|
هذا الفيلم لا يسيء إلا لمنتجيه..
جاسم المطير
الحوار المتمدن-العدد: 3851 - 2012 / 9 / 15 - 06:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شاهدتُ قبل قليل الجزء المبث من الفيلم السينمائي المشهور بإساءته للمسلمين ونبيهم محمد بن عبد الله، أعظم دعاة الحرية والإنسانية قبل 15 قرناً. فيلم لا تربطه أية رابطة لا بالفن السينمائي ولا بالفكر الإنساني، بل هو فيلم سفيه من إنتاج وإخراج وتمثيل مراهقين سفهاء لا يمت إلى حرية التعبير بأية صلة ولم يناقش أي قضية عقائدية على الإطلاق . لغة الفن ركيكة، جاهلة، هدفها الأول والأخير الإساءة للتراث العربي – الإسلامي والإساءة بشكل خاص إلى ثورة النبي محمد عليه السلام ، الثورة التي كانت وما زالت من أهم الثورات العالمية من اجل الحرية والإنسان . كانت منذ انطلاقتها على يد النبي محمد وصحبه الكرام ثورة ضد العبودية الجاهلية وضد القيم البالية التي اضطهدت الإنسان على مر العصور، ثورة كبرى لتحرير العبيد. لقد حاول منتج الفيلم الإساءة إلى العالم الإسلامي ليس مصادفة ، في هذه الأيام بالذات ، وليس بسبب اختلاف سياسي أو ثقافي بين المسلمين مع العالم الغربي، وليس بسبب وجود مشكلة بلا حل كالقضية الفلسطينية، بل أن الأساس في إنتاج هذا الفيلم هو استفزاز ثورات الربيع العربي التي كانت وما زالت تحفز الفقراء والمضطهدين في كل مكان من بلدان العالم ، خاصة البلدان الإسلامية على مكافحة الاستبداد والظلم والظلام ، حيث ينتشر الفقر والجهل والمرض وهي أوضاع محفزة على الثورة عاجلا أو آجلا ، خلال الشهور أو السنوات القادمة . يريد منتج الفيلم حرف ثورات الربيع العربي عن أهدافها الحقيقية بسبب أن هذه الثورات بمجوعها ( التونسية والمصرية والليبية واليمنية) قد مكـّنت القوى والأحزاب السياسية الدينية من الصعود إلى قمة الدولة، لأول مرة في التاريخ الحديث، وهي تواجه، الآن، في تونس ومصر وليبيا ، امتحانا عسيرا بين انتهاج طريق الديمقراطية وبناء دولة مدنية مؤسساتية أو التيه في ظلام التشكيك بقدرة الديمقراطية على إنقاذ الإنسان من الفقر والجهل والمرض وتحقيق التقدم والرقي والسمو في هذا العالم الذي نعيش فيه. وهو عالم جديد مسالم يحقق منجزات علمية كبرى ، في ظل السلم العالمي المنشود، من اجل خدمة الإنسان خدمة حقيقية وهو نفس الهدف الذي قامت من اجله ثورة محمد بن عبد الله قبل حوالي 15 قرنا من الزمان . لا ادري مـَنْ هي الجهة الغبية التي تقف وراء هذا الفيلم الذي لم أجد نعتا مناسبا له غير القول انه من الأفلام السخيفة غاية السخف . لغته سخيفة هي ليست لغة القرآن ولا لغة قريش ولا لغة طيء ولا لغة هذيل ولا لغة حمير ولا لغة سريانية. (اعني باللغة هنا المفردة والصفة والمعنى في الزمان والمكان). كما أنه من الناحية الإنتاجية – الفنية سخيف وسطحي أيضاً. بل كان الفيلم في غاية الابتذال مما يعني أن منتجيه لا علاقة لهم بتجربة هوليوود السينمائية . كما باستطاعتي الاستنتاج أنها ليست من صنع الفن الإسرائيلي فلغته الفنية ليست مقبولة إسرائيليا ، ولا هي من تجارب السينما الإسرائيلية المتطورة فنياً . المستوى الفني لهذا الفيلم لم يكن سوى صيحة مجنونة متعمدة في الإساءة إلى المسلمين من جهة، والى حرف نضالهم المعاصر من جهة أخرى، عن أساليب الوعي الاجتماعي – الإنساني – العقائدي العالي المستوى ودفعهم إلى انتهاج أساليب غوغائية متدنية قائمة على إشاعة العنف والفوضى والقتل العشوائي في الشوارع والمدن. وهو أسلوب همجي لا يرضي إلا مخططي أساليب تنظيم القاعدة التي اندثرت إلى حد كبير بعد مقتل أسامة بن لادن يراد إحياؤه من جديد . منتج الفيلم لم يستطع بمشاهدهِ السينمائية الرخيصة كلها أن يسيء للنبي محمد ولا للدين الإسلامي ولا للمسلمين بل أساء بالدرجة الأولى والأخيرة إلى نفسه