عمار طلال
الحوار المتمدن-العدد: 3854 - 2012 / 9 / 18 - 03:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
العراق دولة ضد شعبها
يحق لمن تنغزه ابرة، ان يصيح: "آه" لذلك لا تنقطع تأوهات العراقيين؛ منذ حل بينهم الامام علي (ع) اتقاءً لشرهم وليس تكريما لهم، واسست بريطانيا الدولة العراقية.. نصبت ملكا وانشأت جيشا، لقمع الشعب العراقي، على أثر ثورة العشرين، وانفرد حزب البعث بالحكم، طيلة خمسا وثلاثين سنة، بقمع الشعب الذي وهن حد العجز عن اتقاء السوط.
طبيعة الفرد العراقي، لا يقبل بالتوازن مع وجوده، انما اذلال الآخر او الاستخذاء في حضرته.. لو غالب لو مغلوب.. تطرفا لاتعادل فيه وافراطا من دون قناعة.
تلك التركيبة السوسيولوجية، تريب الحاكم؛ فيتغدى بهم قبل ان يحل موعد العشاء؛ لأنه يتوقع منهم انهم يتربصون به الدواهي؛ لذا يبقيهم في قلق دائم، حد تصدير الازمات من مراكز الدراسات الحكومية الى الشارع، يلوكها الناس تداولا محظورا من قبل مطلقها ذاته، ثم التكرم على الشعب بحل الازمة التي نشرتها وسط الشعب.
اي شعب هذا الذي تغير قدره مرات عدة، ولم يتغير!؟
انه شعب يعيش توصيف يوم القيامة طيلة وجوده: "يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما ارضعت وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد".
راهنت الخلافة الاسلامية بتعاقب دولها، على الروح القتالي الذي اتصف به العراقيون.. ولا استطيع القول (تحلى) به؛ لأن القتال ليس بالفكرة الصائبة، حتى ولو لاسترداد حق مغتصب؛ اذ جاء رهان الخلافات الراشدية والاموية والعباسية عليهم، انطلاقا من استعدادهم الاهوج للقتال، فاسموهم جمجمة العرب، والمعنى المستتر هو (سيف العرب الذي يقطر دما على الدوام) اذ اقترنت بغداد بدولاب الدم الدائر في كل حقبة وزمان.
قال الشاعر لؤي حقي: "انا منذ فجر الارض البس خوذتي" وتلك حقيقة ندفع ثمنها داخليا وخارجيا، تبلورت منها استجابة ربانية لدعاء الامام علي (ع) لا ترضِ واليا عنهم ولا ترضهم عن والٍ؛ فالحكام ينصَبون تفاضلا بمقدار ما يكنون للعراقيين من حقد يسمونه امن الدولة الذي يبيد آلافا من الابرياء، تحت قناعة راسخة لدى الحاكم بان لا براءة لعراقي، فهو متهم على الدوام.
المعادلات غير المتوازنة في بنية المجتمع العراقي شعبيا، اعطت العذر للسلطات المتعاقبة عليه، بالبطش الفظيع، توطيدا لدعائم حكمها التي تجدها على اهبة الانفلات من دون سوط الشرطي يحمي تأملات الفيلسوف.
فنحن شعب شعر وفقه وفلسفة وعلوم، ننشئ التقاليد الرفيعة، كي نعد العدة لاسقاطها من اوج رفعتها الى حضيض التدني، يسعدنا البناء على اهبة التهديم، ولان تخبطات التهديم اسرع زمنيا من هندسة البناء؛ لم يبق حجراً على حجرٍ في العراق.
هدم صدام حسين بطغيانه ثلث حاضر ومستقبل العراق، واجهز الذين جاؤوا بعده على الثلثين المتبقيين، وليس في المدى الا السراب؛ لم يعد العراقي يثق بمستقبل، وهو لا يرى احدا يعمل للمستقبل، قدر ما يعملون لترصين ضماناتهم الشخصية والفئوية من أعلى رؤوس الأموال الى ذيولها.
#عمار_طلال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