أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - شاكر النابلسي - الملك عبد الله والإعلام الظلامي















المزيد.....

الملك عبد الله والإعلام الظلامي


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1121 - 2005 / 2 / 26 - 12:47
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


-1-
نقلت الأخبار أنباءً عن عدم رضا الملك عبد الله الثاني عن أداء الإعلام الأردني الذي أصبح ظاهرة سلبية مميزة في الإعلام العربي، من حيث استغراقه في الظلامية، ومن حيث تكريس الأقلام الإعلامية الأردنية لخدمة الديكتاتورية العربية في العراق وفلسطين وغير العراق وغير فلسطين، ومحاربة الحداثة السياسية، وفكر التجديد والتنوير، والتبشير بمستقبل عربي متحرر من أفكار الفاشية القومية والفاشية الدينية وحقبة الحرب الباردة وانهيار جدار برلين والمعادلات السياسية المتعددة والمختلفة التي أعقبت حرب الخليج 1991 وكارثة الحادي عشر من سبتمبر 2001.

وقد أعرب الملك عبد الله الثاني مؤخراً عن استيائه من خطاب الإعلام الأردني الظلامي، ومن شكل ووضع الإعلام المحلي في الأردن، وعدم مبادرته لاستغلال هامش الحرية المتاح والمناخ الإعلامي الممنوح له. ويردد الملك عبد الله قوله لدى الحديث عن احباطاته من رفض الإعلاميين الأردنيين الذاتي للتطور قائلاً: "قلنا لهم (للصحافيين) إن حرية الصحافة المسؤولة حدودها السماء، لكنهم يرفضوا مغادرة طوابق المؤسسات الصحافية التي يعلمون بها، فالذنب ذنبهم".

وقال الملك عبد الله الثاني للجنة الملكية التي شكلها مؤخراً لتحويل الأردن الى ثلاث أقاليم تنموية، "إن عليهم الامتناع عن التصريحات والأحاديث حول نقاشاتهم للصحافة والإعلام". وهذا إن دلّ على شيء فانما يدلُّ على عدم ثقة العاهل الأردني بالإعلام الأردني وماكينته التي يديرها اعلاميو الحرب الباردة وبقايا الفاشية القومية والفاشية الدينية التي فتحت دكاكين إعلامية لها على شكل صحف "التابلويد" ممولة من الخارج القومي الفاشستي ومن الخارج الديني الفاشستي كذلك، وأخذت تدعو إلى نصر "المقاولة" العراقية بقيادة الإرهابي الأصغر الزرقاوي والإرهابي الأكبر ابن لادن، وأطلقت على الديكتاتور السجين صدام حسين الشهيد والبطل. وامتنعت عن نقد فساد ادارة عرفات وشدّت من أزره، وهو الذي كان شوكة كبيرة في حلق القضية الفلسطينية، فلما زالت هذه الشوكة فُتحت الأبواب المغلقة في وجه القضية الفلسطينية، وبدأت تتحرك نحو بناء الدولة الفلسطينية. فجرت الانتخابات الحرة النـزيهة، وجرت التهدئة، وأصبحت هناك سلطة واحدة وسلاح واحد، وتشكلت الحكومة الفلسطينية من الجيل الجديد والتكنوقراط واستُبعد الفاسدون إلا من رحم ربك، وبذلك تحققت رؤيا "الليبراليين العرب الجدد" التي افصحوا عنها بشجاعة خلال عامي 2003، و 2004، ونالوا عليها السباب والشتائم والتهم الباطلة. فذهب الزبد، وبقي ما ينفع الناس في الأرض.

-2-


هناك عدة أسباب جعلت من الإعلام الأردني منذ فترة طويلة إعلامياً متحجراً متحيزاً وظلامياً، ومرآة عاكسة وصافية للديكتاتورية العربية منها:



1- أن قسماً كبيراً من الإعلاميين الأردنيين ومن كتاب الأعمدة اليومية والأسبوعية هم من حركة فتح ومن الجناح الموالي لياسر عرفات. إضافة إلى وجود عدد كبير من البعثيين الموالين للنظام العراقي السابق والموالين للنظام السوري الحالي، ووجود عدد آخر من جماعة الإخوان المسلمين وحزب التحرير وبقية الجماعات الإسلاموية الأخرى . ومن هنا نرى أن الإعلام الأردني في معظمه هو مجموعات من الجزر الموبوءة من الأيديولوجيين القومجيين والسلفيين التي ما زالت تتبنى أفكار فترة الحرب الباردة، وما زالت تعتقد أن الاتحاد السوفياتي ما زال قائماً، وأن عبد الناصر ما زال حياً، وأن بالإمكان تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وحتى آخر ذرة تراب منها، وأن المهدي المنتظر في طريقة إلينا.. الخ.

