أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - لكلٍّ منا إمبراطورهُ .















المزيد.....

لكلٍّ منا إمبراطورهُ .


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 264 - 2002 / 10 / 2 - 02:08
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


                     

                                                                      

ذائعة ومشهورة تلك المروية الاسكندنافية  التي حدثتنا صغارا عن  الإمبراطور الذي نَصَبَ عليه نساجان لبيبان وألبساه ملابس ملكية عجيبة لا يراها الناس حتى إذا مرَّ الموكب الإمبراطوري أمام طفل بريء كالحقيقة صاح  و إصبعه الصغير مصوب نحو الإمبراطور :

-       صاحب الجلالة عارٍ يا ناس !

يبدو ، أن لكل منا إمبراطوره الخاص إذا ما اعتبرنا الإمبراطور رمزا لفضيحة أو حالة عريٍّ معينة ، و يبدو أيضا أن لكل منا طفله البريء الفضّاح و الذي يرقد في أعماقه يترصد عري الإمبراطور فيصرخ بالحقيقة أحيانا  أو يبتلع لسانه و يعزف قليلا من الموسيقى  زاعما أنها صورة غير مباشرة  عن تلك الصرخة أحيانا أخرى وقد يلجأ الى الشعر الرمزي زاعما بأنه هو من سيطيح بأعتى الطغاة ويفجر أعظم الانتفاضات  .

المشكلة في عصرنا مع بعض الأطفال الأبرياء أنهم قلبوا الآية رأسا على عقب،  فعلى الرغم من أن الإمبراطور المسكين  صار يرتدي جبةً وقفطاناً وسروالين محكمين ينتهيان الى حذاء طويل العنق وقفازين من جلد الثعالب الرمادية سمعنا قبل أيام طفلا طاعنا في السن وهو يهتف :

-       إنه عارٍ  إمبراطوركم  هذا يا ناس !

وبعد أيام على هذه الحادثة – وأنا أحكي لكم من خانة الخيال العلمي - علق أحد المتفلسفين  في برنامج حواري تلفزي مشاكس الى درجة الغليان بأن المعنى الذي قصده الطفل هو أن الإمبراطور عار داخل ملابسه، وهذا صحيح تماما،  فكلنا عراة داخل ملابسنا ! كذلك قال المتفلسف ، فاعترض عليه زميله في السجال قائلا بأن القواعد المنطقية للاستنباط ترفض هذا الاستنتاج  على اعتبار أن الخيار هو بين أن يكون الإمبراطور عاريا أو لابسا ، وليس بين أن كون عاريا داخل ملابسه أو  عاريا خارجها .

وهنا احتد الخلاف والتهب السجال فأطفأنا التلفزيون  وعدنا الى الواقع لنرى الآتي والآتي أعظم :

الإمبراطور الطيب، وحامي حمى الحرية وحقوق الإنسان والحيوان ، يهدد علنا بصوت أجش وهو بكامل ملابسه القتالية وصولجانه النووي بين يديه بأنه سيهاجم جزيرة الشر المطلق التي أسمتها شهرزاد  ذات ليلة وردية  " جزيرة الواق واق " !ثم  نطق جلالته  بحكمة دموية مفادها أن من لا يكون معه في هجومه على الشر الواقواقي سيضع نفسه طوعا الى جانب الشيطان  وخارج نطاق الخير ومشمولاته .

ينبغي أن  نفتح قوسا صغيرا هنا ونذكر الطفل البريء وزملاءه بأن  الشيطان الذي يعنيه صاحب الجلالة الإمبراطور تخرَّج من جامعة "محور  الخير الإمبراطورية للدراسات الإنقلابية العليا "   ،وأنه طالما كان مدلل الإمبراطورية الأول، وأن إمبراطورية " الخير المطلق " هي نفسها التي  غفرت له ما تقدم من ذنبه الكيمياوي وما تأخر  .  و هي ذاتها الإمبراطورية  "الخيرة" التي جعلت أذنا من طين  وأخرى من عجين حين  راح  ملايين الناس من سكان شمال  الجزيرة  يصرخون في ضباب الغازات السامة :

-اختنقنا يا مولانا الإمبراطور .. أنقذنا يا صاحب الجلالة و قطب الخير !

