-1- الجامعات و الإيكوتكنوايديولوجيا

علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 1122 - 2005 / 2 / 27 - 10:49
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    

أصبحت التنمية المستدامة أو الإيكولوجيا العميقة مع مرور الزمن مشروعاً فكرياً باستراتيجية حضارية و قيمة إبداعية غاية في الأهمية. يعني هذا المفهوم من جملة ما يعنيه بأنه جملة العمليات التطويرية ذات الصفة الاستمرارية والتي تتناسب مع احتياجات و رغبات أجيال اليوم دون تعريض أجيال المستقبل الطامحة أيضاً لإرضاء رغباتها و تحقيق احتياجاتها الخاصة للخطر. للتنمية قابلة الاستدامة فلسفتها و أخلاقها و إنسانها الإيكوتكنولوجي. فلسفتها تهتم في البحث عن إجابات شافية لتساؤلات مصيرية مثل: كيف نريد أن نعيش في المستقبل؟ هل بإمكاننا إعطاء أطفال المستقبل بيئة صحية ونظيفة صالحة للحياة ضمنها؟ كيف يمكن تأمين ماء الشرب النظيف والأراضي القابلة للإثمار؟ في أي اتجاه ينبغي على بلداننا أن تسير؟ وكيف يمكن السير بها للخروج من المتاهة؟ متاهة عصر العولمة والتي تتطلب التلاؤم السريع والإيجابي مع المتغيرات العالمية السريعة. كيف يمكن محاكاة تحديات العالم المعولم في المجال الاقتصادي والمجتمعي؟ إن مفهوم الايكولوجيا العميقة على الصعيد الشخصي وحيث أن الإنسان هو محورها مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمفهوم الجودة الحياتية العالية والتي ليست إلا حق كل إنسان في التمتع بالجودة الحياتية أي حقه بالتعلم الإيجابي والعمل المنسجم مع إمكانياته المعرفية والعلمية وحقه في الحياة ضمن بيئة نظيفة وحقه في اقتناء منتجات رفيقة بالبيئة وبصحته وحقه في الحصول على مسكن بشروط صحية وحقه بالكسب الشهري الجيد وحقه بدخول المجتمع والمشاركة في صنع القرار السياسي وكذلك حق العيش في مدن آمنة ذات نشاطات ثقافية فكرية متنوعة. وفقط باجتماع هذه العوامل يمكن الحديث عندئذ عن مفهوم الجودة الحياتية العالية ولذا ينبغي على الراغبين في تحقيق هذا الهدف الحوار والنقاش المكثف بما يتعلق بفكرة التنمية المستدامة فالحوار وحده يكسب الفكرة وأهدافها رواجاً وقبولاً ضمن الأوساط الأقل اهتماماً. تسطيع نسبة عالية جداً من الأطفال والشباب والكهول ودون صعوبات تذكر معرفة أسماء لاعبي كرة القدم في بلدانهم والبلدان العالمية وكذلك قادرون دون جهد فكري على الخوض بأحاديث سياسية عامة وأخرى اجتماعية وخاصة فيما يتعلق بالأمور الغيبية. و لأنهم لايودون تقديم أي جهد ذهني يتناسون بأن التحدي الأكبر الذي يجابههم و بلدانهم هو بالدرجة الأولى تحدي إيكولوجي و تكنولوجي و بأن اليقظة العلمية و النضال اليومي من أجل حرية التعليم و التعلم و حرية البحث العلمي هي من أهم ركائز النضال السياسي لهذا العصر. إن الحديث اليوم عن ثقافة جديدة هي الثقافة العلمية و عن مجتمع جديد هو المجتمع العلمي التقني و الإيكولوجي الإنساني يتطلب مراجعة نقدية شاملة لوجهات نظرنا من العلم و هذا يعني عدم تجنبه أو معاداة إنجازاته بل التأكيد و بقوة على الإمكانيات الفائقة في التقدم العلمي و التقني و أهميتها لمعالجة الكثير من مشاكل العالم و المجتمع على كافة الصعد و أهمها اليوم هي المآسي البيئية و نقصان العناية الطبية و ازدهار الفقر و انحطاط كرامة العيش. لا يمكن حل هذه المشاكل بدون متابعة التطور العلمي و التقدم التكنولوجي. و هذا لا يعني و لا في حال من الحالات بأن هذه بمثابة دعوة موجهة لبناء إنسان تكنولوجي و مجتمع تكنولوجي بل من أجل بناء مجتمع إيكوتكنولوجي حاملاً في أحشاءه سمات سيرورته. إن النضال من أجل إنتاج نظرية جديدة بغية تشخيص الواقع العربي بأزماته اللامتناهيه و محاولة و ضع مقدمات للخروج من متاهاته هو بلا شك مهمة مركزية تتطلب النضال على ثلاثة مستويات و هي المستوى الإيديولوجي و التكنولوجي و الإيكولوجي فلا حركة / ثورية/ في هذه المرحلة التاريخية الجديدة بدون ايديولوجيا ذات محتوى إيكوتكنولوجي. إن الشرط الجوهري للمضي قدماً في طريق تحديث المجتمع في اتجاه الاستدامة هو تطوير و تجديد النظام التعليمي في كافة الاتجاهات الأكاديمية مع المحافظة على ماهو إيجابي ، فعلى عاتق الجامعات و كوادرها العلمية تقع مسوؤلية وضع نموذج التنمية المستدامة موضع التنفيذ على المستوى المحلي و الإقليمي. إن من أحد أهم واجبات وسائط الإعلام بما فيها الصحافة الإنترنيتية هو تقديم تقارير إخبارية عن إنجازات العلم و العلماء ، عن فلسفة العلم وعن المعارف المكتسبة وكيفية توسيطها لخدمة المجتمع و ذلك بهدف بناء جسوراً بين العلم و المجتمع و تهيئة الأجيال على الافتنان بالعلم و متابعة أخباره إسوةً بالإنجازات الرياضية على الأقل و التي لا يمكن إنكار دورها الحضاري في المجتمع.

للكلام بقية

#علي_دريوسي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات