ما تعتبره هي فشلا في العراق . يدرك الجميع أن قيام عراق ديموقراطي مسالم مع شعبه و جيرانه سيكون على المدى البعيد أمرا في صالح شعوب تركيا و دول الجوار الجغرافي الأخرى . و سيعمل مثل هذا العراق حتما على إقامة علاقات سياسية و تجارية و ثقافية متوازنة مع تركيا و غيرها على أسس و مبادئ الصداقة و التكافؤ و المصالح المتبادلة و عدم التدخل في الشؤون الداخلية . ولكن يبدو أن تركيا تتخوف من قيام عراق من هذا النوع الذي سيتحول بفضل ثرواته الطبيعية و إمكانياته البشرية الى مركز مهم في المنطقة الأمر الذي سيؤثر حتما على الموقع السياسي الحالي لتركيا . و تتذكر الحكومة التركية جيدا أن عراق ما قبل قيام الجمهورية كان من أهم مراكز القرار في منطقة الشرق الأوسط . كما أن عدم ترحيب الحكومة التركية بنتائج الأنتخابات مرده الفوز الكبير الذي حققه الكرد و الشيعة ، وهما فئتان لا تدخلان بحكم العوامل التاريخية و السياسية و الجغرافية و القومية و المذهبية في خانة أصدقاء تركيا.
لذلك كله جاء الموقف التركي مناقضا للتوصيفة الغربية لها كونها الدولة الإسلامية الديموقراطية الوحيدة في المنطقة. و من غير المعقول أن تقف دولة ديموقراطية ضد الأنتخابات و هي الأداة الضرورية لقيام أية ديموقراطية . ولكن تخوفها من فوز القوى التي لن تعير إهتماما بما تسميها بالخطوط الحمر كان أكبر من أي شئ آخر . كما أن محاولاتها الكثيرة خلال العامين الماضيين لخلق التنسيق مع قوى متضررة من قيام النظام السياسي الجديد في العراق و تدخلاتها المباشرة في الشؤون الداخلية العراقية و دعمها لقوى و تنظيمات قامت بتأسيسها أو إطلاق تهديدات صريحة ضد قوى سياسية معينة ، لم تسفر عن نتيجة تذكر .
لقد رمت حكومة أردوغان بكل ثقلها للتأثير على مسار الأنتخابات وبخاصة في محافظتي كركوك و الموصل . لذلك قام وكلائها في العراق بتوجيه دعوات الى جهات قبلية و مذهبية و تجمعات كانت مرتبطة بنظام البعث و لكنها عادت بمسميات جديدة ، الى أنقرة في السر و العلن للتنسيق معها و تخويفها من هيمنة الشيعة و الكرد على الساحة السياسية العراقية. و بررت الحكومة التركية سلوكها هذا بأنها تعمل على تشجيع القوى المقاطعة للعملية السياسية في العراق للمشاركة في الأنتخابات . ولكن المعلومات المترشحة من تلك الأجتماعات و المداولات تشير الى شئ آخر وهو التنسيق بين القوى الشوفينية و الطائفية المتطرفة المعادية للديموقراطية و لحقوق الشعب الكردي للوقوف بوجه التطلعات الكردية .
لم تثمر المحاولات التركية في هذا المجال لأن القوى التي تعاملت معها لم تكن سوى تجمعات تفتقر الى الشعبية و التجربة السياسية و أشخاص يبحثون عن وجاهة شخصية و مكاسب فقدوها بسقوط نظام صدام حسين .
أدركت الحكومة التركية من خلال تقارير أجهزتها الأستخباراتية حقيقة الأصطفاف السياسي و القومي و الديني الحاد السائد في العراق ، كما أدركت بأن القوى التي صرفت عليها أموالا طائلة على مدى عقد كامل من الزمن لن تتمكن من تحقيق أي من إهداف سياساتها في العراق . عند ذلك لجأت الى الحرب الإعلامية المكشوفة و نشر مزاعم كاذبة عن ما سمتها بمحاولات كردية لتغيير البنية السكانية في كركوك و غيرها . و كان المصدر في هذه المزاعم دائما الجبهة التركمانية و فلول البعث من العرب الوافدين و من عرب الحويجة . و رغم ترديد وسائل الأعلام التركية و العربية و الأيرانية لهذه المزاعم لأسباب معروفة ، إلا أنها لم تتمكن أن تقنع أحدا لأن المنطقة مفتوحة أمام وسائل الأعلام العالمية و يمكن التأكد من زيف هذه المزاعم بسهولة شديدة ، كما أن الآمر الناهي في هذه المنطقة و غيرها في العراق هم الأمريكان و البريطانيون و ليس الكرد .