ولكن "قطب الخير"  كان مشغولا بتقليم شجيرات الورد في حديقة قصره الإمبراطوري الأبيض ، وحين انتهى من هذه الرياضة انشغل بتدريب كلبه الأبيض " كمان وكمان !" كثلج القطب الشمالي على القفز فوق تل  أنيق  من جماجم الأمل و الركض بين  أكوام من  فقرات وعظيمات التفاؤل الإنساني   !

إن مشكلة هذا النوع من الأطفال " الأبرياء "  إنهم صادقون في كل ما يفعلون إلا في شيء واحد  وهو أن الإمبراطور ليس عاريا من حيث مظهره . والدليل تجده عزيزي القارئ ما قد ذكرنا من ملابسه وإكسسواراته ، بل هو عار من حيث مضمونه  الرجعي الأسود ، و هو عار أيضا من حيث معنى تاريخه المزحوم بالجرائم وعمليات الإبادة الجماعية في جهات الأرض السبع ! أوَ ليست جريمتاه في هيروشيما وناكازاكي  مثالا بسيطا على ما سوف يفعله بالجنس البشري و كوكب الأرض الجميل ؟ وهل نسينا "الجنة" التي صنعها أسلاف الإمبراطور لشعب الهنود الحمر ؟ و هل سيتردد جلالته في تحول الكوكب  الى مجرد كراج شاسع كئيب وشاحب و رمادي ومليء بالهياكل العظمية وزجاجات الكوكاكولا ؟ فهل- ومتى - سيعي طفلنا العزيز البريء الذي أبرق بالأمس لهذا الإمبراطور شاكرا إياه على وقفته " الإنسانية مع أهل الواق واق "  خطورة الأمر ويكف عن الصراخ ؟ نتمنى أن يحدث ذلك من أعماق القلب ،على الأقل لكي ينجو هذا الطفل ببراءته من حقل الألغام الذي دفعه إليه لصوص البرقيات .

    ثم إن الإمبراطور يا طفلنا العزيز مشغول عن قراءة برقيات شكرك وتمجيدك بحشو سفنه  وطائراته بصواريخ التوماهوك والقنابل النووية التكتيكية . فلِمَ تتعب نفسك وتاريخك وضميرك الذي كان أبيض  ذات يوم  بهذه النشاطات المؤسفة ؟

 

==============

جريدة " الزمان " الثلاثاء 1/10/2002

 



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعوا الانتفاضة تنتصر وإلا فانسحبوا من الواجهة !
- لبراليون من نوع آخر !
- كيف رد علي بن أبي طالب على جورج بوش زمانه !
- الإرهاب الفكري في الفضائيات
- بيان الخمسة وثلاثين مثقفا عراقيا : الصمت على العدوان الأمريك ...
- انتحار مدينة فاضلة !
- جريدة ابن الرئيس والتهجم على الشيعة : تخرصات واستفزازات خط ...
- أبو العلاء الآخر ..وهموم الحاضر .
- التاوي والسحّاب والحرب !
- الظاهرة الطائفية في العراق : التحولات والبدائل . - الجزء ال ...
- أول الغيث " بامرني " : تركيا الأطلسية تريد مياه الرافدين ونف ...
- الظاهرة الطائفية في العراق : تفكيك الخطاب والأدلوجة .- الجزء ...
- الظاهرة الطائفية في العرق:محايثة التاريخ والوقائع -الجزء ال ...
- الظاهرة الطائفية في العراق :التشكل الطائفي والرموز . - الجزء ...
- توثيق حول مجزرة الوثبة المجيدة 1948 !
- الظاهرة الطائفية في العراق :المقدمات والجذور - الجزء الأول
- الحصاد المر للتجربة الملكية في العراق :
- دفاعا عن عراقية الشيخ الآصفي !
- ردا على داود السحّاب !
- القاعدة والاستثناء في الغزو الأمريكي القادم للعراق :تفكيك ال ...


المزيد.....




- تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ ...
- بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق ...
- مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو ...
- ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم ...
- إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات ...
- هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية ...
- مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض ...
- ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار ...
- العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - لكلٍّ منا إمبراطورهُ .