أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - قاسم حسين صالح - اشكاليات في الدين والسلطة (3-4)















المزيد.....

اشكاليات في الدين والسلطة (3-4)


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 3854 - 2012 / 9 / 18 - 10:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اشكاليات في الدين والسياسة
أولا: الدين
(3-4)
في الحلقة السابقة طرحنا وجهة نظر الذين يفسرون الدين بطريقة تختلف عن الموقف السائد منه،وفي هذه الحلقة نطرح وجهة نظر الذين يقفون مع الدين.

3.يونج وفرانكل
اذا كان فرويد ( ضد أو عدو )الدين فان يونج ( مع أو صديق ) الدين . ولهذا السبب فقد دعمته الكنيسة ، ليس فقط لأنه مع الدين بل لأنه انشق على فرويد واختلف معه في طروحاته بخصوص الجنس وعقدة أوديب واللاشعور والدين . فالقاريء لنظرية فرويد يستنتج منها أن الانسان هو الذي خلق الدين فيما يستنتج من نظرية يونج أن الدين بنظامه الأخلاقي هو الذي خلق الانسان .
ولقد بدأ اهتمام يونج بالدين بعد أن انفصل عن فرويد وتخلص من سلطته عليه ، وبعد أن أسس له مدرسة أو منهجا أسماه علم النفس التحليلي ،فتوجه نحو دراسة الأساطير والرموز القديمة والطقوس وعادات الشعوب البدائية والاحلام وامراض العصابيين وهلوسات الذهانيين ..وخلص الى نتيبحة عدّ فيها شخصية الفرد نتاجا ووعاء يحتوي تاريخ اسلافه . ورأى أن الأساطير والتقاليد القديمة والرموز والأفكار المجردة تنتقل من جيل الى آخر عبر مفهوم أطلق عليه مصطلح اللاشعور الجمعي
Collective Unconscious الذي يعدّه مخزن آثار الذكريات الكامنه التي ورثها الانسان عن ماضي أسلافه ، والمتخلفات النفسية لنمو الانسان التطوري.
ويعد يونج اللاشعور الجمعي منبع الابداع الذي يحوي كل الخبرات الانسانية :أوهام ، أساطير ، أنماط سلوكية ، عبادات ، أحداث طبيعية ...المتراكمة من الماضي السحيق شرط أن تكون هذه الخبرات قد تكررت مرات عديدة وتراكمت آثارها في دماغ الانسان ..وأن هذا اللاشعور الجمعي الذي هو منبع الابداع كان غنيا ومتنوعا وبأفضل حالاته لدى الأنبياء بوصفهم مبدعين من طراز فريد ،وأن الدين هو من بين الأمور التي يحتويها هذا اللاشعور الجمعي الانساني بصورة طبيعية بوصفه مسألة فطرية . ويرى أن الوجود النفسي يكون ذاتيا اذا طرأت الفكرة لشخص واحد فقط ، ولكنه يكون موضوعيا اذا أقر المجتمع تلك الفكرة ، أي باجماع الأراء. وبما أن الدين أقرته المجتمعات عبر تاريخها الطويل ، وما تزال ، اذن فهو حقيقة موضوعية .
ويقول يونج في كتابه ( علم النفس والدين ) ان الدين هو " الملاحظة الدقيقة المتحوطة لما أسماه رودولف أوتو ببراعة ( الخارق للطبيعة ) ، أي وجود دينامي أو أثر لا يسببه فعل جزافي من أفعال الارادة ، بل على العكس ، هذا الوجود يمسك ويتحكم في الذات الانسانية التي هي دائما ضحيته أكثر من أن تكون خالقته ". ويعرّف التجربة الدينية بانها شيء تسيطر عليه قوة خارجة عنّا ، وأنها تتسم بضرب خاص من الخبرة العاطفية هي الخضوع لقوة أعلى . ويرى ان انعدام الشعور الديني يسبب كثيرا من مشاعر القلق والخوف من المستقبل والشعور بعدم الامان والنزوع نحو الرغبات الغريزية.