و أطلقت الحكومة التركية التهديدات ضد الحركة الكردية و قياداتها السياسية و حذرتها من تخطي ما سمتها بالخطوط الحمر التركية .
من سوء حظ تركيا أن التحالفات التي إعتمدت عليها في تنفيذ سياساتها في العراق تأسست على عجل و جمعت في صفوفها تشكيلكة غريبة من منتهزي الفرص و الأفاقين و الباحثين عن الشهرة الشخصية و يفتقرون جميعا الى أية تجربة سياسية دعك عن تجارب النضال و التضحيات . وقد تضرر معظمهم من سقوط النظام البعثي . ولوحظ تميز هذه التشكيلة في شئ واحد وهو الصراخ و العويل و ترديد المزاعم و الأكاذيب و من ثم الشكوى . و من الطبيعي أن تفشل هذه المجاميع في تحقيق أية مكاسب سياسية لها أو لحاميتها تركيا على أرض الواقع العراقي ، الأمر الذي أصابها بالأحباط و التشنج . وكانت تتنقل بين المواقف المتناقضة بسرعة غريبة . فمن الدعوة الى مقاطعة الأنتخابات و المشاركة في المؤتمرات التي عقدت لهذا الغرض الى الوقوف بشدة بوجه الدعوات الكردية لتأجيل إنتخابات مجلس محافظة كركوك لأسباب موضوعية و مشروعة تتعلق بعدم تطبيق المادة (58 ) من قانون إدارة الدولة العراقية و الخاصة بالأوضاع في كركوك .
من الطبيعي أن هذه الجهات كانت تدرك جيدا بأن إجراء الأنتخابات ستظهر الحقائق و تزيل الغشاوة عن عيون الكثيرين من الذين صدقوا مزاعمها عن شعبيتها و إكتساحها لأصوات الناخبين في مناطق معينة من كركوك و غيرها . ولم تنطلق في دعواتها لتأجيل أو مقاطعة الأنتخابات من منطلقات القوى التي قاطعتها بدوافع عقائدية أو سياسية أو أمنية ، بل كان الهدف هو إستمرار الدعم المالي التركي لها و لحلفائها . وقد إشتهرت هذه التجمعات بنشاطات في مجالات تهريب الشباب الى أوروبا لقاء مبالغ مالية كبيرة و بيعها للفيزا التركية بالمناصفة مع الجنرالات الأتراك على نطاق واسع خلال عقد التسعينات و جمعت من وراء تلك العمليات الغير قانونية مبالغ مالية كبيرة على حساب عذابات العراقيين .
ولكن الأوامر التركية كانت صارمة لهذه التجمعات بضرورة المشاركة في الأنتخابات العراقية. لقد شاركت في الأنتخابات دون أن تعرقلها أية جهة . بل و جرى كشفت محاولاتها لتزوير أصوات الناخبين في أكثر من مركز إنتخابي في كركوك . وجاءت النتائج متوافقة مع توقعات المراقبين السياسيين الذين لم يتأثروا بمزاعم الجبهة و أرقامها الفلكية. بينما أعتبرت النتائج مخيبة للأمال من قبل أنصار الجبهة و القوى اليمينية المتطرفة في تركيا و الذين إنخدعوا بشعاراتها و مزاعمها. كما أن الدولة الحامية أصيبت بالخيبة رغم معرفتها الدقيقة بالحقائق على الأرض العراقية . إلا أنها و بسبب تهويلها للأمور و إطلاقها للتهديدات و مزاعمها عن شعبية الفئات الموالية لها في العراق و حديثها عن أرقام فلكية ، وجدت من الصعب إقناع الناس بالحقائق الجديدة . لذلك و من أجل الأستهلاك الداخلي بقيت تحاول أن تخفف من وقع الصدمة من خلال إطلاق هذا التصريح و تلميحات الى عمليات تزوير هنا و هناك رغم إقرار بعض الصحف التركية بأن الأنتخابات العراقية كانت أكثر شفافية و نزاهة من جميع الإنتخابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط .
جاء تصويت ( 93 ) ألف شخص لجبهة تركمان العراق في ظل الأستقطاب القومي و المذهبي الحاد الذي جرت الأنتخابات العراقية في ظله ، إذ أن الناخبين إنتخبوا القومية أو المذهب ولم ينتخبوا البرامج و الأهداف السياسية . لأنه و بعكس ذلك سيكون تصويت ما يقارب المائة ألف شخص لمثل هذا التجمع الفاشي العميل أمرا في غاية الخطورة و سيشكل ورما خبيثا في العملية الديموقراطية في العراق . ومن هنا يجب التصدي لمثل هذه التوجهات و الأفكار على المستويين الفكري و السياسي لتطهير الجسم السياسي العراقي من أدران الفاشية و القومية الهمجية و الطائفية المقيتة حتى لو تطلب الأمر إصدار قوانين تمنع قيام أحزاب عنصرية أو طائفية تشجع على الكراهية بين الشعوب و تحرض الناس الى إثارة الفتن و الأضطرابات الأثنية و المذهبية . ولو صح خبر إحتضان كتلة الأئتلاف العراقي لهذا التجمع الفاشي في صفوفها فإن ذلك سيشكل مؤشرا خطيرا على طبيعة هذا الأئتلاف و توجهاته و سيكون ضربة للعلاقة التأريخية بين المواطنين الحركات الشيعية و الحركة القومية الكردية .
لقد قام أنصار هذا التجمع ، مثلا ، بتنظيم مظاهرة في أنقرة في 15 شباط 2005 مطالبين الحكومة التركية (بأرسال القوات التركية فورا الى كركوك لحماية التركمان) ، كما نقلت جريدة ( حريت ) التركية عن المشاركين في المظاهرة و اللافتات التي كانوا يرفعونها .
ألقت حكومة أردوغان بتبعية فشل سياساتها في العراق على الجبهة التركمانية و حمل أردوغان في إجتماع كتلة حزبه البرلمانية على زعماء التجمع و وصفهم بالتقاعس و عدم القيام بالواجبات الملقاة على عاتقهم . وحاولت الجبهة بدورها تحميل الحكومة التركية تبعية النتائج المتواضعة التي حصلت عليها . وأكد أحد المتحدثين بأسمها بأنهم ( قاموا بكل ما طلب منهم و أدوا واجباتهم على أكمل وجه ) . كما أكد بان منظمتهم لم تكن راغبة في المشاركة في الأنتخابات و لكنها أجبرت على ذلك من قبل الحكومة التركية . الغريب أن صحافة أردوغان (الأسلامية) جعلت من أحد قادة الجبهة أضحوكة بسبب ذهابه الى الحج أثناء الأنتخابات . و في المقابل عمدت الجبهة في دفاعها عن نفسها مرة أخرى الى ترديد المزاعم و الأكاذيب المحببة الى نفسها ضد الأحزاب الكوردستانية لتبرير فشلها في كسب دعم تركمان العراق .
يبدو أن حكومة أردوغان قررت إنتهاز هذه الفرصة لتوجيه ضربة أخرى للجنرالات الذين تبنوا الجبهة التركمانية و طروحاتها في سياساتهم إزاء العراق و كوردستان العراق على وجه الخصوص. ومن هنا كانت التصريحات التركية بضرورة الخروج من دائرة (كركوك و تلعفر !!) في التعامل مع الشأن العراقي الى دائرة أوسع تشمل العراق ككل و تعمل على إقامة العلاقات مع الأطراف المختلفة. وسيكون من النتائج الأساسية لهذه السياسة تراجع الأهتمام بالجبهة بل و محاولة التخلص منها لأنها تحولت الى عبئ على كاهل السياسة الخارجية التركية التي قدمت لها الدعم المالي و السياسي و الدبلوماسي و عملت على إشراكها في العديد من المؤتمرات و اللقاءات الدولية . إلا أن الأمر تغير الآن و يمكن للقوى الدولية أن تعرف حقيقة شعبية و جماهيرية أي تنظيم سياسي عراقي على أرض الواقع . كما أنها تثير عداء الناس ضد تركيا بدلا من خدمة مصالحها الحيوية .