2- إن أفكار الحرب الباردة التي ما زال الإعلام الأردني يتبناها ويدعو اليها دون أي ادراك للمتغيرات الدولية دفعت بهذا الإعلام إلى أن يكون متخلفاً تخلفاً كبيراًُ عن الإعلام الدولي الحديث بمراحل كثيرة مما جعل الملك عبد الله يستاء من هذا الإعلام الأردني ولا يركن اليه، ويحاول أن يُدلي بتصريحاته وبياناته عبر الإعلام الدولي الذي يوفر لنهجه السياسي الانتشار والوصول والتفهم والوعي من لدن المتلقي في الأردن وخارج الأردن، سيما وأن المتلقي الأردني أصبح لا يثق بالإعلام الأردني ويبحث عن الحقيقة في الإعلام الخارجي العربي منه (وما أندره) والإعلام الغربي. وربما كان هذا الحال أيضاً هو حال المتلقي القطري في معظم أنحاء العالم العربي. ولكن هذه الدرجة ترتفع في الأردن أكثر من مثيلاتها في العالم العربي.

3- أن الإعلام الأردني كان منذ 1980 وبداية الحرب العراقية – الإيرانية إعلاماً مخترقاً من قبل صدام حسين الذي أغرق سوق الإعلام الاردني بالهدايا والعطايا والمطايا. فبنى لنقابة الصحافيين الأردنيين مساكن في حي نقابة الصحافيين، وأهداهم سيارات المرسيدس، ودفع لمعظمهم رواتب شهرية، وابتعث أبناءهم للدراسة في أرقى الجامعات ومنحهم الأموال لانشاء صحف جديدة، ومنابر اعلامية جديدة. وأصبح معظم الإعلاميين الأردنيين موظفين غير رسميين في وزارة الإعلام العراقية السابقة. ولعلنا نذكر جميعاً موقف الإعلام الأردني من حرب الخليج 1991 وكيف وقف الإعلام الأردني ذلك الموقف الفاضح الصارخ المشين، وهيّج الشارع الأردني ضد الكويت والسعودية، واضطر القيادة السياسية الأردنية إلى مخالفة الشرعية الدولية والاجماع العربي والإسلامي والعالمي، والوقوف إلى جانب العدوان العراقي على الكويت. وتكبد نتيجة لذلك خسارة مالية تجاوزت الخمسة مليارات دولار، مما أدى إلى تدهور الاقتصاد الأردني وانهيار سوق عمان المالي فيما بعد. كما أدى إلى طرد العاملين الأردنيين والفلسطينيين من الخليج، مما زاد في معدلات ارتفاع البطالة الأردنية وزيادة انتشار الفكر السياسي السلفي الذي انتج الإرهابي الزرقاوي وغيره من رموز الإرهاب العربي الآن.

4- تسيطر على جزء كبير من الإعلام الأردني الفاشية الدينية المناصرة للعمليات الانتحارية في فلسطين والعراق والتي تموّل من الصندوق نفسه الذي يتموّل منه "حزب الله" و"حركة حماس" و"الجهاد الإسلامي"، وكافة الحركات الأصولية المسلحة التي تنشر الإرهاب والخوف وتشيع الفوضى والدمار في العالم العربي وفي الغرب. وهذه الحركات أصبح لها شعبية كبيرة في الشارع الأردني لقيامها بأداء خدمات اجتماعية متعددة للمتلقي الأردني منها الطبابة والتعليم والتدريب على الحِرَف وايجاد فرص عمل والتعليم الجامعي ومحو الأمية وخلاف ذلك. ومن هنا أصبح إعلام هذه الفئات في الشارع الأردني هو الإعلام المُرحب به من قبل المتلقي الأردني وهو الذي يعكس الصدقية والشفافية برأي الكثيرين من المتلقين المستفيدين من الخدمات الاجتماعية لقادة ورموز هذا الإعلام. ومن هنا يظهر لنا أن القيم النفعية اليومية هي التي تروّج للإعلام القومجي الفاشستي، والإعلام الأصولي الفاشستي أيضاً.