أما فرانكل (1905-1997) فلموقفه الايجابي من الدين واقعة في منتهى القسوة . فهو طبيب نفسي نمساوي أمضى خلال الحرب العالمية الثانية ثلاث سنوات في أحد المعسكرات النازية ، وكان وقتها أستاذا لعلم الأعصاب والطب النفسي بجامعة فينا . وكان والده وأخوه وزوجته مسجونين ايضا وقد لقوا حتفهم في معسكرات الموت أو أرسلوهم الى أفران الاعدام بالغاز . وعن هذه التجربة القاسية والمرعبة أصدر في عام 1959كتابا بعنوان ( من معسكر الموت الى الوجودية ) ، أعاد طبعه في عام 1963 بعنوان جديد هو ( الانسان يبحث عن المعنى ) وصف فيه الاذلال والمهانة والرعب والتعذيب التي عاشها في السجن ، وشرح كيف استطاع هو وآخرون أن يعيشوا نفسيا في ظروف معسكر الموت . واستنتج فرانكل بأنه استطاع أن يحافظ على توازنه الانفعالي لكونه نجح في ايجاد معنى لمعاناته المريرة التي ربطها بحياته الروحية . ورأى أن روحه هي التي أعطته الحرية لتجاوز ظروف فرص البقاء فيها ضئيلة . واكتشف أن بداخله طاقة ورؤية مستقبلية ترفعه فوق ظروف القهر والسجن والجوع والبرد والقسوة ..وتوقع الابادة في كل ساعة .
والذي جعل فرانكل يتحول من منهجه الفرويدي الى منهج روحي وجودي هو أنه لاحظ أن السجناء الذين كانوا معه في معسكر الاعتقال كانوا على نوعين ، الأول :شحبت وجوههم و هزلت أجسامهم وصاروا جلدا على عظم ، والثاني :صمدوا وظلوا في صحة جسمية ونفسية أفضل ..وتبين له ، بعد دراستهم ، أن الصنف الأول فقدوا الأمل في الخلاص وصاروا كالمحكوم بالاعدام الذي ينتظر لحظة التنفيذ ، فيما النوع الثاني كان لديهم ايمان ديني او روحي منحهم القدرة على تحمل المعاناة والتعلق بالحياة .
ويعتقد فرانكل ان الامراض النفسية وبخاصة الكبت تنشأ حين لا يكون للفرد غرض او هدف في العيش او الحياة ، وأن الانسان يكون أكثر مقاومة للمرض النفسي وأسرع تعافيا منه اذا كان في حياته معنى يشكل له هدفا وغاية ، وأن الايمان من أهم المعاني التي تمنح لحياة الانسان معنى وجدوى ، ويكون لوجوده أهمية ومغزى. وبتعبير جوردن البورت في مقدمته لكتاب فرانكل ( الانسان يبحث عن المعنى) :" هنا نقف على الفكرة الرئيسة للوجودية : فلكي تعيش عليك أن تعاني ، ولكي تبقى عليك أن تجد معنى للمعاناة . واذا كان هنالك هدف في الحياة ، فانه يوجد بالتالي هدف في المعاناة وفي الموت ". ويذكر فرانكل أنه وجد في بعض الأحيان معنى في الموت ، اذ يموت الانسان سعيدا من أجل معنى ديني أو روحي أو وطني . هذا يعني أنه عكس سارتر الذي وصف الموت بأنه نهاية سخيفة .
وقد استخدم فرانكل طريقة جديدة في العلاج النفسي أسماها ( العلاج بالمعنى
Logo Therapy) يوظّف فيها الأفكار والنصوص الدينية التي يعتقد بها المريض في تصحيح ما لديه من أفكار مرضية أو مغلوطة . وابتكر نوعا جديدا من العصاب أسماه ( عصاب اللامعنى أو الفراغ الوجودي ) حدد أهم أعراضه بالشعور بالملل والتعاسة والفراغ الداخلي وعدم الرضا والاحساس بأن الحياة لا لون ولا طعم لها بالرغم من أنه لا يوجد سبب واضح لهذه الأعراض .ويعزو فرانكل أسباب العزلة والاغتراب الى فشل صاحب المعاناة في أن يجد معنى واحساسا بالمسؤولية ازاء وجوده . وبهذه الانجازات فقد عدّته مجلة تايم الأمريكية بأنه يمثل المدرسة النمساوية الثالثة في العلاج النفسي بعد فرويد وأدلر .
وقد عبّر فرانكل عن المعنى عبر ثلاثة انواع من القيم هي : قيم الخبرة " التي تتحقق من خلال الوجود المدرك في العالم" ، والقيم الابداعية " التي تتحقق من خلال الفعل المباشر في العالم " ، وقيم الاتجاه " التي يتوقف تحقيقها على وعي الفرد ، وتكون ممكنة حتى حين يحال التعبير عن قيم الخبرة والقيم الابداعية ".
ونوضّح ، من جانبنا ، أن في الفلسفة الوجودية فريقين من الوجوديين ، الأول : الوجوديون المؤمنون ، ويمثلهم جابريل مارسيل وكارل يسبرز من الفلاسفة ، وفرانكل من علماء الطب النفسي . والثاني : الوجوديون الملحدون ، ويمثلهم هايدجر وسارتر من الفلاسفة ، ورولو مي من علماء النفس .
ويرى الفريق الأول ( المؤمنون ) أن للانسان طبيعة بشرية خلقه الله بمقتضاها ، ثم بعد ذلك يختلف الناس ويتباينون ، فيما ينكر الفريق الثاني ( الملحدون ) أن للانسان شيئا أسمه الطبيعة البشرية ، لأنه لا يوجد الرّب الذي تمثل وجود هذه الطبيعة ، كما يرون .



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اشكاليات في الدين والسلطة (2-4)
- اشكاليات في الدين والسلطة (1-4)
- ثقافة نفسية(72):صراع الأدوار
- الأمراض النفسية في الأغاني العراقية
- المقاهي الشعبية ومقاهي الانترنت..سيكولوجيا
- الوساوس الدينية
- ناجي عطا الله..في مجلس النواب العراقي!(فنتازيا)
- المسلسلات الرمضانية وفضائح السلطة
- بغداد..مدينة بلا تاريخ مرئي
- ثقافة نفسية(71):التوتر..يجعلك مريضا!
- ثقافة نفسية(70):جهازك العصبي في رمضان
- الأخصائيون النفسيون وثورات ربيع العرب
- آخر خرافات العراقيين!
- المتقاعد..بمفهوم العراقيين!
- ازدواج الشخصية العراقية – تصحيح مفهوم
- ثقافة نفسية(64):ضغوط العمل والسلوك الاداري
- ثقافة نفسية (64):للأنفعال..ثلاثة وجوه
- المؤتمر الدولي الثاني لجمعية الأطباء النفسيين الأردنية (تقري ...
- خرافات العراقيين وعلاقتها بسيكولوجيا التطير (2-2)
- خرافات العراقيين وعلاقتها بسيكولوجيا التطير


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - قاسم حسين صالح - اشكاليات في الدين والسلطة (3-4)