و قد يكون لجوء الجبهة التركمانية الى كتلة الأئتلاف العراقي بدافع إقناع تركيا بأنها لا زالت مفيدة و يمكن أن تكون قناة للتعامل بين تركيا و الأئتلاف و من هنا وجب الأبقاء عليها ، هذا إذا لم يكن الأمر قد جرى أصلا بتوصية من تركيا . ويبدو أن التركمان الشيعة الذين إختاروا المذهب و ليس القومية على حد تعبير الصحافة التركية كان لهم الدور الأكبر في إلحاق الجبهة بالأئتلاف لتوحيد الجهود في الأبقاء على آثار سياسات التطهير العرقي في كركوك . وسيكون الهدف الأساس للجبهة هو إثارة الخلاف بين الكرد و الشيعة. ويمكن تلمس بعض المؤشرات السلبية في تصريحات بعض أقطاب الكتلة الشيعية حول بعض القضايا الأساسية التي ستواجه الحكومة الأنتقالية و التي يمكن أن تؤدي بهم الى منزلقات خطيرة إذا لم يتعظوا من دروس الماضي القريب . و ستظهر الأيام القليلة القادمة هذه المواقف و التي يجب أن يتهيأ لها الكرد منذ الآن.
و على صعيد الموقف التركي ربما تكون زيارة وفد رسمي تركي للسيد جلال الطالباني مؤشرا الى توجه جديد في السياسة الخارجية التركية تقوم على مبادئ التعامل بين الدول بعيدا عن التدخل في الشؤون الداخلية العراقية و إحتضان تجمعات تفتقر الى المصداقية و الوطنية . رغم ذلك ستحاول تركيا خلال الفترة الأنتقالية على الأقل أن تلعب على جبهات عديدة و لن تنسى اللجوء الى إثارة الخلافات بين القيادات الكردية و بخاصة بين الحزبين الكرديين الرئيسين . وقد أشارت الصحافة التركية في معرض تعليقاتها على زيارة الوفد التركي الى دوكان الى مثل هذا التوجه . بل تحدثت عن إمكانية إندلاع قتال بين البارزاني و الطالباني بسبب الموقف من تركيا و قضية كركوك . ترى هل سيتعظ الكرد من تجارب التاريخ القريب ؟ .



#جبار_قادر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطع الرقاب ثقافة بعثية بإمتياز
- القضية الكردية في تركيا
- ملكة الكرد تواجه الكراهية بالدعوة الى المحبة
- غرباء كركوك و أصلائها بين المزاعم و الأحصاءات الرسمية
- الأنتخابات و الخطاب الأعلامي العراقي
- مع الشعلان و الزيباري سننعم بالديموقراطية في جمهورية الخوف
- أين الحقيقة في ما يكتب و يقال عن كركوك ؟ قراءة في وثائق حكوم ...
- الأنفال : نتاج آيديولوجيا البعث و نظامه الشمولي- 3
- الأنفال : نتاج آيديولوجيا البعث و نظامه الشمولي- 2
- الأنفال : نتاج آيديولوجيا البعث و نظامه الشمولي -1
- اللاعقلانية في خطاب الجبهة التركمانية (5) الجبهة و حكاية مجز ...
- اللاعقلانية في خطاب الجبهة التركمانية (4) الجبهة و أكذوبة تك ...
- اللاعقلانية في خطاب الجبهة التركمانية (3) الجبهة والرهان على ...
- اللاعقلانية في خطاب الجبهة التركمانية (2) تسويق الجبهة في ال ...
- اللاعقلانية في خطاب الجبهة التركمانية - 1
- سر الحملة على الكرد و تطلعاتهم القومية المشروعة
- في ضوء مذكرات مقرر لجنة مشكلة الموصل والتي تنشر لأول مرة : ا ...
- القضية الكردية في العراق : عود الى التذكير بالبديهيات- الحلق ...
- فضائح إعلامية في برنامج الحوار المفتوح
- نصائح رجل حكيم لم تستمع إليها الحكومات العراقية ا


المزيد.....




- الجامعة العربية تبحث مع مجموعة مديري الطوارئ في الأمم المتحد ...
- هذا حال المحكمة الجنائية مع أمريكا فما حال وكالة الطاقة الذر ...
- عراقجي: على المجتمع الدولي ابداء الجدية بتنفيذ قرار اعتقال ن ...
- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام مواطن -قصاصًا- وتكشف اسمه وجر ...
- خيام غارقة ومعاناة بلا نهاية.. القصف والمطر يلاحقان النازحين ...
- عراقجي يصل لشبونة للمشاركة في منتدى تحالف الامم المتحدة للحض ...
- -رد إسرائيل يجب أن يتوافق مع سلوكيات المحكمة الجنائية الدولي ...
- مياه البحر تجرف خيام النازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس ...
- مصرع عشرات المهاجرين بانقلاب قواربهم قبالة اليونان ومدغشقر
- الجنائية الدولية تطالب الدول الأعضاء بالتعاون لاعتقال نتنياه ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - جبار قادر - تركيا و الأنتخابات العراقية