والى بلده والى شعبه والى الواقفين خلفه وأمامه من أصحاب العقول الناقصة . اعتقد أن منتج الفيلم رجل متطرف، معتوه، فوضوي، عدواني في سلوكه وجنونه، لا يحمل لا قيما فكرية ولا سينمائية، بل يحمل عقدا نفسية وجنسية وهو كما يبدو من جبناء هذا الزمان فلم يعلن عن نفسه وعنوانه وجنسيته وهو مختفي عن نظر الناس حتى في بلاده ، بلاد الحرية الغربية . هدفه الرئيسي، في هذه الفترة ، خلق فتنة كبرى بين المسيحية والإسلام لتعجيل هجرة المسيحيين من البلدان العربية بما يماثل تماما الفتنة التخريبية التي قام بها تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين التي أدّت إلى هجرة مئات الآلاف من المسيحيين العراقيين . كما أن الهدف الجنوني لمنتج الفيلم هو وضع الحجر والعصي أمام أحزاب وتنظيمات الإسلام السياسي كي ينساقوا ، لا نحو طريق النضال الصحيح، بل نحو طريق العنف وقتل الأبرياء من الناس كما حصل في الغوغائية الفوضوية بمظاهرات مدينة بنغازي الليبية التي راح ضحيتها 4 دبلوماسيين اميركان لا علاقة لهم بإنتاج الفيلم السيئ الصيت والمعنى والمبنى ، كما راح ضحية الفوضى والعنف عدد من الناس الليبيين الأبرياء. لتفاهة هذا الفيلم فأنني أجد أن المعركة ضده ليست معركة دينية ، معركة لا تحتاج إلى العنف في الرد على منتجيه ، لا تحتاج إلى شتم وسب واتهام الرأي العام في العالم الغربي ، الذي وقف خلال العامين الماضيين مع ثورة الربيع العربي للخلاص من الحكام المستبدين. تلك الثورة التي وضعت تجارب رسالة المسلمين على رأس السلطة الحاكمة في ثلاثة بلدان عربية – إسلامية لها ثقلها ووزنها في العالم كله . إن الاحتجاج السلمي عن طريق المظاهرات والاعتصام والمذكرات والبيانات الجماعية أمر مطلوب وضروري لإدانة المهووس الذي أنتج فيلما من هذا النوع التافه والمطالبة بمحاكمته لعدوانه على القيم الإنسانية وعلى قيم الحرية والديمقراطية الغربية ذاتها . كما من الضروري أن تتعاون الشعوب والدول الإسلامية معا من اجل الضغط على بلدان الغرب ذات الحرية الواسعة من اجل سن قوانين خاصة تحرم تحريما باتا مس العقائد والأديان من قبل مواطنيها . من ناحية أخرى هناك حاجة ماسة في الدول العربية والإسلامية إلى ثورة ثقافية كبرى، ثورة سلمية، هدفها الأول توعية الناس من مخاطر العنف والإرهاب وردود الأفعال ضد المذاهب والأديان والعقائد الأخرى . مثل هذه الثورة الثقافية قادرة وحدها على عزل المعتدين على النبي محمد وعقائد المسلمين وإحباط محاولاتهم الدنيئة . بهذا يظل فكر النبي محمد بن عبد الله فكرا أبديا للتحرر من العبودية والظلم .
#جاسم_المطير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دولت رئيس الوزراء يعتذر لاتحاد الأدباء ..!
-
يا اتحاد الأدباء: لقد وسِّد الحال لأهل الظلام فارتقبوا الساع
...
-
مرة أخرى أمام القاضي السيد مدحت المحمود..
-
الديمقراطية والطغيان
-
الحاكم الظالم لا يخشى شعبا لا ينتفض..!
-
عن الذي يضرط مرتين : واحدة قبل الأكل والثانية بعد الأكل ..!
...
-
دجاجة نوري المالكي تبيض بيضة جديدة ..!
-
المأساة العراقية مستمرة من دون بوسة غادة عبد الرزاق..!
-
المتشائم يرى بغداد نصفها مظلم ونصفها زبالة ..!
-
وزير التعليم العالي ينطلق في الحميس كالريح اليبيس..!
-
الشباب العراقي والديمقراطية
-
النواب الكورد يتحالفون مع الغباء والأغبياء ..!
-
الرئيس نوري المالكي صاحب الفضل الشامل والعلم الكامل ..!
-
عفية شعب..قصيدة لم يُعرف قائلها..!
-
الميليشيا والأحزاب السياسية
-
عن أكرم الناس في العراق الجديد..!
-
ترشيح نائبة عراقية لجائزة نوبل ..!
-
جواهريات صباح المندلاوي
-
الثقة او سحب الثقة ممارسة ديمقراطية..
-
قناة البغدادية وديوك المنطقة الخضراء..!
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|