أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود روفائيل خشبة - خطر خلط المفاهيم














المزيد.....


خطر خلط المفاهيم


داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 3852 - 2012 / 9 / 16 - 14:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


شرط التفكير السليم وضوح المفاهيم، وخلط المفاهيم يؤدى، مع سلامة النية، إلى الخطأ واضطراب الفكر، أما مع سوء النية فإنه يكون سلاحا خطيرا للتضليل وقلب الحقائق. ظللنا نندّد بأخونة الدولة وحذّر من أخطار أخونة الدولة. والآن نسمع من يقول بأن أخونة الدولة شىء طبيعى ومطلوب ما دام الإخوان قد حصلوا على أكثرية (وليس أغلبية) فى آخر انتخابات برلمانية وما دام مرشحهم للرئاسة فد فاز فى انتخابات حرّة. وهذا القول الذى يبدو فى ظاهره متوافقا مع العدل والمنطق يعتمد فى الواقع على إبهام خطير فى مفهوم الدولة. فهناك مفهومان مختلفان للدولة ينبغى التمييز بينهما فى وضوح وإلا وقعنا ضحية للتضليل والخداع.
الدولة بمفهوم محدود هى مجموع الأجهزة الحكومية السياسية التى تأتى بالا نتخاب وتخضع لرقابة المجالس النيابية والرقابة الشعبية المتمثلة فى المنظمات المدنية وفى أجهزة الإعلام الحرّ. الدولة بهذا المفهوم المحدود لا بأس بأن يتولى المناصب فيها، بل المطلوب أن يتولى المناصب فيها، من يختارهم الحزب صاحب الأغلبية فى انتخابات حرة، أو تآلف الأحزاب التى تشكـّل أغلبية، إذا لم يفز حزب واحد بالأغلبية.
لكن هناك مفهوما أوسع للدولة يشمل سلطات ومنظمات وهيئات ومناصب ينبغى بحكم طبيعتها أن تظل مستقلة عن سيطرة أجهزة وسلطات الحكم السياسية التى شملها المفهوم المحدود الذى ذكرناه أولا. هذه السلطات والمنظمات والهيئات تشمل فيما تشمل القضاء والجيش الوطنى وقوات الأمن ومنظمات المجتمع المدنى والنقابات والاتحادات والمجالس المستقلة وأجهزة ووسائل الإعلام الحر. الدولة بهذا المفهوم الواسع إذا احتكرها أو هيمن عليها حزب سياسى أو تيار معيّن، حتى لو كان قد نال أغلبية فى انتخابات حرّة نزيهة، فإن ذلك يؤدى إلى سيطرة استبدادية تنتهى حتما بالقضاء على الحريات الشخصية والمدنية مما يعنى بالضرورة هدم الدولة المدنية وتدمير الديمقراطية.
والإخوان فى الواقع يلعبون حتى الآن لعبة خبيثة، فبينما يُظهرون الزهد فى المناصب الحكومية، وغرضهم ولا شك التملـّص من مسئولية الفشل المتوقع فى ظل الظروف الاقتصادية والحياتية والاجتماعية المتردّية، نراهم ينشطون فى زرع رجالهم ومن يوالونهم حيث لا ينبغى لهم أن يكونوا. هذه هى الأخونة التى حذّرنا منها ولا بدّ أن نظل على وعى بمخاطرها، ولا نتهاون فى محاربتها.
أنتقل الآن لموضوع آخر. لنلق نظرة على هذه الزوبعة التى اجتاحت عالمنا فى بضعة الأيام الأخيرة. فيلم صنعته حفنة من الأفّاقين، لا يستحق حتى أن يسمّى فيلما بأىٍّ من معايير الفن أو معايير الصنعة، قيل إنه يسىء إلى رسول الإسلام، فتهبّ الجماهير الغاضبة تقتل وتحرق. فماذا يكون موقف المسئولين والقادة؟ رئيس جمهوريتنا د. مرسى يعلن أن "الرسول خط أحمر" و "من يتعدى على الرسول نعاديه". هل فكر فى أن يحدّد من ذا الذى "يتعدّى"؟ وهل أدرك عواقب ترك هذا المفهوم دون تحديد؟ هل فكر فى حدود وتبعات كلمة "نعاديه" التى يمكن أن يمتد معناها من نكرهه ونخاصمه إلى نقاطعه بمختلف معانيها حتى نحاربه ونقاتله؟ الداعية الإسلامى عمرو خالد يقول إنه يجب على حكومات الغرب احترام الأديان وعدم الاستهزاء بها. وأصوات كثيرة تتعالى تطالب الدول وتطالب الأمم المتحدة بتجريم ازدراء الأديان، ولم يفكر أحد فى تصادم هذا المطلب مع مبدأ حرية الفكر والتعبير الذى تنص عليه مواثيق دولية ملزمة على الأقل لبعض دول هؤلاء المنادين بالتجريم. كذلك لم يفكر أحد فى أن الأديان التى يريدون صونها من الازدراء هى بدورها تنكر على كثير من الأديان مجرّد حقها فى أن توصف بأنها أديان، ناهيك عن حق أتباعها فى اعتناق عقيدتهم وممارسة شعائرهم وإقامة دور عبادتهم، وهذه الأديان التى ينكرونها ويعادونها ممثلة فى الأمم المتحدة التى يطالبونها بإصدار تشريع يحمى دينهم من الازدراء.
آفتنا يا قوم أن أكثرنا حُرِّم عليهم أن يفكروا، وأن كثيرين منا عاجزون عن أن يفكروا، والقلة منا الذين يُنتظر منهم أن يفكروا يأبون أن يفكروا، فهل ثمّة أمل فى أن نلحق بركب الناس الذين جرؤوا على أن يفكروا؟
القاهرة، 16 سبتمبر 2012



#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السبيل لتحرير العقل العربى
- مواد الحريات فى الدستور المقترح
- مشكلة الدين
- نقد الدين ضرورة حضارية
- كيف نتحرر من أوهامنا؟
- هوامش على -لغتنا والحياة- ل عائشة عبد الرحمن -بنت الشاطئ-
- أخلاط هواجس
- ما شأن الله بالدستور؟
- القيم والدين
- سفسطة إخوانية
- ثيوقراطية الدستور المقترح
- هيپاتيا: الحقيقة، الأسطورة، الأكذوبة
- كم يسيئون إلى إلإههم!
- الدين: مفهومان متناقضان
- الدولة المدنية والدولة الدينية
- لغة الإسلام السياسى
- الفيلسوف والسياسة
- من هو المثقف؟
- هل الإخوان شركاء الثورة؟
- بكائية للثورة


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود روفائيل خشبة - خطر خلط المفاهيم