5- لقد ساهمت الحكومات الأردنية المتعاقبة على اطلاق يد "دائرة المطبوعات والنشر" الأردنية لمحاربة الحداثة الفكرية والحداثة الثقافية ومنع الكتب والكتابات الحداثية العربية وغير العربية من دخول السوق الأردني، والسماح للكتب الدينية الظلامية بأن تجول وتصول في السوق الأردني دون رقيب أو حسيب بفضل سيطرة "جماعة الإخوان المسلمي"ن التي كانت طيلة أربعين عاماً (1957- 1987) الناشط السياسي الوحيد المُصرّح به على الساحة السياسية الأردنية، وكذلك بفضل تغلغل الرقباء الدينيين الأصوليين في "دائرة المطبوعات والنشر" اضافة إلى تغلغل القومجيين الأصوليين كذلك. ولعل ما أثاره الشاعر والإعلامي الأردني موسى برهومة قبل مدة، من عسف واستبداد وطغيان "دائرة المطبوعات والنشر" ومحاربتها للحداثة ودعاتها في الأردن وخارج الأردن أكبر دليل على وطأة "دائرة المطبوعات والنشر " وتأثيرها على صناعة الإعلام الأردني. وقد دعونا عدة مرات إلى اصلاح هذا الخلل عندما تم منعي كتابين لي (الشارع العربي) و (صعود المجتمع العسكري العربي) في العام الماضي، ولكن ما من مجيب، وظل الحال على ما هو عليه.

فهل هذا يعني أن الدولة الأردنية راضية عن أداء "دائرة المطبوعات والنشر"، أم أنها لا تعلم ما يدور في هذه الدائرة الخطيرة التي تُعتبر بمثابة "البوليس الحديدي الثقافي" في الأردن؟



-3-


هناك تناقض واضح وصارخ في الحياة السياسية والإعلامية والثقافية والأردنية.

ففي الوقت الذي يتولى فيه ملك جريء وشجاع وحداثي، وسياسي واقعي عَلماني الحكم في الأردن، نرى أن الحكومات الأردنية التي تعاقبت منذ خمس سنوات في عهد الملك عبد الله الثاني هي على عكس ما يؤمن به الملك وما يفكر فيه، ومن هنا تم تغييرها عدة مرات، إلى درجة أننا فكرنا في يوم من الأيام أن ندعو الملك إلى أن يكون هو رئيس الوزراء لكي يستطيع تنفيذ ما يفكر فيه وما يحلم به من خطط وبرامج مختلفة. وقلنا في النهاية أن الملك عبد الله ملكٌ بلا نُخب؛ أي أنه يفكر ويخطط دون أن تكون هناك نُخب على مستوى تفكيره وتخطيطه، وهو بالتالي ملكٌ بلا شعب. وتلك ظاهرة كبيرة ونادرة في التاريخ السياسي العربي.

فمن أين جاء هذا الخلل؟

في ظنى وتقديري أن الخلل جاء من الموقع الجغرافي والسياسي والاجتماعي للأردن. فكون الأردن محاطاً بثلاث ديكتاتوريات عراقية وسورية وفلسطينية، كان له الأثر السلبي الكبير على واقع ومستقبل الحداثة السياسية للأردن. وكون الفلسطينيين الأصوليين من قوميين ودينيين يشكلون أكثر من ستين بالمائة من السكان كان له الأثر السلبي أيضاً على واقع ومستقبل الحداثة السياسية للأردن.

فهل سيبقى الملك عيد الله ينفخ في رماد ويصرخ في واد، ولا من مجيب له في الإعلام الأردني الذي يحتاج إلى ثورة ثقافية وإعلامية حقيقة يقودها الملك الشاب، لكي يُهيئ أرضاً صالحة لزراعة الحداثة التي يحلم بها، بدلاً من هذه الأرض "السبخة" الموبوءة الآن التي لا تصلح إلا لزراعة الأفكار السلفية الظلامية، كما سبق وكتبنا في العام الماضي؟



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدرس المفيد من العراق الجديد
- من فلسطين بدأ الإرهاب ومنها ينتهي
- الحب في زمن الإرهاب
- لماذا لا ينضم العراق إلى الإتحاد الأوروبي؟!
- الإصبع العراقي: لله وللحرية
- أولويات العراق بعد الانتخابات
- العراقيون يؤدون الأحد صلاة العيد!
- الانتخابات العراقية بين الشرعية والتبعية
- صناديق الاقتراع مقابر للرعاع
- الانتخابات العراقية والامتحان الليبرالي
- العراق والمصير المنير
- أول شيخ أزهري يُثني ويُوقّع على -البيان الأممي ضد الارهاب
- محمود عباس والخوارج
- أسئلة الأعراب في أسباب الإرهاب
- محمود عباس والطريق إلى الدولة الفلسطينية
- -الإصلاح من الداخل- دعوة طفولية ساذجة لتطييب الخواطر وتقليل ...
- عراقٌ نادرٌ بين الأمم
- -منتدى المستقبل- خطوة على طريق -الشرق الأوسط الكبير-
- نحن والغرب: الشركاء الأعداء
- المثقفون والطغيان في المؤتمر الثالث للفكر العربي


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - شاكر النابلسي - الملك عبد الله والإعلام الظلامي